استمرار نزوح المدنيين من إدلب إلى مناطق قريبة من حدود تركيا

هرباً من قصف النظام السوري ووسط ظروف جوية قاسية

بعد غارة على ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
بعد غارة على ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

استمرار نزوح المدنيين من إدلب إلى مناطق قريبة من حدود تركيا

بعد غارة على ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
بعد غارة على ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)

نزح نحو 20 ألف مدني سوري إلى مناطق قريبة من الحدود التركية خلال الساعات الـ48 الأخيرة هربا من هجمات النظام السوري وحلفائه في محافظة إدلب.
ونقلت وكالة أنباء الأناضول التركية أمس (الاثنين) عن محمد حلاج، مدير جمعية «منسقي الاستجابة المدنية في الشمال السوري» المعنية بجمع البيانات عن النازحين، أنه منذ بداية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وحتى أمس بلغ عدد النازحين الهاربين من الهجمات الجوية على مناطقهم 284 ألف شخص.
وأشار إلى أن نحو 20 ألف مدني نزحوا نحو مناطق قريبة من الحدود التركية خلال الساعات الـ48 الأخيرة، رغم توقف الغارات الجوية على إدلب عقب مباحثات وفد تركي في موسكو، برئاسة معاون وزير الخارجية سادات أونال، في 23 ديسمبر (كانون الأول) الجاري.
وأوضح حلاج أنه في حال تكثيف الهجمات مرة أخرى، فهناك قلق من احتمال بدء موجة هجرة جديدة من منطقة جبل الزاوية جنوب مدينة إدلب، لافتا إلى أن آلاف المدنيين يواجهون صعوبة في العثور على مأوى بسبب نقص المساعدات وأماكن إنشاء الخيام الجديدة والبنى التحتية لها.
وذكر أن الفيضانات الناتجة عن الأمطار الغزيرة تداهم المخيمات، إضافة لمحاصرة النازحين داخل بحيرات من الطين، مؤكدا أن الآلاف من النازحين الهاربين من الهجمات الجوية للنظام وروسيا، أصبحوا بلا مأوى ينتظرون المساعدات العاجلة.
وذكرت «الأناضول» أن 49 عائلة سورية لجأت إلى مسجد وسط مدينة إدلب هربا من الهجمات التي يشنها النظام بدعم من روسيا ضد المدنيين منذ نوفمبر الماضي، لافتة إلى أن النازحين يعانون ظروف الشتاء القاسية.
وقال عبد الله شرف الدين أحد النازحين، إنهم اضطروا لترك منازلهم هربا من القصف العنيف من قبل روسيا والنظام السوري على منطقتهم.
وشهدت الآونة الأخيرة موجة جديدة من هجمات النظام وداعميه أسفرت عن نزوح أكثر من 264 ألف مدني من إدلب إلى مناطق قريبة من الحدود التركية منذ نوفمبر الماضي. ويلجأ النازحون الفارون من قصف النظام وحلفائه، إلى المخيمات الواقعة في القرى والبلدات القريبة من الحدود مع التركية، إضافة إلى منطقتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون» اللتين تقعان تحت سيطرة تركيا والفصائل الموالية لها في شمال سوريا. ويضطر قسم آخر من النازحين إلى اللجوء إلى حقول الزيتون، وسط ظروف جوية قاسية.
وحذر وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أول من أمس، من أن استمرار الهجمات على المنطقة «سيؤدي إلى حدوث موجة هجرة كبيرة، وسيكون العبء الإضافي كبيراً على تركيا التي تستضيف نحو 4 ملايين من أشقائها السوريين».
وشدّد أكار على أن «تركيا تبذل جهوداً حثيثة، ليلاً ونهاراً، من أجل منع حدوث مأساة إنسانية في هذه المنطقة، وتقدم التضحيات لإنهاء المآسي والكوارث بالمنطقة».
وأكّد أن «نظام الأسد يواصل هجماته ضد الأبرياء، رغم جميع الوعود المقدمة والتفاهمات المتفق عليها، وتعمل تركيا جاهدة لإنهاء هذه المجزرة. كما تحترم التزاماتها بموجب الاتفاقات والتفاهمات المتعلقة بإدلب وتطالب الأطراف الأخرى بالوفاء بالتزاماتها أيضاً».
وقال إن تركيا لن تتخلى عن نقاط مراقبتها الموجودة في منطقة خفض التصعيد في إدلب بموجب تفاهمات آستانة، ولن تترك المنطقة.
وكرر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أكثر من مرة الأسبوع الماضي، أن بلاده لن يكون بمقدورها تحمل موجة جديدة من اللاجئين السوريين، وأنها أبلغت أوروبا بذلك، وطلبت من الجميع العمل على عودة الهدوء إلى إدلب.
وتتواصل هجمات النظام في جنوب وشرق إدلب، بينما تمكنت فصائل المعارضة، خلال الساعات الماضية، من شن هجمات على مواقع قوات النظام وداعميه، على جبهات ريفي إدلب الجنوبي والشرقي، في تحرك وصف بأنه عملية استنزاف استطاعت فصائل المعارضة السورية العاملة في غرفة عمليات «ولا تهنوا» من امتصاص هجوم واسع لقوات النظام، تحت ظروف عسكرية صعبة للغاية، حيث سهّلت طبيعة الأرض الجغرافية وامتداد خط الجبهة في ريف مدينة معرة النعمان الشرقي وتحت غطاء ناري مكثف شاركت فيه الطائرات الحربية تقدم قوات النظام.
وبحسب ناشطين محليين، تمكنت فصائل المعارضة السورية من تشكيل خطوط دفاعية جديدة، وترتيب قواتها على مختلف المحاور، وشن هجمات محدودة أدت لخسائر في الأرواح والعتاد لقوات النظام.
وأعلنت الجبهة الوطنية للتحرير، خلال الأيام الماضية، تدمير دبابتين «بي إم بي»، وعربة مصفحة، وعربة شيلكا مجنزرة، وسيارة مخصصة لنقل الجنود، ومدفع ثقيل متنقل، وستة رشاشات ثقيلة ومتوسطة لقوات النظام وداعميه. كما سجلت تدمير «خمس قواعد مخصصة لإطلاق الصواريخ المضادة للدروع، واستهداف ثمانية تجمعات لعناصر قوات النظام، وغرفة عمليات واحدة، ودشمة تتحصن بها عناصر من قوات النظام»، في حين أعلنت «هيئة تحرير الشام» مقتل العشرات من عناصر النظام بضربات واشتباكات على مختلف الجبهات.
وفي ذات السياق، أعلنت فرقة الحمزة العاملة في الفيلق الثاني من الجيش الوطني السوري، إرسالها لمقاتلين وتعزيزات ميدانية بمختلف الأسلحة المتوسطة والثقيلة إلى جبهات القتال في إدلب، وتعزيز المحاور الساخنة بنخبة من مقاتليهم، بعد سيطرة قوات النظام على أكثر من 30 بلدة وقرية في ريف مدينة معرة النعمان الشرقي، خلال أسبوع من المواجهات مع فصائل المعارضة.



زعيم الحوثيين «سعيد» بالمواجهة مع إسرائيل... ويتعهد باستمرار التصعيد

الحريق مستمر لليوم الثاني في مستودعات الوقود بميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)
الحريق مستمر لليوم الثاني في مستودعات الوقود بميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)
TT

زعيم الحوثيين «سعيد» بالمواجهة مع إسرائيل... ويتعهد باستمرار التصعيد

الحريق مستمر لليوم الثاني في مستودعات الوقود بميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)
الحريق مستمر لليوم الثاني في مستودعات الوقود بميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل، الأحد، ومهاجمة سفينة في البحر الأحمر دون أضرار، وفيما عبّر زعيمها عبد الملك الحوثي عن سعادته بالمواجهة المباشرة مع تل أبيب، استمر الحريق الضخم الناجم عن الغارات الإسرائيلية على مستودعات الوقود في ميناء الحديدة ساعات طويلة، وارتفع عدد القتلى إلى 6 مع إصابة نحو 90 جريحاً.

كان الجيش الإسرائيلي استهدف، السبت، مستودعات الوقود في ميناء مدينة الحديدة اليمنية الخاضعة للحوثيين ومحطة الكهرباء، غداة انفجار مسيّرة استهدفت تل أبيب وأدت إلى مقتل شخص وإصابة آخرين.

ولقي الهجوم الإسرائيلي إدانةً من الحكومة اليمنية مع تحذير إسرائيل والحوثيين من تحويل اليمن إلى ساحة حرب، في حين هددت الجماعة الموالية لإيران بالرد على القصف وتبنت إطلاق عدة صواريخ، الأحد، باتجاه إيلات، ومهاجمة سفينة شحن في البحر الأحمر.

وأكد الجيش الإسرائيلي اعتراض دفاعاته صاروخ أرض - أرض أُطلق من اليمن، وقال إن نظام الدفاع الصاروخي «آرو 3» أسقط الصاروخ قبل عبوره إلى أراضي إسرائيل. ونقلت «رويترز» أنه «قبل الاعتراض، دوّت صفارات الإنذار في إيلات، مما دفع السكان إلى المسارعة إلى المخابئ».

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية يحيى سريع، في بيان متلفز، إن «جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية، وقصفت أهدافاً مهمة في إيلات جنوب فلسطين المحتلة بعدد من الصواريخ الباليستية»، كما استهدفت، حسب ادعاء سريع، سفينة «بومبا» الأميركية في البحرِ الأحمرِ بعدد من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وهو الهجوم الذي لم تؤكده وكالات الأمن البحري.

وفي حين اعترفت الجماعة بتلقيها، الأحد، غارتين استهدفتا مواقع لها في منطقة بحيص التابعة لمديرية ميدي في محافظة حجة (شمال غرب)، كان الجيش الأميركي أعلن الأحد أن قواته نجحت في تدمير طائرة حوثية من دون طيار فوق البحر الأحمر، لكنه لم يتبن المشاركة في الهجمات الإسرائيلية على ثاني أكبر الموانئ اليمنية الخاضع للجماعة الانقلابية.

وحسب شهود في مدينة الحديدة، ما زالت الحرائق مستمرة، الأحد، لعدم توافر الإمكانات لإطفائها، إذ يتوقع استمرارها أياماً أخرى، وسط معلومات عن تعرض 20 خزان وقود للحريق من بين أكثر من 80 خزاناً، وفق مصادر اقتصادية يمنية.

أحد المصابين جراء الغارات الإسرائيلية على أهداف حوثية في ميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)

وأفادت وسائل الإعلام الحوثية، نقلاً عن مصادر طبية، بأن الضربات على ميناء الحديدة أدت إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 90 آخرين، وسط المخاوف من تكرار الهجمات الإسرائيلية إذا ما تواصلت الهجمات الحوثية المميتة باتجاه تل أبيب.

وانتهز التجار الموالون للجماعة الحوثية في صنعاء والحديدة وغيرها من المدن الضربات على خزانات الوقود، وقاموا بإغلاق محطات التعبئة والتسبب في أزمة خانقة، إذ عادة ما يقومون بمثل هذا السلوك لرفع الأسعار وبيع المشتقات النفطية والغاز في السوق السوداء.

مرحلة تصعيد خامسة

عبّر زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي في خطبة الأحد عن سعادة جماعته بالمواجهة المباشرة مع إسرائيل وأمريكا وبريطانيا، وتوعد باستمرار التصعيد البحري ضد السفن ومهاجمة إسرائيل، وأعلن أن الهجوم بالطائرة المسيرة على تل أبيب، الجمعة الماضي، هو بداية المرحلة الخامسة من التصعيد.

ونفى الحوثي أن تكون المسيرة التي أدت إلى مقتل شخص وإصابة نحو أربعة آخرين، أُطلقت من مكان آخر غير مناطق سيطرة جماعته في اليمن، كما زعم أن جماعته التي قامت بتصنيعها وإطلاقها.

وهوّن زعيم الجماعة الانقلابية في اليمن من أهمية الضربة الإسرائيلية على ميناء الحديدة، وقال إن جماعته ستواصل عملياتها، وإن أي ضربات أخرى لن يكون لها أي تأثير على قدراتها العسكرية، مشدداً على أن الجماعة لن «تتراجع عن موقفها».

وتبنت الجماعة الحوثية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي العديد من الهجمات ضد إسرائيل، دون أي تأثير يُذكر، باستثناء هجوم المسيّرة الأخير على تل أبيب، كما تبنت مهاجمة أكثر من 170 سفينة في البحرين الأحمر والعربي تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وأقرت الجماعة بتلقي أكثر من 570 غارة منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، وسقوط 57 قتيلاً و87 جريحاً، جراء الضربات التي تشنها واشنطن تحت ما سمته تحالف «حارس الازدهار».

وأصابت الهجمات الحوثية، حتى الآن، نحو 30 سفينة منذ بدء التصعيد، غرقت منها اثنتان؛ إذ أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استُهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

إدانة حكومية وقلق أممي

أدان مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية بأشد العبارات القصف الإسرائيلي على الحديدة وعده «عدواناً وانتهاكاً» للسيادة اليمنية، و«مخالفة صريحة لكافة القوانين والأعراف الدولية».

وحمّل المصدر اليمني المسؤول، إسرائيل، المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات جراء غاراتها الجوية، بما في ذلك تعميق الأزمة الإنسانية التي فاقمها الحوثيون بهجماتهم الإرهابية على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، فضلاً عن تقوية موقف هذه الميليشيات، وسردياتها الدعائية المضللة.

ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)

وجدد المصدر الحكومي تحذيره الحوثيين من استمرار رهن مصير اليمنيين والزج بهم في معارك الجماعة العبثية خدمة لمصالح النظام الإيراني ومشروعه التوسعي في المنطقة.

كما حذر المصدر النظام الإيراني وإسرائيل من محاولة تحويل الأراضي اليمنية عبر «الحوثيين المارقين» إلى ساحة لحروبهما العبثية، ومشاريعهما التخريبية في المنطقة.

وإذ جددت الحكومة اليمنية موقفها الداعم للشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة، أكدت أن السبيل الوحيد لتحقيق السلام في اليمن هو دعم الحكومة لاستكمال بسط نفوذها على كامل ترابها الوطني، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، خصوصاً القرار 2216.

دخان كثيف جراء احتراق مستودعات الوقود في ميناء الحديدة إثر ضربة إسرائيلية (رويترز)

في غضون ذلك، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في مذكرة للصحافيين، إنه يشعر بقلق بالغ إزاء التقارير الواردة حول الغارات الجوية الإسرائيلية التي وقعت في محيط ميناء الحديدة في اليمن رداً على الهجمات الحوثية السابقة على إسرائيل.

وتحدث غوتيريش عن وقوع أضرار كبيرة في البنية التحتية المدنية، داعياً جميع المعنيين إلى تجنب الهجمات التي قد تلحق الضرر بالمدنيين وبالبنية التحتية المدنية، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس.

يُشار إلى أن تصعيد الحوثيين تسبب في إصابة مساعي السلام اليمني، التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشّة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.