أزمة رئاسة الوزراء العراقية تدخل مرحلة التسويات

بدء تداول أسماء بديلة لخلافة عبد المهدي

TT

أزمة رئاسة الوزراء العراقية تدخل مرحلة التسويات

لم يتزحزح الرئيس العراقي برهم صالح عن موقفه برغم الضغوط التي مورست عليه خلال الفترة الماضية بما فيها رفع الدعاوى القضائية أو الاحتكام إلى المحكمة الاتحادية. صالح الذي اعترف في رسالته للبرلمان بخرقه الدستور برفضه تكليف مرشح الكتلة الأكبر يستند من جانب آخر ومثلما يقول القاضي وائل عبد اللطيف الوزير والنائب السابق لـ«الشرق الأوسط» إلى «تلقيه كتابين في آن واحد من كتلتي البناء و(سائرون) بكونهما الكتلة الأكبر في وقت لم يحسم هذا الخلاف بين الطرفين سواء العام الماضي حين جاءوا بمرشح توافقي (عادل عبد المهدي) أو اليوم حين استقال رئيس الحكومة، وبالتالي فإن موقف الرئيس يبقى صعبا في كيفية التعامل مع هذه المعادلة».
ويضيف عبد اللطيف أن «الحل يكمن في تسوية هذا الخلاف بين الأطراف السياسية للخروج من هذا المأزق الدستوري الذي هو بالأصل يعود إلى عام 2010 حين فسرت المحكمة الاتحادية الكتلة الأكبر تفسيرا ملتبسا ما زال الجميع يدفع ثمنه إلى اليوم».
الرئيس صالح الذي رفض تكليف أسعد العيداني، ثاني مرشح رسمي لكتلة البناء بعد قصي السهيل، استند في رفضه إلى حائط صد قوي وهو المظاهرات الجماهيرية الضخمة، التي ترفض مرشحي الأحزاب، والمرجعية الدينية الشيعية العليا التي رفضت ما سمته «الحكومة الجدلية»، الأمر الذي فتح الباب أمام البحث عن شخصيات غير محروقة أو مرفوضة من قبل الشارع العراقي.
عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية محمد الكربولي أبلغ «الشرق الأوسط» أن «أزمة رئيس الوزراء دخلت الآن مرحلة التسويات النهائية وسوف تحسم خلال الأيام القليلة المقبلة». ويضيف الكربولي أنه «لم يعد هناك مجال للتصعيد لأن الجميع يريد الوصول إلى حل توافقي عبر مرشح مقبول وهو ما يجري تداوله الآن من خلال مجموعة من الأسماء». وردا على سؤال عما إذا كان للسنة دور في معادلة اختيار رئيس الوزراء القادم، يقول الكربولي: «نعم سيكون لنا دور إن كان على مستوى التصويت له من عدمه داخل البرلمان، أو من خلال ما نقوم به من أدوار تهدئة مع مختلف الأطراف لا سيما الشيعية بهدف تجسير الخلافات بينها، والوصول إلى حلول مرضية للجميع».
إلى ذلك، أعلن رئيس كتلة بيارق الخير النائب محمد الخالدي، أن تجمعا لـ170 نائبا سيطرح خمسة مرشحين لمنصب رئيس الوزراء المقبل. الخالدي وفي تصريح له قال إن «النواب الـ170 التقوا بعدد كبير من المتظاهرين في بغداد والمحافظات واطلعوا على آرائهم بشأن الشخصيات التي يمكن التوافق عليها، وتمشية الحكومة لمدة زمنية محددة لحين إجراء انتخابات مبكرة». وأضاف أن «التجمع سيعرض خمسة أسماء ممن تتوافق عليهم ساحات التظاهر والكتل السياسية وهم محمد توفيق علاوي وسنان الشبيبي ورحيم العكيلي وعبد الغني الأسدي وعبد الوهاب الساعدي». وأشار الخالدي إلى أن «التجمع يشكل مجموعة ضغط كبيرة داخل البرلمان، وأن جميع نواب التجمع لن يخضعوا لإرادات كتلهم إلا في حال ترشيح شخصية مقبولة من الشعب العراقي».
من جهته، أكد النائب عن تحالف الفتح أحمد الكناني أن المباحثات جارية داخل تحالف البناء من أجل التوصل إلى حل سريع لأزمة رئيس الوزراء. وأضاف الكناني أن «(البناء) والتحالفات الأخرى ما زالت مستمرة في المباحثات الخروج من الأزمة»، مشددا على أنه «لا يمكن البقاء في الفراغ الدستوري إلى العام المقبل».
وفي هذا السياق يقول الدكتور إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي، لـ«الشرق الأوسط» إن «رفض المرشحين من قبل ساحات التظاهر وكذلك من قبل بعض القوى السياسية قد يدفع البناء إلى البحث عن منطقة تسوية لا سيما أن هناك من بات يتحدث حتى من داخل تحالف البناء عن إمكانية تقديم مرشح تسوية». وأضاف الشمري أن «الأمور لن تتجه نحو التصعيد، خصوصا أن الشارع لا يزال متماسكا وبالتالي فإنه سيكون ضاغطا على تحالف البناء فضلا عن بروز اصطفافات جديدة، خصوصا بعد موقف رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح برفضه مرشح البناء». وبين أن «من بين الأمور الضاغطة هي امتناع المرجعية عن الخطبة السياسية الجمعة الماضية التي مثلت رسالة احتجاج من الصعب تجنبها من قبل القوى السياسية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».