سجل مؤشر الثقة الاقتصادية في تركيا أعلى مستوياته في 17 شهراً خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الجاري، لكنه بقي دون مستوى التفاؤل الذي يزيد على 100 نقطة، مع استمرار تدهور مؤشري ثقة المستهلكين في الاقتصاد وتوقع أعداد البطالة.
وذكر بيان لهيئة الإحصاء التركية أمس الاثنين، أن مؤشر الثقة الاقتصادية سجل في ديسمبر 93.8 نقطة، وهو أعلى معدل منذ المستوى الذي حققه في يوليو (تموز) 2018، عندما سجل 95.1 نقطة. وأشار البيان إلى ارتفاع المؤشر بنسبة 2.6 في المائة على أساس شهري في ديسمبر، مدفوعا بالتحسينات التي أدخلت على قطاع البناء والقطاع الحقيقي والخدمات ومؤشرات ثقة تجارة التجزئة.
وأظهر المؤشر الفرعي للبناء أفضل أداء مع ارتفاع بنسبة 7.9 في المائة على أساس شهري، تلاه مؤشر ثقة القطاع الحقيقي والخدمات بنسبة 2.6 في المائة و2 في المائة على التوالي. كما ارتفع مؤشر ثقة تجارة التجزئة بنسبة 1.4 في المائة. أما مؤشر ثقة المستهلك فواصل تدهوره في ديسمبر متراجعا بنسبة 1.9 في المائة عن شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وتراجع مؤشر ثقة المستهلكين في ديسمبر الجاري بنسبة 1.9 في المائة، ليصبح 58.8 في المائة مقارنة بالشهر الماضي. كما تراجع مؤشر توقع أعداد البطالة بنسبة 2.9 ليصبح 57.1 في المائة مقارنة بالشهر الماضي.
وانخفض مؤشر ثقة المستهلك، المعدل موسميا، المحسوب من نتائج مسح اتجاه المستهلك الذي أجري بالتعاون بين هيئة الإحصاء التركية والبنك المركزي. وبلغ مؤشر توقعات الوضع الاقتصادي العام (للأشهر الـ12 المقبلة) 78.5 في المائة في نوفمبر، وانخفض بنسبة 2.5 في المائة في ديسمبر إلى 76.5 في المائة.
ومؤشر الثقة الاقتصادية هو مؤشر مركب يشتمل على تقييمات وتوقعات المستهلكين والمنتجين حول الوضع الاقتصادي العام، ويستخدم ما مجموعه 20 مؤشرا فرعيا في الحساب، مع جمع البيانات في أول أسبوعين من كل شهر. والقيمة الأعلى من 100 نقطة تظهر توقعات متفائلة للوضع الاقتصادي العام، بينما القيمة أقل من 100 نقطة تظهر توقعات متشائمة.
قال رؤساء البنوك الحكومية والخاصة، إن القطاع المصرفي التركي سينتهي العام 2019 بشكل أفضل من المتوقع، مع انتعاش مؤشرات الاقتصاد الكلي مثل النمو والتضخم والبطالة.
في الوقت ذاته، توقع مديرو البنوك العامة والخاصة أن يواصل القطاع المصرفي في تركيا دعم الاقتصاد في العام 2020.
وقال الرئيس التنفيذي لبنك «وقف» الحكومي عبدي سردار أستون صالح إن العام المقبل سيكون «عاماً تحويلياً» للاقتصاد التركي، مشيرا إلى أن حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية تنبئ بمخاطر على المدى القصير، وأن التطورات في الأجلين المتوسط والطويل ستخدمان الدول النامية، وبخاصة تركيا. وتوقع أن تتسارع تدفقات رؤوس الأموال إلى تلك الدول وأن تنخفض تكاليف الاقتراض، مما يعود بالنفع على القطاع المصرفي التركي.
وأضاف أستون صالح أنه بعد عملية إعادة التوازن للاقتصاد، نتوقع أن تدخل تركيا عاما للنمو وسط توقعات متصاعدة في نهاية العام الجاري.
- معدل التضخم
من جانبه توقع الرئيس التنفيذي لبنك «جارانتي» الخاص، رجب باشتوغ، أن يصل معدل التضخم إلى حدود 11 أو 12 في المائة في النصف الأول من العام 2020 بسبب الآثار الموسمية والتغيرات في أسعار الخدمات بسبب ارتفاع الأجور، مشيرا إلى أنه باستثناء أي صدمات خطيرة، قد ينخفض التضخم إلى أقل من 9 في المائة بحلول نهاية العام 2020.
وأضاف أن البنوك ستواصل دعم الاقتصاد في العام 2020، مع زيادة الطلب المحلي، ووضع اللوائح التي تشجع على نمو الائتمان، واستمرار خفض الفائدة، مشيرا إلى أن تركيا ستنتهي العام الجاري بشكل إيجابي أكثر من التوقعات بالنسبة للاقتصاد ككل، بما في ذلك القطاع المصرفي.
من جانبه، توقع الرئيس التنفيذي لـ«فاينانس بنك» تمال جوزال أوغلو، تراجع التضخم إلى رقم من خانة واحدة بنهاية العام 2020.
وقالت ملك شاه أوتكو، الرئيس التنفيذي لبنك «البركة تورك»: «نتوقع نمواً بنسبة 0.5 إلى 1 في المائة للعام 2019 وأن يكون للنمو في الربع الأخير من العام تأثير إيجابي على العام بأكمله»، مشيرة إلى أن انخفاض أسعار الفائدة وإحياء القطاع الحقيقي سيؤدي إلى تراجع القروض المتعثرة.
ولفتت أوتكو إلى قرار البنك المركزي التركي في اجتماعه الأخير بخفض سعر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس، ليصل إلى 12 في المائة، متوقعة خفضا مماثلا جديدا في العام 2020، ما لم يحدث ارتفاع في التضخم أو صدمات إضافية في العام 2020.
كان صندوق النقد الدولي طالب تركيا الأسبوع الماضي، بأن تكفل بقاء السياسة النقدية مستقلة وحجر زاوية رئيسياً في الاقتصاد، خلال الفترة المقبلة، بعد أن مضى تيسير هذه السياسة التي تنتهجها تركيا «بعيداً جداً». في إشارة إلى سياسة خفض الفائدة التي ينتهجها الرئيس التركي حالياً، رغم ارتفاع التضخم.
وزاد عجز ميزانية الحكومة المركزية في تركيا، خلال العام 2019، مع تعزيز الحكومة التركية الإنفاق في أعقاب أزمة الليرة التركية في 2018 التي دفعت البلاد إلى الركود الاقتصادي مجدداً للمرة الأولى منذ 10 سنوات بسبب انكماش الاقتصاد بنسبة 3 في المائة.
وعدّلت الحكومة التركية في سبتمبر (أيلول) الماضي، توقعها لعجز ميزانية 2019 إلى 125 مليار ليرة (21 مليار دولار) من 80.6 مليار ليرة سابقاً (نحو 14 مليار دولار).
وقال صندوق النقد، في تقرير حول تقييم أجراه مجلسه التنفيذي: «في حين أن التحفيز المالي الأخير ساعد الاقتصاد على التعافي، فإن العجز الكامن زاد زيادة كبيرة. ويوصي المديرون بموقف مالي محايد على نطاق واسع في 2020»، مضيفاً أن «تقليصاً متواضعاً» سيكون ضرورياً لكي يظل الدين العام منخفضاً.
وخفض البنك المركزي التركي سعر الفائدة الرئيسي 12 في المائة منذ يوليو الماضي، بعد أن أقال الرئيس رجب طيب إردوغان، المحافظ السابق للبنك بسبب عدم امتثاله لمطالبه بخفض أسعار الفائدة، التي أعلن إردوغان نفسه عدواً لها، وعيّن بدلاً عنه نائبه مراد أويصال في خطوة اعتبر الخبراء أنها وجّهت ضربة قوية لاستقلالية ومصداقية البنك.
وقال الصندوق إنه «نظراً إلى استمرار ارتفاع توقعات التضخم، يشدد المديرون على ضرورة أن تركز السياسة النقدية على تضخم منخفض مستدام، وهو ما سيساعد على أسعار فائدة منخفضة بشكل دائم». وفي هذا السياق، يشيرون إلى أن «تيسير السياسة النقدية في الفترة الأخيرة قد مضى بعيداً جداً». ودعا صندوق النقد الدولي إلى سياسة نقدية أوضح، لتدعيم الشفافية ومصداقية البنك المركزي.
ويؤكد خبراء أن الشعب التركي بات يعاني أزمة اقتصادية طاحنة بسبب سياسات إردوغان الخارجية وإقحام تركيا في صراعات دولية غير مبررة في ظل ارتفاع معدل التضخم وتراجع مستوى المعيشة للمواطنين. وتراجع معدل نمو الاقتصاد التركي من 7.4 في المائة في 2017 إلى 2.6 في المائة في 2018، كما زاد معدل البطالة 10 أضعاف عن بداية تولي حزب «العدالة والتنمية» الحاكم السلطة في 2003.
- بطاقات الائتمان
إلى ذلك، بلغ عدد بطاقات الائتمان والبطاقات المصرفية في تركيا بنهاية نوفمبر الماضي، 234 مليون بطاقة، لتأتي تركيا بذلك في المرتبة الأولى على مستوى الدول الأوروبية متجاوزة بريطانيا في سوق بطاقات الائتمان وألمانيا في سوق البطاقات المصرفية.
وقال المدير العام لمركز البطاقات المصرفية التركي سونر تشانكو، في تصريحات أمس، إنه مع زيادة الوعي باستخدام البطاقات البنكية في إجراء مختلف المدفوعات غير النقدية في الأسواق المحلية والدولية، ترتفع المساهمة الاقتصادية للبطاقات في التنمية والرفاهية الاجتماعية في البلاد.
وأضاف أن استخدام بطاقات الائتمان والبطاقات المصرفية في المدفوعات شهد نموا بنسبة 20 في المائة خلال العام 2019، مشيرا إلى أن قيمة المدفوعات بلغت تريليون ليرة تركية (نحو 169 مليار دولار).
وأوضح أن المدفوعات عبر بطاقات الائتمان في تركيا ارتفعت بنسبة 17 في المائة خلال العام الحالي، حيث بلغت قيمتها 841 مليار ليرة (143 مليار دولار)، في حين أن المدفوعات عبر البطاقات المصرفية شهدت ارتفاعا بنسبة 36 في المائة، وبلغت 134 مليار ليرة (22.7 مليار دولار).
وتوقع أن تبلغ قيمة المدفوعات عبر البطاقات المصرفية والائتمانية الأجنبية في تركيا بنهاية العام الحالي 81 مليار ليرة (13.7 مليار دولار)، وأن تصل المدفوعات عبر التسوق الإلكتروني 190 مليار ليرة (32.2 مليار دولار) نهاية 2019.
وتشير الإحصاءات إلى انتشار التجارة الإلكترونية على نطاق واسع في تركيا خلال الآونة الأخيرة، ويعود ذلك لعدة أسباب منها التسهيلات التي تقدمها البنوك للحصول على بطاقات الائتمان، وتفضيل المواطنين الشراء عبر الإنترنت.
تركيا: ثقة المستهلكين في الاقتصاد تواصل التراجع رغم ارتفاع المؤشر العام
احتلت المرتبة الأولى أوروبياً في عدد حائزي بطاقات الائتمان
تركيا: ثقة المستهلكين في الاقتصاد تواصل التراجع رغم ارتفاع المؤشر العام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة