آشوريو سوريا يحتفلون بأعياد الميلاد ويتمسكون بالبقاء

350 عائلة مسيحية احتفلت في بلدة تل تمر السورية بمشاركة عربية وكردية

احتفال في بلدة تل تمر (الشرق الأوسط)
احتفال في بلدة تل تمر (الشرق الأوسط)
TT

آشوريو سوريا يحتفلون بأعياد الميلاد ويتمسكون بالبقاء

احتفال في بلدة تل تمر (الشرق الأوسط)
احتفال في بلدة تل تمر (الشرق الأوسط)

ألقت الحروب الدائرة والتوغل التركي في شرق الفرات بظلالها على الأجواء الاحتفالية بأعياد الميلاد، في بلدة تل تمر الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا، مع غياب كثير من المظاهر الاحتفالية في شوارعها وأحيائها القديمة بغياب الزينة وأشجار العيد، التي كانت تملأ المكان في مثل هذا الوقت قبل سنوات، لكنها هذا العام بقيت خجولة جداً. وفي كنيسة القديسة، وسط تل تمر، أحيت الطائفة الأشورية المسيحية مراسم أعياد الميلاد، التي اجتذبت مَن تبقى داخل البلدة وقراها المجاورة وقلة قليلة من أبنائها المقيمين في مدينتي دمشق وحلب لقضاء عطلة الأعياد، بمشاركة مكونات المنطقة من عرب وأكراد.
وأعربت ميرنا المتحدرة من البلدة عن سعادتها بالاحتفال بأعياد الميلاد في كنيسة القديسة، وقالت: «نحتفل بعيد الميلاد، لأن الحرب لم ولن تلغي سعادتنا»، في إشارة إلى العملية العسكرية التركية في مناطق شرق الفرات.
وشن الجيش التركي وفصائل سورية معارضة مسلحة موالية، بداية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، هجوماً عسكرياً واسعاً (عملية «نبع السلام»)، وسيطروا على مدينتي رأس العين بالحسكة وتل أبيض بالرقة وشريط حدودي بطول 120 كيلومتراً متاخم للحدود التركية، ووصلت نيرانها إلى مشارف بلدة تل تمر التي تعد موطن الطائفة الآشورية ويدين سكانها المسيحية.
وقال الأب بوغوص إيشايا، بطريرك رعية الآشوريين المسيحيين، في تل تمر، الذي ترأس قداس العيد: «أشعر بفرحة وسعادة عند للاحتفال بالأعياد، وزادت سعادتي بمجيء مكونات البلدة من عرب وكرد».
وتقع تل تمر على ضفتي نهر الخابور، وتبعد نحو 40 كيلومتراً إلى الشمال الغربي من محافظة الحسكة، وتُعد الموطن الأصلي للأقلية الآشورية في سوريا، وكانت قد تعرضت في فبراير (شباط) 2015 لهجوم واسع نفذه عناصر تنظيم داعش، وتمكنت قوات كردية ومقاتلون أشوريون محليون بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، في مايو (أيار)، من العام نفسه، من طرد عناصر التنظيم، بعد بضعة أشهر من سيطرتهم على المنطقة.
وذكرت أديبة، البالغة من العمر ستين عاماً، أن عائلتها لم تسافر كحال معظم سكان البلدة بعد الهجمات التي تعرضت لها المنطقة، وقالت: «معظم الجيران والأقرباء فضلوا السفر على البقاء في موطنهم، لا دخل لنا، أنا وأسرتي قررنا البقاء ولن نترك أرضنا».
وذكر شليمون برشا، وهو رجل دين في كنيسة القديسة، أنّ 350 عائلة فقط بقيت في البلدة وريفها، وقبل بداية الأزمة السورية ربيع 2011 بلغ عددهم نحو 35 ألف نسمة، وأضاف: «قرى نهر الخابور الآشورية باتت مهجورة تماماً لا يسكنها أحد، أما هنا في تل تمر، فلا يتعدى وجودنا 350 عائلة». وقال إن الهجوم التركي الأخير أجبر كثيرين إما على النزوح إلى مدينتي الحسكة والقامشلي، أو السفر إلى الداخل السوري. والبعض طلب اللجوء والهجرة نحو الخارج: «المعارك لا تبعد عن تل تمر سوى 3 كيلومترات فقط. نيران الحرب تهدد البقية والصورة قاتمة، وهي لا ترحم البشر والحجر».
أمّا زوجته مريم، التي كانت صامتة طوال الوقت، فلم تستطع أن تحبس كلماتها وهي تتلفت حولها، فقالت إنها لا تشعر هذا العام بالسعادة: «لا توجد بهجة متعلقة بالعيد ولا بأي شيء يدعو للاحتفال. وجبة الغداء والعشاء التي ستقام هذه الليلة في منزلنا مجرّد واجب، حزينة لغياب أفراد عائلتي وأهلي والجيران لن يشاركونا بسبب الحروب».
وبدت شوارع البلدة شبه فارغة يقطع هدوءها صيحات الأطفال وأصوات المفرقعات، فيما بقيت أبواب المنازل مغلقة وشبابيكها تنتظر عودة سكانها. وبقيت لافتات أطباء معروفين لدى أبناء البلدة وحيدة معلقة على عيادات مغلقة، أما أصحابها فقد هاجروا منذ سنوات.
وقررت اكلتينا (57 سنة) المقيمة في العاصمة السورية دمشق وتعود أصولها إلى تل تمر، قضاء إجازة العيد هذا العام مع ابنتها المقيمة في البلدة، وعبرت عن مشاعرها بقولها: «يحزنني عدم سماع ضحكات النساء وصيحات الأطفال من أزقّة الشوارع وحواريها»، فبعد وصولها إلى مسقط رأسها ذهبت إلى منزل أسرتها للسؤال عن أقربائها وصديقاتها لتفاجأ برحيلهم، ولازمت منزل ابنتها طوال يوم العيد، وتزيد: «بهجة العيد كانت بالأقرباء والأحبة حيث كنا نحرص على زيارة كل فرد في منزله، لكن اليوم الجميع رحل عن بلده».



منع «المؤتمر الشعبي» في صنعاء من الاحتفال بذكرى تأسيس الحزب

مكاشفة زعيم «مؤتمر صنعاء» جعلته في مرمى تهديدات الحوثيين (إعلام حزب المؤتمر الشعبي)
مكاشفة زعيم «مؤتمر صنعاء» جعلته في مرمى تهديدات الحوثيين (إعلام حزب المؤتمر الشعبي)
TT

منع «المؤتمر الشعبي» في صنعاء من الاحتفال بذكرى تأسيس الحزب

مكاشفة زعيم «مؤتمر صنعاء» جعلته في مرمى تهديدات الحوثيين (إعلام حزب المؤتمر الشعبي)
مكاشفة زعيم «مؤتمر صنعاء» جعلته في مرمى تهديدات الحوثيين (إعلام حزب المؤتمر الشعبي)

منعت جماعة الحوثيين في اليمن قادة جناح حزب «المؤتمر الشعبي» الخاضعين لها في العاصمة المختطفة صنعاء من إقامة مهرجان جماهيري في أحد الميادين، أو حتى تنظيم احتفالية كبيرة احتفاء بذكرى تأسيس الحزب التي تصادف 24 أغسطس (آب) من كل عام.

وكشفت مصادر سياسية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن رفض جماعة الحوثي طلبات تقدم بها قادة جناح حزب «المؤتمر» للسماح لهم بتنظيم احتفالية بذكرى التأسيس لهذا العام.

مبنى اللجنة الدائمة التابع لحزب «المؤتمر الشعبي» الخاضع لجماعة الحوثي في صنعاء (الشرق الأوسط)

وأبلغ قادة في الحزب قبل نحو أسبوع أعضاء فيما يسمى المكتب السياسي لجماعة الحوثي بصنعاء، عن نيتهم تنظيم احتفالية كبيرة بالذكرى الـ42 لتأسيس الحزب، إلا أن المصادر أكدت أن قادة الجماعة أبلغوا كبار قادة الحزب، ومن بينهم صادق أمين أبو راس، ويحيى الراعي، وعبد العزيز بن حبتور، بصدور تعليمات من زعيم الجماعة، تقضي بمنع الحزب من إقامة أي احتفالية؛ سواء في ميدان السبعين، أو في القاعة التي تتبع الحزب في حي الحصبة شمال العاصمة.

واكتفت جماعة الحوثي بالسماح لبعض قادة جناح الحزب في صنعاء بإقامة ندوة مصغرة، شارك فيها عدد محدود من قيادات وأعضاء الحزب، ظهر فيها يحيى الراعي، وهو النائب الأول لرئيس جناح حزب «المؤتمر» في صنعاء، ورئيس البرلمان غير الشرعي، وهو منزعج بشدة بسبب أنه لم يُبلغ بخبر الفعالية إلا قبيل تنظيمها بنصف ساعة. وفق ما أفادت به المصادر.

استياء شديد

وذكر ثلاثة من أعضاء الحزب حضروا الندوة لـ«الشرق الأوسط» أن الراعي قدَّم في كلمة ألقاها لدى ترؤسه الندوة اعتذاره للمشاركين، نتيجة التقصير الحاصل والوقت المفاجئ والضيق الذي حُدِّدَ لإقامة الندوة.

وأبدى الراعي انزعاجه من حجم القاعة الذي لا يتناسب مع إقامة الفعالية، ورأى أن ذلك يعد إهانة متعمدة لقادة حزب «المؤتمر» الخاضعين للجماعة بصنعاء، وطالب الحاضرين بمزيد من الصبر والتحمل «حتى يفرجها الله»، وفق تعبيره.

ندوة محدودة أقامها جناح حزب «المؤتمر» الموالي للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

ويندرج التضييق الحوثي على جناح حزب «المؤتمر» ضمن قيود مشددة وضعتها الجماعة على أنشطة الأحزاب والتنظيمات السياسية في مناطق سيطرتها، خشية بروز أصوات منددة بالممارسات القمعية وسياسات الفساد والعبث والتجويع.

وأبدى قادة في حزب «المؤتمر» في صنعاء، استيائهم الشديد من الممارسات الحوثية تجاه الحزب ومنتسبيه، ووصفوا ذلك بأنه يندرج ضمن سلوك الجماعة الاستفزازي ضد الأحزاب والتنظيمات السياسية، وضد اليمنيين بشكل عام.

وأرجعت مصادر حزبية أسباب المنع الحوثي من إقامة أي مهرجانات أو احتفالات بذكرى تأسيس حزب «المؤتمر»، إلى تخوف كبار قادة الجماعة من أي حضور جماهيري واسع في ميدان السبعين، إلى جانب خشيتها من أي هجوم جديد قد يشنه رئيس جناح الحزب، صادق أمين أبو راس، على خلفية سياسة التهميش والإقصاء التي انتهجتها الجماعة أثناء تشكيل حكومتها الجديدة غير المعترف بها.

موالون للجماعة الحوثية يرددون «الصرخة الخمينية» في احتفالية سابقة لحزب «المؤتمر» في صنعاء (فيسبوك)

وليست هذه هي المرة الأولى التي تمنع فيها جماعة الحوثي جناح حزب «المؤتمر» وغيره من التنظيمات السياسية تحت سيطرتها من إقامة أي احتفالات بذكرى التأسيس وبالمناسبات الوطنية، فقد سبق أن منعت مطلع أبريل (نيسان) العام الماضي، قادة حزب «المؤتمر» الخاضعين لها في صنعاء وريفها، مع بقية الأحزاب الأخرى، من إقامة أي فعاليات تنظيمية وأمسيات رمضانية.

وعادة ما تبرر جماعة الانقلاب منع أي أنشطة سياسية وتنظيمية للأحزاب وغيرها في مدن سيطرتها، بأنه يأتي انطلاقاً من اعتقادها أن الحزبية والتعددية السياسية والديمقراطية والانتخابات وغيرها، عبارة عن مخطط غربي يستهدف المجتمعات الإسلامية والعربية.