إيران تواصل حملة «القمع» وسط مخاوف على مصير المعتقلين

قوات الشرطة في مواجهة محتجين ضد قرار زيادة أسعار البنزين وسط طهران في نوفمبر الماضي (مهر)
قوات الشرطة في مواجهة محتجين ضد قرار زيادة أسعار البنزين وسط طهران في نوفمبر الماضي (مهر)
TT

إيران تواصل حملة «القمع» وسط مخاوف على مصير المعتقلين

قوات الشرطة في مواجهة محتجين ضد قرار زيادة أسعار البنزين وسط طهران في نوفمبر الماضي (مهر)
قوات الشرطة في مواجهة محتجين ضد قرار زيادة أسعار البنزين وسط طهران في نوفمبر الماضي (مهر)

تواصل الأجهزة الأمنية حملة الاعتقالات في أنحاء البلاد على خلفية احتجاجات البنزين في وقت يزداد فيه القلق على مصير المعتقلين في الاحتجاجات الإيرانية الأخيرة.
ونقل موقع الشرطة الإيرانية، أمس، عن قائد شرطة قم، عبد الرضا آقاخاني أن قواته اعتقلت 14 شخصاً بتهمة «الترويج لحكم الشاه»، لافتاً إلى أن المعتقلين أعضاء مجموعة تنشط في قم التي تعدّ معقل المحافظين وقاعدة النظام.
واتهم آقاخاني الموقوفين بـ«التواصل المباشر مع زعماء نظام الشاه في الخارج» والانخراط في عمل تنظيمي ضمن 5 مجموعات، تضم كل منها 30 شخصاً، و«تهدف إلى إذكاء الاضطرابات وزعزعة الأمن في أنحاء البلاد». كما اتهم المجموعات بالتحريض على «الإضرابات العمالية والنقابية» و«النفوذ في الجمعيات والنقابات» و«تغيير مسار المطالب الاجتماعية إلى التحرك الأمني والسياسي».
وربط القيادي في الشرطة بين المجموعات الخمس وبين مشروع «ققنوس» الذي أطلقه مقربون من نجل الشاه، وهو عبارة عن خيمة تهدف إلى جمع نخب إيرانية معارضة للنظام وتهدف إلى بحث بدائل لمؤسسات الدولة الإيرانية في حال تغيير النظام السياسي.
بدورها، نقلت وكالة «ميزان» التابعة للقضاء الإيراني، أمس، عن قائد شرطة غرب محافظة طهران، محسن خانجرلي، أن قواته اعتقلت 8 على صلة بالاحتجاجات التي شهدتها نحو 29 محافظة من بين 31 محافظة عقب رفع أسعار البنزين 300 في المائة.
وأفادت «ميزان» بأن المعتقلين يواجهون تهماً بـ«التحريض على المشاركة في الاضطرابات» بمديني إسلامشهر وشهريار غرب طهران عبر إنشاء مجموعة على شبكة «تلغرام» تضم 300 شخص وينشطون على «إنستغرام».
ولم تعلن إيران أي إحصائية رسمية عن عدد المعتقلين والقتلى في الاحتجاجات رغم مضي أكثر من 6 أسابيع على الاحتجاجات في إيران.
وذكرت وكالة «إرنا» الرسمية، أول من أمس، أن الشرطة اعتقلت شخصاً في مدينة كازرون قرب شيراز بتهمة حرق حوزة علمية و11 بنكاً خلال الاحتجاجات.
وأعلن موقع الشرطة الإيرانية الجمعة الماضي عن اعتقال اثنين في الأحواز بتهمة إدارة قناة في «تلغرام» تدعى «شباب العرب»، لافتاً إلى أنهم «يخططون لتجمعات غير مرخصة».
وتستمر السلطات الإيرانية في حملة الاعتقالات التي شملت العشرات؛ وفق تقارير وردت على وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية.
وأمر المرشد الإيراني علي خامنئي في وقت سابق من هذا الشهر أمين عام مجلس الأمن القومي علي شمخاني بتسهيل إطلاق سراح المعتقلين.
ولكن محامين يقولون إن السلطات حددت كفالات مالية باهظة لإطلاق سراح المعتقلين.
بعد أيام نقلت وكالة «رويترز» عن 3 مصادر إيرانية مطلعة أن خامنئي وجه أوامر مباشرة بإنهاء الاحتجاجات؛ ما أسفر عن مقتل نحو 1500 شخص؛ بينهم نساء ومراهقون وعناصر من قوات الشرطة.
وقالت منظمة العفو الدولية أول من أمس عبر حسابها في «تويتر» إن السلطات «تعتقل آلاف المتظاهرين في جزء من حملة قمع عنيفة ومميتة»، وحذرت من أن المعتقلين «يتعرضون لخطر التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة»، مشيرة إلى أن حملة الاعتقالات العشوائية شملت الآلاف؛ بينهم صحافيون وطلاب وناشطون.
وقالت المنظمة نقلاً عن شهود عيان إن «قوات الأمن داهمت المستشفيات والمراكز الطبية في جميع أنحاء البلاد واعتقلت المتظاهرين ونقلتهم إلى مراكز الاحتجاز، مما أدى إلى حرمانهم من الحصول على رعاية طبية».



تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: أحداث 7 أكتوبر كان ممكناً منعها

قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
TT

تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: أحداث 7 أكتوبر كان ممكناً منعها

قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)

نشر جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) ملخصاً لتحقيقاته في إخفاقاته خلال الفترة التي سبقت هجوم جماعة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وخلص إلى وجود إخفاقات داخل المنظمة، لكنه أشار في الغالب إلى عناصر خارجية مثل التقسيم غير الواضح للمسؤوليات مع الجيش الإسرائيلي، وسياسة حكومية دفاعية مفرطة فيما يتعلق بغزة على مرِّ السنين، وعدم ملاءمة جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي لمواجهة عدو يشبه في طريقة قتاله «حماس»، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

ويقول جهاز الأمن إن هناك حاجة إلى تحقيق أوسع نطاقاً، وهو تلميح محتمل إلى الحاجة المتصورة إلى لجنة تحقيق حكومية، التي رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تأسيسها.

ويقول الجهاز إن كثيراً من نتائج التحقيق لا يزال سرِّياً، لأنها ستكشف عن أدوات وأساليب استخباراتية سرية لدى «شين بيت».

وقد توصَّل التحقيق إلى أن «شين بيت» فشل في توفير تنبيه للهجوم الواسع النطاق الذي شنَّته «حماس» في السابع من أكتوبر. ولم تسفر إشارات التحذير التي تلقاها «شين بيت» في ليلة السادس من أكتوبر عن اتخاذ إجراءات كبرى من الأجهزة الإسرائيلية.

وبينما تمكَّن فريق صغير من ضباط النخبة من «شين بيت»، والشرطة الإسرائيلية الذين تم نشرهم على حدود غزة قبل الهجوم من المساهمة في القتال، فإنهم لم يتمكَّنوا من منع الهجوم الضخم الذي شنَّته «حماس».

رونين بار رئيس جهاز الأمن الداخلي (شين بيت) يشارك في حفل أُقيم في متحف ياد فاشيم للهولوكوست في القدس يوم ذكرى الهولوكوست... 5 مايو 2024 (متداولة)

أسباب الفشل

يشير التحقيق إلى أسباب عدة، تتعلق بالاحتراف والإدارة لدى الأجهزة الإسرائيلية، التي أسهمت في الفشل في صدِّ هجوم 7 أكتوبر. ويقول «شين بيت»: «تم فحص الفشل التنظيمي بدقة، وتم تعلم الدروس، وما زال يتم تعلمها».

بالإضافة إلى ذلك، وجد التحقيق أن «شين بيت» لم يقلل من شأن «حماس»، بل على العكس من ذلك، حيث كان لدى الجهاز «فهم عميق للتهديد، وكانت لديه مبادرات ورغبة في إحباط التهديد، خصوصاً (القضاء) على قادة (حماس)».

وبحسب التحقيقات، فإن هناك أسباباً عدة وراء عدم قيام جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) بإعطاء أي إنذار مسبق للهجوم الشامل الذي شنَّته «حماس»:

- خطط «حماس» للغزو البري، التي حصل عليها الجيش الإسرائيلي في وثيقة تُعرَف باسم «أسوار أريحا»، لم يتم التعامل معها بشكل صحيح على مدى سنوات عدة، ولم يتم تحويل الخطط إلى سيناريو يتدرب عليه الجيش وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي.

- عدم وضوح تقسيم المسؤولية بين الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي فيما يتعلق بالمنظمة التي ينبغي لها أن تقدم إنذاراً للحرب، وسط تحوّل «حماس» من جماعة عسكرية صغيرة إلى قوة عسكرية كاملة.

- وفق التحقيق، كان تركيز جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) على إحباط الهجمات الإرهابية، ولم تكن أساليبه قابلةً للتطبيق على عدو يتصرف كجيش.

- خلال الليل بين السادس والسابع من أكتوبر، كانت هناك فجوات في «التعامل مع المعلومات ودمج الاستخبارات»، فضلاً عن العمليات التي لم تتبع البروتوكول المعتاد، ونقص «الاندماج» مع استخبارات الجيش الإسرائيلي.

- كانت هناك فجوات في عمل آليات الإشراف الاستخباراتي.

- كان التقييم هو أن «حماس» كانت تحاول تسخين الوضع بالضفة الغربية، ولم تكن مهتمةً بفعل ذلك في قطاع غزة.

- كان لدى «شين بيت» «فهم غير صحيح» لقوة الحاجز الحدودي الإسرائيلي مع غزة وقدرة الجيش الإسرائيلي على الرد.

- لم يتم التشكيك في نوايا «حماس» المزعومة بشكل كافٍ في أثناء التقييمات.

- كانت المعلومات الاستخباراتية قليلة نسبياً، بما في ذلك نتيجة لحرية العمل المحدودة في قطاع غزة، خصوصاً من قبل «شين بيت» بشكل مستقل.

بناء قوة «حماس»

كما توصَّل تحقيق «شين بيت» إلى أسباب عدة مكَّنت «حماس» من بناء قواتها لهجوم السابع من أكتوبر، واتخاذ القرار بتنفيذ الهجوم وفق تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي:

- كانت سياسة إسرائيل تجاه غزة تتمثل في الحفاظ على فترات من الهدوء، الأمر الذي مكَّن «حماس» من بناء قوة هائلة.

- تدفق الأموال إلى غزة وتسليمها إلى الجناح العسكري لحركة «حماس».

- التآكل المستمر لردع إسرائيل.

- وبحسب التحقيق، محاولة التعامل مع منظمة «إرهابية» على أساس الاستخبارات والتدابير الدفاعية، مع تجنب المبادرات الهجومية.

- ومن بين العوامل المُحفِّزة لقرار «حماس» بتنفيذ الهجوم، الانتهاكات الإسرائيلية على الحرم القدسي، والموقف تجاه السجناء الفلسطينيين، والإدراك بأن المجتمع الإسرائيلي أصبح ضعيفاً.

رئيس «شين بيت» الإسرائيلي رونين بار (يمين) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي حينها الفريق أول هرتسي هاليفي (يسار) يجريان تقييماً مع كبار الضباط في خان يونس جنوب قطاع غزة... 11 ديسمبر 2023 (الجيش الإسرائيلي)

رئيس «شين بيت»: أتحمّل المسؤولية

وفي بيان مصاحب، قال رئيس «شين بيت»، رونين بار، إن الوكالة «لم تمنع مذبحة السابع من أكتوبر... وبصفتي رئيساً للمنظمة، سأتحمل هذا العبء الثقيل على كتفي لبقية حياتي».

وأضاف: «كشف التحقيق أنه لو تصرف جهاز (شين بيت) بشكل مختلف، في السنوات التي سبقت الهجوم وخلال ليلة الهجوم - سواء على المستوى المهني أو المستوى الإداري - لكان من الممكن تجنب المذبحة. هذا ليس المعيار الذي توقَّعناه من أنفسنا، أو الذي توقَّعه الجمهور منا».

وتابع: «يظهر التحقيق أن جهاز (شين بيت) لم يقلل من شأن منافسنا، بل على العكس من ذلك، فقد أخذ زمام المبادرة، وذهب إلى الهجوم وحاول قطع التهديد في مهده ، ولكن على الرغم من كل هذا، فشلنا».

ويضيف بار أن التحقيق الحقيقي في الإخفاقات يتطلب تحقيقاً أوسع نطاقاً يجسد أيضاً الاتصال والتعاون بين العناصر الأمنية والسياسية.

ويقول: «إن الطريق إلى الإصلاح، كما أكد التقرير، يتطلب عملية واسعة من الوضوح والحقيقة». وأضاف: «لذلك طلبت من لجنة التحقيق والقيادة العليا للوكالة التحقيق ومناقشة، ليس فقط الأسباب التي أدت إلى فشل الخدمة، بل أيضاً إلقاء نظرة واسعة على جميع عمليات العمل ذات الصلة في المنظمة، بوصفها جزءاً من الدروس المستفادة وفرصةً للتغيير الشامل. لكن هذا يتطلب أيضاً الاستعداد للتغيير في الواجهة السياسية والأمنية، وإلا فإن الفشل قد يعود في المستقبل».

وأضاف: «أعتقد أن هذه المنظمة قوية، ومستقرة، ومتواضعة، وقيمها أكثر احترافية مما كانت عليه عشية المذبحة».