لبنان... بدأت السنة حزينة وانتهت من دون معرض الكتاب

الفنون كلها والمحاضرات معها زحفت صوب الشارع

لبنان... بدأت السنة حزينة وانتهت من دون معرض الكتاب
TT

لبنان... بدأت السنة حزينة وانتهت من دون معرض الكتاب

لبنان... بدأت السنة حزينة وانتهت من دون معرض الكتاب

الحدث الثقافي الأبرز في السنة المنصرمة، كان من دون شك، هو غياب معرضي الكتاب العربي والفرنسي اللذين يعتبران درّة المواعيد اللبنانية التي يتلاقى خلالها جمهور الناس من أكبر الكتّاب إلى أصغر تلامذة المدارس، القادمين لسماع القصص وشراء زوادتهم من الكتب. تم تأجيل المعرضين، حسب ما أعلن، وعلى الأرجح ألغيا، إلا إذا تحسن الوضع النقدي في البلاد. كان صريحاً «النادي الثقافي العربي» المنظم لـ«معرض بيروت العربي والدولي للكتاب» حين قال إن المقابل لاستئجار المكان، كان قد طلب منهم بالدولار، وهو ما ليس متوفراً، وعلى الناشرين أن يدفعوا للحصول على أجنحتهم بالدولار، وأن الشراة أنفسهم لا يملكون ثمن الكتب. الأزمة المالية عصفت بمعرض الكتاب العربي الذي لم تقو إسرائيل في سنوات الاجتياح على النيل منه. انعقاده في شهر فبراير (شباط) المقبل، رهن بتحسن اقتصادي لا يلوح في الأفق. هذا التأجيل الذي أتى قبل شهرين على نهاية العام، كان له تأثيره المحبط على الناشرين الذين يخبؤون غلالهم لمعرض بيروت. حركة الإصدارات خفتت إلى حد بعيد، فلا الجو المشحون بسبب الانتفاضة اللبنانية المستمرة منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي يشجع على القراءة، ولا دور النشر تريد أن تدفع تكاليف على ما يصعب تسويقه، وهي التي تعاني أصلاً من جمود بيع الكتب في المعارض العربية بشكل عام.
وإن كانت سنة 2018 قد شكلت فورة ثقافية بالفعل في المجالين المسرحي والسينمائي، حيث ارتفع عدد الأفلام والأعمال المسرحية بشكل لافت ولاقاها الجمهور بإقبال وافر، فإن العام الحالي سجل على خطه البياني تباطؤاً ملحوظاً وخفوتاً في المستوى، خصوصاً مع تواري أسماء كبيرة ومعروفة عن الخشبات، مثل نضال الأشقر أو روجيه عساف وآخرين. لكن لا بد من تسجيل النجاح الكبير الذي لاقاه فيلم مثل «كفرناحوم» لنادين لبكي الذي وصل إلى التصفيات النهائية لجائزة الأوسكار عن فئة أفضل فيلم أجنبي للعام الحالي. لكن ربما هذا التتويج ليس الأهم بالنسبة للفيلم. فقد وجد إقبالاً مفاجئاً في الصين؛ حيث بلغت إيراداته هناك 55 مليون دولار أميركي، حسب ما أعلن في الصين، وبقي على لائحة المواقع السينمائية الرئيسية لفترة طويلة.
النقاط القليلة المضيئة لا تخفي الصعوبات والعثرات. وإن كانت الثقافة هي الترمومتر الذي تقاس بواسطته حرارة الأمم وزخمها، فإن الحركتين الفنية والأدبية بدأتا منذ مدة تؤشران إلى شيء من الفتور، وواصلت المؤسسات الإعلامية أفولها، فبعد جريدة «السفير» ومطبوعات «دار الصياد» التي غابت، جاء هذه السنة دور صحيفة «المستقبل»، كما علق العمل في تلفزيون «المستقبل»، وأقفل مكتب صحيفة «الحياة» في بيروت. وهي معاناة تمتد لتطال قطاعات واسعة، ومنها القطاعات الثقافية التي يقول الناشرون إنهم سيكونون من بين الأكثر تضرراً، وستمتد الأضرار لتشمل قطاع الطباعة والتوزيع وغيرهما. وكذلك الحركة التشكيلية التي لا تزال تصارع وتصر بعض الغاليريات على مواكبة الانتفاضة، من خلال أعمال هي امتداد لما يحدث في الشارع.
لكن الصورة الثقافية التي أصيبت بما يشبه الشلل، بسبب الانتفاضة الشعبية في القاعات والأماكن المغلقة بدا وكأنها انتقلت إلى ساحات الاعتصام. ولعل خيام المنتفضين شهدت من المحاضرات والنقاشات ما لم تره الصالات المغلقة في سنوات، وجمعت من المهتمين والحاضرين ما لم يكن يحلم به المتكلمون في أي من الأوقات. وما يصح على الفكر ينطبق على الفن التشكيلي الذي أصبح مكانه جدران المدينة، وأرضيات ساحات التجمع، ووجدت العديد من المنحوتات التي تبرع بها أصحابها مكانها في الهواء الطلق.
كما لمعت أسماء لتشكيليين، وبرزت مواهب لافتة لم نكن نعرفها، ولا يتسع المجال هنا للحديث عنها. لكن غالبية هذه الأعمال تصور وتوثق وتنشر في صفحات على تطبيق «إنستغرام» من بينها مثلاً صفحة «آرت أوف ثورة» و«ثورة آرتست» وغيرها تخصصت في الرسم الكاريكاتوري، تتابع هذه الأعمال وتقرنها بأسماء أصحابها حفظاً لحقوقهم. وكما الفن التشكيلي، كذلك الموسيقى والغناء.
ربما اللافت في كل هذه الحركة الثقافية الشعبية هو غياب ما يمكن أن يسمى النخب الثقافية التقليدية، وإن كانت بعض الأسماء المعروفة قد حرصت على التنقل بين الساحات والإدلاء بدلوها، إلا أنها لم تشكل في أي حال جذباً مهماً مقارنة بالخبراء في ميادين الاقتصاد والمال والقانون أو حتى المصارف الذين أصبحوا نجوم الحلقات الحوارية. بدت انشغالات الناس في مكان آخر، غير الذي كانت تتطلبه اللحظات الثورية في القرن الماضي. فما يطلبه الجمهور هو الكثير من الأفكار العملية والقليل جداً من التنظير.
على أي حال كانت بداية العام صعبة كما نهايته، فقد فجع اللبنانيون بتوالي الوفيات بين الأدباء والفنانين في مطلع السنة، إذ غابت في الشهر الأول جوسلين صعب صاحبة الكاميرا الجادة، والعدسة المناضلة والسينما الملتزمة. وبعدها بأيام جاء الموت المباغت للدمثة وصاحبة القلم الرقيق الصحافية والأديبة مي منسى. وقبل أن توارى مي منسى الثرى جاء خبر وفاة المخرجة وأستاذة المسرح التي أحدثت صدى عربياً ولبنانياً ذات يوم، بأعمالها التي بقيت قليلة، لكنها لا تنسى، سهام ناصر. وبعدهن بقليل توفي رائد السينما اللبنانية جورج نصر الذي وصل فيلمه «إلى أين»، إلى المشاركة في مهرجان كان الدولي سنة 1957، وتبعه رسام الفرح الفنان التشكيلي الموهوب الذي لم يكف طوال 60 سنة عن رسم بيروت أمين الباشا.
سنة لا تشبه بقية الأعوام بدايتها حزينها، ونهايتها أقفلت على فنون الشارع ونبضه الفكري الشعبي.


مقالات ذات صلة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

ثقافة وفنون أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أطلّت الكاتبة التشيلية الأشهر إيزابيل الليندي، عبر منصة «مايسترو»، في «هيئة الإذاعة البريطانية»، من صالونها الهادئ الذي يضم تفاصيلها الشخصية والحميمية

سحر عبد الله
يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان

قصة «أيمن» الحقيقي بطل القصيدة والأغنية

قصة «أيمن» الحقيقي بطل القصيدة والأغنية
TT

قصة «أيمن» الحقيقي بطل القصيدة والأغنية

قصة «أيمن» الحقيقي بطل القصيدة والأغنية

لطالما كانت كلمات الأغاني محل اهتمام البشر بمختلف أجناسهم وأعمارهم وشرائحهم الاجتماعية والثقافية. وإذا كانت القلة القليلة من الباحثين وأهل الاختصاص تحصر تعاملها مع الأغاني في الإطار النقدي، فإن معظم الناس يبحثون في كلماتها، كما في اللحن والصوت عما يحرّك في دواخلهم أماكن الرغبة والحنين وترجيعات النفس والذاكرة. لا، بل إن بعض الأغاني التي تعجز عن لفت انتباه سامعيها بسبب سذاجتها أو مستواها الهابط سرعان ما تكتسب أبعاداً وتأثيرات لم تكن لها من قبل، حين يمرون في تجربة سفر أو فراق أو حب عاصف أو خيانة غير متوقعة.

وحيث لا يُظهر البعض أي اهتمام يُذكر بالدوافع التي أملت على الشعراء كتابة النصوص المغناة، فإن البعض الآخر يجدُّون بدافع الفضول أو المعرفة المجردة، في الوقوف على حكايات الأغاني ومناسباتها وظروف كتابتها. وهو فضول يتضاعف منسوبه إذا ما كانت الأغنية تدور حول حدث بعينه، أو اسم علم مبهم الملامح وغير مكتمل الهوية.

وإذا كان لموت الأبطال في الملاحم والأساطير وحركات المقاومة تأثيره البالغ في النفوس، فإن موت الأطفال في الحروب يكتسب تأثيره المضاعف لأنه ينتقل من الخاص إلى العام فيصيب البراءة في عمقها ويسدد طعنته القاتلة إلى نحر الأحلام ووعود المستقبل. وهو ما جسّدته بشكل جلي أعداد وافرة من الروايات واللوحات التشكيلية والقصائد والأغاني، بدءاً من قصيدة «الأسلحة والأطفال» لبدر شاكر السياب، وليس انتهاءً بشخصية «شادي» المتزلج فوق ثلوج الزمن الذي حولته الأغنية الفيروزية رمزاً أيقونياً لتراجيديا البراءة الطفولية التي قصفتها الحرب في ريعانها.

ولم تكن مأساة «أيمن» الذي قتلته الطائرات الإسرائيلية المغيرة على الجنوب اللبناني في نهاية عام 1977 والتي استوحيت من حادثة استشهاده القصيدة التي تحمل الاسم نفسه، سوى حلقة من حلقات التراجيديا الإنسانية التي تجدد نفسها مع كل صراع قومي وإثني، أو مواجهة قاسية مع الطغاة والمحتلين. تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن الفارق بين شادي وأيمن هو أن الأول قد اخترعه الرحبانيان بخيالهما المحض، في حين أن أيمن كان طفلاً حقيقياً من لحم ودم، قضى في ظل الظروف نفسها والصراع إياه.

أما الفارق الآخر الذي لا ينبغي إغفاله، فيتمثل في كون النص الرحباني كُتب في الأساس ليكون جزءاً من مسرح الأخوين الغنائي، في حين أن قصيدة أيمن لم تُكتب بهدف الغناء، رغم أن جرسها الإيقاعي سهّل أمر تلحينها وغنائها في وقت لاحق. ومع ذلك، فإن ما يثير العجب في تجربة الرحبانيين هو أن كتابة النص أغنيةً لم تنقص بأي وجه من رشاقته وعوالمه الساحرة وأسلوبه التلقائي.

والواقع أنني ما كنت أعود لقصة أيمن بعد 47 عاماً من حدوثها، لو لم تكن هذه القصة محلّ أخذ ورد على مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، فهوية الطفل القتيل قد حُملت من قِبل المتحدثين عنها على غير رواية ووجه. على أن تبيان وقائع الحدث المأساوي لا بد أن تسبقه الإشارة إلى أن الفنان مرسيل خليفة الذي كانت تربطني به ولا تزال صداقة وطيدة، كان قد فاتحني بشأن كتابة نص شعري يعكس مأساة لبنان الرازح تحت وطأة حربه الأهلية، أو معاناة الجنوبيين وصمودهم في وجه العدو الإسرائيلي. ومع أنني عبّرت لمرسيل عن حماسي الشديد للتعاون معه، وهو الذي اعتُبر أحد الرموز الأبرز لما عُرف بالأغنية الوطنية أو الملتزمة، أبديت في الآن ذاته توجسي من أن يقع النص المطلوب في مطب الحذق التأليفي والصنعة المفتعلة. وإذ أجاب خليفة الذي كان قد أنجز قبل ذلك أغنيات عدة مقتبسة من نصوص محمود درويش، بأن المسألة ليست شديدة الإلحاح وأنه ينتظر مني الاتصال به حالما ينجز الشيطان الذي يلهمني الشعر مهماته.

ولم يكد يمرّ أسبوعان اثنان على لقائي صاحب «وعود من العاصفة»، حتى كنت أتصل هاتفياً بمرسيل لأسمعه دون إبطاء النص الذي كتبته عن أيمن، والذي لم يتأخر خليفة في تلحينه وغنائه. لكن مَن هو أيمن؟ وفي أي قرية وُلد وقضى نَحْبَه؟ وما هي قصته الحقيقية وسبب معرفتي به وبمصيره الفاجع؟

في أوائل سبعينات القرن المنصرم وفي قرية «العزّية» الجنوبية القريبة من الطريق الساحلية الواقعة بين صور والبيّاضة وُلد أيمن علواني لأب فلسطيني وأم لبنانية من بلدة برجا اللبنانية الشوفيّة. وإذ كانت معظم أراضي القرية ملكاً لعائلة سلام البيروتية المعروفة، فقد قدُمت العائلة إلى المكان بهدف العمل في الزراعة شأنها في ذلك شأن عائلات قليلة أخرى، ليؤلف الجميع مجمعاً سكنياً صغيراً لا يتجاوز بيوته العشرين بيتاً، ولا يبلغ سكانه المائة نسمة. أما البساتين الممتدة هناك على مرمى البصر، فقد كان يتعهدها بالنمو والخصوبة والاخضرار نبع دائم الجريان يحمل اسم القرية، ويختتم سلسلة الينابيع المتقطعة الذي يتفتح أولها في كنف الجليل الفلسطيني دون أن يتمكن آخرها من بلوغ البحر.

شكَّل نبع العزية جزءاً حيوياً من مسرح طفولتي الأولى، حيث كان سكان قريتي زبقين الواقعة على هضبة قريبة من مكان النبع يقصدونه للسباحة والاستجمام ويلوذون بمياهه المنعشة من حر الصيف، كما أن معرفتي بأيمن وذويه تعود إلى عملي في التدريس في ثانوية صور الرسمية، حيث كان من بين تلامذتي خالة الطفل وبعض أقاربه الآخرين. وحين قصف الإسرائيليون بيوت القرية الوادعة بالطائرات، متسببين بتدمير بيوتها وقتل العشرات من سكانها الآمنين، ومتذرعين بوجود معسكر تدريب فلسطيني قريب من المكان، فقد بدا اغتيال أيمن ذي الوجه القمري والعينين الخرزيتين بمثابة اغتيال لطفولتي بالذات، ولكل ذلك العالم المصنوعة فراديسه من قصاصات البراءة ونثار الأحلام. وفي حين لم أجد ما أردّ به على موت أيمن سوى كتابة القصيدة التي تحمل اسمه، فإن ذوي الطفل القتيل قرروا الذهاب إلى أبعد من ذلك، فأنجبوا طفلاً آخر يحمل اسم ابنهم الراحل وملامحه، ويواصل حتى الساعة الحياة بالأصالة عن نفسه ونيابة عن أخيه.

بعد ذلك بات اسم أيمن بالنسبة لي محفوراً في مكان عميق من القلب والذاكرة إلى حد أنني كلما قرأته في جريدة أو كتاب، أو قابلت أحداً بهذا الاسم تناهت إلي أصداء ضحكات الطفل القديم وأطيافه المدماة على ضفاف نبع العزية. ومع ذلك، فإن السيناريو الذي ضجت به في الأسابيع الأخيرة مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان، ومفاده أن قصيدة أيمن قد استوحيتْ من مقتل الطفل أيمن رحال إثر غارة إسرائيلية على قرية طير حرفا الجنوبية عام 1978، لم يكن هو وحده ما أصابني بالذهول، بل معرفتي بأن الرقيب في الجيش اللبناني الذي استُشهد مؤخراً بفعل غارة مماثلة هو الشقيق البديل لأيمن الأول.

ومع أنه لم يسبق لي معرفة أيّ من «الأيمنين» الآخرين، إلا أن نسبة القصيدة إليهما لا تضير الحقيقة في شيء، بل تؤكد مرة أخرى على أن الشعر كما الأغنية والفن على نحو عام يتجاوز الحدث الباعث على كتابته ليلد نفسه في كل زمن، وليتجدد مع كل مواجهة غير عادلة بين الأطفال والطائرات. لكن كم من أيمن عليه أن يسقط، وكم من قصيدة ينبغي أن تُكتب لكي يرتوي القتلة من دم القتلى وتأخذ الحرية طريقها إلى التفتح؟