تونس ترفع التأهب على حدودها الشرقية

مظاهرة بالعاصمة تندد بخطط التدخل العسكري التركي في ليبيا

TT

تونس ترفع التأهب على حدودها الشرقية

أفادت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) بأن الجيش وقوات الأمن في تونس رفعت حالة التأهب على الحدود الشرقية، تحسباً لتطورات محتملة للنزاع في ليبيا. وعزز الجيش من انتشاره على طول الحدود، فيما انتشرت وحدات أمنية في ولاية مدنين المحاذية للحدود، لتأمين احتفالات رأس السنة الميلادية، بحسب ما نقلته الوكالة الألمانية عن الإذاعة الوطنية أمس. وتضم المنطقة منتجعات سياحية في مدينة جرجيس وجزيرة جربة، التابعتين للولاية، وهي تشهد عادة تدفقاً للسياح من الجزائر وليبيا في مثل هذه الفترة من العام.
وأشارت الوكالة الألمانية إلى أن رفع حالة التأهب يأتي في ظل تحرك القوات الموالية للمشير المتقاعد خليفة حفتر للسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس. ولفتت إلى أن تونس كانت قد عززت على امتداد السنوات الماضية آليات المراقبة على الحدود الليبية، عبر ساتر ترابي وخندق مائي، بجانب وضع نظام مراقبة إلكتروني، تحسباً لتسلل مقاتلين أو تسريب أسلحة، بالإضافة للتصدي لأنشطة التهريب.
وترتبط تونس بحدود مشتركة مع ليبيا تمتد على نحو 500 كيلومتر، تضم معبرين رئيسين في راس جدير والذهيبة في الجنوب التونسي.
ونظم عشرات المتظاهرين من المجتمع المدني التونسي، أمس (السبت)، وقفة احتجاجية أمام مقر سفارة تركيا بالعاصمة تونس. وتأتي هذه الوقفة بعد أيام قليلة من زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان للبلاد. وذكرت الوكالة الألمانية أن المتظاهرين يحتجون ضد خطط محتملة لتدخل عسكري تركي في ليبيا، وأنباء عن تنسيق مع تونس، نفتها الرئاسة التونسية.
وقالت متحدثة من بين المحتجين عبر مكبّر الصوت: «نحن اليوم هنا لنقول لكم إنه لا مجال لأي تدخل عسكري أجنبي مهما كان في طرابلس عبر تونس»، وأضافت: «الحل في ليبيا سيكون ليبياً – ليبياً، رغم أنف كل المتآمرين. الشعب التونسي سيد قراره، ولن نسمح أبداً بأن تمر مؤامرة». ورفع متظاهرون لافتات: «ليبيا لليبيين.. دون عثمانيين»، و«طيب... غادر ليبيا غادر أفريقيا»، بحسب ما جاء في تقرير وكالة الأنباء الألمانية من العاصمة التونسية.
ودعا المتظاهرون أيضاً الرئاسة التونسية إلى تبني خطاب واضح بشأن تصريحات الرئيس التركي في أنقرة حول اتفاق مع تونس لدعم حكومة «الوفاق» في طرابلس.
وقالت المتحدثة إن «خطاب الرئيس كان مخجلاً»، علماً بأن الرئاسة التونسية كانت قد نفت الدخول في أي تحالف في النزاع الليبي، لكنها لم تتعرض إلى تصريحات إردوغان بشكل مباشر صريح. وجاء في بيان رسمي للرئاسة التونسية: «تونس لن تقبل بأن تكون عضواً في أي تحالف أو اصطفاف على الإطلاق، ولن تقبل أبداً بأن يكون أي شبر من ترابها إلا تحت السيادة التونسية وحدها».
وزار الرئيس التركي، صباح يوم الأربعاء الماضي، تونس بصحبة وفد ضم وزيري الدفاع والخارجية ومدير المخابرات ومستشارين أمنيين، في زيارة غير معلنة لمدة يوم واحد.
ودفعت الزيارة إلى تكهنات حول تدخل عسكري تركي وشيك في ليبيا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.