وزارتا الداخلية والدفاع في تونس تستعدان لتأمين الانتخابات البرلمانية

50 ألف عنصر أمن لحماية الاقتراع.. ووفد من الجامعة العربية يراقب

مبنى وزارة الداخلية التونسية
مبنى وزارة الداخلية التونسية
TT

وزارتا الداخلية والدفاع في تونس تستعدان لتأمين الانتخابات البرلمانية

مبنى وزارة الداخلية التونسية
مبنى وزارة الداخلية التونسية

تشهد تونس استعدادات أمنية مكثفة للانتخابات التشريعية المزمع عقدها يوم الأحد المقبل. وقال لطفي بن جدو وزير الداخلية التونسية بأن انتشارا أمنيا محكما سيرافق الانتخابات البرلمانية، مع نشر نحو 50 ألف عنصر عون أمن لتأمين العملية الانتخابية وضمان حسن سيرها ولحراسة المقرات الأمنية،. كما أشار بن جدو إلى مشاركة وزارة الدفاع في هذه المحطة الانتخابية وإعدادها العدة لإنجاحها بتوفير قرابة 23 ألف عسكري لتأمين مكاتب الاقتراع وحراسة معظم المؤسسات العمومية والمنشآت الحساسة.
ولدى ترؤسه أمس المجلس الجهوي للأمن في مدينة سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية، أشار بن جدو إلى أن أكثر من 23 ألف عنصر أمن سيتوزعون داخل مكاتب الاقتراع، فيما سيؤمن مثل هذا العدد أو أكثر بقليل مداخل مكاتب الاقتراع.
وكشف بن جدو عن تفاصيل بشأن يوم الصمت الانتخابي الموافق 25 من الشهر الجاري، قائلا: إن كافة مسالك توزيع اللوائح الانتخابية جاهزة وسيتولى أعوان الأمن التونسي فتح الطريق أمام موظفي الهيئة العليا للانتخابات المكلفين بالإشراف على العملية الانتخابية فيما يتولى الجيش إيصال اللوائح الانتخابية وتوزيعها على مكاتب الاقتراع.
وتحدث بن جدو عن طرق بديلة لتوزيع اللوائح الانتخابية المرشحة للانتخابات البرلمانية في حال ظهور عوائق على عمل المسالك المحددة سلفا. وقال: إن انتشارا أمنيا محكما سيرافق الانتخابات البرلمانية وستشهد المدن التونسية دوريات أمنية على مدار الساعة ونقاط تفتيش على مستوى مداخل المدن. كما كشف عن تكليف لجان مختصة بمكافحة الإرهاب بكل من ولايات (محافظات) الكاف وجندوبة والقصرين باتخاذ قرارات فورية للتدخل العسكري والأمني الفوري في حال التعرض لأي اعتداء إرهابي في المناطق الـ3 المهددة أكثر من غيرها بمخاطر العناصر الإرهابية.
في السياق ذاته، ذكرت مصادر من وزارة الدفاع التونسية لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش التونسي سيبدأ انتشارا واسعا بمعظم الشوارع ابتداء من الخميس المقبل في مختلف مناطق تونس، وستكون عودة الجيش للانتشار من خلال دوريات عسكرية، في خطّة لتأمين فترة الانتخابات البرلمانية بالتنسيق مع قوات الأمن.
وكانت الحكومة التونسية قد أقرت خطة عاجلة لانتداب قرابة 3 آلاف عنصر من قوات الأمن والجيش عقب العملية الإرهابية التي جرت منتصف شهر يوليو (تموز) الماضي في جبال الشعانبي (وسط غربي تونس) وذهب ضحيتها 16 عسكريا تونسيا. وعلى صعيد متصل، وصل أمس إلى تونس وفد من مراقبي الجامعة العربية يترأسه وجيه حنفي الأمين العام المساعد في جامعة الدول العربية، لمراقبة الانتخابات البرلمانية. ويتكون الوفد من 20 ملاحظا وستوكل له مهمة مراقبة الانتخابات منذ انطلاقها وحتى الانتهاء من كافة مراحلها وإعلان النتائج، ويتشكل الوفد من نحو 10 جنسيات عربية باستثناء الجنسية التونسية ضمانا لحيادية عملية ملاحظة الانتخابات.
ومن المنتظر أن يغطي الوفد أغلب المحافظات التونسية التي ستجرى فيها العملية الانتخابية، وسيتولى مركز الجامعة العربية بتونس تقديم بعض المساعدات اللوجستية لعمل فريق الجامعة.
وسيكون لوفد مراقبي الجامعة العربية مشاركة ثانية لمتابعة الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في الثالث والعشرين من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وفي نفس السياق، أفاد شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أن 9 آلاف مراقب تونسي وأجنبي على أهبة الاستعداد لمراقبة العملية الانتخابية بالإضافة إلى 500 مراقب أجنبي من بينهم بعثة من الاتحاد الأوروبي، و1100 مراقب للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وهو ما تطمح السلطات التونسية أن يضفي المصداقية والشرعية الكافيتين على عملية مراقبة الانتخابات البرلمانية.
كما أعلنت مجموعة من المنظمات والجمعيات الحقوقية عن استعدادها لمراقبة العملية الانتخابية. وفي هذا الشأن، قال أنيس السمعلي عضو شبكة «مراقبون»، وهي منظمة حقوقية مستقلة لـ«الشرق الأوسط» بأن أكثر من 4000 مراقب تابعين للمنظمة ومن جميع الفئات العمرية سيتوزعون يوم الاقتراع وأيام الفرز على 4833 مكتب اقتراع بـ27 دائرة انتخابية. كما صرح السمعلي أن شبكة «مراقبون» ستعتمد خلال الانتخابات المقبلة تقنية جديدة تتمثّل في نظام الخارطة الرقمية لتأمين العملية الانتخابية، وسيؤمن هذا المشروع قرابة 100 مختص باعتماد تكنولوجيا متطوّرة على حد تعبيره.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم