سلسلة تفجيرات بسيارات مفخخة توقع عشرات الضحايا في بغداد وكربلاء

هدوء نسبي على جبهة الأنبار واستمرار المعارك في صلاح الدين

عراقيون يتجمعون أمام حسينية في بغداد بعد استهدافها بتفجير انتحاري أمس (أ.ب)
عراقيون يتجمعون أمام حسينية في بغداد بعد استهدافها بتفجير انتحاري أمس (أ.ب)
TT

سلسلة تفجيرات بسيارات مفخخة توقع عشرات الضحايا في بغداد وكربلاء

عراقيون يتجمعون أمام حسينية في بغداد بعد استهدافها بتفجير انتحاري أمس (أ.ب)
عراقيون يتجمعون أمام حسينية في بغداد بعد استهدافها بتفجير انتحاري أمس (أ.ب)

سجّل الوضع الأمني في العراق خلال اليومين الماضيين تراجعا لافتا بعد سلسلة تفجيرات ضربت العاصمة العراقية بغداد ومدينة كربلاء (110 كلم جنوب بغداد) وخلفت عشرات الضحايا بين قتلى وجرحى.
وبعد ساعات من استهداف حسينية في منطقة الحارثية بجانب الكرخ غرب بغداد استهدف تفجير انتحاري حسينية الخيرات في منطقة سيد سلطان علي وسط بغداد بالقرب من مجمع أمانة بغداد، وكانت حصيلته مقتل وجرح 37 شخصا. وفي منطقة الطارمية شمال بغداد، استهدف تفجير آخر دورية للجيش العراقي ومتطوعي الحشد الشعبي أدى إلى مقتل وجرح 9 أشخاص. وفي البياع جنوبي بغداد قتل وجرح نحو 10 أشخاص بتفجير عبوة ناسفة قرب سوق شعبية.
وفي مدينة كربلاء جنوب بغداد، استهدفت 5 سيارات مفخخة مناطق مختلفة من المدينة. وطبقا لمصادر الشرطة المحلية، فإن 3 سيارات مفخخة انفجرت أول الأمر في مناطق حي الحسين وسيطرة السلام وأحد المطاعم الشعبية وباب السلام وسيطرة 54 شمال غربي المدينة. وتقدر المصادر الصحية حصيلة القتلى بنحو 17 قتيلا ونحو 50 جريحا.
من جهته، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حامد المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «استمرار التفجيرات وفي مناطق مختلفة من العراق وبنفس الآليات والأساليب يدل بشكل قاطع على أن الأجهزة الأمنية لم تعدل أو تغير من خططها على الإطلاق لأن العدو يستهدف الأماكن نفسها وبالطرق نفسها دون أن نرى تغييرا في الخطط أو محاسبة لمقصر». وأضاف أن «الاستمرار على هذه الوتيرة من العمل يجب أن يتوقف، وهي مسؤولية مشتركة بين الحكومة والبرلمان، لا سيما أن البرلمان في دورته الحالية يبدو أكثر قدرة على التحرك على صعيد الوقوف على مواطن الخلل والتحسب لها ومحاسبة المسؤولين المقصرين». وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت هذه العمليات انعكاسا لما بات يعانيه تنظيم داعش من تقهقر في بعض المناطق، لا سيما في كل من محافظتي صلاح الدين والأنبار وأنه يعمل على فك الضغوط عن قواته هناك وفتح جبهات جديدة، قال المطلك: «حتى لو افترضنا أن هذه الرؤية صحيحة، فإنها تعني بالمقابل أن تنظيم داعش يملك القدرة على المناورة سواء في تحريك قواته أو تغيير أساليبه في العمل، بينما لا يوجد لدينا مثل هذه الطرق والأساليب، مما يجعلنا في مراحل رد الفعل دائما».
وعلى صعيد المعارك، فإنه في الوقت الذي تشهد فيه جبهة الأنبار هدوءا منذ يومين، فقد أعلن قائد القوة الجوية العراقية أنور حمه أمين في تصريح أمس أن «العمليات مستمرة في تكريت، والقوة الجوية تسند بشكل مستمر هذه العمليات، ونأمل بأن نصل خلال الفترة المقبلة إلى بيجي ونحرر تكريت، وأيضا مناطق الشمال، وتحريرها من أيادي إرهابيي تنظيم داعش». وأضاف أمين أن «القوة الجوية تنفذ حاليا عمليات في المنطقة الغربية بالقرب من حديثة وقاعدة عين الأسد، للقضاء على الجماعات الإرهابية، وعملنا كقوة جوية مستمر، ولا خيار لدينا غير النصر وقتل إرهابي داعش»، مشيرا إلى أن «هذه الإرادة موجودة على المستوى الحكومي وعلى مستوى الشعب». وأعرب قائد القوة الجوية عن اعتقاده بأن «ما أقدم عليه تنظيم داعش من عمل إجرامي على كل المكونات جعل الشعب العراقي يتوحد ليقول كلمته».



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.