القاهرة تتمسك بمقترحها حول قواعد ملء «سد النهضة» وتشغيله

الحكومة أكدت سعيها للتوصل إلى اتفاق مع السودان وإثيوبيا

اجتماعات مصرية - سودانية - اثيوبية في الخرطوم الاسبوع الماضي (إ.ب.أ)
اجتماعات مصرية - سودانية - اثيوبية في الخرطوم الاسبوع الماضي (إ.ب.أ)
TT

القاهرة تتمسك بمقترحها حول قواعد ملء «سد النهضة» وتشغيله

اجتماعات مصرية - سودانية - اثيوبية في الخرطوم الاسبوع الماضي (إ.ب.أ)
اجتماعات مصرية - سودانية - اثيوبية في الخرطوم الاسبوع الماضي (إ.ب.أ)

شددت مصر، أمس، «على تمسكها بمقترحها الخاص بقواعد ملء وتشغيل (سد النهضة) الإثيوبي». وأكدت الحكومة المصرية، في الوقت ذاته، «استمرار حرص مصر وسعيها للتوصل إلى اتفاق مع كل من السودان وإثيوبيا، بخصوص تلك القواعد، بما يحقق مصلحة الدول الثلاث في التنمية، وبما لا يمثل خطراً جسيماً على البلاد».
وترعى وزارة الخزانة الأميركية، اجتماعات تضم الدول الثلاث؛ مصر، والسودان، وإثيوبيا، بمشاركة البنك الدولي، بعدما فشلت المفاوضات الثلاثية الدائرة منذ سنوات في التوصل إلى نتيجة. وتعد فترة ملء الخزان أكبر النقاط الخلافية بين إثيوبيا ومصر، وخلال المفاوضات السابقة كانت إثيوبيا تصر على أن تتم في ثلاث سنوات. في حين تريد مصر زيادتها إلى سبع سنوات.
وتخشى القاهرة أن يؤدي ملء خزان السد، الذي يجري بناؤه على رافد النيل الأزرق إلى تقييد إمدادات المياه الشحيحة بالفعل من نهر النيل، التي تعتمد عليها البلاد بالكامل تقريباً. بينما تقول إثيوبيا إن «السد الذي يولد الطاقة الكهرومائية سيكون الأكبر في أفريقيا، وسيلعب دوراً حاسماً في تنميتها الاقتصادية».
ونفى مجلس الوزراء المصري، أمس، ما أثير في بعض المواقع الإلكترونية، وصفحات التواصل الاجتماعي، من أنباء بشأن تنازل مصر عن مقترحها الخاص بقواعد ملء وتشغيل «سد النهضة»، ما دفع الحكومة للرد، وتأكيد أنه «جرى عقد ثلاثة اجتماعات لاستعراض وجهات نظر الدول الثلاث، للتغلب على نقاط الخلاف بخصوص قواعد ملء وتشغيل السد، وذلك بمشاركة ممثلين عن الولايات المتحدة الأميركية والبنك الدولي، حيث جاءت تلك الاجتماعات في ضوء مخرجات اجتماع واشنطن، الذي عقد مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ومن المقرر عقد الاجتماع الرابع يومي 9 و10 يناير (كانون الثاني) المقبل، لاستكمال النقاشات والمفاوضات».
وسبق أن اتفق وزراء الخارجية في اجتماع واشنطن على اللجوء إلى البند العاشر من «اتفاق إعلان المبادئ» الموقع في الخرطوم عام 2015، الذي نص على إحالة الأمر للوساطة أو رؤساء الدول، حال الفشل في التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا الخلافية بحلول منتصف يناير المقبل. وقبل أيام، أبدت مصر تحفظها بشأن حديث إثيوبي - سوداني يشير إلى إحراز تقدم في مفاوضات السد، التي اختتمت جولتها الثالثة في الخرطوم أخيراً ضمن «اتفاق واشنطن».
يأتي هذا في وقت، نفى مجلس الوزراء، أمس، ما تردد حول تفشي أمراض وبائية بمدن شمال سيناء، أسفرت عن وفاة بعض المواطنين. وقال «المركز الإعلامي لمجلس الوزراء»، إنه تواصل مع وزارة الصحة والسكان، التي أكدت أن «الوضع الصحي بشمال سيناء آمن تماماً، ولم يتم رصد أي حالات إصابة، أو وفاة نتيجة أمراض وبائية».
كما نفى مجلس الوزراء أيضاً اعتزام الحكومة بيع منطقة القلعة الأثرية في القاهرة لصالح «صندوق مصر السيادي». وقالت وزارة السياحة والآثار، إن «تعاقدها مع (صندوق مصر السيادي)، لتنفيذ مشروع تطوير وإعادة إحياء (منطقة باب العزب) بمنطقة القلعة، لرفع كفاءة المنطقة، والنهوض بالخدمات السياحية بها، لتصبح منطقة تاريخية وثقافية وسياحية لجذب الزوار والسائحين لها، وذلك في إطار حرص الدولة على تطوير المناطق التاريخية والأثرية دون المساس بها، فهي الإرث الحضاري للشعب المصري». كما نفى مجلس الوزراء ما تردد عن التهجير القسري لأهالي عزبة الهجانة، شرق القاهرة، من منازلهم، في إطار خطة تطوير المنطقة.
وتشكو الحكومة المصرية من انتشار ما تقول عنه إنه «إشاعات تستهدف نشر البلبلة بين المواطنين». وتناشد من وقت لآخر «المصريين بتحري الدقة والموضوعية ‏في نشر الأخبار والتواصل مع الجهات المعنية للتأكد قبل نشر ‏معلومات لا تستند إلى أي حقائق». وسبق أن أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن «بلاده تواجه أنواعاً مختلفة من التحديات منها ما وصفه بـ(حرب نفسية، وأكاذيب) تستهدف (إثارة الشك والحيرة وبث الخوف)».
وقال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، أمس، إن «حكومته حريصة على التواصل مع وسائل الإعلام، وصناع الرأي، وإجراء حوارات معهم بكل شفافية، وإتاحة الفرصة أمامهم للتعبير عن آرائهم في إطار ترسيخ الدولة لمبدأ حرية الرأي والتعبير»، مشيراً إلى أن «الحكومة كانت حريصة، طوال الفترة الماضية، على الاستجابة السريعة لكل ما يثار بوسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، من آراء، وكذا ما يتعلق بشكاوى المصريين، إلى جانب تفنيد ما يثار من إشاعات من خلال الرد الفوري عليها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».