«داعش» يضرب من جديد في النيجر

مقتل 14 عنصر أمن في هجوم إرهابي

جنود فرنسيون يقومون بتحميل طائرة درون «ريبر» بصاروخين قبل أن تنطلق من العاصمة نيامي في أول هجوم مسلح للطائرات بدون طيار ضد المتطرفين بالساحل الأفريقي (أ.ب)
جنود فرنسيون يقومون بتحميل طائرة درون «ريبر» بصاروخين قبل أن تنطلق من العاصمة نيامي في أول هجوم مسلح للطائرات بدون طيار ضد المتطرفين بالساحل الأفريقي (أ.ب)
TT

«داعش» يضرب من جديد في النيجر

جنود فرنسيون يقومون بتحميل طائرة درون «ريبر» بصاروخين قبل أن تنطلق من العاصمة نيامي في أول هجوم مسلح للطائرات بدون طيار ضد المتطرفين بالساحل الأفريقي (أ.ب)
جنود فرنسيون يقومون بتحميل طائرة درون «ريبر» بصاروخين قبل أن تنطلق من العاصمة نيامي في أول هجوم مسلح للطائرات بدون طيار ضد المتطرفين بالساحل الأفريقي (أ.ب)

تلقت قوات الأمن في النيجر ضربة جديدة من المجموعات الإرهابية النشطة في المنطقة، حين نصب مسلحون مجهولون مساء أول من أمس (الخميس)، كميناً قتل فيه 14 عنصراً من الحرس والدرك النيجريين، كانوا يرافقون بعثة تحضر للانتخابات الرئاسية التي ستشهدها البلاد العام المقبل. ويأتي هذا الهجوم الإرهابي بعد أسبوعين من مقتل 71 جندياً على يد مقاتلين من تنظيم «الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى»، الذي بايع تنظيم «داعش» الإرهابي، ويشن هجمات دامية في المثلث الحدودي بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو. وترجح مصادر أمنية في النيجر أن يكون مقاتلو «داعش» هم من نصب الكمين للبعثة الانتخابية والوحدة الأمنية المرافقة لها، فيما قالت وزارة الداخلية النيجرية في بيان رسمي إن «القافلة وقعت في كمين في منطقة تيلابيري؛ حيث أسفر الهجوم عن مقتل 7 من أفراد الحرس الوطني والعدد نفسه من عناصر قوات الدرك».
وأضافت الحكومة أن أحد عناصر فرقة الحرس الوطني التي تعرضت للكمين، لا يزال في عداد المفقودين، مشيرة إلى أن عمليات تمشيط واسعة بدأت في المنطقة لملاحقة منفذي الهجوم.
وقالت الوزارة في بيانها إن منفذي الهجوم كانوا مدججين بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، ودخلوا في مواجهات مباشرة مع عناصر الحرس والدرك الذين تم إرسالهم لحماية مجموعات تعمل مع الناخبين في مديرية (أبالا)، جنوب غربي النيجر، وهي نفس المنطقة التي شهدت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2017 مقتل ثلاثة جنود من القوات الخاصة الأميركية في كمين نصبه مقاتلون من تنظيم «داعش» الإرهابي.
وفي العاشر من هذا شهر ديسمبر (كانون الأول) الجاري، شن مقاتلون من «داعش» هجوماً عنيفاً على ثكنة تابعة لجيش النيجر، بالقرب من الحدود مع دولة مالي، وأسفر الهجوم عن مقتل 71 جندياً، وهي أكبر خسارة في الأرواح يتعرض لها جيش النيجر منذ استقلال البلاد قبل 59 عاماً.
وتصاعدت وتيرة الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي خلال الأشهر الأخيرة، وتركزت بشكل لافت في المثلث الحدودي بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو؛ حيث لا يكاد يمر يوم من دون هجوم إرهابي يستهدف ثكنات الجيش أو المباني الحكومية أو المدارس أو المساجد.
وقال مسؤولون في بوركينا فاسو إن بلدهم شهد خلال الأيام الماضية عدة هجمات إرهابية، ومواجهات مباشرة بين الجيش والمسلحين، ووصف المسؤولون ما جرى بأنه «اقتتال شرس» أسفر في مجمله عن مقتل أكثر من مائة شخص. فيما نقلت وسائل إعلام محلية في بوركينا فاسو أن الجيش تكبد خسائر كبيرة في هذه المواجهات، وخسر وحدة كاملة في هجوم شنه إرهابيون، أسفر عن مقتل 11 جندياً يوم الأربعاء الماضي، وقبل ذلك بيوم واحد، قُتل ما مجموعه 35 مدنياً وسبعة جنود بعد هجوم وتبادل لإطلاق النار في شمال البلاد، بينما قال الجيش إنه نجح في «القضاء» على 80 إرهابياً.
ولكن جيوش دول الساحل الأفريقي، وخاصة مالي والنيجر وبوركينا فاسو، عاجزة عن مواجهة الجماعات الإرهابية، بسبب نقص التدريب والتكوين والتسليح، وذلك ما دفع دول الساحل الخمس (تشاد وموريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو) إلى تشكيل قوة عسكرية مشتركة قبل سنوات، لمواجهة خطر الإرهاب، ولكن هذه القوة ما تزال تعاني من مشكلات مالية ولوجستية كبيرة.
في غضون ذلك تنشر فرنسا 4500 جندي في منطقة الساحل لمحاربة الإرهاب، وذلك منذ 2013، نجحت حتى الآن في القضاء على مئات المقاتلين الإرهابيين، من ضمنهم زعماء بارزون في تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب»، ولكن الوجود العسكري الفرنسي بدأ يثير غضب الشارع في دول الساحل التي ترى فيها عودة للاستعمار.
ومن المنتظر أن يعقد قادة دول الساحل الخمس، منتصف شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، قمة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في جنوب فرنسا، لمناقشة قضية الوجود العسكري الفرنسي، ومستقبل الحرب على الإرهاب في الساحل.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».