خيم «إبداعية» في ساحة التحرير لإدامة زخم الحراك في بغداد

TT

خيم «إبداعية» في ساحة التحرير لإدامة زخم الحراك في بغداد

لم تكن المظاهرات والاعتصامات، وما يرافقها من حماس وهتافات وأهازيج شعبية، هي النشاطات الوحيدة التي رافقت حركة الاحتجاج العراقي التي انطلقت مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وما زالت متواصلة، بل امتدت تلك النشاطات لتشمل فعاليات إنسانية وثقافية لها صلة وثيقة بإدامة زخم الحراك، والتعبير عن طموحاته وآماله بأساليب وطرق مبتكرة.
الفنون الجميلة، وما يرتبط بها من رسوم وموسيقى ومسرح وسينما، من بين أبرز تلك الأساليب التي اعتمدها «شباب تشرين» في تطوير الفعل الاحتجاجي وتعزيزه وترسيخ مبادئه.
ورغم أن تلك الأساليب شملت غالبية الساحات في المحافظات المنتفضة، فإن حضورها في بغداد، عاصمة الثقافة والفن والمسرح، كان أكثر وضوحاً من بقية المحافظات.
عند مدخل شارع السعدون المرتبط بساحة التحرير نصبت 3 خيام: واحدة للمسرح وثانية للسينما وثالثة للموسيقى، قدمت فيها خلال الأسابيع الماضية مئات الأعمال المسرحية والموسيقية والسينمائية لفنانين محترفين وهواة وشباب من اتجاهات فكرية واجتماعية مختلفة، على أن تلك الفعاليات، وخاصة المسرحية والموسيقية منها، لم تقتصر إقامتها على الخيام فحسب، بل أقيمت في أماكن متنوعة في ساحة التحرير.
عن خيمة السينما، يقول المخرج الشاب مهند حيال إن «هدفها إدامة زخم المظاهرات وسلميتها، بجانب تكريس خطاب تنظيري على مستوى الإنتاج والعمل والكتابة السينمائية ما بعد لحظة تشرين المختلفة غير المهادنة».
ويضيف حيال لـ«الشرق الأوسط» أن «الخيمة تتيح لجمهور واسع لقاء ومشاهدة كبار الفنانين عن قرب، وهي فوق ذلك منصة بديلة لعرض عشرات الأفلام القصيرة التي لم يسبق أن عرضت أمام الجمهور».
وبشأن عدد الأفلام التي عرضت ونوعيتها، يقول حيال: «عرضنا 110 أفلام محلية قصيرة لشباب وصناع سينما محترفين وهواة، عروضنا ليلية يومية مستمرة، وسنباشر مطلع الأسبوع المقبل عرض أفلام طويلة، كما أن هناك فعاليات أخرى تقام في خيمة السينما، تتضمن حفلات غنائية وندوات سياسية وقانونية».
ويؤكد حيال أن «تجهيزات العروض السينمائية وبقية المعدات جلبت بالتعاون مع خيمتي المسرح والموسيقى. وجهاز العرض تمت عملية شرائه بأموال المشرفين على خيمة السينما الخاصة».
وكان فيلم حيال «شارع حيفا» قد فاز نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بجائزة أفضل أداء تمثيلي، وبجائزة سعد الدين وهبة، كأفضل فيلم في مسابقة آفاق السينما العربية.
ويتفق باسم الطيب، وهو أحد الفنانين المؤسسين المشرفين على خيمة المسرح، مع مجمل الأهداف التي تقف وراء إقامة الفعاليات الفنية، ودورها في تعزيز طموحات الحراك الاحتجاجي وإدامته.
ويقول الطيب لـ«الشرق الأوسط»: «باشرنا منذ نحو شهر في تأسيس خيمة للمسرح بجهود ومشاركة مجموعة من الفنانين المسرحيين. لدينا أكثر من 3 عروض يومياً. الخيمة مفتوحة لجميع الفنانين والهواة من الشباب، وغالباً ما نعرض مشاهد أو عروض تمتد لنحو ربع الساعة».
ويضيف: «غالبية العروض لشباب هواة من مختلف المحافظات والمدن العراقية، ولا يشترط أن يكونوا متخصصين في المسرح. نريد أن نمنحهم فرصة للتعبير عن أنفسهم. لكن ذلك لم يمنع مشاركة فنانين محترفين، حيث قدّم الفنان مناضل داود، رفقة فنانين آخرين، مسرحية (تقاسيم على الحياة) التي أخرجها الفنان جواد الأسدي، وسبق أن عرضت قبل أشهر في منتدى المسرح».
وعن مساحة العرض المسرحي والجمهور، يقول الطيب: «المؤكد أن الخيمة صغيرة بالنسبة للعرض المسرحي، لكنها تفي بالغرض مع وجود خشبة، تجمع الجمهور أمام الخيمة مفيد بالنسبة لنا لأنه يؤشر إلى نوع من الفعل الاحتجاجي. ومع ذلك، عروضنا لا تقتصر على الخيمة، إذ قدمنا عروضاً في أماكن مختلفة في ساحة التحرير. جمهورنا متكرر وذواق، ونعرض أعمالاً لشباب من غالبية المحافظات، وغالباً ما تتم عروضنا بين الساعة الرابعة عصراً والسادسة مساءً».
الأمر ذاته ينطبق تقريباً على الخيمة الثالثة المتخصصة بالموسيقي، حيث تقيم يومياً مختلف الفعاليات الموسيقية التي يشارك فيها طيف واسع من الفنانين المحترفين والهواة، وغالباً ما تتوزع تلك الفعاليات بين أغانٍ محلية وأناشيد وطنية، إلى جانب معزوفات موسيقية تراثية وصوفية وعالمية.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.