تراجع زخم الحراك الشعبي لا يعني انتهاءه واجتماعات لتنسيق الخطوات المقبلة

التحركات الطائفية والأعياد والطقس الماطر ساهمت في الهدوء المؤقت

TT

تراجع زخم الحراك الشعبي لا يعني انتهاءه واجتماعات لتنسيق الخطوات المقبلة

تراجع زخم الحراك الشعبي الذي انطلق في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى أدنى مستوياته في الأسبوعين الماضيين وخاصة بعد تكليف الدكتور حسان دياب تشكيل الحكومة، ما أوحى أن القيمين على الحراك راضون عما آل إليه مسار التشكيل، وهو ما ينفيه هؤلاء تماما متحدثين عن مجموعة عناصر أدت إلى تراجع وتيرة التحركات في الشارع.
ورد العميد المتقاعد جورج نادر ممثل العسكريين المتقاعدين في «هيئة تنسيق الثورة» خروج «الثوار» من الطرقات والساحات وبخاصة في الأسبوع الماضي لوجوب التمييز بينهم وبين الجماهير الحزبية التي نزلت إلى الشوارع للاعتراض من منطلق مذهبي وطائفي على تكليف حسان دياب لتشكيل الحكومة لا سعد الحريري، مشددا على أن أول مطالب الحراك كانت نبذ الخطاب المذهبي والطائفي، من هنا وجبت التفرقة بين الجمهور الحزبي وجماهير الحراك. وأضاف نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كما أن عطلة الأعياد والطقس العاصف شكلا عنصرين أساسيين أديا إلى تراجع الزخم الذي نؤكد أنه لا يزال موجودا وسيعود ليتصاعد في الأيام المقبلة، خاصة أننا كمجموعات ثورية نعقد اجتماعات وندرس خياراتنا والخطوات التي سوف نتخذها خاصة أن الوضع على صعيد تشكيل الحكومة لا يبدو مطمئنا».
ورأى نادر أن التدخلات الواضحة من أحزاب السلطة سواء في عملية تكليف حسان دياب أو في مسار تشكيل الحكومة تطرح أكثر من علامة استفهام حول قدرته على تشكيل حكومة وعد أن تكون حصرا من المستقلين، لافتا إلى أن الأسماء التي يتم التداول بها هي لمستشارين لبعض رؤساء الأحزاب والمسؤولين، وهو ما لا يمكن أن نقبل به. وقال: «الأسباب التي دفعت مئات آلاف اللبنانيين للنزول إلى الشوارع لا تزال هي هي، سواء الجوع أو القهر أو استبداد أحزاب السلطة، وبالتالي هؤلاء سيعودون إلى الساحات عندما يحين الوقت».
ويعتبر رئيس مركز «الدولية للمعلومات» جواد عدرا أنه «يخطئ من يظن أن الحراك انتهى»، مذكرا باستطلاع قام به مركزه في شهر أكتوبر الماضي أظهر أن 30 في المائة من الذين لم يشاركوا في التظاهر لا يثقون بأي حكومة وأن نحو 50 في المائة ينتظرون شكل الحكومة وأن قرابة 70 في المائة مع الاستمرار في التظاهر. ويشدد عدرا على أهمية ألا تُعطى المنظومة فرصة تجديد الذات إذا غاب الوعي.
ولا ينكر الناشط السياسي والاجتماعي في الحراك مارك ضو أن التعبئة العامة والشاملة التي شهدناها مع اندلاع الانتفاضة الشعبية قبل أكثر من شهرين تراجعت خاصة بسبب دقة الوضع الاقتصادي، معتبرا أنه بغض النظر عن الزخم سواء أكان تصاعديا أم لا، فإن مسار «الثورة» مستمر ولعل الارتباك الهائل الذي تعاني منه القوى السياسية أكبر دليل على ذلك، ما سيؤدي حتما لتجدد هذا الزخم عند كل استحقاق وفي كل مرحلة. ويضيف ضو في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لسنا متخوفين على مصير الحراك الذي سيشهد برامج أكثر تطورا من ناحية المطالب كما أن التعامل مع البيان الوزاري المرتقب سيدفع بلا شك إلى مأسسة المطالب السياسية»، متحدثا عن تنسيق عالي المستوى بين مجموعات الحراك وعن التوصل إلى تفاهمات عميقة حول عدد من القضايا والمسائل.
وكما العميد نادر، لا يتأمل ضو خيرا بمسار تشكيل الحكومة ولا يتوقع أن ينجح حسان دياب بإنجاز مهمته، معتبرا أن الطريقة التي أدت إلى تكليفه وبالتحديد التسوية السياسية التي قام بها مع بعض القوى تجعلنا لا نستبشر خيرا بتشكيله حكومة حيادية كما وعد، ويضيف: «نحن رفضنا الحوار مع الرئيس المكلف لأننا نعتقد أن حكومته لن تكون إلا شاهد زور على الإفلاس وعلى انهيارات كبيرة مرتقبة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».