ليبيا: قطار السياسة لم يصل بعد... والحرب تمضي بلا حسم

ليبيون يعاينون آثار دمار خلفته غارة جوية على طرابلس في 14 أكتوبر أسفرت عن مقتل 3 أطفال (أ.ف.ب)
ليبيون يعاينون آثار دمار خلفته غارة جوية على طرابلس في 14 أكتوبر أسفرت عن مقتل 3 أطفال (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: قطار السياسة لم يصل بعد... والحرب تمضي بلا حسم

ليبيون يعاينون آثار دمار خلفته غارة جوية على طرابلس في 14 أكتوبر أسفرت عن مقتل 3 أطفال (أ.ف.ب)
ليبيون يعاينون آثار دمار خلفته غارة جوية على طرابلس في 14 أكتوبر أسفرت عن مقتل 3 أطفال (أ.ف.ب)

طوت الحرب على العاصمة الليبية طرابلس قرابة تسعة أشهر من عام 2019 الذي شهد معارك دامية بين «الجيش الوطني» وقوات «الوفاق»، التي تساندها ميليشيات مسلحة، دون حسم المعركة، أو إحداث تغييرات جذرية على الأرض، باستثناء ما رأى مراقبون أنه «بعض خطوات إلى الأمام» لصالح الطرف الأول. وتواكبت هذه الأحداث مع دخول واشنطن على خط المواجهة مع موسكو، في تحرك اعتبرت أطراف سياسية وبرلمانية في حديثها إلى «الشرق الأوسط» أنه «قد يقلب موازين القوى»، في وقت لا تزال فيه القوى الدولية تتصارع فيما بينها على مساحات النفوذ، ما يشير إلى أن قطار السياسة لن يصل الآن لمحطة استقرار أو تسوية في ليبيا.
ومنذ أن أمر القائد العام للجيش الوطني، المشير خليفة حفتر، بشن عملية عسكرية على طرابلس، في الرابع من أبريل (نيسان) 2019 لـ«تحريرها» من «الجماعات الإرهابية والمسلحة»، سُفكت دماء كثيرة بفعل آلة الحرب بين الجانبين، في محاولة للوصول إمّا إلى قلب العاصمة، وإما «منعها من السقوط».
وأمام هذه المحاولات، يكثف كل طرف من ضرباته. لكن العميد خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني»، رجح لـ«الشرق الأوسط» «قرب زوال»، ما أطلق عليه «دولة الميليشيات، القابضة على رقبة العاصمة منذ ثماني سنوات وأكثر»، وتوعد بـ«دحرها أينما وجدت»، وقال إن «الأمور تحت السيطرة، وأيام الميليشيات باتت معدودة».
وبموازاة تصاعد وتيرة الحرب، وتراكم أعداد القتلى والجرحى، وارتفاع معدلات النزوح، سعت البعثة الأممية، بقيادة الدكتور غسان سلامة، مبكراً لفرملة عجلة الاقتتال، لكنها كانت قد مضت سريعاً، في ظل تلكؤ القوى الكبرى في مجلس الأمن الدولي في حسم أمرها، فضلاً عن تمكن كل فريق من حشد قواته وعتاده على خطوط المواجهة المستعرة.
ورأت قوى سياسية، داعمة للعملية العسكرية، أن «الفرصة كانت مواتية أمام المجلس الرئاسي وحكومته، منذ أن هيمن على العاصمة، لإحداث إصلاحات حقيقية، ومحاربة الفساد. لكنه سقط رهينة في قبضة الميليشيات المسلحة، التي تغوّلت في أوصال المؤسسات الحكومية، والمصرفية وأمعنت فيها فساداً». لكن قوى سياسية موالية لحكومة «الوفاق» ترى أن العاصمة «تم الاعتداء عليها من (قوات شرق البلاد)، ما يستوجب الذود عنها بكل الإمكانيات».
في الأثناء، كانت نيران الحرب قد استعرت وتشعبت، ووفق تقرير أصدرته «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان» في ليبيا، فإن حصيلة ضحايا الاشتباكات الدائرة بمحيط العاصمة طرابلس، سجلت منذ انطلاقها، وقرب نهاية 2019 نحو 2759 قتيلا، من بينهم (142 مدنياً، و23 عنصراً طبياً، و38 سيدة، و48 طفلاً)، فضلاً عن إصابة 8169 شخصاً بجروح تتراوح بين البسيطة والمتوسطة، ونوهت اللجنة الحقوقية بأن الإحصاءات مستندة إلى المعلومات الواردة من مستشفيات عدة منها: (غريان العام، والمستشفى الميداني قصر بن غشير، والسبيعة، ومصراتة العام، والزهراء، وترهونة العام، وشارع الزاوية، والمشفى الميداني طريق المطار، وأبو سليم، والخضراء، والمشفى الميداني تاجوراء).
شروط حفتر
وحول تطور الأوضاع الميدانية في طرابلس، قال العميد المحجوب لـ«الشرق الأوسط» إن «القائد العام المشير خليفة حفتر يتابع بنفسه العمليات العسكرية، والأمور تحت السيطرة، والجيش بات على مقربة من تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة الغربية»، ورأى أن القوات المسلحة «بدأت تبسط سيطرتها في أكثر من اتجاه، حيث توجهت للجنوب، وحاصرت بعض البؤر هناك، وتم ضرب أولها، وهي مجموعة ما يعرف بحسن موسى، التي سبق أن هاجمت حقل الفيل النفطي، وهي تمتهن تهريب المرتزقة، لكن تم القضاء على أميرها ومجموعة منهم، وتدمير عدد كبير من آلياتهم».
واعتبر المحجوب أن «الجيش الوطني» عبر هذه العمليات يكون قد «قطع الطريق على تهريب المرتزقة إلى المنطقة الغربية، وخصوصاً طرابلس».
ورسم المحجوب صورة للعمليات الحربية الدائرة في طرابلس، بقوله إن «الميليشيات تقهقرت، بعدما أحكمت قوات الجيش قبضتها، وباتت على تخوم الهضبة، وهو آخر خط يفصل الهضبة عن منطقة صلاح الدين، كما تم السيطرة على منطقة الهيرة، الشريان الرئيسي لمنطقة غريان، التي لم تعد لها أي قيمة ميدانية تعبوية، وهي المدينة التي دخلتها الميليشيات، واعتقدت أنها حققت إنجازاً، فإذا بها تورطت في خط أصبح مفصولاً عن بقية المجموعات الميليشياوية».
وكان حفتر قد رهن وقف إطلاق النار في طرابلس بتوفير شروط الحوار، إذ أعلن في سبتمبر (أيلول) الماضي، للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، تأكيده على دعم العملية السياسية في ليبيا، ونقل عنه الناطق باسم القيادة العامة اللواء أحمد المسماري أنه «لا بد في نهاية المطاف من حوار وطني شامل، ولا بد من عملية سياسية». لكنه رأى أن «الحوار الضامن لوحدة ليبيا وسيادتها لا مجال أمامه، طالما بقيت المجموعات الإرهابية والإجرامية المسلحة تسيطر على مقاليد ومناحي الحياة في العاصمة طرابلس».
إعلان حفتر، الذي استبق به الاجتماع الوزاري حول ليبيا، الذي عقد على هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في السادس والعشرين من نفس الشهر، لم يلتفت فيه إلى مبادرة سابقة أطلقها غريمه فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، تحدث فيها عن عقد ملتقى لمناقشة خريطة طريق للمرحلة القادمة، وإقرار قاعدة دستورية مناسبة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة، قبل نهاية 2019.
بدوره، رأى عضو مجلس النواب محمد بشير الفيرس «أنه لم تعد هناك فرصة للعودة ثانية إلى طاولة التفاوض لأسباب، من بينها تخبط السراج»، وذهب إلى أن «(الجيش الوطني) حقق مكاسب كبيرة على الأرض لا يستهان بها... فقد بدأ يقترب تدريجياً من قلب العاصمة، حتى أصبح هدف الميليشيات الآن، ليس صد العدوان كما تزعم، بل المحافظة على مواقعها».
وعدّد الفيرس، الذي شغل منصب رئيس دائرة قضائية بمحكمة استئناف طرابلس، في حديثه إلى «الشرق الأوسط» جانبا مما تحقق للجيش بقوله: «لقد تم استنزاف ما يقارب 70 في المائة من قوات الميليشيات، وفقدانها لأغلب قادتها الميدانيين»، فضلاً عن «التحام المناطق الغربية، مثل صبراتة والعجيلات وصرمان بالقوات المسلحة، وأعقب ذلك افتتاح فروع لديوان الحكومة المؤقتة هناك».
وقال الفيرس إن المجلس الرئاسي «تشتت وأصبح يفتقد القدرة على إدارة المعركة... وهذا واضح من تصريحاته وتخبطه السياسي»، فضلاً عن أن «القوات الجوية باتت تسيطر بشكل كامل على أجواء العاصمة، وهذا ما أربكهم. كما أن الزخم الشعبي الذي تحظى به القوات المسلحة يتزايد يوماً بعد يوم».
من جانبه، قال النائب البرلماني الصالحين عبد النبي، معلقا على الموقف التركي من دعم «الوفاق»: «إننا في انتظار تحرير قريب للعاصمة، عندما يبسط جيشنا السيطرة على طرابلس، وتعود لحضن الوطن خالية من الميليشيات والإرهاب».
في مقابل ذلك، فإن التصريحات والبيانات اليومية لعملية «بركان الغضب»، التابعة لقوات «الوفاق»، تشير في مجملها إلى انتصارات على «العدو»، وتتحدث دائماً عن تكبيده «خسائر فادحة في القوات والعتاد». كما تتهم «الوفاق» السلاح الجوي التابع للقيادة العامة باستهداف المدنيين والمناطق السكانية المكتظة، وسيارات الإسعاف، وهي الاتهامات التي ينفيها المسماري في مؤتمراته الصحافية.
صراعات القوى الكبرى
جزء من أصداء المعركة المُستعرة بالضواحي الجنوبية لطرابلس، انعكس بشكل لافت على توجهات القوى العظمى في مجلس الأمن الدولي، إذ جاءت جميع جلساته حول ليبيا محكومة بأجندات خاصة، ومصالح ذاتية، وبالتالي لم تتمكن من فرملة آلة الحرب، وبدا ذلك مبكراً في معارضة الولايات المتحدة وروسيا مشروع قرار بريطاني، يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في طرابلس. غير أن الموقف الأميركي تغير حالياً على الأرض، وذلك في تناقض واضح لم يفسره إلاّ انزعاج واشنطن من الوجود الروسي في ليبيا، فاضطرت للإعلان عن موقف مغاير لتقطع الطريق أمام التوسع المستقبلي للنفوذ الروسي في البلد الغني بالنفط.
وعكس التلاسن المبدئي بين مسؤولين من واشنطن وموسكو حول ليبيا، جانبا من الصراع على ما هو قادم، إذ اتهمت وزارة الخارجية الأميركية روسيا بـ«استغلال النزاع في ليبيا لتحقيق مكاسب خاصة، وذلك من خلال نشر شركات عسكرية خاصة هناك»، في إشارة على ما يبدو إلى «الفاغنر» الروسية. لكن المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف نفى ذلك بقوة، وقال بهذا الخصوص: «هذه أخبار زائفة لا أساس لها من الصحة»، وزاد من توجيه انتقادات مبطنة إلى أميركا دون تسميتها بقوله: «لا يحق للكثير من الدول من الناحية الأخلاقية الحديث عن زعزعة استقرار الوضع في ليبيا، بعد أن دمروها بأفعالهم التي تنتهك القانون الدولي».
وأعلنت قوات حكومة «الوفاق» أنها قتلت عدداً من «المرتزقة»، وأسرت آخرين من شركة روسية تعمل لصالح قوات حفتر، يعتقد أنهم يتبعون ليفغيني بريغوزين، حليف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكانوا يجهزون لعملية عسكرية ضد العاصمة طرابلس. لكن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف نفى ذلك، وقال إن بلاده «تعمل بما يخدم مصالح عملية السلام في ليبيا».
غير أن واشنطن مضت في تحذيرها على لسان ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، من أن روسيا تستغل الصراع على حساب الشعب الليبي، من خلال نشرها عسكريين نظاميين بأعداد لافتة هناك.
تحذير شينكر جاء بعد أيام من اجتماع وفد أميركي رفيع المستوى بحفتر في مقر إقامته بمدينة الرجمة، شرق البلاد، تناول سبل «وقف الأعمال القتالية، وإيجاد حل سياسي للصراع الليبي».
سماء ليبيا وبحرها
ومع «اقتراب الحرب على طرابلس من نهايتها»، بحسب تقدير العميد المحجوب، باتت سماء ليبيا ساحة مفتوحة للطائرات الأجنبية، وسط تخوفات من انتقال صراعات مجلس الأمن إلى سماء البلاد لمنع توسيع النفوذ، وذلك عقب الإعلان عن اختفاء طائرتين «من دون طيار» فوق ليبيا؛ وفي هذا السياق قالت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، إن الطائرة غير المسلحة «فقدت فوق طرابلس»، مبرزة أن «هناك تحقيقاً جارياً بشأن هذه الحادثة»، التي لم يتم تقديم مزيد من التفاصيل حولها.
وسبق سقوط الطائرة الأميركية، طائرة إيطالية مسيرة من طراز MQ - 9 بريداتور قرب العاصمة الليبية طرابلس، وسارعت هيئة الأركان الإيطالية إلى نفي أن تكون الطائرة المسيرة التي أسقطت فوق منطقة سوق الأحد بترهونة «هجومية»، مشددة على أنها كانت «تقوم بمهمة لدعم عملية البحر الآمن لإنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط».
وبموازاة الحادثين، أعلنت القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» فرض حظر جوي فوق منطقة العمليات العسكرية بطرابلس وحولها، وأرجعت ذلك إلى «تطور العمليات العسكرية، وتقدم قواتنا نحو العاصمة».
وحذر المسماري الناطق باسم الجيش الوطني مصلحة الطيران المدني الليبية، وكافة شركات خطوط النقل الجوي، وكل مستخدمي المجال الجوي الليبي من خرق الحظر، ودخول المنطقة المحددة دون تنسيق مسبق مع القيادة العامة، والحصول على إذن من القائد العام، حتى لا يتعرضوا لأي خطر أو أي أضرار»، وهي منطقة المايا ومصنع القماس، والكلية العسكرية بنات، ومزرعة النعام وغرب منطقة القربولي، ومنحى الطريق ومفترق الطرق.
دخول تركيا على خط الأزمة
أمام تضييق الجيش الخناق على قوات «الوفاق» والميليشيات المسلحة، اتجه السراج لتعزيز صلته بأنقرة، حيث وقع اتفاقات بحرية وأمنية مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وهو ما منح تركيا، ولو شكلياً، نفوذاً في البحر المتوسط، فيما رآه البعض مقايضة عسكرية من جانب الأخيرة لحكومة «الوفاق»، مقابل الإذعان والتوقيع على الاتفاقية البحرية، التي كانت تحضر لها منذ سنوات.
وقال حاتم العريبي، الناطق باسم الحكومة المؤقتة في مدينة البيضاء، إن هناك «تلاعباً بالمصطلحات في الاتفاقية التي أبرمت بين تركيا وحكومة السراج، بين أن تكون اتفاقية أو مذكرة تفاهم، وذهب في تصريحات صحافية إلى أن «الاتفاقية غير قانونية، وتمس السيادة الليبية».
وعلى أثر ذلك توجه «مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة»، الذي يترأسه سفير ليبيا السابق في دولة الإمارات، عارف النايض، برسالة عاجلة إلى المبعوث الأممي، وطالب البعثة بـ«التدخل ووقف هذا العمل لكون المجلس الرئاسي غير منتخب، ولم يختره جسم منتخب، وبالتالي فإنه لا يمثل إرادة الشعب الليبي»، وذكر بـ«فشله في نيل ثقة مجلس النواب مرتين».
كما اتهم عضو مجلس النواب علي التكبالي المجلس الرئاسي بأنه «أصبح ألعوبة في يد تركيا»، وقال في تصريح صحافي إن «الغرض من وراء توقيع تركيا اتفاقية مع السراج، هو إثبات أنها موجودة ومهمة، ولن تسمح لأي دولة بالاستحواذ على الثروات في ليبيا دون حسابها».
ما بعد «محطة» برلين
وفي وقت يجمع العام أوراقه استعداداً للرحيل، كانت القوى الدولية لا تزال تجمّع هي الأخرى صفوفها بعد قرابة 9 أشهر من الحرب الطاحنة، للالتقاء ثانية على طاولة مباحثات، في محاولة جديدة لإيجاد صيغة توافق على الأقل في مجلس الأمن. في حين هناك سياسيون ونواب، ومنهم محمد الفيرس، يرون صعوبة التئام مؤتمر برلين، باعتبار أن «الدول الداعمة لـ(الجيش الوطني) تدرك قرب سيطرته على العاصمة، وبالتالي ستختلق الأعذار لإفشاله، من جهة، وستقر مع ذلك إبعاد إيطاليا وتركيا وقطر من المشهد الليبي من جهة ثانية».
وينظر سياسيون ليبيون إلى قرار عدم تمثيل بلادهم في مؤتمر برلين بأنه «نوع من الوصاية الدولية المرفوضة»، علما بأن سلامة صرح بأن المؤتمر يستهدف «ترميم موقف الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن من الأزمة»، مبرزا أن المدنيين في ليبيا «ضحايا عقم مجلس الأمن، وتضارب المصالح بين الدول الدائمة العضوية فيه».
ووعد سلامة بأنه «بناء على ما يتم التوصل إليه في مؤتمر برلين، فإنه سيتم العمل على عقد مصالحة بين الليبيين أنفسهم، وقد يشمل ذلك عقد مؤتمر ليبي... لكن الأهم حالياً هو توحيد الموقف الدولي».


مقالات ذات صلة

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

حصاد الأسبوع Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في

فتحية الدخاخني ( القاهرة)
رياضة سعودية السعودية تستمر في تشكيل خريطة مختلف الرياضات العالمية بتنظيم واستضافات غير مسبوقة (الشرق الأوسط)

السعودية ستُشكل خريطة الرياضة العالمية في 2025

شارف عام حافل بالأحداث الرياضية بما في ذلك الألعاب الأولمبية التي حظيت بإشادة واسعة وأربع بطولات قارية لكرة القدم على الانتهاء ومن المتوقع أن يكون عام 2025 أقل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية بقيادة ميشال بارنييه في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)،

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع خافيير ميلي (أ.ب)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار

شوقي الريّس (مدريد)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

خافيير ميلي (أ.ب)
خافيير ميلي (أ.ب)
TT

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

خافيير ميلي (أ.ب)
خافيير ميلي (أ.ب)

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار والطروحات «التخريبية» التي حملها برنامجه وباشر بتطبيقها منذ توليه المنصب في مثل هذه الأيام من العام الفائت. حالة لم يتح لها الوقت الكافي بعد كي تفجّر كل «مواهبها» ومفاجآتها التي لا يوفّر ميلي مناسبة ليتوعّد بها، خاصة بعد نيله «بركة» مثاله الأعلى، دونالد ترمب، الذي يستعد للعودة قريباً إلى البيت الأبيض.

في مقابلة أجرتها معه مجلة «الإيكونوميست» نهاية الشهر الماضي، قال ميلي إنه يشعر بازدراء لا نهاية له تجاه الدولة، مؤكداً أنه سيفعل كل ما بوسعه للقضاء على تدخل الدولة في شؤون المواطنين وتنظيم حياتهم «لأن ذلك يشكّل أسرع الطرق إلى الاشتراكية». لكن اللافت أن «الإيكونوميست»، الموصوفة برصانتها، تعتبر أن ما يقوم به هذا «المخرّب الأكبر» - كما يحلو له أن يطلق على نفسه – يجب أن يكون قدوة للولايات المتحدة وحكومتها الجديدة التي يبدو أنها مستعدة لتحذو حذو الرئيس الأرجنتيني وتكليف هذه المهمة إلى الملياردير إيلون ماسك.

تدلّ كل المؤشرات على أن الهدف الأساسي من وصول ميلي إلى الحكم، أواخر العام الفائت، هو «تدمير» الدولة من الداخل. ألغى 13 وزارة، وسرّح ما يزيد على ثلاثين ألفاً من الموظفين العموميين، وخفّض بنسب وصلت إلى 74% مخصصات الرواتب التقاعدية والتعليم والصحة والعلوم والثقافة والتنمية الاجتماعية. وعلى هذه الخلفية، سارعت أسواق المال للاحتفاء بالفائض المالي وتراجع التضخم الذي ليس سوى ثمرة واحدة من أكبر الجراحات المالية في التاريخ. لكن الوجه الآخر لهذه العملة البرّاقة كان انضمام 5 ملايين أرجنتيني إلى قافلة الفقراء الذين يعيش معظمهم على المعونة الغذائية في واحد من أغنى البلدان الزراعية والغذائية في العالم، وانكماشا اقتصاديا... من غير أن تتراجع شعبية ميلي الذي يفاخر بأنه الرئيس الأوسع شعبية على وجه الكرة الأرضية.

لا يكفّ ميلي عن مخاطبة مواطنيه عبر وسائط التواصل التي لعبت دوراً أساسياً في وصوله إلى الرئاسة، ويقول إن «القوى السماوية» التي تسدد خطاه وتقود كفاحه ضد الطبقة السياسية التقليدية والاشتراكية ستجعل من الأرجنتين قريباً «قوة عالمية كبرى».

رئيسة الأرجنتين السابقة كريستينا كيرشنر (أ.ب)

لا يعترف الرئيس الأرجنتيني بالتغيّر المناخي، ولا بالمساواة بين الرجل والمرأة، أو بالعدالة الاجتماعية، وينكر الذاكرة التاريخية لأنظمة الاستبداد التي تعاقبت على بلاده، ويعتبر أن كل ذلك ليس سوى بدع يسارية يتوعّد بالقضاء عليها في «حرب ثقافية» يتبّلها بكل أنواع الشتائم التي توقد الحماسة في صفوف أنصاره وتزرع الحيرة في أوساط المعارضة المشتتة.

الأغرب في كل ذلك هو أن ميلي لا تؤيده سوى أقلية في مجلسي الشيوخ والنواب، فضلاً عن أن جميع حكّام الولايات الذين يتمتعون بصلاحيات واسعة، ليسوا من حزبه «الحرية تتقدم». كما أنه اضطر للإبقاء على العديد من كبار موظفي الحكومة اليسارية السابقة في مناصبهم لعدم وجود كوادر مؤهلة كافية في حزبه. لكن رغم هذا العجر الهائل، تمكّن ميلي من إقرار حزمة قوانين يعتبرها أساسية لمشروع تفكيك الدولة ورفع القيود عن العجلة الاقتصادية، من غير أن يتضّح بعد إذا كانت هذه السنة الأولى من ولايته مدخلاً لإحكام سيطرته على الدولة، أو هي تمهيد لهيمنة اليمين المتطرف على المشهد السياسي.

يعتمد ميلي على التأييد الشعبي الواسع الذي ما زال يلقاه، وعلى حاجة حكّام الولايات لموارد الدولة، وبشكل خاص على الحلف التشريعي الذي أقامه مع اليمين المعتدل ممثلاً بالحزب الذي يقوده رئيس الجمهورية الأسبق ماوريسيو ماكري. ومنذ نزوله المعترك السياسي، بعد أن كان ينشر أفكاره وطروحاته عبر البرامج التلفزيونية التي كان يقدمها، استمد شعبيته وقوته ضد ما يسميه «السلالة»، أي الطبقة السياسية التقليدية. أما الاتفاقات أو الائتلافات التي سعى إليها، فهي لم تكن سوى تكتيكية، ولم يفاوض على برنامجه مع الأحزاب أو القوى التي تحالف معها، بل بقي تحالفه الأساسي مع القاعدة الشعبية التي ما زالت تدعمه، والتي يرجّح أن تكون هي أيضاً نقطة ضعفه الرئيسية التي ستؤدي إلى سقوطه عندما تتوقف عن دعمه بعد أن تفقد الأمل الضئيل الذي ما زال يحدوها في أن تتحسن الأوضاع المعيشية.

وصفة ميلي تحقق نتائجها

يقول المقربون من ميلي إن سر استمرار شعبيته التي توقع كثيرون أنها إلى زوال سريع، هو أنه ينفّذ كل الوعود التي قطعها في حملته الانتخابية، فيما بدأ بعض منتقديه يعترفون بأن «وصفته» تحقق النتائج التي وعد بها.

وقد شهدت الأشهر الأخيرة انشقاق بعض رموز الحزب البيروني واصطفافهم إلى جانب ميلي، مثل العضو البارز في مجلس الشيوخ كارلوس باغوتو، وهو قريب من الرئيس الأسبق كارلوس منعم. وقال باغوتو: «إن ميلي هو الشخص الذي تحتاجه الأرجنتين للتخلص من الموجة الشعبوية الاشتراكية التي حكمتها طيلة العقدين المنصرمين... كنا في حال من التحلل الاجتماعي الذي بلغ مستويات يصعب تصورها. وبعد أن أصبحت الدولة تتدخل في جميع مسالك الحياة، عاجزة عن توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية لشريحة واسعة من المواطنين، وبعد أن أخفقت جميع المحاولات لضبط التضخم الهائل، أدركت الطبقات المتواضعة أن الخلاص لا يمكن أن يأتي من غير تضحيات... وكان ميلي».

"يقول ميلي إن «القوى السماوية» تسدد خطاه وتقود كفاحه ضد الطبقة السياسية التقليدية والاشتراكية ستجعل من الأرجنتين قريباً «قوة عالمية كبرى»."

خدمة مصالح رجال الأعمال

لكن قراءة المعارضة للمشهد الاجتماعي تختلف كلياً، إذ يرى وزير الداخلية السابق إدواردو دي بيدرو المقرّب من الرئيسة السابقة كريستينا كيرشنر، أن ميلي قضى على حقوق وخدمات أساسية، مثل الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، بينما خدم، في المقابل، مصالح رجال الأعمال والمراكز المالية. ويضيف: «إن قرارات مثل قطع الأدوية عن مرضى السرطان في المراحل الأخيرة، أو الكف عن توفير التغطية العلاجية للمتقاعدين، أو إقفال المطاعم الشعبية التي كانت تؤمن وجبات أساسية لحوالي 19% من السكان يعيشون على المعونة الغذائية، هي دليل ساطع على قسوة هذه الحكومة وعدم إحساسها».

يردّ ميلي على هذه الانتقادات بوصفها من أفعال الشيوعيين المناهضين للحرية، ويكرر أنه يقود «أفضل حكومة في التاريخ»، مقتنعاً بأنه مكلّف مهمة سماوية، ويقترح حرباً نضالية عالمية تحت راية «اليمين الدولي» من أجل القضاء نهائياً على اليسار، يجوز فيها استخدام كل الوسائل، بما في ذلك العنف. كما أكّد مؤخراً في أحد المهرجانات السياسية: «لست في وارد اللياقة أو الوفاق. لن أتراجع أبداً، وسأواصل السير نحو النار، لأن الهجوم هو أفضل وسيلة للدفاع. لسنا ملزمين بتبرير أفعالنا، وإذا فعلنا فسوف يعتبرون ذلك من باب الضعف. كلما تعرضنا لضربة من خصومنا، سنردّ الواحدة بثلاث».

تكيف وبراغماتية

الهجوم الدائم هو العلامة الفارقة في أسلوب الرئيس الأرجنتيني، لكن ميلي أظهر قدرة لافتة على التكيّف والبراغماتية التفاوضية كلّما وجد نفسه بحاجة إلى أصوات المعارضة، في مجلسي الشيوخ والنواب وبين حكام الولايات، خاصة عندما طرح «قانون الأساسات» الذي يتضمّن مئات المواد التي تعتبرها الحكومة ضرورية لتنفيذ برنامجها. يفعل ذلك وهو يدرك جيداً أن الأحزاب التقليدية فقدت شعبيتها، وهي في حال من الانهيار السريع الذي يمكن لحزبه أن يستفيد منه في الانتخابات العامة المرحلية في خريف العام المقبل ليقلب المعادلة البرلمانية الحالية التي تشكّل عائقاً كبيراً أمام مشروعه «التخريبي».

ستكون انتخابات العام المقبل حاسمة بالنسبة لميلي ليقلب المعادلة البرلمانية ويضمن الأغلبية التي تحرره من التفاوض مع المعارضة كلما أقدم على خطوة اشتراعية لتنفيذ برنامجه، خاصة أن التأييد الشعبي ليس مضموناً في المدى الطويل.

ويخشى معاونوه من أن جنوحه الشديد نحو التعصب والصدام العنيف مع خصومه السياسيين قد يبعده عن تحقيق هدفه الأساسي الذي كان وراء فوزه في الانتخابات الرئاسية، وهو معالجة الأزمة الاقتصادية المزمنة التي تتخبط فيها البلاد منذ عقود. وينصحه المقربون بعدم التمادي في «الحروب الثقافية» مع حلفائه الغربيين الذين حصرهم منذ اليوم الأول بالولايات المتحدة وإسرائيل والدول «الحرة»، وسمّى الاشتراكيين واليساريين خصومه إلى الأبد.

لكن رغم خطابه الناري والتهديدي الذي لا يخلو أبداً من الألفاظ البذيئة، والذي بدأ مستشاروه يواجهون صعوبة في تبريره بالقول إن هذا هو أسلوبه والناس تعرف ذلك، بدأ ميلي يعطي مؤشرات على أنه ليس غريباً كلياً عن البراغماتية والواقعية. وهو اعترف قبل أيام أنه تعلّم الكثير في السياسة خلال هذه السنة الأولى من ولايته. وقال إنه لم يعد لديه أعداء سياسيون في الأرجنتين، بل خصوم يريدون الخير للبلاد. وبعد أن كان صرّح مراراً خلال الحملة الانتخابية بأن الصين هي في معسكر الأعداء وبأنه لن يتعامل مع «القتلة»، قال مؤخراً: «إن الصين شريك رائع لا يطلب شيئاً سوى التبادل التجاري الهادئ» وإن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي كان وصفه غير مرة بأنه «يساري فاسد»، لن يصبح صديقه، لكن مسؤوليته الدستورية تقتضي منه التعامل معه.

الأرقام الاقتصادية في نهاية العام الأول من ولاية ميلي تظهر أن الشركات الكبرى في قطاع المحروقات، وكبار المستثمرين في أسواق المال والمصارف، هم الذين حققوا أرباحاً استثنائية خلال هذه السنة، وأن الجائزة الكبرى كانت من نصيب المتهربين من دفع الضرائب الذين استفادوا من خطة «التبييض» التي وضعها، بما يزيد على 20 مليار دولار، أي نصف القرض الذي حصلت عليه الأرجنتين منذ سنوات من صندوق النقد الدولي لوقف الانهيار الاقتصادي التام وما زالت حتى اليوم عاجزة عن سداده أو حتى عن جدولته. أما في الجهة المقابلة فكان المتقاعدون والموظفون العموميون وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هم الأكثر تضرراً من النموذج الذي خفّض الإنفاق العام وألغى القيود على الواردات بهدف احتواء التضخم الجامح الذي يقضّ مضاجع ملايين الأسر منذ سنوات، فضلاً عن الفقراء (19% من السكان حسب الإحصاء الأخير) الذين حُرموا فجأة من المعونة الغذائية التي كانت تقدمها الدولة.

أرباح الشركات الكبرى في قطاع الطاقة بلغت أرقاماً قياسية هذا العام بفضل زيادة الإنتاج وتحرير الأسعار والتدابير الضريبية والجمركية والقانونية التي أعلنها ميلي الذي يريد لهذا القطاع أن يكون المحرك الأساسي لاقتصاد الأرجنتين في العقود الثلاثة المقبلة، انطلاقاً من منطقة «باتاغونيا» الشاسعة في أقصى الجنوب التي تختزن، بحسب تقديرات، ثاني أكبر احتياطي من الغاز ورابع احتياطي من النفط في العالم. وفي نهاية الشهر الماضي كانت أسعار أسهم شركة النفط الرسمية قد ارتفعت بنسبة 140% عن العام الفائت، فيما ارتفعت أسعار أسهم الشركات الخاصة 75%.

تمديد الإنفاق

في موازاة ذلك قرر ميلي تجميد الإنفاق على المشاريع العامة، بينما كان الاستهلاك يتراجع إلى أدنى مستوياته والصناعة الأرجنتينية تعاني على جبهات ثلاث: انخفاض المبيعات، وتدفق السلع المستوردة بأسعار تصعب منافستها، وتراجع الصادرات بسبب ارتفاع سعر البيزو مقابل الدولار الأميركي. إلى جانب ذلك، سحب ميلي جميع إجراءات الدعم التي كانت اتخذتها الحكومات السابقة لمساعدة الطبقات الفقيرة، ما أدّى إلى ارتفاع أسعار النقل العام بنسبة 1000% وفواتير الغاز والكهرباء والتأمين الطبي والتعليم الخاص بنسب تزيد على 500%. وكانت الأشهر الستة الأولى من ولاية ميلي هي الأكثر صعوبة، إذ تزامنت مع نسبة تضخم قاربت 30% شهرياً بحيث تجاوزت نسبة المصنفين فقراء بين السكان 53%.

ستكون الأشهر الأولى من العام الثاني لولاية ميلي، حاسمة في تقدير عدد من المراقبين، لأنها ستبيّن مدى صمود شعبيته أمام انهيار الخدمات الأساسية والمساعدات التي تعيش نسبة عالية من السكان عليها، فيما يصرّ هو على رهانه بأن الفشل الذريع الذي تتخبط فيه القوى السياسية الأرجنتينية منذ عقود سيكون الخزان الذي سيغرف منه لترسيخ شعبيته حتى نهاية الولاية.