مسؤول تركي لـ {الشرق الأوسط}: ضمانات أميركية بشأن تسليح الأكراد

واشنطن تبحث مع أنقرة مجموعة مبادرات بينها تقديم الإمدادات برا

مسؤول تركي لـ {الشرق الأوسط}: ضمانات أميركية بشأن تسليح الأكراد
TT

مسؤول تركي لـ {الشرق الأوسط}: ضمانات أميركية بشأن تسليح الأكراد

مسؤول تركي لـ {الشرق الأوسط}: ضمانات أميركية بشأن تسليح الأكراد

واشنطن: هبة القدسي يؤشر إسقاط طائرات شحن أميركية أطنانا من الأسلحة والمساعدات إلى المقاتلين الأكراد في مدينة كوباني (عين العرب) السورية، قرب الحدود التركية، إلى موافقة تركية ضمنية على مد الأكراد بالسلاح، على الرغم من موقفها السابق الرافض للأمر بشكل قاطع.
وجاء مد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي، الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، أحد أبرز الأحزاب الكردية في سوريا، غداة مكالمة هاتفية أجراها الرئيس الأميركي باراك أوباما بنظيره التركي رجب طيب إردوغان مساء أول من أمس. وأفادت مصادر أميركية بأن أوباما أخطر نظيره التركي بالأمر خلال تلك المحادثة الهاتفية، التي جاءت بعد أيام من لقاء جمع مسؤولين أميركيين وأكرادا في باريس، اتفق خلاله على التنسيق العسكري بين الطرفين ومد المقاتلين الأكراد بالسلاح.
كما أعلنت أنقرة أمس موافقتها على فتح ممر أمام مرور عناصر البيشمركة الكردية من إقليم كردستان العراق إلى مدينة كوباني.
وقال مصدر تركي رسمي لـ«الشرق الأوسط» إن الأميركيين قدموا تطمينات إلى الجانب التركي بخصوص الأسلحة المقدمة للأكراد ونوعيتها، وأنها لن تشمل أية أسلحة يمكن أن تشكل خطرا على الأمن القومي التركي.
ونفى المسؤول «تخلي» أنقرة عن شرطها عدم تسليح الأكراد السوريين، مؤكدا أن تركيا لم تسمح بمرور الأسلحة إلى الأكراد السوريين في كوباني، ومعتبرا أن مرور مقاتلي البيشمركة من إقليم كردستان عبر الأراضي التركية «ممكن من دون سلاح»، بينما أكد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية التركية أن المجال الجوي التركي لم يستخدم في عمليات الإسقاط الجوي التي نفذتها الولايات المتحدة لمساندة المقاتلين الأكراد الذين يدافعون عن مدينة كوباني السورية.
وقال مصدر دبلوماسي تركي لـ«الشرق الأوسط» إن أنقرة تتعاون بشكل وثيق مع واشنطن بشأن محاربة الإرهاب على الرغم من عدم انضمامها إلى الحلف الذي تقوده الولايات المتحدة. وأضاف أن أنقرة قدمت مساعدات إنسانية ولوجيستية (طبية) ووقود لمدينة كوباني، لكنها لم تقدم أي نوع من السلاح، وما زالت تعتبرها «فكرة سيئة». وشدد المصدر على أن أنقرة «لا تريد بأي شكل من الأشكال سقوط كوباني بيد المقاتلين المتطرفين، لكنها تختلف مع الحلفاء في رؤيتها لطريقة هزيمة الإرهاب على أنواعه في سوريا»، موضحة أن التجربة في ضرب «داعش» من الجو أثبتت صحة وجهة النظر التركية التي تقول بضرورة وجود قوات على الأرض.
وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو قال أمس إن تركيا تسهل مرور مقاتلي البيشمركة الأكراد العراقيين إلى كوباني لمساعدة الأكراد السوريين في الدفاع عن المدينة في مواجهة متشددي تنظيم «داعش».
وقالت مصادر بارزة في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي «بي واي دي» لـ«الشرق الأوسط» إن أيا من مقاتلي قوات البيشمركة التي أعلنت أنقرة أنها ستسهل عبورهم إلى كوباني «لم يصل بعد إلى المدينة»، مطالبة تركيا بـ«السماح لمقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي المتأهبين في عفرين (شمال غربي حلب) والقامشلي (شمال شرقي سوريا) بالدخول إلى كوباني». وشددت المصادر على أن تأمين طريق نقل آمن لمئات المقاتلين من الوحدات السوريين من الحسكة وعفرين إلى كوباني «هو اختبار لمصداقية أنقرة بتسهيل عبور المقاتلين الأكراد ومنع سقوط كوباني».
لكن مصدرا دبلوماسيا تركيا أكد لـ«الشرق الأوسط» أن أفرادا من البيشمركة عبروا بالفعل إلى كوباني أول من أمس، وأن العملية سوف تستمر.
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري عد النأي عن مساعدة الأكراد في قتالهم ضد «داعش» أمرا «غير مسؤول». وأضاف عقب إلقاء الطائرات الأميركية أسلحة للأكراد: «إن إدارة ظهرنا لمجتمع يقاتل تنظيم (داعش) أمر غير مسؤول، كما أنه صعب أخلاقيا». وقال كيري إن الوضع يرقى إلى مستوى «لحظة الأزمة»، مؤكدا أن هذه الخطوة لا تعتبر تغييرا في السياسة.
وأشار إلى أن واشنطن تدرك التحديات التي تواجهها تركيا في ما يتعلق بحزب العمال الكردستاني الذي تحظره أنقرة. وأكد: «هذه لحظة أزمة وطوارئ، ولا نريد أن نرى كوباني تتحول إلى مثال فظيع لغياب الإرادة في مساعدة من يقاتلون تنظيم (داعش)». وقال إن بلاده تأمل في أن «يواصل الأكراد، الذين أثبتوا أنهم مقاتلون أشداء وبواسل، قتالهم».
وفي غضون ذلك، كشف ثلاثة مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى في مؤتمر صحافي عبر الهاتف نية الولايات المتحدة في الاستمرار بتقديم الإمدادات للمقاتلين الأكراد في كوباني والتنسيق مع الحكومة التركية لبحث كيفية تقديمها برا، بما يسمح لهم بالاستمرار في قتال «داعش».
وأشاروا إلى أن مناقشاتهم مع الحكومة التركية منذ عدة أيام تركزت على الضرورة الملحة لتسهيل توفير الإمداد للقوات التي تقاتل «داعش»، بما في ذلك القوات الكردية في كوباني. وقال المسؤولون: «تحدث الرئيس أوباما مع الرئيس إردوغان حول هدا الأمر وأعلمه بنيتنا القيام بهذه الإمدادات وأهميتها بالنسبة لنا».
وقال أحد هؤلاء المسؤولين: «نفهم القلق التركي الطويل الأمد من مجموعة من الجماعات بما فيها الجماعات الكردية التي انخرطت في صراع في بعض الأحيان وفي محادثات سلام أيضا، ومع ذلك لدينا اعتقاد قوي بأن كلا من الولايات المتحدة وتركيا تواجه عدوا مشتركا هو (داعش)، ونحن بحاجة إلى العمل بشكل عاجل للقيام بكل ما يلزم لملاحقة وهزيمة التنظيم والبحث عن أفضل الطرق للمضي قدما بذلك سواء في كوباني أو في الحملة الأوسع». وأضاف: «أتوقع أن يظل هذا موضوعا للمناقشات مع الحكومة التركية في الأيام المقبلة، وما نريده هو التعاون مع حليفتنا في هذا الجهد».
وقال مسؤول بالخارجية الأميركية: «نعمل مع الأتراك على مجموعة كاملة من المبادرات الأخرى واستكشاف طرق أخرى للحديث مع الأكراد والحديث مع الأتراك لتقديم دعم إضافي أكثر استدامة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.