السيسي لبابا الفاتيكان: مصر ترسي قيم التعايش واحترام الآخر

الأزهر والكنيسة المصرية أكدا ضرورة نشر السلام في العالم

صورة تجمع شيخ الأزهر ورأس الكنيسة المصرية
صورة تجمع شيخ الأزهر ورأس الكنيسة المصرية
TT

السيسي لبابا الفاتيكان: مصر ترسي قيم التعايش واحترام الآخر

صورة تجمع شيخ الأزهر ورأس الكنيسة المصرية
صورة تجمع شيخ الأزهر ورأس الكنيسة المصرية

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، «تقدير بلاده لجميع القيادات الدينية الدولية على مستوى العالم باختلاف أطيافهم، خاصة قيادات الفاتيكان، وللعلاقات القوية التي تجمع مصر بهم، ولا سيما في ظل النهج الحالي لمصر في إرساء قيم التعايش وحرية العبادة، واحترام الآخر»، مشيراً إلى أن «ذلك النهج يهدف إلى ترسيخ ثقافة ستنطلق من مصر لتنتشر في المنطقة بطبيعة الحال».
وأجرى السيسي، أمس، اتصالاً هاتفياً مع البابا فرنسيس بابا الفاتيكان. وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في بيان له، إن «الرئيس السيسي قدم التهنئة إلى البابا فرنسيس بمناسبة عيد الميلاد المجيد والعام الميلادي الجديد، متمنياً التوفيق والنجاح لبابا الفاتيكان في رسالته لنشر التسامح الديني والسلام في العالم».
وأضاف راضي، أن «الرئيس أشار إلى وجود ضرورة على الجانب الآخر، لتفهم خصوصية واختلاف ثقافة المنطقة بما تضمه من مبادئ، وهو الأمر الذي يتطلب التفاعل مع تلك الثقافة بفهم عميق في إطار من القبول والاحترام». وزار فرنسيس القاهرة في أبريل (نيسان) 2017، واستقبله السيسي في قصر الاتحادية الرئاسي، وجرت للضيف الكبير مراسم استقبال رسمية.
وبحسب راضي، فإن «فرنسيس أشاد بجهود مصر اللافتة تحت قيادة السيسي، الهادفة إلى تحقيق التقارب والتعايش والتفاهم بين أبناء الديانات كافة، وهو ما تجسد على أرض الواقع في ممارسات فعلية وإجرائية كثيرة، كان أبرزها افتتاح (كاتدرائية ميلاد المسيح) في العاصمة الإدارية الجديدة، جنباً إلى جنب مع (مسجد الفتاح العليم)، وهي خطوة حملت الكثير من الدلالات الرمزية، ورسائل محبة وسلام للعالم أجمع، وعكست إرادة سياسية حقيقية لدى الدولة المصرية لترسيخ مبدأ المواطنة ومفهوم قبول الآخر».
وافتتح السيسي، في يناير (كانون الثاني) الماضي، مسجد «الفتاح العليم»، وكاتدرائية «ميلاد المسيح» بالعاصمة الإدارية الجديدة... وتعد الكاتدرائية الأكبر في الشرق الأوسط؛ حيث تسع لـ8200 فرد، وهي عبارة عن طابق أرضي وصحن ومنارة بارتفاع 60 متراً، وتقع الكاتدرائية الجديدة على مساحة 15 فداناً (نحو 63 ألف متر مربع). أما المسجد فيقع على مساحة 5445 ألف متر مربع تقريباً. وتبلغ السعة الإجمالية للمسجد والمصلى اليومي والساحة المكشوفة نحو 17 ألف مصل.
في السياق ذاته، أكد الأزهر والكنيسة المصرية أمس، «ضرورة نشر رسالة السلام في العالم». جاء ذلك خلال استقبال البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، للتهنئة بعيد الميلاد المجيد، بمقر الكاتدرائية بالعباسية بوسط القاهرة».
وأكد الطيب في بيان لمشيخة الأزهر أمس، أن «مشاعر التراحم والود والزيارات المتبادلة بين المسلمين والمسيحيين، نابعة من التعاليم الدينية، التي أوصتنا بالتآلف والتواصل مع بعضنا بعضاً، ووصايا جميع الأنبياء أكدت ضرورة الأخوة بين الناس، على اختلاف أديانهم وأعراقهم»، مضيفاً أن «الرياح الغربية تهب علينا بعادات وتقاليد تقتلع المرأة الشرقية من جذورها»، محذراً من «الكثير من الاتفاقيات الغربية التي تهدف لهدم الأسرة، وتفكيك المجتمع الشرقي، في مقدمة لهدم جميع الأديان»، معتبراً ذلك «بمثابة غيوم سوداء قادمة تهدد العادات والتقاليد الشرقية، وأن التعويل دائماً ما يكون على عمق الشعب المصري في مواجهة ذلك، وأن بلادنا ستظل محفوظة ما دام فيها رجال يقدمون روح الإخاء والوطنية على كل شيء».
رافق الطيب خلال الزيارة، وفد رفيع المستوى من الأزهر، ضم الشيخ صالح عباس، وكيل الأزهر، والدكتور شوقي علام، مفتي مصر، والدكتور نظير عياد، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور محمد المحرصاوي، رئيس جامعة الأزهر، والشيخ علي خليل، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية.
من جانبه، أوضح البابا تواضروس الثاني، أن «مشاعر الحب والود المتبادلة، هي نعمة من الله على الشعب المصري، وأن الأعياد بمثابة الجسور التي تربط ما بيننا جميعاً كأحباء نعيش على أرض واحدة، لنا تاريخ مشترك ووطن نفتخر به»، مؤكداً أن «المحبة والفرحة والسلام، هي أعظم وأسمى هدايا يمكن أن تقدم للإنسان؛ فبالمحبة تتماسك المجتمعات ويعيش الإنسان في حالة من الراحة والرضا مع نفسه ومع الآخرين، وبالسلام يتحقق أمن واستقرار المجتمعات الإنسانية، فصنعه يحتاج إلى الحكمة، ويسعى البشر جميعاً لتحقيقه للعيش في سلام واستقرار، أما الفرحة فهي الهدية التي بها يسعد الإنسان ويسعد من حوله، ودورنا أن نقدم روح الفرح والسعادة لمن حولنا؛ فبها يتحقق الرضا ويزيد الإنتاج».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.