وزير الزراعة السعودي: استيراد المملكة للقمح بنسبة 100 % من الموسم المقبل

كشف الدكتور فهد بالغنيم، وزير الزراعة السعودي، عن أن هناك جهودا حثيثة تقوم بها جامعة الدول العربية من خلال المنظمة العربية للتنمية الزراعية، لتسهيل الاستثمار على الحدود ما بين الدول العربية.
وقال الوزير بالغنيم في معرض رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عقب اجتماعه أمس في جدة بنظيرته البرتغالية الدكتورة أوناكون كريستاس: «نأمل من الله أن تتحقق النظرة الموجودة لدى القادة في العالم العربي، خاصة أنهم تبنوا في اجتماع سابق لهم بالرياض فكر الأمن الغذائي، وهو ما صادقت عليه المنظمة العربية للتنمية الزراعية التابعة لجامعة الدول العربية في اجتماعها أيضا بالرياض»، مضيفا: «الأمن الغذائي في العالم العربي هاجس لجميع القادة، وهناك جهد كبير لتذليل المعوقات في سبيل الرفع من إنتاجية الزراعة في العالم العربي، ونتمنى أن يتحقق ذلك».
وكان وزير الزراعة السعودي اجتمع في مكتبه أمس بوفد وزارة الزراعة والموارد البحرية للبيئة والتخطيط المكاني في البرتغال برئاسة وزيرة الزراعة الدكتورة أوناكون كريستاس.
وأشار الوزير السعودي عقب الاجتماع إلى أن البرتغال دولة متقدمة ولديها إمكانيات فنية جيدة ومنتجاتها الغذائية متوافرة، وكان لدى المسؤولين البرتغاليين رغبة في تعزيز العلاقات فيما يتعلق بالاستثمارات السعودية في البرتغال، وأيضا الاستيرادات السعودية من البرتغال، والنظر أيضا في الفعاليات المشتركة بين الطرفين، لا سيما المجال الزراعي والثروة الحيوانية والاستزراع السمكي، موضحا أنه قدم «دعوة للوزيرة البرتغالية لزيارتنا في السعودية، وجهزنا لها برنامجا للاطلاع على ما لدى السعودية من خدمات ومنجزات في المجال الزراعي والثروة السمكية، وسنتوجه مع الوزيرة إلى العاصمة الرياض للاطلاع على بعض المشاريع الزراعية؛ كالبيوت المحمية ومزارع الأبقار وآلية إنتاج الألبان»، متمنيا أن «تنجح الوزارة في إظهار المنجزات والنهضة الزراعية التي تحققت بفضل الله ثم بالدعم الحكومي وتضافر الجهود من المستثمرين في القطاع الخاص والمواطنين».
وشدد الوزير بالغنيم على أن السعودية «تتمتع بسمعة كبيرة بين مصاف دول العالم، ما أدى إلى تكوينها علاقات جيدة مع كثير من الدول الأخرى التي تحرص على زيارة السعودية والاطلاع على الإمكانيات المتاحة بها، لا سيما أن السعودية سوق مستمرة للمنتجات، وفي ذات الوقت مستقطبة للاستثمارات».
وكشف وزير الزراعة أثناء حديثه أمس للإعلاميين، عن أن الموسم الحالي سيكون الأخير في شراء القمح من المزارعين السعوديين، وسيكون استيراد القمح من الخارج بنسبة 100 في المائة استنادا إلى قرار مجلس الوزراء عام 1428هـ بالتوقف عن شرائه من الداخل.
وأضاف: «إنه وبتضافر جهود جهات مختلفة من الدولة، سيجري اتخاذ إجراءات صارمة للإيقاف التام لزراعة الأعلاف الخضراء في السعودية، والاعتماد على الاستيراد من الخارج»، مبيّنا أن الهدف من كل هذه الإجراءات تهيئة قطاع زراعي دائم في السعودية، وقال: «لا نرغب في أن يكون لدينا قطاع زراعي يستمر لسنوات ثم ينهار».
وفيما يتعلق باستثمار القطاع السعودي خارجيا، قال بالغنيم: «البنية التحتية في السعودية مثالية، وهي تمكّن من نقل المنتجات بصورة سلسة داخل أرجاء البلاد، لكن هذه الميزة لا نستطيع أن نجزم بأننا سنجدها في كافة الدولة التي نستهدفها بالاستثمار الخارجي، فهناك بعض الدول فيها كميات مياه هائلة ونوعية التربة فيها خصبة، وكذلك الأيدي العاملة، لكن قطاع المواصلات فيها ضعيف أو غير متوافر، وكذلك الحال ينطبق على الموانئ، ولذلك البنية التحتية الجيدة مطلب رئيس في أي بلد للاستثمار الزراعي».
وشدد على أن عدم توافر البنية التحتية الجيدة يشكل عائقا في الاستثمار، ما جعل بعض المستثمرين السعوديين في القطاع الزراعي يتجهون للاستثمار أيضا في البنية التحتية، مضيفا أن هناك عوائق أخرى تتمثل أيضا في التشريعات الخاصة بالاستثمار كما هو الحال مع الضرائب المرتفعة، والتضييق في عملية نقل رؤوس الأموال: «ونحن نتفاوض مع المسؤولين في الدول الأخرى من أجل تخفيف مثل هذه العوائق».
وبين وزير الزراعة السعودي أن «الاستثمار الزراعي خارج السعودية من قبل المستثمرين السعوديين يتم منذ سنوات طويلة، لكن عندما حصلت أزمة الأسعار في الغذاء عام 2007 نتجت عنها هزة قوية للمجتمع الدولي ككل، ولذلك رأى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أنه في ظل إشكالية قلة المياه في السعودية، يكون الحل التقليص من الإنتاج الزراعي، لا سيما المحاصيل المستهلكة للمياه، مثل القمح والأعلاف، على أن يُدعم الإنتاج الزراعي في المواقع (الدول) التي تتوافر فيها الإمكانيات اللازمة للزراعة».
وأضاف: «لذلك وجهنا الملك عبد الله لتحفيز القطاع الخاص السعودي للاستفادة من تجاربه وإمكانياته المادية للاستثمار في الدول الأخرى التي لديها المقومات المطلوبة للزراعة، ومن هنا انطلقت مبادرة خادم الحرمين للاستثمار الزراعي في الخارج، وعقبها أصبح هناك تجاوب أكبر من السابق، والدولة تقوم بالاتصال بالدول المستهدفة التي لديها الإمكانيات، ويُتفاوض معها لتوقيع اتفاقيات مهمة للمستثمرين، وفي مقدمتها اتفاقية حماية الاستثمار التي تتولاها هيئة الاستثمار بالسعودية، وكذلك اتفاقية تبادل الازدواج الضريبي التي تتولاها وزارة المالية»، مستطردا «نحن الآن في مفاوضات لتوقيع اتفاقية مع إيطاليا للاستثمار الزراعي، وسبق أن وقعنا مع دول أخرى أيضا».
وتطرق بالغنيم للمستثمرين السعوديين في الخارج، مبينا أنهم «يقومون بعمليات جيدة في الاستثمار، وأن مدى نجاحها يتفاوت من دولة لأخرى ومن مستثمر لآخر، لكن بشكل عام التوجه جيد، ونتوقع أن يكون هناك مردود جيد على المدى المتوسط لصالح السعودية والدول الأخرى في تحقيق زيادة نوعية وكمية في المنتجات الزراعية على مستوى العالم».
وأوضح أنهم في وزارة الزراعة لا يفضلون الإعلان عن المشاريع الاستثمارية التي يجريها القطاع الخاص السعودي خارجيا، تاركين الخيار للمستثمر في الإعلان عن مشاريعه أو الصمت عنها، وقال: «الشركات التي تعلن عن استثمارها كما يحدث في الإعلام، نتطرق لها، لكني أؤكد أن الاستثمار للقطاع الخاص السعودي خارجيا هو أكبر بكثير مما يعلن، لكننا لا نستطيع الكشف عن ذلك نزولا عند رغبة المستثمرين، ولذلك نحن مطمئنون كثيرا على هذا الجانب».
وفي رد على سؤال يتعلق بجفاف المياه في بعض المزارع بالسعودية، قال وزير الزراعة إن ذلك «يؤكد صحة المخاوف لدى الدولة في حماية القطاع الزراعي، من خلال ترشيد استخدام المياه، والتقنين من المحاصيل المستهلكة لكميات كبيرة من المياه، على أن يجري استبدالها بالاستيراد من الخارج».