500 مقاتل سوري في ليبيا تحت التهديد ودفعة أخرى تتوجه قريباً

إردوغان يخطط لشركة مرتزقة شبيهة بـ«فاغنر» الروسية

TT

500 مقاتل سوري في ليبيا تحت التهديد ودفعة أخرى تتوجه قريباً

نفت أوساط سورية معارضة في واشنطن التكذيب الذي صدر عمّا يُسمى بـ«وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة»، حول عدم توجه أي مقاتلين سوريين إلى ليبيا، قائلة إن هناك معلومات مؤكدة عن توجُّه أكثر من 500 عنصر إلى ليبيا، مما يُسمّى بـ«الجيش الوطني الحرّ» الذي تشرف عليه تركيا مباشرة.
لا بل تؤكد تلك الأوساط أن مقاتلين سوريين من حرستا، قُتِلا في الأيام الأخيرة في ليبيا خلال قتالهم مع قوات حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فائز السراج، وأن اسميهما معروفان.
وتقول تلك الأوساط إن من بين تلك المجموعة مقاتلين من «هيئة تحرير الشام» («النصرة» سابقاً)، وإن العناصر تلك قد انتقلت إلى ليبيا مع مسؤولين أتراك يتولون بأنفسهم الإشراف عليها. وهؤلاء المقاتلون هم من المسلحين الذين تم إخراجهم من مناطق ما عُرِف بمناطق خفض التصعيد من حمص وحماة، وانضموا إلى «قوات درع الفرات»، ويتلقون تدريباتهم من تركيا.
وتضيف تلك الأوساط أن الهدف الرئيسي على ما يبدو محاولة تركيا تأسيس ما يشبه «الشركة الخاصة» لإرسال مقاتلين شبيهة بالشركات الخاصة التي ترسل مقاتلين مرتزقة، كشركة «فاغنر» الروسية، ليتسنى لتركيا تحريك المجموعات القتالية بالشكل الذي يناسب مصالحها، مشككين في أن تقوم تركيا بإرسال قوات تركية بشكل مباشر، على الأقل في هذه المرحلة، إلى ليبيا.
وتضيف تلك الأوساط أن تركيا عرضت على هؤلاء المسلحين 1500 دولار كراتب شهري، مقابل 200 دولار التي كانوا يتلقونها في سوريا. غير أن هؤلاء لم يحصلوا سوى على 600 دولار فقط، وقد أجبروا على الذهاب إلى ليبيا مقابل تهديدات تركية بحرمان أهلهم من العودة إلى مناطق شمال سوريا، حيث تعمل الحكومة التركية على تغيير الوضع الديموغرافي هناك، وإفراغ المناطق من سكانها الأصليين، واستبدال بهم مناصرين لها، سواء من جماعة «الإخوان المسلمين» أو من «هيئة تحرير الشام» سابقاً.
يأتي ذلك في ظل تصاعد التوتر في منطقة حوض البحر المتوسط والاشتباك المتصاعد بين تركيا وعدد من دول المنطقة، الذي ينذر بتفجر صراعات جديدة بعد اكتشافات الطاقة فيها، وطموحات الرئيس التركي السياسية والإقليمية، ومسارعة حكومته للتوقيع على الاتفاقات الثنائية مع حكومة السراج الاقتصادية والأمنية والعسكرية، بهدف توفير غطاء قانوني لمشروعاته.
وفي حين ترفض تلك الأوساط فكرة أن تكون تلك الخطوات جزءاً من اتفاق غير معلن بين تركيا وروسيا لتبادل النفوذ في سوريا بليبيا، على اعتبار أن أولوية تركيا هو حماية حدودها الجنوبية ضد خطر حزب العمال الكردستاني، إلا أن مشروعات الطاقة وحاجة النظام التركي لمخارج من أزمته الاقتصادية تجعل هذا الاحتمال وازناً، رغم التعقيدات التي تثيرها علاقته بروسيا في كلا الملفين.
وتؤكد تلك الأوساط أن هناك دفعة ثانية من المقاتلين السوريين يجري الاستعداد لإرسالها إلى ليبيا من قبل الأتراك، علماً بأن تركيا تخطط أيضاً لتوسيع منطقة نفوذها في سوريا باتجاه جبل قنديل على الحدود السورية العراقية أيضاً.
وبحسب تلك الأوساط، فإن الرئيس التركي يرغب في أحداث تغييرات ديمغرافية كبيرة عبر حديثه عن مشروعات إعادة أكثر من 6 ملايين مهجر سوري من بلاده، استعداداً لمعركة الانتخابات في سوريا عام 2021. والتغيير الديموغرافي يستهدف عملياً إفراغ مناطق شمال سوريا من المكونات المسيحية والآشورية، ومن العلويين الأكراد، الذين يسكنون في محيط المالكية والقامشلي أيضاً.
وتضيف تلك الأوساط أن تركيا ألغت مكاتب العودة والتسجيل الخاصة بإعادة المهجرين من حمص ودرعا وغيرها من المناطق، التي كان مسلحو المعارضة قد أقاموها لهذا الهدف، وذلك لتثبيت هؤلاء المسلحين مع عائلاتهم في مناطق عفرين وجرابلس وغيرها، واستخدامهم في الانتخابات السورية.



زعيم الحوثيين «سعيد» بالمواجهة مع إسرائيل... ويتعهد باستمرار التصعيد

الحريق مستمر لليوم الثاني في مستودعات الوقود بميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)
الحريق مستمر لليوم الثاني في مستودعات الوقود بميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)
TT

زعيم الحوثيين «سعيد» بالمواجهة مع إسرائيل... ويتعهد باستمرار التصعيد

الحريق مستمر لليوم الثاني في مستودعات الوقود بميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)
الحريق مستمر لليوم الثاني في مستودعات الوقود بميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل، الأحد، ومهاجمة سفينة في البحر الأحمر دون أضرار، وفيما عبّر زعيمها عبد الملك الحوثي عن سعادته بالمواجهة المباشرة مع تل أبيب، استمر الحريق الضخم الناجم عن الغارات الإسرائيلية على مستودعات الوقود في ميناء الحديدة ساعات طويلة، وارتفع عدد القتلى إلى 6 مع إصابة نحو 90 جريحاً.

كان الجيش الإسرائيلي استهدف، السبت، مستودعات الوقود في ميناء مدينة الحديدة اليمنية الخاضعة للحوثيين ومحطة الكهرباء، غداة انفجار مسيّرة استهدفت تل أبيب وأدت إلى مقتل شخص وإصابة آخرين.

ولقي الهجوم الإسرائيلي إدانةً من الحكومة اليمنية مع تحذير إسرائيل والحوثيين من تحويل اليمن إلى ساحة حرب، في حين هددت الجماعة الموالية لإيران بالرد على القصف وتبنت إطلاق عدة صواريخ، الأحد، باتجاه إيلات، ومهاجمة سفينة شحن في البحر الأحمر.

وأكد الجيش الإسرائيلي اعتراض دفاعاته صاروخ أرض - أرض أُطلق من اليمن، وقال إن نظام الدفاع الصاروخي «آرو 3» أسقط الصاروخ قبل عبوره إلى أراضي إسرائيل. ونقلت «رويترز» أنه «قبل الاعتراض، دوّت صفارات الإنذار في إيلات، مما دفع السكان إلى المسارعة إلى المخابئ».

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية يحيى سريع، في بيان متلفز، إن «جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية، وقصفت أهدافاً مهمة في إيلات جنوب فلسطين المحتلة بعدد من الصواريخ الباليستية»، كما استهدفت، حسب ادعاء سريع، سفينة «بومبا» الأميركية في البحرِ الأحمرِ بعدد من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وهو الهجوم الذي لم تؤكده وكالات الأمن البحري.

وفي حين اعترفت الجماعة بتلقيها، الأحد، غارتين استهدفتا مواقع لها في منطقة بحيص التابعة لمديرية ميدي في محافظة حجة (شمال غرب)، كان الجيش الأميركي أعلن الأحد أن قواته نجحت في تدمير طائرة حوثية من دون طيار فوق البحر الأحمر، لكنه لم يتبن المشاركة في الهجمات الإسرائيلية على ثاني أكبر الموانئ اليمنية الخاضع للجماعة الانقلابية.

وحسب شهود في مدينة الحديدة، ما زالت الحرائق مستمرة، الأحد، لعدم توافر الإمكانات لإطفائها، إذ يتوقع استمرارها أياماً أخرى، وسط معلومات عن تعرض 20 خزان وقود للحريق من بين أكثر من 80 خزاناً، وفق مصادر اقتصادية يمنية.

أحد المصابين جراء الغارات الإسرائيلية على أهداف حوثية في ميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)

وأفادت وسائل الإعلام الحوثية، نقلاً عن مصادر طبية، بأن الضربات على ميناء الحديدة أدت إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 90 آخرين، وسط المخاوف من تكرار الهجمات الإسرائيلية إذا ما تواصلت الهجمات الحوثية المميتة باتجاه تل أبيب.

وانتهز التجار الموالون للجماعة الحوثية في صنعاء والحديدة وغيرها من المدن الضربات على خزانات الوقود، وقاموا بإغلاق محطات التعبئة والتسبب في أزمة خانقة، إذ عادة ما يقومون بمثل هذا السلوك لرفع الأسعار وبيع المشتقات النفطية والغاز في السوق السوداء.

مرحلة تصعيد خامسة

عبّر زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي في خطبة الأحد عن سعادة جماعته بالمواجهة المباشرة مع إسرائيل وأمريكا وبريطانيا، وتوعد باستمرار التصعيد البحري ضد السفن ومهاجمة إسرائيل، وأعلن أن الهجوم بالطائرة المسيرة على تل أبيب، الجمعة الماضي، هو بداية المرحلة الخامسة من التصعيد.

ونفى الحوثي أن تكون المسيرة التي أدت إلى مقتل شخص وإصابة نحو أربعة آخرين، أُطلقت من مكان آخر غير مناطق سيطرة جماعته في اليمن، كما زعم أن جماعته التي قامت بتصنيعها وإطلاقها.

وهوّن زعيم الجماعة الانقلابية في اليمن من أهمية الضربة الإسرائيلية على ميناء الحديدة، وقال إن جماعته ستواصل عملياتها، وإن أي ضربات أخرى لن يكون لها أي تأثير على قدراتها العسكرية، مشدداً على أن الجماعة لن «تتراجع عن موقفها».

وتبنت الجماعة الحوثية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي العديد من الهجمات ضد إسرائيل، دون أي تأثير يُذكر، باستثناء هجوم المسيّرة الأخير على تل أبيب، كما تبنت مهاجمة أكثر من 170 سفينة في البحرين الأحمر والعربي تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وأقرت الجماعة بتلقي أكثر من 570 غارة منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، وسقوط 57 قتيلاً و87 جريحاً، جراء الضربات التي تشنها واشنطن تحت ما سمته تحالف «حارس الازدهار».

وأصابت الهجمات الحوثية، حتى الآن، نحو 30 سفينة منذ بدء التصعيد، غرقت منها اثنتان؛ إذ أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استُهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

إدانة حكومية وقلق أممي

أدان مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية بأشد العبارات القصف الإسرائيلي على الحديدة وعده «عدواناً وانتهاكاً» للسيادة اليمنية، و«مخالفة صريحة لكافة القوانين والأعراف الدولية».

وحمّل المصدر اليمني المسؤول، إسرائيل، المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات جراء غاراتها الجوية، بما في ذلك تعميق الأزمة الإنسانية التي فاقمها الحوثيون بهجماتهم الإرهابية على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، فضلاً عن تقوية موقف هذه الميليشيات، وسردياتها الدعائية المضللة.

ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)

وجدد المصدر الحكومي تحذيره الحوثيين من استمرار رهن مصير اليمنيين والزج بهم في معارك الجماعة العبثية خدمة لمصالح النظام الإيراني ومشروعه التوسعي في المنطقة.

كما حذر المصدر النظام الإيراني وإسرائيل من محاولة تحويل الأراضي اليمنية عبر «الحوثيين المارقين» إلى ساحة لحروبهما العبثية، ومشاريعهما التخريبية في المنطقة.

وإذ جددت الحكومة اليمنية موقفها الداعم للشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة، أكدت أن السبيل الوحيد لتحقيق السلام في اليمن هو دعم الحكومة لاستكمال بسط نفوذها على كامل ترابها الوطني، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، خصوصاً القرار 2216.

دخان كثيف جراء احتراق مستودعات الوقود في ميناء الحديدة إثر ضربة إسرائيلية (رويترز)

في غضون ذلك، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في مذكرة للصحافيين، إنه يشعر بقلق بالغ إزاء التقارير الواردة حول الغارات الجوية الإسرائيلية التي وقعت في محيط ميناء الحديدة في اليمن رداً على الهجمات الحوثية السابقة على إسرائيل.

وتحدث غوتيريش عن وقوع أضرار كبيرة في البنية التحتية المدنية، داعياً جميع المعنيين إلى تجنب الهجمات التي قد تلحق الضرر بالمدنيين وبالبنية التحتية المدنية، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس.

يُشار إلى أن تصعيد الحوثيين تسبب في إصابة مساعي السلام اليمني، التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشّة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.