حشد حكومي في السعودية يبحث ضبط استهلاك الطاقة عبر المباني والمنازل

منتدى ومعرض «العزل الحراري» ينطلق برعاية وزير البلدية والقروية

حشد حكومي في السعودية يبحث ضبط استهلاك الطاقة عبر المباني والمنازل
TT

حشد حكومي في السعودية يبحث ضبط استهلاك الطاقة عبر المباني والمنازل

حشد حكومي في السعودية يبحث ضبط استهلاك الطاقة عبر المباني والمنازل

يحتشد مسؤولون من قطاعات وهيئات حكومية وخاصة اليوم الثلاثاء في العاصمة السعودية لتفعيل توجه يستهدف ضبط استهلاك الطاقة عبر المباني والمنازل، من خلال تطبيق العزل الحراري في البناء والتشييد في بادرة هي الأولى من نوعها وسط آمال بأن تسهم هذه الخطوة بتحقق خفض في تكلفة استهلاك فاتورة الكهرباء يصل إلى أكثر من 30 في المائة.
ويبدأ في الرياض منتدى ومعرض العزل الحراري للمباني الجديدة بتنظيم من المركز السعودي لكفاءة الطاقة بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية و3 وزارات وهيئتين حكوميتين بالإضافة إلى مجلس الغرف السعودية والغرفة التجارية الصناعية بالرياض، لمناقشة تستمر يومين حول تفعيل تطبيق متطلبات العزل الحراري للمباني ضمن منظومة حكومية متجانسة في 24 مدينة رئيسة كمرحلة أولى تمهيدا لتطبيقه على كافة المدن السعودية في فترة لاحقة.
وتعد السعودية من أكثر الدول استهلاكا للطاقة في العالم، حيث تستأثر قطاعات المباني والنقل البري والصناعة بنسبة 90 في المائة من إجمالي الاستهلاك المحلي للطاقة في وقت تشير الدراسات إلى أن قطاع المباني يستهلك لوحده أكثر من 80 في المائة من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة.
ويشكل استهلاك أجهزة التكييف منها نحو 70 في المائة، يضاف إلى ذلك أن نحو 70 في المائة من المباني في البلاد غير معزولة حراريا. وسيرعى الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية المنتدى، وسط مشاركة وزارات «التجارة والصناعة» و«المياه والكهرباء» بالإضافة إلى الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، والهيئة السعودية للمهندسين، فيما سيرعى المنتدى من القطاع الخاص شركات «أرامكو» و«سابك» و«الكهرباء».
ويصاحب المنتدى معرض متخصص في مجال العزل الحراري يجمع الجهات الحكومية المعنية بتطبيق العزل الحراري، وعدد من الجهات الأخرى التي لها جهود في هذا المجال، وكذلك الشركات المصنعة والموردة للعزل الحراري في البلاد.
وسيبحث المنتدى تطبيق العزل الحراري على 3 محاور رئيسة، تتركز حول التعريف بجهود وأدوار الجهات المختصة في الالتزام بتطبيق العزل الحراري على جميع المباني الجديدة، بالإضافة إلى أوراق عمل متنوعة مع تقديم نبذة عن لائحة العزل ومواصفات العزل الحراري، وآلية تطبيق العزل الحراري، وآلية محاسبة المكاتب الهندسية المخالفة.
وسيعقب المنتدى عقد ورش عمل تستهدف المكاتب الهندسية السعودية، حيث تتنقل في 24 مدينة رئيسة على مدى شهرين، ويجري خلال ورش العمل تقديم عرض مفصل عن تطبيق العزل الحراري الإلزامي على المباني السكنية وأدوار الجهات ذات العلاقة، والإجابة عن كافة أسئلة واستفسارات الحضور من المكاتب الهندسية التي ستضطلع بدور مهم وحيوي في هذا الجانب، وكذلك التعريف بمسؤولياتها في التطبيق الإلزامي للعزل الحراري في المباني الجديدة.
ولتخفيض درجة الاستهلاك والهدر في هذا القطاع فإن تطبيق العزل الحراري على المباني الجديدة يعد أبرز الحلول لتحقيق هذا الهدف، فيما يؤكد مختصون على الكثير من الفوائد الناجمة عن العزل الحراري في المباني التي يلمسها مستخدم المبنى، أبرزها المحافظة على درجة حرارة معتدلة لمدة طويلة داخل المبنى مما يؤدي إلى تقليل فترات تشغيل أجهزة التكييف أو التدفئة لمدة زمنية أطول، وهو ما ينعكس أثره على قيمة الاستهلاك في فاتورة الكهرباء للمبنى، من خلال خفض استهلاك المكيفات للكهرباء بنحو 30 إلى 40 في المائة، بالإضافة إلى توفير راحة حرارية أفضل لمستخدم المبنى.
ويسهم العزل الحراري، وفقا لـ«كفاءة» في خفض التكاليف الرأسمالية لأنظمة تكييف المباني باستخدام سعات أقل لأجهزة التكييف ومكونات الأنظمة بالإضافة إلى ذلك يحافظ العزل الحراري للمباني على مكونات المباني والأثاث بداخله من تقلبات درجات الحرارة وبالتالي خفض تكاليف التشغيل والصيانة للمبنى ومحتوياته.
وتشير الدراسات الحديثة إلى أن التكاليف الإضافية لعزل الجدران والأسقف للمبنى الجديد لا تتجاوز 3 إلى 5 في المائة من الكلفة الإجمالية لإنشائه، كما أن التكاليف الإضافية لاستعمال النوافذ المزدوجة لا تتجاوز 1 في المائة من هذه الكلفة.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.