نتنياهو يواجه تحدياً لقيادته لليكود

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومنافسه جدعون ساعر (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومنافسه جدعون ساعر (رويترز)
TT

نتنياهو يواجه تحدياً لقيادته لليكود

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومنافسه جدعون ساعر (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومنافسه جدعون ساعر (رويترز)

بدأ أعضاء حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التصويت اليوم (الخميس) لاختيار رئيس جديد له في انتخابات تمهيدية طالب بها خصمه الرئيسي جدعون ساعر المصمم على انتزاع قيادة الحزب منه.
وستشكل الهزيمة لنتنياهو (70 عاماً) صدمة، لكن نتائج متقاربة بين المرشحين ستضعف تأثيره على الحزب اليميني المتشدد الذي يهيمن عليه منذ عشرين عاماً، وذلك وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وفتحت مراكز التصويت أبوابها اليوم عند الساعة التاسعة (09:00 ت غ)، ودعي أعضاء الليكود البالغ عددهم نحو 116 ألفا إلى التصويت حتى الساعة (21:00 ت غ) في أكثر من مائة مركز اقتراع. ولن تعلن نتائج التصويت قبل صباح غداً (الجمعة).
في مركز الاقتراع في حي كريات موشي بالقدس الغربية، قال رامي ديفيد إنه صوت لساعر لأنه «سيعطي لليكود صورة جديدة».
أما ناثان مواتي (26 عاماً) فقد أكد أنه يؤيد نتنياهو ولا يعتقد أن مناصريه قلقون من لائحة الاتهام. وقال إن «الأهم بالنسبة لنا هو التصويت بأغلبية ساحقة لصالح نتنياهو أي تصويت بنسبة 80 في المائة».
وقال ستيفان ميلر خبير استطلاعات الرأي الذي شارك في حملات إسرائيلية متعددة: «أياً تكن النتيجة، لا يمكن لنتنياهو إلا أن يخسر».
وأضاف ميلر أنه بغض النظر عن حجم الدعم الذي يحصل عليه ساعر «هذه هي المرة الأولى منذ عشر سنوات التي تعبر فيها علناً مجموعة من الناخبين من اليمين، عن رغبتها في التخلص من نتنياهو». وتابع: «إذا حصل ساعر على أكثر من ثلث أصوات الحزب، فهذا سيلحق ضرراً كبيراً بنتنياهو».
ويواجه نتنياهو الذي يشغل منصب رئيس الوزراء منذ عقد لائحة اتهام بالفساد في ثلاث قضايا ينفيها نتنياهو كلها. ويفترض أن يخوض انتخابات تشريعية مبكرة في مارس (آذار) المقبل ستكون الثالثة من نوعها في غضون عام.
وجاب نتنياهو وساعر البلاد في حملة انتخابية لإقناع نحو 116 ألف عضو في الليكود مؤهلين بإدلاء أصواتهم، رغم أن نتنياهو لم يستجب لدعوة ساعر بإقامة مناظرة.
سيتولى الفائز في هذه الانتخابات التمهيدية المهمة الشاقة التي تتمثل بقيادة حملة لحزب للانتخابات التشريعية التي ستجرى في الثاني من مارس المقبل، بعدما أفضت انتخابات سبتمبر (أيلول) إلى طريق مسدود لتشكيل حكومة إسرائيلية.
وتشكل خطوة ساعر (53 عاماً) الترشح للانتخابات ضربة لنتنياهو وتهديداً خطيراً له.
ورداً على سؤال عما سيفعله إذا فاز في الانتخابات وفرضت عليه المحكمة التخلي عن منصبه للمثول أمام القضاء، قال نتنياهو الشعب هو الذي يحدد هو القوة الأكبر.
ويذكر أن جدعون ساعر سياسي إسرائيلي ينتمي لحزب الليكود اليميني. وقد شغل مقعداً في الكنيست ومنصبي وزير الداخلية ووزير التربية والتعليم في حكومات نتنياهو.
وقد أعلن عن استقالته من منصب وزير الداخلية عام 2014. إلا أنه عاد إلى الحياة السياسية عام 2019 وحل رابعاً على قائمة الليكود في الانتخابات.
واتهم جدعون ساعر نتنياهو مراراً بتهميشه ومع فشل رئيس الوزراء في تشكيل ائتلاف حكومي بعد انتخابين هذا العام، أصبح ساعر الآن يتحدى رئيس الحكومة لزعامة حزب الليكود.
وينتهج ساعر السياسة اليمينية نفسها التي يتبعها نتنياهو في العديد من القضايا الرئيسية بما في ذلك العلاقة مع الفلسطينيين. وقد دعا إلى تشديد العلاقة مع الفلسطينيين.
تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن فوز ساعر بزعامة الليكود سيؤدي إلى فوز الحزب بعدد أقل من المقاعد الليكود في الانتخابات لكنه سيسمح بزيادة حجم الكتلة اليمينية في البرلمان الإسرائيلي، مما يعني تشكيل حكومة أغلبية يمينية.
وكتب ساعر على موقع «فيسبوك» مساء الأربعاء «الى المترددين... غداً سنقوم بالتغيير».
وكان ساعر دعا في الخريف إلى إجراء الانتخابات التمهيدية للحزب بعد فترة وجيزة على الانتخابات العامة لاختيار رئيس لليكود بدلاً من نتنياهو الذي يقود الليكود منذ 1993. لكن دعوته لم تلقَ صدى حينذاك.
وقال ساعر الاثنين إن «نتنياهو فشل مرتين، لكن ليس بسبب أفكار الليكود»، داعياً إلى «نهضة» في اليمين الإسرائيلي. وحذر من أنه «إذا لم نجر أي تغيير فنحن نقترب من حكومة يسارية».
وهتف المئات من مؤيديه «ساعر وحده يستطيع».
وقال جدعون راهاط أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية لوكالة الصحافة الفرنسية «إنه ليس سلبياً وليس قاسياً. إنه رجل نبيل، إضافة أنه لا توجد لائحة اتهام ضده».
وقال ساعر مخاطباً مؤيديه: «إذا كنت تعتقد أن الليكود ونهجه يجب أن يقودا إسرائيل فقم بالتصويت لي»، مشيراً إلى أنه يتمتع «بالمعرفة والخبرة لقيادة إسرائيل في العقد المقبل».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.