آلاف الجزائريين يشيِّعون قائد الجيش إلى مثواه الأخير

أعضاء الحكومة وكبار الشخصيات شاركوا في الجنازة {الأكبر منذ وفاة الرئيس بومدين}

آلاف الجزائريين حضروا من مختلف مدن البلاد لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان الراحل أحمد قايد صالح وسط العاصمة أمس (أ.ف.ب)
آلاف الجزائريين حضروا من مختلف مدن البلاد لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان الراحل أحمد قايد صالح وسط العاصمة أمس (أ.ف.ب)
TT

آلاف الجزائريين يشيِّعون قائد الجيش إلى مثواه الأخير

آلاف الجزائريين حضروا من مختلف مدن البلاد لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان الراحل أحمد قايد صالح وسط العاصمة أمس (أ.ف.ب)
آلاف الجزائريين حضروا من مختلف مدن البلاد لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان الراحل أحمد قايد صالح وسط العاصمة أمس (أ.ف.ب)

ودَّعت حشود كبيرة بالجزائر، أمس، قائد أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، في جنازة مهيبة، وصفها قطاع من المراقبين بـ«التاريخية»، و«الأكبر منذ وفاة الرئيس هواري بومدين» قبل 41 سنة. ولم يتمكن الآلاف من دخول «مقبرة العالية» لحضور مراسم الدفن، بالنظر لضيق المكان.
وتوقفت حركة المرور بشكل كامل أمس بالعاصمة، لفتح الطرق المؤدية إلى «قصر الشعب»؛ حيث نقل صباحاً جثمان قائد الجيش للترحم عليه. وكانت المنشأة القديمة مقراً للحكام العثمانيين، وبنيت في القرن الـ18، وقد استقبلت جثامين رؤساء الجمهورية، كان آخرهم الشاذلي بن جديد، الذي توفي في 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2012.
وكان الرئيس الجديد عبد المجيد تبون من أوائل الشخصيات الكبيرة التي وصلت إلى «قصر الشعب»؛ حيث بدا متأثراً، وقرأ الفاتحة على الراحل، وشوهد وهو يعزي أبناء قايد صالح وأصهاره، وهم ضباط في الجيش. كما شوهد رئيس الأركان بالنيابة، وصديق المرحوم، اللواء سعيد شنقريحة، وهو يقدم العزاء. إضافة إلى مدير جهاز الأمن الداخلي، الذي جرى حديث عن سجنه بتهم فساد في الـ48 ساعة الأخيرة. وقد ركزت وسائل الإعلام على حضوره إلى «قصر الشعب»، على سبيل تكذيب إشاعة سجنه، ضمناً. كما شهد المكان وجوداً مكثفاً لضباط القيادة العليا للجيش، وقادة النواحي العسكرية الست، ومسؤولي الهياكل بوزارة الدفاع.
وكان من بين المعزين أيضاً رئيس الوزراء بالنيابة صبري بوقادوم، وكل أعضاء الحكومة، والرئيس الانتقالي السابق عبد القادر بن صالح، الذي تمسك به قائد الجيش السابق ورفض تلبية مطلب إقالته، وهو المطلب الذي عبر عنه ملايين المتظاهرين خلال الأشهر الماضية. وقد اعتبر عزله خروجاً عن الدستور الذي ينص على أن رئيس «مجلس الأمة» (بن صالح) يسير الدولة بعد استقالة رئيس الجمهورية، إلى غاية انتخاب رئيس جديد. علماً بأن الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة استقال في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي.
وأظهرت لقطات بثها التلفزيون الحكومي النعش عند وصوله في الساعة السادسة والنصف (بتوقيت غرينتش) إلى «قصر الشعب»، يحمله عدد من الضباط، وقد لف بعلم الجزائر، ليتاح للجزائريين وداعه.
وقد حظي قايد صالح بتكريم الرئيس الجديد الذي قلده خلال تنصيبه وسام «الصدر»، الذي يمنح عادة لرؤساء الدولة، وتم ذلك خلال تسلمه السلطة الخميس الماضي، بمناسبة أدائه اليمين الدستورية.
وتوفي قايد صالح (79 عاماً) الاثنين، إثر إصابته بسكتة قلبية، حسبما أعلنت الرئاسة الجزائرية في بيان. وقالت وزارة الدفاع لاحقاً في بلاغ نشرته على موقعها الإلكتروني: «انتقل إلى رحمة الله المجاهد الفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الذي فاجأه الأجل المحتوم صباح الاثنين 23 ديسمبر (كانون الأول) في الساعة السادسة صباحاً، بسكتة قلبية ألمت به».
وسار الموكب الجنائزي عبر «شارع جيش التحرير الوطني»، وكان نعش الفقيد فوق ظهر مدرعة، وتبعه الآلاف من المشيعين مشياً على الأقدام حتى «مقبرة العالية» بالضاحية الشرقية للعاصمة، على مسافة تفوق 10 كيلومترات. واحتشد المئات على أطراف الطريق وفوق الجسور، عندما كان الموكب يقترب من المقبرة.
ولوحظ من بين المشيعين قادة بعض الأحزاب، بعضهم من المعارضة، انتقدوا سياسة قايد صالح في تسييره الأزمة التي تولدت عن استقالة بوتفليقة، ومن بينهم الشيخ عبد الله جاب الله، رئيس «جبهة العدالة والتنمية». وكان من ضمن المشاركين في التشييع أيضاً المرشحون الأربعة لـ«رئاسية» 12 من الشهر الجاري، وكان أول من وصل إلى «قصر الشعب» منهم، الشاعر والأديب عز الدين ميهوبي.
ودخل موكب الجنازة إلى المقبرة في حدود الثانية ظهراً بالتوقيت المحلي، وشهد المكان تدافعاً كبيراً لمئات الأشخاص أرادوا حضور الدفن، غير أن رجال الشرطة منعوهم واستعملوا القوة مع بعضهم، ما أثار استياءهم.
محمد شكري، الذي جاء من منطقة طولقة بجنوب البلاد، قال إنه جاء إلى العاصمة ليل الثلاثاء، من أجل أن يحجز مكاناً له بالمقبرة صباحاً، غير أن الشرطة سدت مدخل المقبرة، وحالت دون التحاقه بـ«مربع الشهداء»؛ حيث مقابر رؤساء الجزائر المتوفين وشهداء ثورة الاستقلال.
وفي كلمة تأبينية، أكد مدير الاتصال والإعلام والتوجيه بوزارة الدفاع الوطني، اللواء بوعلام ماضي، أن الجزائر «فقدت رجلاً من خيرة الرجال، وبرحيله فقدت الجزائر ابناً باراً من خير ما أنجبت». كما تحدث عن «فضله في إيصال الجزائر إلى بر الأمان»، في إشارة إلى حرصه على تنظيم انتخابات رئاسية لتسليم السلطة إلى رئيس جديد.
وأكد ماضي أن «الفقيد صدق النية فلقي حسن الخاتمة، وقد مد الله في عمره حتى تأدية الأمانة كاملة غير منقوصة، كما أرادها الشهداء الأبرار»، مضيفاً: «كل ما بناه الفريق أحمد قايد صالح لن يذهب سدى، وأفراد الجيش الوطني الشعبي سيبقون أسوداً يحمون عرين الوطن، متشبعين بالقيم السامية ولن يحيدوا عنها مهما كلفهم ذلك من ثمن، وسيواصلون المسيرة على عهد الفقيد، بأن يجعلوا أمن الجزائر واستقرارها قرة أعينهم».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.