رئيس مجلس النواب المغربي ينتقد سياسة الحكومة في المجال الاجتماعي

TT

رئيس مجلس النواب المغربي ينتقد سياسة الحكومة في المجال الاجتماعي

انتقد الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب المغربي، سياسة الحكومة في مجال الحماية الاجتماعية. وقال إنها تتميز بـ«التجزُّؤ والضعف وتورث الفقر». وأوضح المالكي، الذي كان يتحدث أمس، في لقاء نظمته لجنة القطاعات الاجتماعية بالمجلس حول «منظومة الحماية الاجتماعية»، أن الخصاص (النقص) الاجتماعي، وتحقيق العدالة الاجتماعية، من أهم الأسباب التي دفعت العاهل المغربي إلى الدعوة إلى اعتماد نموذج تنموي جديد.
وكانت الحكومة المغربية قد صادقت قبل نحو عام على مشروع قانون إحداث سجل اجتماعي موحد، يوجد حالياً قيد الدراسة في البرلمان، قصد تمكين الفقراء من الاستفادة من برامج الحماية الاجتماعية، وفق معايير قالت إنها ستكون دقيقة وموضوعية، وذلك بهدف تجاوز العراقيل، التي تحول دون وصول الدعم إلى الفئات المستحقة. واعتبرت هذا الإصلاح غير مسبوق، ويهدف إلى رفع مردودية البرامج الاجتماعية، التي يصل عددها إلى 120 برنامجاً، حتى تصل إلى المستحقين، وتحدث الأثر الإيجابي لدى الأسر.
في هذا السياق، قال المالكي إن منظومة الحماية الاجتماعية بالمغرب «تتميز بالتعدد والتجزُّؤ والهشاشة أحياناً، والضعف أحياناً أخرى، كما أنها لا تشمل مجموع فئات المجتمع»، لافتاً إلى أن هذا التعدد والتجزُّؤ «يؤثر على الواقع الاجتماعي، ويؤدي إلى تشتت الموارد، مما يجعل أثر الإنفاق العمومي على الحماية الاجتماعية غير ملموس على النحو المطلوب، ولا يحدث الأثر الـمتوخى على الخدمات والمداخيل».
ومن أسباب ضعف نجاعة برامج الحماية الاجتماعية في المغرب، حسب رئيس مجلس النواب: «حاجتها إلى التناسق، وتوحيد السياسات، وتعبئة الموارد»، و«ضرورة جعلها أداة لتقليص الفوارق الاجتماعية، لا وسيلة لتكريسها وإعادة إنتاجها، وأحد أدوات الوقاية من الهشاشة والفقر، لا آلية لتوريثه».
واستدل المالكي بتجارب بلدان أخرى نجحت في إقرار برامج ناجحة ومستدامة؛ لأنها «ارتكزت في الحماية الاجتماعية على قيم ومبادئ ومواثيق حقوق الإنسان، ونأت بهذه الأنظمة عن اعتبارات التعاطف والكرم، وأدرجتها ضمن المسؤولية العمومية للدولة في ضمان الحقوق الاجتماعية لمواطنيها»، وذلك في انتقاد ضمني لأحد البرامج الخاصة بالنهوض بوضعية النساء، أطلق عليها اسم خطة «إكرام»، التي أشرفت عليها بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والتنمية الاجتماعية السابقة، المنتمية لحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية.
ودعا المالكي إلى اعتبار الإنفاق على الحماية الاجتماعية «نوعاً من إعادة توزيع الثروة، وآلية للتضامن الفئوي وبين الأجيال، واستثماراً اجتماعياً منتجاً، ووسيلة لتعزيز التماسك الاجتماعي والاستقرار»، عوض اعتباره «كلفة زائدة».
كما نبه رئيس مجلس النواب المغربي إلى النقص الكمي والنوعي في منظومة الحماية الاجتماعية في المغرب، ودعا إلى استدراك هذا العجز في الاهتمام بالشرائح التي تعاني أكثر من الهشاشة، من قبيل ذوي الاحتياجات الخاصة والأطفال والنساء والمسنين، وسكان البوادي والحرفيين والعاطلين والطلبة.
من جانبها، استعرضت جميلة مصلي، وزيرة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، مختلف البرامج الاجتماعية التي اعتمدها المغرب على مدى سنوات، وقالت إن «إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية خيار استراتيجي، تعمل الحكومة على تكريسه»، وعدته «إحدى أهم أولوياتها»، مشيرة إلى أن «تطوير رؤية استراتيجية ومندمجة لبرامج الحماية الاجتماعية، أصبح ضرورة ملحة»، لا يمكن أن تتحقق إلا عبر اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمعالجة النواقص، التي تعرفها نظم الحماية الاجتماعية بالمغرب، والتي تم رصدها من خلال التقارير المنجزة في هذا الإطار، والتي مهدت لمشروع السياسة العمومية المندمجة للحماية الاجتماعية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.