صناعة المفروشات التراثية والأرابيسك السورية في مرحلة الانقراض

الأزمة والحرب تصيبانها بكارثة

أجبرت الأزمة كامل الخبير على تحويل جزء من مصنعه لصالون حلاقة ({الشرق الأوسط})
أجبرت الأزمة كامل الخبير على تحويل جزء من مصنعه لصالون حلاقة ({الشرق الأوسط})
TT

صناعة المفروشات التراثية والأرابيسك السورية في مرحلة الانقراض

أجبرت الأزمة كامل الخبير على تحويل جزء من مصنعه لصالون حلاقة ({الشرق الأوسط})
أجبرت الأزمة كامل الخبير على تحويل جزء من مصنعه لصالون حلاقة ({الشرق الأوسط})

يبدو أن صناعة المفروشات السورية التي يعود تاريخ انطلاقتها لمئات السنين، حيث تطورت مع الزمن، مكتوب عليها الانتكاسات والنكبات - يعلق عدنان أحد أصحاب مصانع المفروشات المنزلية بدمشق - فقبل الأزمة عانت صناعة المفروشات السورية منافسة المفروشات المستوردة، وخاصة مع فتح الأسواق السورية لها بطلاقة ومنها المفروشات التركية. ورغم أن المفروشات السورية لا تقل جودة عن المستوردة وخاصة التركية، فقد كان البعض من أصحاب الصالات والمراكز التجارية يطلق دعايات مركزة وبمختلف الوسائل الإعلامية ولوحات الطرق، جعلت الناس يتجهون لاقتنائها، مستغنين عن المفروشات المصنعة محليا.
بعد انطلاق الأزمة في عام 2011 والحرب، جاءت الضربة القاصمة لصناعة المفروشات - يتنهد عدنان، خاصة أن معظم مصانع وورش تصنيعها تقع في الغوطة الشرقية، وتحديدا في منطقة سقبا التي كانت تعرف بعاصمة المفروشات السورية وتوجد بها أفضل وأرقى مصانع المفروشات في سوريا، حيث طغت على مناطق أخرى اشتهرت منذ عشرات السنوات بوجود هذه المصانع والورش الآلية واليدوية، ومنها مناطق عربين وداريا وببيلا، وجميع هذه المناطق تقع في أماكن اشتباكات وحرب، مما جعلها تخرج عن الخدمة ولا يعرف أصحابها شيئا عنها، حيث إن معظمهم يقطنون في دمشق أو في أماكن آمنة نسبيا ولديهم صالات بيع فيها.
كامل الخبير، شاب دمشقي ورث عن عائلته في حي القنوات بوسط دمشق صالة لبيع المفروشات المصنعة من الخيزران والقصب ومعملا كبيرا لتصنيعها في منطقة الغوطة الشرقية، ومعملا آخر في منطقة العسالي بالقدم في جنوب دمشق، توقف المعملان عن العمل بعد انطلاق الأزمة بأشهر قليلة ولم يعد يعرف شيئا عن معمله وما كان به من آلات تزيد قيمتها على الـ500 ألف دولار أميركي والمنتجات الجاهزة في حينها قبل 3 سنوات. واضطر كامل إلى تأجير جزء من صالة البيع لديه لأحد الأشخاص ليحوله إلى صالون حلاقة رجالية حتى يتمكن من الحصول على مردود مادي ولو بسيط يعينه على متطلبات العيش؟!
يتحسر كامل في لقاء مع «الشرق الأوسط» على حكاية معمله وتاريخ أسرته مع صناعة المفروشات، وهي -كما يرينا - شهادات الشكر والتكريم والميداليات الذهبية التي حصل عليها معمله من إدارات معارض شارك فيها خارج سوريا وداخلها، ومنها معرض باريس الدولي. ويلفت انتباهنا إلى واجهة صالته المكتوب عليها أنها أول معمل لصناعة مفروشات القصب والخيزران في منطقة الشرق الأوسط والسجل الصناعي الذي يعود تاريخه لعام 1950 الذي يدلل على ذلك وكيف كان قبل الأزمة يصدر منتجاته لبلدان الخليج العربي ولبنان، وأن هناك فنادق دولية وقصورا اقتنت مفروشاتها من معملهم ومنها فنادق ريجينسي قطر و5 فنادق في قبرص. يشرح كامل: «تمتد رحلة معملنا إلى أواخر أربعينات القرن الماضي، حيث بدأنا بإنتاج كراسي الخيزران الخاصة بالمقاهي والحفلات، ومن ثم طورناه لإنتاج مفروشات البامبو، حيث كنا نستورد المادة الخام من سنغافورة، فقدمنا للزبائن جميع أنواع المفروشات من غرف نوم وأطقم جلوس صالونات وطاولات وكراسي لغرف السفرة. وبعد ذلك، قمنا بتدريب الكثير من الحرفيين على صناعة هذه المفروشات، ومعظمهم من عائلتنا أو من العاملين لدينا حيث افتتحوا ورشا جديدة لها، ووصل عددها للعشرات قبل الأزمة، ولكن حاليا معظمها توقف عن العمل لوجودها في مناطق الغوطة الشرقية في سقبا وداريا وعربين وكفر بطنا وببيلا ويلدا وبيت سحم وغيرها. وبالنسبة لي، فلدينا معملان: الأول لي ويقع في منطقة عقربا وهو معمل كبير على مساحة واسعة وبـ5 طوابق، وكان يعمل لدي نحو 22 عاملا حرفيا متخصصا. بعد بدء الأحداث، تركنا المعمل وما فيه من منتجات بالمستودعات وعددها 350 كرسي خيزران وكراسي هزازة ومفروشات أخرى، سمعنا أنها احترقت جميعها بسبب المعارك، والآلات لا نعرف عنها شيئا. أما المعمل الثاني وورثته عن والدي في منطقة العسالي، فسمعنا أن آلاته من مخارط وغيرها، ومعظمها مستوردة من الخارج، انصهرت تماما بسبب المعارك في المنطقة».
«للأسف، فإن صناعة المفروشات تأثرت سلبا بسبب الأزمة. وقبلها، كان استيراد المفروشات الأجنبية، والتركية بشكل خاص، كارثة لهذه الصناعة السورية العريقة - يضيف كامل - حتى ولو أعدنا العمل بمصانعنا فإننا لن نعود كما كنا، فأسعار المواد الأولية وجميعها مستوردة من خشب وخيزران وغيرها ازدادت نحو 4 أضعاف بسبب ارتفاع سعر الدولار الأميركي مقابل الليرة السورية وكذلك توافر الكهرباء وارتفاع أسعار الوقود بشكل كبير، ومن ثم سنضطر إلى بيع منتجاتنا بأسعار مضاعفة، ولن يأتينا زبائن إلا المقتدرين ماليا لشراء المفروشات، ولذلك فإن مستقبل مهنتنا كصناعة مفروشات وتجارتها غامض. وبالنسبة لنا كتصنيع مفروشات تراثية من الخيزران والقصب، أعتقد أنها ستدخل مرحلة الانقراض مثلا. بالنسبة إلى عمال مصنعي المختصين الـ22 اضطروا إلى الهجرة خارج سوريا لتأمين مصدر رزق، وجميعهم صاروا يعملون بمهن أخرى لا علاقة لها بصناعة المفروشات».
هكذا حال صناعة المفروشات السورية التي تعتمد على الآلة والعمالة الخبيرة، فما هو حال تلك المفروشات العريقة التي تعتمد على اليد الحرفية فقط، ومنها المفروشات كالطاولات والكراسي والأسرة والخزائن المصنعة من خشب الليمون والورد والكينا والزيتون والجوز والمزخرفة بالموزاييك والمنجدة بالبروكار. يؤكد الكثير من المتابعين أن هذه الصناعة شبه منقرضة؛ فتكلفتها مرتفعة جدا وزبائنها قليلون جدا، ولذلك من يعمل بها حاليا بقصد الهواية والتوثيق لتبقى في الذاكرة باستمرار مع دخولها مرحلة الانقراض وهجرة العاملين فيها وارتفاع تكلفتها.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.