معرض الفن الأفريقي المعاصر تحت عنوان «1:54» يأتي بالقارة السمراء إلى لندن

يستمد معرض الفن الأفريقي المعاصر في لندن اسمه «1:54» من قارة واحدة و54 دولة، ويأتي المعرض إلى العاصمة البريطانية بعد عام افتتاحي ودود للغاية. المعرض الذي يقام على مساحة أكبر عاد مرة أخرى ليحتل مكانه في سومرست هاوس بلندن، ويضم 27 صالة فنية تعرض لأكثر من 120 فنانا. وتقودنا الشعبية الكبيرة التي استقبل بها ذلك المعرض للتساؤل «لماذا لم يجر تنظيمه من قبل؟». تقول توريا الجلوي، مؤسسة معرض «1:54»: «كانت هناك الكثير من المناقشات التي أدت إلى خروج هذا المعرض للنور. في الماضي كانت هناك الكثير من الفعاليات التي تتمحور حول أفريقيا في الماضي. ومن أكبر تلك الفعاليات التي دارت في أوروبا، على سبيل المثال في عام 1989 كانت فعالية (سحرة الأرض) في باريس، والتي ضمت نحو مائة فنان. كما كانت هناك فعالية (أفريقيا) في 2005 في لندن. يجب القول: إنه كانت هناك الكثير من الفعاليات ولكن لم يكن الناس على علم بها. ولكن المعرض الأخير بفضل وجوده في لندن صار متاحا للكل».
الجلوي نفسها، وهي كريمة الفنان المغربي البارز حسن الجلوي، كانت شديدة الاهتمام للحفاظ على توازن الحدث من حيث عرض أعمال الفنانين الأفارقة، وجذب الوكلاء والفنانون من شمال أفريقيا فضلا عن الجزء الجنوبي من الصحراء في القارة. ولكن معرض «1:54» يذهب لما أبعد من ذلك، حيث يأتي بغاليرهات من مختلف أرجاء العالم، وأعمال لفنانين أفارقة وآخرين من أصول أفريقية يقيمون في أماكن أخرى. وفيما بينها، تعبر الأعمال الفنية هنا عن مختلف اللغات البصرية والتواريخ التصويرية من شمال القارة حتى جنوبها، ولكنها تقع ضمن التوقعات العالمية لمفهوم الفن المعاصر وانشغاله بالأفكار والأحداث الجارية.
الفنانة بيجو الاتيس من غاليري «آرت تونتي وان» من لاغوس تقدم عملا فنيا يتساءل حول حالة عدم الاهتمام بموجة اختطاف الفتيات في نيجيريا. وعملها الفني المسمى «المفقود 2014» يأتي في 96 لوحة من الاكريليك على نسيج شمعي من الأنماط الأفريقية مع صور ظلية تأخذ أشكال رؤوس الفتيات المختطفات. في بيانها الفني تحصي نحو 90 فتاة اختطفت بحلول شهر فبراير (شباط) لعام 2014. ثم 234 فتاة كذلك في شهر أبريل (نيسان) من ذات العام. ولكنها تقرر بوضوح أن ذلك الأمر ليس البداية ولا النهاية لهذا الأمر.
تحاول السيدة الجلوي تبسيط الأعمال الفنية في المعرض بقولها: «هناك نوع من الحيوية الخاصة بالفن الأفريقي، وكذلك قدر معتبر من الفنانين الأفارقة العصاميين. والانشغال بالفن المفاهيمي أقل مما نجده غالبا في أوروبا، على سبيل المثال. ولكن بالطبع لن تجد قاسما مشتركا هنا».
مارسيا كوري هي إحدى الفنانات التي تعرض أعمالها هنا وهي من سكان مدينة نيويورك وتلقت تعليمها الفني في مدرسة للفنون بالولايات المتحدة وفي بلدها الأصلي نيجيريا. وتقدم أعمالها التصويرية الفائقة البراعة في غاليري بوردي هيكس للفنون بلندن. إن مزيج الألوان والأشكال والحيازات التصويرية لديها يخلق أجسادا سريالية توحي بخداع بصري لطيف.
على مقربة من ذلك هناك غاليري (WHATIFTHEWORLD) الفني من مدينة كيب تاون في جنوب أفريقيا. وهو يقدم أعمالا أدائية وأخرى متعددة الوسائط وتصوير أزياء. الفنان اثي باترا روغا يستخدم الأداء، والفيديو، والموضة في استكشاف الأفكار حول المدينة الفاضلة ونقيضها. في أحد مقاطع الفيديو نرى الفنان وسط مجموعة من البالونات الملونة الزاهية بالطلاء البراق وبانفجار البالونات، تنتشر الألوان في الأجواء المحيطة بها. فما بدأ وكأنه فقاعات ملونة انتهى به الأمر إلى رذاذ عنيف.
وبدورها تشير إلى سعادتها «بوجود الكثير من الأعمال الفنية من الشمال الأفريقي هنا، لأن معظم الناس يميلون إلى اعتبار القارة السمراء من حيث المنطقة الواقعة جنوب الصحراء الكبرى فحسب».
يقدم غاليري تيمور غراني في نيويورك عرضا فنيا منفردا لأعمال من إنتاج الفنان الجزائري فيصل باغريش. وتستند مجموعته الفنية على الأشياء المستردة وعلى الصور. أحد أعماله عبارة عن صندوق ضوئي يحمل صورة كبيرة شاحبة لفتاة صغيرة تحمل في يديها كرة من النور. الصورة كانت في الأصل لوحة إعلانية لمتجر إضاءة في دبي كان باغريش قد رآها وسعى إلى امتلاكها. نرى اللوحة وقد تآكلت تفاصيلها بفعل الشمس الحارقة، تاركة مزيجا ماديا من السريالية والميتافيزيقية يمثل النور، مما يوحى بفكرة أن الفتاة تتلاشى داخل كرة النار التي في يديها.
تقول الجلوي: «يبدو أن أفريقيا تميل ناحية الفنون والأزياء أكثر من ذي قبل، وهناك طفرة اقتصادية كبيرة هناك. وإذا ما تحسنت الأوضاع الاقتصادية بالقارة، فإن المشهد الفني هناك سيتسق معها سواء بسواء». إن المجموعات المتجددة من الأعمال الفنية المعاصرة، القادمة من المعارض المنتشرة في جميع أنحاء العالم، تقدم رؤية جديدا للغاية على القارة السمراء.