احتجاجات العراق... 60 يوماً على انطلاقها و«الثورة» مستمرة

قداس لـ«الشهداء» في ساحة التحرير ببغداد

مظاهرة طلابية حاشدة ضد الطبقة السياسية في البصرة أمس (رويترز)
مظاهرة طلابية حاشدة ضد الطبقة السياسية في البصرة أمس (رويترز)
TT

احتجاجات العراق... 60 يوماً على انطلاقها و«الثورة» مستمرة

مظاهرة طلابية حاشدة ضد الطبقة السياسية في البصرة أمس (رويترز)
مظاهرة طلابية حاشدة ضد الطبقة السياسية في البصرة أمس (رويترز)

يصادف اليوم (الأربعاء) مرور 60 يوماً على انطلاق الموجة الثانية من الاحتجاجات العراقية؛ إذ بدأت الاحتجاجات في 1 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبعد استمرارها بضعة أيام توقفت لدواعي إكمال موسم زيارة الأربعين الدينية في كربلاء، ثم عاودت بعد ذلك نشاطها في يوم 25 من الشهر نفسه وما زالت مستمرة.
وخلال هذه الفترة نجحت جماعات الحراك في تحقيق مجموعة أهداف غير قليلة؛ من بينها إرغام رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وحكومته على الاستقالة بعد مرور شهر واحد على انطلاق الحركة الاحتجاجية، كذلك إرغام البرلمان على تعديل قانون الانتخابات بما يتناسب مع مطالب المتظاهرين.
غير أن تلك النجاحات لم تمر من دون خسائر جسيمة تكبدها المحتجون، حيث تشير الأرقام شبه الرسمية إلى سقوط ما لا يقل عن 20 ألف متظاهر بين قتيل وجريح على أيدي القوات الأمنية التي استخدمت الرصاص المطاطي والحي والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين في ساحات الاعتصام بمختلف المحافظات العراقية، إلى جانب قيام جماعات مجهولة يعتقد أنها تابعة لفصائل مسلحة موالية لإيران باغتيال 29 ناشطاً.
وتواصلت أمس الاعتصامات والإضرابات في بغداد وبقية المحافظات العراقية وإنْ بوتيرة أقل من الأيام الماضية، لكن اتجاهات متشددة داخل جماعات الحراك تميل إلى «التركيز على زيادة زخم الاحتجاجات في بغداد وعدم تشتيت الجهود في المحافظات البعيدة». بحسب الناشط أحمد خزام. ويؤكد خزام لـ«الشرق الأوسط» أن «اتجاهات غير قليلة في الحراك ترى أن بغداد هي أصل المشكلة ومقر السلطة وأحزابها ومن دون تكثيف الجهود فيها فلن يحرز الحراك كثيراً من النقاط في مرمى الأحزاب والفصائل المسلحة، من هنا فإن التركيز سينصب على بغداد في المرحلة المقبلة».
ويضيف: «وجد بعض جماعات الحراك وبعد مراجعة مظاهرات الشهرين الماضيين، أن تأثير المظاهرات في المحافظات البعيدة قليل نسبياً بالمقارنة مع بغداد، وهناك تجارب مماثلة تؤكد ذلك، فمظاهرات محافظة البصرة الحاشدة عام 2018 لم تحقق أهدافها بسبب بعدها عن المركز». ورجح خزام أن «يلجأ المتظاهرون إلى توحيد الجهود والتركيز على بغداد بشطريها وعدم الاكتفاء بالوجود في ساحة التحرير بجانب الرصافة، بهدف إرغام السلطات على الاستجابة لمطالب المتظاهرين بشكل كامل وعدم المماطلة في تنفيذها».
وفي ساحة التحرير، نصبت أمس شجرة كبيرة بمناسبة أعياد الميلاد وتم تزيينها بصور وأسماء «الشهداء» الذين سقطوا في المظاهرات على يد القوات الأمنية. وكتب على الشجرة التي تبرع بشرائها مسيحيون.
وأبلغ الناشط زيدون عماد «الشرق الأوسط» عن عزم الكنسية الكلدانية إقامة قداس على أرواح من قتلوا في المظاهرات في ساحة التحرير، ويؤكد أن «الكنسية الكلدانية أبلغتنا بذلك، والمرجح أن يقيم القداس الكاردينال لويس رافائيل ساكو بطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق والعالم، بحضور رجال دين مسيحيين من لبنان». وسبق للبطريرك ساكو أن قام في 2 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بزيارة ساحة التحرير لتقديم الدعم للمتظاهرين وتجول بعربة «التوك توك» في الساحة.
وفي موضوع آخر ذي صلة بحوادث الاختطاف التي طالت عدداً كبيراً من الناشطين، تمكنت مجموعة من القراصنة من اختراق الصفحة الرسمية في «فيسبوك» لوزارة الصناعة والمعادن، وعرضوا عبر الصفحة صور وأسماء 4 ناشطين قالوا إنهم مختطفون، وهم كل من نور جبر وأحمد الناصري وعزوز الجبوري ومحمود جمعة. وهددوا بالاستمرار في خرق المواقع الإلكترونية للمؤسسات الرسمية في حال عدم إطلاق سراح الشبان الأربعة.
ويأتي حادث الاختراق الجديد بعد يوم واحد من اختراق الصفحة الرسمية الموثقة لوزارة الصحة العراقية حيث تم نشر صورة الناشط صفاء السراي، الذي قتل الشهر الماضي، على الواجهة الرئيسية لمنصة الوزارة الإلكترونية.
وتعرّضت مواقع إلكترونية رسمية لوزارات عراقية، بينها الدفاع والداخلية، لاختراق مجهولين الأسبوع الماضي، ووضعوا عليها عبارة تقول: «لا تناموا الليلة فستصعقكم الصاعقة».
وفي جنوب البلاد، تواصلت المظاهرات والاحتجاجات المنددة باختيار شخصيات حزبية لمنصب رئاسة الوزراء، حيث خرج مئات الطلبة في البصرة بمظاهرة رافضة للأنباء التي تحدثت عن ترشيح محافظها أسعد العيداني لمنصب رئاسة الوزراء. وأغلق المتظاهرون في القادسية أبواب الجامعة وعدداً من الدوائر الرسمية، كذلك استمر طلبة الديوانية وذي قار وواسط وميسان في المظاهرات والإضراب عن الدوام.



عشرات آلاف اليمنيين يسقطون من قوائم المساعدات الأممية

نقص التمويل والأزمة الاقتصادية يضاعفان من معاناة ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)
نقص التمويل والأزمة الاقتصادية يضاعفان من معاناة ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)
TT

عشرات آلاف اليمنيين يسقطون من قوائم المساعدات الأممية

نقص التمويل والأزمة الاقتصادية يضاعفان من معاناة ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)
نقص التمويل والأزمة الاقتصادية يضاعفان من معاناة ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

طالب عشرات الآلاف من المستحقين للمساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية بإعادة النظر في قرار إسقاط أسمائهم من قوائم المستحقين، في حين ذكر برنامج الأغذية العالمي أن 1.4 مليون شخص في مناطق سيطرة الحوثيين تلقوا مساعدات غذائية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي ضمن الاستجابة السريعة للطوارئ.

وذكرت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» أنها تلقت شكاوى عشرات الآلاف من السكان في مختلف المحافظات جراء قرار برنامج الأغذية العالمي إسقاط أسمائهم من قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية.

نموذج من شكاوى سقوط أسماء اليمنيين المستفيدين من المساعدات الأممية (إعلام محلي)

وأكدت المصادر أن الجانب الحكومي حاول ولا يزال عدم تقليص عدد المستفيدين إلا أنه لم يتمكن من ذلك، بسبب العجز الكبير في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، مع وجود آمال في أن تتم معالجة هذه الحالات في مرحلة مقبلة إذا ما حصلت خطة الاستجابة الإنسانية على تمويلات إضافية.

ومع ذلك، يؤكد ناشطون يمنيون أن عشرات الآلاف من الذين أسقطوا هم ممن يستحقون المساعدات الغذائية التي يقدمها البرنامج الأممي منذ سنوات، وليس هناك من هو أكثر منهم استحقاقاً، على حد تعبيرهم.

ورأى الناشطون أن إجراء كهذا وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها اليمن ستكون له انعكاسات خطيرة على حياة المحرومين، وطالبوا بتحرك حكومي مع المنظمات الدولية والجهات المانحة للتراجع عن هذه الخطوة.

من جهتها استغربت الأحزاب والتنظيمات السياسية في محافظة تعز (جنوب غرب) إسقاط أسماء كثيرة من المستفيدين من مساعدات برنامج الغذاء العالمي «بصورة غير مبررة» تزامناً مع موجة ارتفاع الأسعار القاتلة، وحملت الحكومة المسؤولية المباشرة عن التواصل والمتابعة مع البرنامج والمنظمات المعنية لإصلاح وتصحيح أوضاع المستفيدين الذين يمثلون الفئات الأكثر فقراً وحاجة.

5 ملايين مستفيد

وأعلن برنامج الأغذية العالمي اكتمال التوزيعات في إطار استجابته السريعة للطوارئ، حيث ساعد 1.4 مليون شخص في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية. كما بدأ توزيع الدورة الثالثة للمساعدات الغذائية في العام الحالي التي تستهدف 3.6 مليون شخص في مناطق سيطرة الحكومة، وقال إنه ولتغطية الاحتياجات في المناطق المتضررة من الفيضانات الأخيرة، قدم مساعدات غذائية لـ157 ألف شخص متضررين في جميع أنحاء البلاد خلال الشهر ذاته.

ونبه البرنامج إلى أنه مع استمرار تدهور وضع الأمن الغذائي، تضاعفت مستويات الحرمان الغذائي الشديد (سوء استهلاك الغذاء) تقريباً خلال العام الماضي في المناطق الخاضعة لسلطات الحوثيين. وفي المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها دولياً، وصلت تكلفة سلة الغذاء الدنيا إلى ذروة تاريخية وزادت الآن بنسبة 23 في المائة على أساس سنوي.

نحو نصف سكان اليمن يعانون من استهلاك غير كافٍ للغذاء (الأمم المتحدة)

وبشأن مواصلة الاستجابة لحالات الطوارئ على الساحل الغربي لليمن، قدم البرنامج مساعدات غذائية طارئة في المناطق المتضررة من الفيضانات. وفي المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، استكمل برنامج الأغذية العالمي الاستجابة السريعة للطوارئ في سبتمبر (أيلول)، حيث قدم المساعدة إلى إجمالي 1.4 مليون شخص في 34 مقاطعة منذ بدء عمليات التوزيع في أغسطس (آب).

كما بدأ برنامج الأغذية العالمي الجولة الأولى من المساعدات في 39 مقاطعة متضررة من الفيضانات في مناطق سيطرة الحوثيين وساعد 155300 شخص. وقال إنه في ظل الموارد المحدودة ولتعزيز تدابير الضمان، يقوم بإجراء عملية إعادة استهداف وتسجيل المستفيدين.

وفي المناطق التي تنفذ فيها برامج المساعدات الصغيرة، واصل برنامج الأغذية العالمي، بالتنسيق مع السلطات المحلية، الاستعدادات لجولة توزيع أغذية لمرة واحدة في المنطقتين التجريبيتين كمرحلة أخيرة من المشروع التجريبي.

أما في مناطق سيطرة الحكومة، فقد تم الانتهاء من جمع البيانات عن 3.6 مليون مستفيد، وبدأت المرحلة الأولى من تحديد الأولويات، والتي ستحدد عدد حالات المساعدة الغذائية المنقحة.

آلية الاستجابة السريعة

وساعدت آلية الاستجابة السريعة المشتركة بين الوكالات الأممية في اليمن 181 ألف شخص على مستوى البلاد. ومن بين هؤلاء، كان 99 في المائة من بين الأسر المتضررة من الفيضانات الشديدة الأخيرة، وواحد في المائة من الأسر التي نزحت بسبب الصراع.

كما قدم الأغذية العالمي المساعدة إلى 762 ألف امرأة وفتاة حامل ومرضع وطفل في إطار برامجه التغذوية المنتظمة، كما عمل في إطار علاج سوء التغذية الحاد والمتوسط على تقديم المساعدة إلى 671 ألف طفل وطفلة.

91 ألفاً من النساء الحوامل والأطفال اليمنيين حصلوا على مساعدات لمواجهة سوء التغذية (إعلام محلي)

وبخصوص تأثير نقص التمويل على مساعدات التغذية، ذكر برنامج الغذاء العالمي أنه وفي ظل نقص التمويل المستمر، يعاني 2.3 مليون طفل من المجموعة الخاصة من نقص الغذاء. في حين أنه قدم المساعدة لـ760 ألف طالب في سبتمبر (أيلول) في إطار برنامج التغذية المدرسية الذي ينفذ في 1706 مدارس في 15 محافظة.

وبحسب البرنامج، استؤنف مشروع المطابخ الصحية في مناطق سيطرة الحكومة، حيث قدمت وجبات طازجة لـ22300 تلميذ في 16 مدرسة، إذ أثر نقص التمويل على التغذية المدرسية للعام الدراسي الحالي، وبلغ عدد الطلاب الذين يرتادون هذه المدارس شهرياً 990 ألف طالب. كما قدم الدعم لـ81 ألف شخص في إطار برنامج الصمود والتعافي.

ووزع البرنامج الأممي مليون دولار في شكل تحويلات نقدية إلى المشاركين في المشروع الخاص بسبل العيش، حيث عمل المشاركون على 177 من الأصول، بما في ذلك إعادة تأهيل الطرق الريفية، وحصاد المياه والمشاريع الزراعية في أربع محافظات.

تدهور الأمن الغذائي

وأظهرت البيانات الحديثة التي وزعها برنامج الغذاء العالمي أن هناك 2.4 مليون يمني يتلقون المساعدات من البرنامج، وأن 17.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي ويعيشون في المرحلتين الثالثة والرابعة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.

وكشفت هذه البيانات عن وجود 6 ملايين شخص في حالة طوارئ، وهي المرحلة الرابعة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.

وطبقاً للبرنامج الأممي فإن هناك 7.7 مليون يمني في حاجة إلى دعم غذائي، في حين استمر تدهور وضع الأمن الغذائي في جميع أنحاء البلاد، حيث يواجه 64 في المائة من السكان استهلاكاً غير كافٍ للغذاء، وهو أعلى مستوى سجله برنامج الأغذية العالمي على الإطلاق في اليمن.

وأعاد البرنامج التذكير بالمخاطر المرتبطة بسلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي، وقال إن هناك 13 موظفاً من موظفي الأمم المتحدة -بمن في ذلك موظف محلي واحد من البرنامج- اعتقلتهم قوات الأمن التابعة للحوثيين في أوائل يونيو (حزيران) ولا يزالون قيد الاحتجاز حتى الآن.