تدابير مصرفية يمنية في مواجهة الحرب الحوثية ضد العملة المحلية

نداءات رسمية إلى الأمم المتحدة لحماية الاقتصاد من التجريف

معين عبد الملك لدى اجتماعه مع قيادة وزارة المالية اليمنية والبنك المركزي اليمني في عدن (سبأ)
معين عبد الملك لدى اجتماعه مع قيادة وزارة المالية اليمنية والبنك المركزي اليمني في عدن (سبأ)
TT

تدابير مصرفية يمنية في مواجهة الحرب الحوثية ضد العملة المحلية

معين عبد الملك لدى اجتماعه مع قيادة وزارة المالية اليمنية والبنك المركزي اليمني في عدن (سبأ)
معين عبد الملك لدى اجتماعه مع قيادة وزارة المالية اليمنية والبنك المركزي اليمني في عدن (سبأ)

في وقت واصلت فيه الميليشيات الحوثية في صنعاء وغيرها من المناطق الخاضعة لها حملتها غير القانونية لمحاربة العملة اليمنية وسحب الفئات النقدية المطبوعة حديثاً من السكان مقابل تعويضهم بعملة وهمية أطلقت عليها «الريال الإلكتروني»، وجّهت الحكومة اليمنية نداء رسمياً إلى الأمم المتحدة للتدخل من أجل حماية العملة والاقتصاد من تجريف الميليشيات الانقلابية.
وجاءت دعوات الحكومة في وقت لجأت فيه إلى اتخاذ تدابير عبر البنك المركزي في عدن من أجل الحد من تأثير الحرب المعلنة من قبل الجماعة الحوثية ضد العملة ومحاولة مضاعفة أزمة السيولة النقدية في مناطق سيطرتها.
وأفاد مصرفيون وسكان في صنعاء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأن قرار الميليشيات غير القانوني بسحب العملة من الفئات النقدية المطبوعة عبر الحكومة الشرعية والبنك المركزي في عدن، تسبب في إرباك كبير للسوق وحرمان من يملكون هذه الفئات من الحصول على الغذاء والدواء بسبب امتناع الباعة والتجار عن قبولها خوفاً من أن تقوم الميليشيات بمصادرتها ومعاقبتهم بالحبس.
في غضون ذلك؛ وجّه البنك المركزي اليمني شركات ومنشآت الصرافة العاملة بتجديد تراخيص مزاولة أعمال الصرافة من المركز الرئيسي للبنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن.
وطلب البنك في إعلانه الرسمي أن تلتزم جميع شركات ومنشآت الصرافة بتقديم طلبات التجديد وفقاً للنماذج المحددة إلى مقر المركز الرئيسي للبنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن أو فروع البنك المركزي في المحافظات خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) 2020، واستكمال إجراءات الترخيص المحددة في القانون والتعليمات الصادرة عن البنك.
وجاء قرار البنك المركزي في عدن بالتوازي مع حملة تقودها الميليشيات الحوثية في صنعاء لإجبار البنوك وشركات الصرافة على تجديد تراخيص مزاولة المهنة من قبل البنك غير الشرعي التابع لها في صنعاء، وهو الأمر الذي سيعود عليها بجني أموال ضخمة، وفق مصادر مصرفية.
ورداً على القرارات الانقلابية الحوثية بشأن منع تداول العملة اليمنية من الفئات المطبوعة حديثاً عبر البنك المركزي اليمني في عدن، وحديث الجماعة عن اعتماد عملة إلكترونية وهمية، كان «المركزي» اليمني أصدر (الاثنين) تحذيرات شدد فيها على عدم الانصياع لقرار الميليشيات.
وشملت تحذيرات البنك المركزي اليمني شركات الصرافة والبنوك، حيث جاء في تعميمه تأكيده على أن «عدم قبول العملة الوطنية المصدرة من الجهات الرسمية والمخولة دستوريا وقانونياً يعدّ مخالفة يعاقب عليها القانون».
وأضاف البنك في بيانه: «إذا ما اتضح للبنك المركزي قيام أي بنك أو شركة بالتعامل مع تعليمات غير صادرة من (المركزي) الرئيسي في عدن، بحيث يكون من شأنها الإضرار بالعملة الوطنية أو مخالفة قانونية، فإنه سيتم اتخاذ الإجراءات والعقوبات اللازمة حسب القانون».
وطلب البنك من «كافة البنوك الالتزام بالقوانين النافذة والتعليمات الصادرة عن البنك المركزي، بشأن القواعد التنظيمية لتقديم خدمات النقود الإلكترونية التي تلزم البنوك الترخيص المسبق لإصدار نقود إلكترونية».
وكانت الجماعة الحوثية أعلنت أخيراً ضمن سعيها لمحاربة الحكومة الشرعية، عن سحب الفئات النقدية المطبوعة حديثاً عبر البنك المركزي في عدن، ومنحت مهلة لمدة شهر للسكان من أجل تسليم ما بحوزتهم من أموال، ووعدت بأنها ستقوم بتعويضهم ضمن سقف محدد إما بمبالغ نقدية من الفئات القديمة المتهالكة أو عبر ما تسميه «الريال الإلكتروني».
في غضون ذلك، أكد رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك أن استمرار السياسات التدميرية للجماعة الحوثية لضرب الاقتصاد الوطني وتهديد الأمن القومي والمعيشي للشعب اليمني، وآخرها منع تداول العملة الجديدة الصادرة عن الحكومة الشرعية، يضع المجتمع الدولي والأمم المتحدة أمام محك حقيقي لوضع حد للتلاعب والمتاجرة بحياة المواطنين وتعميق الكارثة الإنسانية التي تسببت بها.
وأوضح عبد الملك في تصريحات رسمية أن اتخاذ ميليشيات الحوثي الانقلابية هذه الخطوة في ظل مساعي الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للضغط عليها لتنفيذ الشق الاقتصادي الخاص باتفاق استوكهولم، لتوريد الإيرادات إلى البنك المركزي في عدن ودفع مرتبات موظفي الدولة، يعكس استهتارها بحياة اليمنيين ومعيشتهم.
وبحسب ما أوردته المصادر الرسمية، جاءت تصريحات رئيس الحكومة خلال ترؤسه اجتماعاً لقيادة وزارة المالية والبنك المركزي اليمني، لمناقشة عدد من الجوانب والإجراءات المتصلة بالحفاظ على استقرار سعر صرف العملة الوطنية، بما يخفف الأعباء المعيشية عن جميع المواطنين اليمنيين دون استثناء، والخطوات اللازمة للتعامل مع الإجراءات الحوثية غير القانونية الصادرة مؤخراً.
وشدد رئيس الوزراء اليمني على الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن، مارتن غريفيث، والمجتمع الدولي، الضغط على الجماعة، للكف فورا عما وصفها بـ«سياسات الإفقار والتجويع التي تنتهجها لتحقيق مكاسب سياسية على حساب معيشة وحياة المواطنين».
وقال: «قرار الميليشيات بمنع تداول العملة الجديدة، يندرج ضمن السياسات التدميرية التي انتهجتها منذ انقلابها على السلطة الشرعية لضرب الاقتصاد الوطني والفساد والمضاربة بالعملة وتقويض جهود الحكومة وسياساتها النقدية التي نجحت في وقف انهيار العملة والحفاظ على قوتها الشرائية وتحسين سعر الصرف واستقرار أسعار السلع الغذائية».
ورغم حجم الإيرادات الضخم الذي تقوم الجماعة الحوثية بجبايته في مناطق سيطرتها من القطاعات الاقتصادية الحكومية المحتلة، فإنها تمتنع منذ أكثر من 3 سنوات عن صرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها بذريعة نقل البنك المركزي من قبل الشرعية إلى عدن.
وتضطلع الحكومة الشرعية منذ بدأت في ترتيب تدابيرها الاقتصادية بصرف رواتب موظفي الدولة كافة في مناطق سيطرتها إضافة إلى صرف رواتب المتقاعدين في مختلف مناطق البلاد، فضلاً عن دفع الرواتب في مناطق سيطرة الحوثيين للقضاة وأعضاء النيابة وموظفي القطاع الصحي والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة إلى جانب دفع نصف رواتب أساتذة الجامعات، وكذا دفع رواتب الموظفين في الحديدة وبعض مديريات محافظة حجة.
ويعتقد اقتصاديون في صنعاء أن قرار الجماعة الحوثية بمنع الفئات النقدية المطبوعة في عدن من التداول هدفه في الأساس حرمان عشرات الآلاف من رواتبهم في مناطق سيطرتها والإبقاء على أزمة السيولة النقدية التي تسببت فيها لإجبار السكان على التعامل بعملتها الوهمية التي أطلقت عليها «الريال الإلكتروني».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».