حديث تركي عن {سعي} روسي لوقف هجمات إدلب

قصف مدرسة لجأ إليها نازحون شرق المدينة

صورة عبر الدرون قرب الحدود التركية لقوافل نازحين هربوا من القصف الشديد (أ.ف.ب)
صورة عبر الدرون قرب الحدود التركية لقوافل نازحين هربوا من القصف الشديد (أ.ف.ب)
TT

حديث تركي عن {سعي} روسي لوقف هجمات إدلب

صورة عبر الدرون قرب الحدود التركية لقوافل نازحين هربوا من القصف الشديد (أ.ف.ب)
صورة عبر الدرون قرب الحدود التركية لقوافل نازحين هربوا من القصف الشديد (أ.ف.ب)

قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، أمس (الثلاثاء)، إن روسيا ستعمل على وقف الهجمات في منطقة إدلب، شمال غربي سوريا، وذلك بعد محادثات مع وفد تركي في موسكو، مضيفاً أن بلاده تتوقع حدوث ذلك.
وسافر وفد تركي إلى موسكو يوم الاثنين، لبحث التطورات في ليبيا وسوريا، حيث بدأ آلاف المدنيين الهجرة صوب تركيا نتيجة هجمات للجيشين السوري والروسي.
ونقلت «رويترز» عن كالين في تصريحات أدلى بها في أنقرة عقب اجتماع لمجلس الوزراء، إن تركيا طلبت من روسيا تثبيت وقف لإطلاق النار في المنطقة، مضيفاً أن الهجمات في إدلب يجب أن تتوقف «فوراً». وأضاف المتحدث باسم الرئاسة التركية: «نتوقع أن تبذل (روسيا) جهودا لدى النظام (السوري) في الساعات الـ24 المقبلة لوقف الهجمات في إدلب».
من جهة آخرى, قتل ثمانية مدنيين على الأقل بينهم خمسة أطفال، أمس الثلاثاء، في غارات جوية روسية استهدفت قرية في شمال غربي سوريا تؤوي نازحين، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال المرصد إن الغارات استهدفت قرية جوباس على أطراف بلدة سراقب في ريف إدلب الشرقي، وإن القتلى نازحون لجأوا إلى مدرسة القرية ونواحيها. وأضاف أن الجهاديين والمقاتلين المعارضين استعادوا الثلاثاء السيطرة على قرية تل مناس وقرية أخرى مجاورة. وخلفت خمسة أيام من المعارك نحو 260 قتيلاً في الجانبين، بينهم 110 من أفراد القوات الموالية للنظام و148 جهادياً ومقاتلاً، وفق المرصد.
هذا وسيطرت قوات النظام والمجموعات الموالية لها، على 26 قرية في منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا بحسب ما ذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية أمس (الثلاثاء). ونقلت الوكالة عن منظمة «منسقو الاستجابة المدنية في الشمال السوري» أن قوات الجيش السوري الحكومي والمجموعات الداعمة لها سيطرت على 12 قرية، أول من أمس، خلال العملية العسكرية التي أطلقتها الأسبوع الماضي في مدينتي معرة النعمان وسراقب وريفيهما جنوب محافظة إدلب، ليرتفع عدد القرى التي تمت السيطرة عليها إلى 26.
وأضافت أن القوات السورية أصبحت على مقربة من نقاط المراقبة التركية بما فيها تلك التي تقع على بعد 15 كيلومترا شرق معرة النعمان. وحذرت المنظمة من وقوع كارثة إنسانية جراء نزوح آلاف السوريين من إدلب إلى المناطق القريبة من الحدود التركية هربا من القصف السوري والروسي والمجموعات «الموالية لإيران»، ووفقا لمجموعات المعارضة السورية يعيش في إدلب نحو ثلاثة ملايين شخص يشكل نسبة 75 في المائة منهم نساء وأطفال.
وبحث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، مساء أول من أمس، مع نظيره الروسي سيرغي لافروف مستجدات الأوضاع في إدلب، كما أجرى وفد تركي مباحثات مماثلة مع المسؤولين الروس في موسكو.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين اتفقا في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي في سوتشي على إقامة منطقة منزوعة السلاح حول إدلب. وينص الاتفاق على بقاء جماعات المعارضة السورية في إدلب في حين تقوم روسيا وتركيا بتسيير دوريات مشتركة في المنطقة لمنع استئناف القتال.
وحاصر الجيش السوري نقطة المراقبة التركية الثامنة في محافظة إدلب من جميع الجهات، بمن فيها من جنود أتراك وعناصر من تنظيمي «جبهة النصرة» و«أجناد القوقاز» الذين لجأوا إليها هربا من قوات الجيش المتقدمة.
وسيطرت قوات الجيش الحكومي على بلدتي الصرمان وأبو مكة في ريف معرة النعمان الشرقي، بعد اشتباكات عنيفة مع متشددي أجناد القوقاز في المنطقة، وباتت نقطة المراقبة التركية الثامنة الواقعة في منطقة الصرمان مطوقة من جميع الاتجاهات.
في سياق متصل، أكد وزير الخارجية التركي الأسبق مراد كارا يالتشين، أن الاتفاق والتفاهم مع النظام في سوريا ضرورة ملحة وعاجلة لمعالجة جميع المشاكل التي تعاني منها تركيا. وقال كارا يالتشين في مقابلة تلفزيونية إن «إردوغان مصر على عدم الالتزام بتعهداته فيما يخص الوضع في سوريا وهو ما يؤدي لتفاقم الأزمة هناك مع استمرار تدخله المباشر وغير المباشر وتقديم كافة أنواع الدعم للمجموعات الإرهابية».
وأشار كارا يالتشين إلى أن إردوغان ينتهج سياسات تصعيدية واستفزازية في ليبيا والمنطقة عموما. وأضاف أنه «يرتكب الآن في ليبيا الأخطاء التي ارتكبها سابقا في سوريا وهو ما سيكلف تركيا الكثير على الصعيدين الداخلي والخارجي وخاصة في هذه المرحلة التي أعلنت فيها جميع عواصم العالم رفضها لسياسات إردوغان تجاه الوضع الليبي».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.