توقيع اتفاق سلام نهائي على مسار مناطق «وسط السودان» في جوبا

تشاد تنضم رسمياً للوساطة ومساعٍ لإشراك القاهرة وأديس أبابا

TT

توقيع اتفاق سلام نهائي على مسار مناطق «وسط السودان» في جوبا

أعلن في عاصمة دولة جنوب السودان «جوبا» توقيع اتفاق سلام نهائي مع قوى تمثل مسار وسط البلاد، وتتضمن محاور الاتفاق كلاً من «الأرض، التنمية، الإيرادات، والنازحين واللاجئين من جنوب السودان»، وذلك في أول توقيع منذ بدء الجولة الثالثة من التفاوض في العاشر من الشهر الجاري، فيما انضم وفد تشادي للوساطة بشكل رسمي، وتجري مساعٍ لإشراك مصر وإثيوبيا والاتحاد الأفريقي كضامنين لاتفاق السلام.
وعلقت وساطة دولة جنوب السودان التفاوض حتى غد، بمناسبة أعياد الكريسماس والميلاد، فيما عاد رئيس الوفد السوداني المفاوض «حميدتي» وبرفقته نائب رئيس حكومة جنوب السودان رياك مشار للسودان، بعد جولة تفاوض مع الرئيس سلفاكير ميارديت تم الاتفاق خلالها على إعلان حكومة الوحدة الوطنية، وبدء عمليات دمج قوات الطرفين قبل نهاية تمديد مهلة تكوين الحكومة.
وتوقع مستشار رئيس جنوب السودان للشؤون الأمنية كبير الوسطاء توت قلواك، أن يمهد توقيع اتفاق مسار الوسط، الطريق للأطراف جميعها لتوقيع اتفاق سلام في وقت قريب.
وقال نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي»، إن الحكومة السودانية مستعدة وملتزمة بدفع استحقاقات السلام وتحقيقه، واعتبر توقيع الاتفاق بداية لمرحلة التوقيع على مسارات السلام كافة، وأضاف: «السودان شهد عهوداً من الحروب، وآن الأوان ليعيش في استقرار، بدفع استحقاقات السلام».
وقال رئيس الجبهة الثورية الهادي إدريس، في تصريحات عقب التوقيع، إن خطوات السلام تسير للأمام باضطراد، معتبراً توقيعه اختراقاً مفاجئاً، مبدياً جدية الجبهة التي يترأسها في تحقيق السلام.
وقال ممثل تيار وسط السودان التوم هجو للصحافيين، إنهم بتوقيع أمس صاروا أول فصيل يوقع اتفاق سلام في جوبا، معتبراً ذلك دليلاً على أنهم «ليسوا طلاب سلطة».
من جهة أخرى، وفي أول ظهور للوفد التشادي الذي التحق بالمفاوضات الجارية في جوبا، قال عضو الوفد الشيخ عمر بن عمر، إن السلام في السودان يؤثر على المنطقة والإقليم، وإن اهتزاز الوضع الأمني فيه يؤثر مباشرة على بلاده سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
ونقلت تقارير صحافية أمس، عن رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي، أنه يحاول إلحاق كل من مصر وإثيوبيا والاتحاد الأفريقي بالوساطة، بعد أن أفلحت جهوده في انضمام تشاد رسمياً للوساطة. ونقلت «العين الإخبارية» عن مناوي قوله: «انضم الوفد التشادي رسمياً كوسيط، بين فرقاء السودان بجوبا، وذلك إنفاذاً لجهود الرئيس التشادي إدريس ديبي لدعم السلام في السودان»، وبعث ديبي نجله محمد للانضمام للتفاوض في جوبا.
ووفقاً لمناوي، ستنضم للوساطة دول أخرى، وأنه يتطلع لالتحاق مصر وإثيوبيا والاتحاد الأفريقي للوساطة، للإسهام في صناعة سلام السودان، وكضامنين لاتفاق السلام المنتظر توقيعه.
وتتناول المفاوضات المباشرة مع الحكومة السودانية والحركات المسلحة، كيفية إدارة الفترة الانتقالية، وقضايا تقاسم السلطة والثروة، والقضايا الإنسانية، وقضايا اللاجئين والنازحين، والحدود، وذلك ضمن 5 مسارات هي: «دارفور، المنطقتان، الوسط، الشمال، الشرق».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.