الليبيون في عيد استقلالهم... عين على «الملكية» وأخرى على المستقبل

TT

الليبيون في عيد استقلالهم... عين على «الملكية» وأخرى على المستقبل

فرضت أجواء «الزمن الماضي» نفسها على مختلف الأطراف الليبية، خلال احتفالهم أمس بالذكرى الثامنة والستين لاستقلال بلادهم، التي توافق 24 من ديسمبر (كانون الأول) من كل عام، رغم التباين الواضح في تحديد مفهوم «الاستقلال» لدى كل فصيل سياسي. لكن الأمير محمد الحسن الرضا السنوسي، انتهز هذه المناسبة، ليدعو الجميع إلى «التقارب وإسكات صوت السلاح، والكف عن الاستقواء بالخارج، والعودة إلى الحوار الصريح المتعقل». واعتمدت الحكومتان المتنازعتان في إدارة شؤون البلاد، يوم أمس، عطلة رسمية في البلاد لمنح المواطنين فرصة للاحتفال بهذه الذكرى، في إجراء غير متفق عليه؛ لكن في ظل الانقسام الحاد بين سلطات شرق وغرب البلاد، عكس مفهوم كل طرف عن الاستقلال رغبة في «الانتصار على الآخر».
وكان الملك إدريس المهدي السنوسي قد أعلن من شرفة قصر المنار بمدينة بنغازي في 24 ديسمبر 1951 استقلال ليبيا، وتحريرها من قبضة المستعمر الإيطالي، وأصبحت البلاد منذ ذلك اليوم «دولة مستقلة ذات سيادة».
وكعادته كل عام، هنأ الأمير محمد الحسن المواطنين بهذه المناسبة، التي يعتبرها الليبيون أهم محطة في تاريخ البلاد. لكن هذا العام وفي ظل تصاعد المعارك على أطراف طرابلس العاصمة بين «الجيش الوطني» وقوات حكومة «الوفاق» قال: «تمر هذه المناسبة العزيزة على بلادنا وهي تشهد واقعاً مريراً، لا سابق له في تاريخ أمتنا، يوجه فيه المواطنون بنادقهم تجاه بعضهم البعض، ويتنادى أبناء الوطن لتقطيع أوصاله، وتشتيت شمل عائلاته ومدنه وتفتيت وحدة ترابه، برعاية أطراف أعماها الصراع على السلطة والمال».
ودعا السنوسي في كلمته، أمس، الليبيين إلى «تنحية الخلافات والأحقاد والنعرات جانبا، وإسكات صوت السلاح، والكف عن الاستقواء بالتدخلات الخارجية، وأن يمد الجميع أيديهم ليتصافحوا، ويمهدوا الطريق لحوار وطني صريح ومتعقل»، مذكراً بالفترة الملكية من تاريخ البلاد: «آباؤنا وأجدادنا رفعوا مصلحة الوطن فوق مصالحهم، فحققوا استقلالا ما زلنا نحيي ذكراه بعد عقود طويلة».
وكانت مبادرة نسائية، انضم إليها نحو 300 مواطنة ليبية، قد طالبت بـ«إعادة استحقاق ولاية العهد للأمير محمد الحسن الرضا المهدي السنوسي ملكاً للبلاد، وتحمّل مسؤولياته الدستورية كاملة»، وهي المبادرة التي لم يتحمس لها البعض كثيراً، بحجة «عدم معقولية العودة إلى الوراء».
وتباينت ردود الأفعال حيال هذه الذكرى، إذ رأى الدكتور فوزي الحداد، الأكاديمي والمحلل السياسي، في هذه الاحتفالية «فرصة للاتفاق كما فعل الأجداد، الذين أنشأوا دولة من العدم». وقال الحداد في صفحته على «فيسبوك» أمس: «لقد كان هم الأجداد الكبير هو إنقاذ الوطن، رغم اختلاف طبائعهم ومصالحهم، فقرروا أن يجمعهم حوار واحد، يتمثل في التوقيع على ميثاق وطني، هدفه نسيان الأحقاد وتجاوز الخلافات، وتأجيل المطالبات بالحقوق لحين قيام الدولة، والاجتماع على كلمة سواء حتى نيل الاستقلال».
ورأى سكان المنطقة الغربية في هذه الذكرى فرصة للتأكيد على موقفهم من أن الاستقلال «سيتحقق مرة ثانية»، بما سموه صد «العدوان» عن طرابلس، و«دحر قوات (الجيش الوطني)، وإرغامها إلى العودة من حيث أتت». لكنّ آخرين، ومنهم ناصر أبديوي، الذي ينتمي إلى مدينة تاورغاء، قال: «اليوم نرى من يسعى بكل الطرق إلى عودة الاستعمار من جديد إلى ليبيا، ويتمثل ذلك في محاولات إعادة الاستعمار التركي البغيض إلى البلاد». في إشارة إلى حكومة «الوفاق».
وزاد أبديوي، الذي نزح عن مدينته مع قرابة 40 ألف شخص بعد إسقاط نظام معمر القذافي: «عيدكم لا يعني لنا شيئا، وكان أجدر بكم الاحتفال بطرد بقايا الطليان من وطننا».
وتسابقت البلديات في إصدار البيانات الصحافية الاحتفائية، الكل حسب انتماءاته السياسية، إذ رأت بلدية بنغازي (شرق) في هذه المناسبة فرصة لتجديد الدعوة للوقوف صفاً واحداً لدعم «الجيش الوطني» من أجل «تحرير» الوطن من «الجماعات الإرهابية»، والعصابات والميليشيات الإجرامية المُسلحة. بالإضافة إلى «بسط السيادة الوطنية على كامل ربوع ليبيا، وتحقيق دولة القانون والاستقرار والنماء».
بدوره، دعا شكري السنكي، الكاتب الليبي، أمس، إلى ما سماه «وقفة وإكبار وترحم، والتعهد بإعادة البلاد إِلى سيرتها الأولي، والاستفادة من دروس تاريخنا المجيد حتى نتغلب على أزماتنا بإيقاف الحرب ووقف القتال بين أبناء الوطن».
وانتهى السنكي في تصريح إلى «ضرورة التمسك بميراث الأجداد، واختيار ما يحقق مصلحة الوطن، ويحافظ على وحدته واستقراره وأمنه، وما يستعيد مجد ليبيا وتاريخها العظيم بين الأمم».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».