ريسكو كايدو والجبال المقدسة

منطقة جبلية تضم 21 كهفاً
منطقة جبلية تضم 21 كهفاً
TT

ريسكو كايدو والجبال المقدسة

منطقة جبلية تضم 21 كهفاً
منطقة جبلية تضم 21 كهفاً

أيقونة جديدة انضمت لقائمة التراث الإنساني لمنظمة «اليونيسكو» في يوليو (تموز) الماضي. ويبدأ سحر المكان الواقع في جزر كناريا من اسمه، ريسكو كايدو والجبال المقدسة. فهو أقرب إلى اسم قصة من قصص عوالم السحر والأساطير التي تنقل قارئها إلى عوالم لا سبيل للوصول إليها إلا عبر سفينة الخيال.
بالفعل، يبدو واقع ريسكو كايدو والجبال المقدسة قريباً من ذلك العالم الخيالي، فهي عبارة عن منطقة جبلية تضم ودياناً ومنحدرات وتكوينات بركانية، بجانب 21 كهفاً تضم كثيراً من النقوش والرسوم على الصخور التي تشير إلى معتقدات دينية بدائية وطقوس لتعزيز الخصوبة. وترتبط الكهوف والمساكن القديمة الموجودة في المنطقة بالسكان الأصليين للجزيرة قبل العصر الإسباني، بجانب معبدين مرتبطين بديانات بدائية تمجد النجوم و«الأرض».
وتمتد منطقة ريسكو كايدو والجبال المقدسة على مساحة تقارب 18 ألف هكتار بقلب جزر كناريا الكبرى التابعة لإسبانيا، وتعادل نحو 11 في المائة من إجمالي مساحة الجزيرة.
اللافت أن أحد هذه الكهوف يضم فتحة صغيرة من الأعلى يمكن لأشعة الشمس اختراقها منذ «الانقلاب الصيفي»، أو منتصف الصيف 20-22 يونيو (حزيران)، حتى الخريف، لتكشف عن مجموعة من النقوش على الجدران. ودفع هذا علماء إلى التكهن بأن هذا الكهف استخدم كساعة فلكية خلال عصور ما قبل التاريخ، ويأتي ذلك على رأس الأسباب لاتخاذ «اليونيسكو» قرار إدراج الموقع على قائمة التراث الإنساني. السبيل الأمثل للاستمتاع بهذا المشهد الأثري الواسع الغني يبدأ بنزهة على الأقدام عبر المنطقة التي تضم كثيراً من المسارات المثالية لهذا الغرض لاكتشاف غابات الصنوبر، والاستمتاع بمشاهدة بعض أنواع الطيور المميزة التي تعد جزر كناريا الكبرى موطنها الأصلي، مثل طائر الشرشور الأزرق ونقار الخشب.
وبجانب ثرائها البيولوجي، تمتاز المنطقة بتنوع ثقافي لافت، يعود إلى أن ثمة ثقافتين مختلفتين أشد الاختلاف شغلتا هذه المنطقة لما يزيد على 1500 عام. ترتبط الأولى بثقافة البربر القادمين من شمال أفريقيا الذين أضفوا على الجبال المحيطة هالة من القدسية، بينما تخص الثانية الأوروبيين الذين دخلوا الجزيرة بعد غزو مملكة قشتالة لها أواخر القرن الـ15. وتنحدر جذور السكان الحاليين للجزيرة من هذين الرافدين.
ومن ناحية أخرى، ورغم مكانته الرمزية الرفيعة، يبقى ريسكو كايدو مجرد كهف من إجمالي ما يصل إلى 1500 كهف تعود إلى العصور البدائية السحيقة في المنطقة، بينما تضم منطقة الجبال المقدسة مجموعة من المواقع الأثرية الموزعة عبر بلديات أرتينارا وتيخيدا وأغايتي وغالدار. ومن بين هذه المواقع الأثرية مجموعة من الكهوف الطبيعية والصناعية التي استخدمت في عصور سحيقة كمنازل ومواقع للدفن.
ويمكنك الانطلاق في رحلتك لاستكشاف ريسكو كايدو ومحيطها من مركزين: مركز في تيخيدا، وآخر في أرتينارا. وداخل المركزين، يمكنك التعرف على مزيد من المعلومات عن السكان الأصليين للجزيرة، وثقافتهم الغامضة المثيرة.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».