وفاة كوملا دومور مذيع الأخبار في خدمة «بي بي سي» العالمية

أول مذيع يقدم برنامج «تقرير المال والأعمال في أفريقيا».. وغطى أحداثا دولية بارزة رغم صغر سنه

كوملا دومور  يقدم برنامج {التركيز على أفريقيا} (بي بي سي)
كوملا دومور يقدم برنامج {التركيز على أفريقيا} (بي بي سي)
TT

وفاة كوملا دومور مذيع الأخبار في خدمة «بي بي سي» العالمية

كوملا دومور  يقدم برنامج {التركيز على أفريقيا} (بي بي سي)
كوملا دومور يقدم برنامج {التركيز على أفريقيا} (بي بي سي)

توفي مذيع «بي بي سي» الخدمة العالمية، كوملا دومور، بشكل فجائي عن عمر 41 عاما في منزله بلندن. وولد دومور في غانا، والتحق بـ«بي بي سي» عام 2007 ليعمل مذيعا في الإذاعة البريطانية ويقدم برنامج «فوكس أون أفريكا (التركيز على أفريقيا)» بعد عقد من العمل في المجال الصحافي في بلده غانا. وقال رئيس غانا على حسابه على موقع «تويتر»، جون دراماني ماهاما، إن «بلده فقد أحد خيرة سفرائه». ووصف مدير الخدمة العالمية، بيتر هوروكس، دومور بأنه كان منارة رائدة في سماء الصحافة الأفريقية وسيفتقد بشدة من قبل الجميع. وقال هوروكس في بيان، إن «دومور كان ملتزما بنقل أخبار أفريقيا إلى جمهوره كما تحدث في الواقع».
وأضاف مدير الخدمة العالمية قائلا، إن «طاقة أفريقيا وحماسها يبدو أنهما تألقا في كل قصة نقلها كوملا. أصدقاء كوملا وزملاؤه الكثر في أرجاء أفريقيا والعالم سيشعرون بالصدمة لهذا الخبر المفجع كما نشعر بها نحن». وظهر كوملا دومور في عدد نوفمبر (تشرين الثاني) 2013 من مجلة «نيو أفريكان» بصفته أحد الشخصيات المائة المؤثرة في أفريقيا.
ووصفت المجلة كوملا دومور قائلة إنه «برز كأحد المذيعين الأفارقة الذين بزغ نجمهم في سماء البث الإذاعي في العالم».
وأضافت المجلة قائلة إنه «كان يملك تأثيرا ضخما بشأن كيفية تغطية أخبار القارة الأفريقية».
وتحدث جيمس هاردينغ، مدير قطاع الأخبار وشؤون الساعة في «بي بي سي»، عن كوملا دومور قائلا «اضطلع بدور متفرد في تغطية أخبار أفريقيا».
وأضاف قائلا «لقد أضفى على عمله عمقا في فهم الأحداث وقسطا وافرا من الشجاعة وسحرا مبهجا وجاذبية (كاريزما) لا حدود لها».
وقالت كبيرة مراسلي «بي بي سي» للشؤون الدولية، ليز دوسيت، عندما قابلت كوملا دومور في غانا في عام 2007 إنها لاحظت كيف ينظر إليه صغار الصحافيين في غانا بإعجاب.
ولد كوملا دومور في عاصمة غانا، أكرا يوم 3 أكتوبر (تشرين الأول) 1972. تخرج في جامعة غانا في تخصص علم الاجتماع وعلم النفس وحصل على ماجستير في الإدارة العامة من جامعة هارفارد الأميركية. فاز كوملا دومور بجائزة صحافي العام في غانا في عام 2003 وانضم إلى «بي بي سي» بعد أربع سنوات من ذلك. قدم كوملا دومور برنامج »فوكس أون أفريكا (التركيز على أفريقيا».
استضاف كوملا دومور برنامج «نتوورك أفريكا (الشبكة الأفريقية)» بعد انضمامه إلى «بي بي سي» في عام 2007 وحتى عام 2009 ثم التحق ببرنامج «ذي وولد توداي (العالم اليوم)». أصبح كوملا دومور منذ عام 2009 أول مذيع يقدم برنامج «أفريكا بزنس ريبورت (تقرير المال والأعمال في أفريقيا)» في الخدمة العالمية. وكان يقدم من حين لآخر برنامج «فوكس أون أفريكا (التركيز على أفريقيا)»، وقدم البرنامج قبل يوم واحد من وفاته.
وأجرى مقابلات مع شخصيات معروفة من بينها رئيس المديرين التنفيذيين السابق لشركة «مايكروسوفت» ورئيس مجلس إدارتها الحالي، بيل غايت، والأمين العام السابق للأمم المتحدة، كوفي عنان.
وغطى الشهر الماضي جنازة الزعيم الأفريقي، نيلسون مانديلا، واصفا إياه بأنه «أحد أعظم الشخصيات في التاريخ المعاصر».
غطى كوملا دومور أحداثا عالمية في بث حي من بينها كأس العالم لكرة القدم 2010 في جنوب أفريقيا وجنازة زعيم كوريا الشمالية السابق، كيم جونغ - ئل والإفراج عن الجندي الإسرائيلي، جلعاد شاليط ومجزرة النرويج وحفل زفاف الأمير ويليام وكيت ميدلتون.



الإعلام الرياضي متهم بـ«الانحياز الجنسي» و«تسليع الأجساد»

إيمان خليف
إيمان خليف
TT

الإعلام الرياضي متهم بـ«الانحياز الجنسي» و«تسليع الأجساد»

إيمان خليف
إيمان خليف

كشف تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، حول العنف تجاه النساء والفتيات في مجال الرياضة، أن 87 في المائة من حالات التنّمر المسجّلة على هامش الألعاب الأولمبية الأخيرة في باريس على منصّة «إكس» («تويتر» سابقاً) كانت ضد الرياضيات الإناث. والنسبة هي بالتأكيد مرشحة للارتفاع في ظل استمرار الجدل حول التمييز الجندري (الجنسي) الذي تتعرض له النساء اللائي اخترن احتراف الرياضة.

ثم إنه على الرغم من التقدم الذي تحقق في التغطية الإعلامية المخصّصة للرياضات النسوية، يبدو أن الطريق ما زال طويلاً قبل الوصول إلى تحقيق التكافؤ بين الجنسين. وهذه خلاصة لدراسة أعدتها هيئة «الأركوم» الفرنسية لتنظيم الإعلام السمعي البصري والرقمي، نشرت في يناير (كانون الثاني) 2023، وجرت فيها دراسة تطور التغطية الإعلامية للرياضات النسوية على مدى 4 سنوات.

النتائج كشفت ما كان متوقعاً، أي أن الرياضيين الذكور يحظون بتغطية أوسع من زميلاتهم الإناث، إذ يستولون على نسبة 77 في المائة من اهتمام الإعلام. وفي المقابل، بيّنت الدراسة أن الأمور تتجه لتحسن طفيف، ذلك أن نسبة بثّ المباريات والمسابقات الرياضية النسوية ارتفعت من 3.6 في المائة عام 2018 إلى 4.8 في المائة عام 2021، مع العلم أن معظمها بُثت على قنوات القطاع العام، لأن القنوات الخاصة التي تخضع لمنطق الربحية لا تريد المغامرة وتفضل التركيز على الرجال لتكون قادرة على جلب المعلنين وتحقيق نسب مشاهدة عالية. في حديث مع إذاعة «راديو فرانس» قالت الصحافية الرياضية إيميلي روس إن «القضية ليست قضية أرباح فقط بل خيارات تحريرية، فنحن نضع على الواجهة ما يباع... ونرفض الاعتراف بأننا إذا سلّطنا الضوء على الرياضات النسوية، فسينتهي بنا الأمر إلى بيع الاهتمام بشكل أكبر». واستشهدت الصحافية بدراسة لجريدة «لوباريزيان» الفرنسية كانت قد أظهرت أنه خلال الفترة التي أعقبت ترشّح منتخب كرة القدم النسوي لنهائيات كأس الأمم، ورغم النجاحات التي أحرزتها اللاعبات، كانت نسبة تداول اسم نجم كرة القدم كيليان مبابي في وسائل الإعلام 3 أضعاف تداول اسم كل لاعبات فريق كرة القدم الوطني مجتمعات (11 لاعبة). الانتقادات لم تطل الجانب «الكمّي» من التغطية الإعلامية فحسب، بل الجانب النوعي أيضاً. فقد نقلت تقارير كثيرة جداً نماذج للتحّيز الجنسي الواضح في تغطيات الصحافيين عندما يتعلق الأمر بمباريات أو مسابقات رياضية تشارك فيها النساء، إذ يصار إلى التركيز على شكل الجسد والعمر والحياة الخاصة للرياضيات، بينما تشيد التقارير الموازية بالقدرات والمنجزات والأداء الرياضي عند زملائهن من الرجال.

آنا كورنيكوفا

وفي هذا السياق، كان الصحافي الأسترالي (اللبناني الأصل) ديفيد بشير قد تسبّب في جدل كبير في وسائل الإعلام الأسترالية عام 2023، بسبب تعليق له حول الأداء الرياضي للاعبة كرة قدم بعد فترة الأمومة. أما ساندي مونتانولا، الباحثة الفرنسية في علوم الإعلام والاتصال في جامعة رين الأولى (شمال غربي فرنسا) فقد نشرت في إطار دراسة علمية مقتطفات من المقالات التي كُتبت في وصف الملاكِمات، ليتضّح أن معظمها يحمل تعليقات حول بنية الجسد والملامح القاسية. وجاء في مقطع من تحقيق خُصّص لبطلة الملاكمة السابقة مريم لامار ما يلي: «في غرفة الملابس ترتدي مريم لامار السروال القصير، فتظهر عضلاتها المثيرة: ذراعان قويتان وظهر تتوقّعه من رجل...».

آميلي موريزمو

من جهة أخرى، إذا كان البعض يرى أن المشكلة في المظهر والأنوثة، فإن آخرين يرون أن المشكلة تكمن في الطابع الجنسي الذي تحاول وسائل الإعلام إضفاءه على أجساد الرياضيات. وهنا، كشفت دراسة كانت قد أجريت إبّان الألعاب الأولمبية في أثينا عام 2004 أن 20 في المائة من اللقطات التي بُثت من مباريات كرة اليد الشاطئية كانت مشاهد مقرّبة لصدور وأرداف اللاعبات، وكأن المباراة «فرجة» لمفاتن اللاعبات أكثر منها تقييماً للأداء الرياضي.

وما يستحق الإشارة هنا أن قرار الاتحاد الأوروبي بمعاقبة لاعبات كرة اليد الشاطئية النرويجيات، لاستعاضتهن عن لباس السباحة المكون من قطعتين صغيرتين (بيكيني) بسروال قصير أكثر حشمة، أحدث جدلاً كبيراً حول ظاهرة «تسليع» جسد الرياضيات. وهذه الفكرة شرحتها الباحثة الفرنسية مونتانولا حين كتبت: «بينما يستطيع الرياضيون ارتداء بدلة مريحة، لا تملك الرياضيات حرية اختيار اللباس، وكأن أجسادهن ملك للاتحاد وللشركات المعلنة ووسائل الإعلام». وبالفعل، هذه الظاهرة نجدها بقوة اليوم في شبكات التواصل التي تعرض أجساد الرياضيات طمعاً في الحصول على الإعجابات. وفي هذا الشأن تشرح مصارعة الجودو المغربية (ذات الأصول السنغالية) أسماء نيانغ لمجلة «وومان سبورت» قائلة: «كثيرات من الرياضيات ينشرن صوراً تكشف عن أجسادهن، وكلما أظهرن المزيد حصلن على المزيد من (الإعجابات)... وهذا ببساطة ما يدفع الرُّعاة والمعلنين إلى توقيع عقود الشراكة، ما يعني أننا أصبحنا (منتوجاً) على شبكات التواصل، وهذه للأسف خطوة لا بد منها إذا أردنا ضمان وجودنا على المشهد الرياضي والإعلامي». الأدهى من ذلك هو أن الحضور القوي لبعض الرياضيات على شبكات التواصل لا يرتبط بالضرورة بأداء رياضي متميّز. وهنا يستعين سيبستيان أيسا، الباحث في جامعة الفرانش كونتيه (شرق فرنسا) بمثال لاعبة كرة المضرب الروسية الحسناء آنا كورنيكوفا، التي لم تكن تصنّف ضمن أحسن اللاعبات لكنها تحظى بأضعاف التغطية الإعلامية التي تلقاها زميلتها المصنفة العالمية الأولى. وبالنسبة للرياضيات اللائي لا تنطبق عليهن معايير الأنوثة المتعارف عليها، فغالباً ما يتعرّضن للتنمّر والتمييز ضدهن، وبالأخص على شبكات التواصل. وكانت آخر حلقات هذه الظاهرة الحملة العنيفة التي تعرضت لها الملاكمة الجزائرية إيمان خليف على منصّة «إكس»، عندما وُصفت فيها بـ«الوحش» و«الرجل» و«المتحوّل الجنسي»، وقد شارك فيها مالك المنصّة نفسه إيلون ماسك، الذي يعد حسابه على المنصة 190 مليون متابع. ثم إن الجدل وصل إلى وسائل الإعلام الأميركية ودخل في المنافسة الانتخابية بين مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترمب ومنافسته كامالا هاريس.

وقبل إيمان تعرّضت مجموعة من نجمات الرياضة، بينهن بطلة كرة المضرب الأميركية سيرينا وليامز وزميلتها الفرنسية آميلي موريزمو والجنوب أفريقية كاستر سيمنيا والإيرانية زهرة قودائي وأخريات، إلى حملات تنمّر شنيعة، بتشجيع من شبكات التواصل، بالإضافة لتغطية إعلامية متحيّزة لا تمت بصلة لأدائهن الرياضي، بل لخروجهن عن إطار الصورة النمطية للجسد المثالي للمرأة.