الحراك العراقي يطيح مرشح «البناء»... ويقوي موقف الرئيس

قيادي في الكتلة اتهم صالح بـ«المماطلة»

TT

الحراك العراقي يطيح مرشح «البناء»... ويقوي موقف الرئيس

بعد ساعات من تسريب خبر تقديم كتلة البناء بزعمائها الخمسة «هادي العامري (الفتح) ونوري المالكي (دولة القانون) وفالح الفياض (العطاء) ومحمد الحلبوسي (تحالف القوى العراقية) وخميس الخنجر (المحور الوطني)» كتابا إلى رئيس الجمهورية برهم صالح لاختيار قصي السهيل مرشحها لتشكيل الحكومة، تصاعدت حدة الاحتجاجات في بغداد وكل محافظات الوسط والجنوب.
الرئيس صالح الذي رفض تسمية مرشح البناء لتشكيل الحكومة أعاد الكرة إلى البرلمان بشأن تحديد الكتلة النيابية الأكثر عددا. وطبقا لما أبلغ به «الشرق الأوسط» حيدر الملا، النائب السابق في البرلمان العراقي والقيادي في حزب تقدم، فإن «أمر حسم المكلف بتشكيل الحكومة سيتأخر بعض الوقت بعد أن جوبه مرشح البناء برفض شعبي شامل وصل حد إعلان الإضراب عن الطعام في ساحة التحرير وقطع الطرق والجسور في عدد من المحافظات الوسطى والجنوبية، الأمر الذي جعل موقف رئيس الجمهورية الرافض لهذا التكليف في موقع قوة، لأن الشارع كله أصبح معه فضلا عن قوى وكتل رئيسية كبيرة لا يمكن تخطيها وهي (سائرون) و(النصر) و(الحكمة) فضلا عن المرجعية الدينية التي أعلنت عدم اللجوء إلى حكومة جدلية».
وفي موازاة مع ما يقوله الملا، يقول وزير الداخلية الأسبق والعضو الحالي في البرلمان عن كتلة البناء، محمد سالم الغبان، في حديث مماثل لـ«الشرق الأوسط» ردا على سؤال حول إصرارهم على ترشيح السهيل رغم رفض المرجعية للحكومة الجدلية، إن «مفهوم الحكومة الجدلية ليس بالضرورة ينطبق على مرشحنا الدكتور قصي السهيل، بل هو مفهوم عام يمكن أن ينطبق على الجميع»، مبينا أنه «لا يوجد دليل على أن المرجعية تقصد بالحكومة الجدلية مرشح البناء السهيل». لكن الملا يرد قائلا إن «المرجعية أعلنت ذلك في وقت كانت كتلة البناء قد رشحت الدكتور قصي السهيل وسط رفض سياسي وشعبي بينما لم تتقدم أي كتلة أخرى بمرشح إلى رئيس الجمهورية»، مشيرا إلى أن «من تقدموا بأسمائهم وسيرهم الذاتية إلى رئيس الجمهورية وهم بالعشرات يمثلون أنفسهم ولا يمثلون كتلا سياسية سواء كانت أكبر أم أصغر».
بدوره، يقول الغبان: «في حال احتكمنا إلى الآليات الدستورية وبعيدا عن الرفض أو القبول فإن (البناء) هي الكتلة الأكبر منذ العام الماضي ولدينا ما يثبت ذلك، لكن رئيس الجمهورية هو من يماطل في الأمر»، مشيرا إلى أن «تشكيل حكومة عادل عبد المهدي عن طريق التوافق لا يعني عدم وجود كتلة أكبر هي (البناء) لكن (البناء) قبلت بتشكيل حكومة ذات طبيعة توافقية». ويمضي الغبان قائلا إن «الأهم من كل ذلك أن تكليف السهيل لا يعني تعيينه رئيسا للوزراء بل هو تكليف فقط وعليه إثبات قدرته على تشكيل حكومة ترضي الجميع خلال شهر، وهي المدة الممنوحة له بموجب الدستور، وبالتالي فإنه ينبغي المضي بهذا الخيار حتى لا ندخل في مراحل الفراغ أو الخرق الدستوري أو استمرار المشكلات والخلافات وفي حال لم يتمكن خلال شهر من تشكيل الحكومة يصار إلى تكليف شخصية أخرى من الكتل الأخرى».
من جهته فإن الملا، وردا على سؤال بشأن الفراغ الدستوري الذي لا ينبغي المماطلة بشأنه والمضي بتكليف مرشح لتشكيل الحكومة، يقول: «لا يوجد في الواقع فراغ دستوري، لأن كل المؤسسات موجودة، من رئاسة الجمهورية والبرلمان وبالتالي لا معنى للحديث عن فراغ دستوري إنما لدينا خرق دستوري وهذا صحيح»، مؤكدا أن «الدستور العراقي لم يرتب أثرا قانونيا لمسألة الخرق الدستوري وبناء على ذلك فإنه وفي ضوء هذا الرفض الشعبي لمرشح (البناء) فإن المسألة تأخذ بعض الوقت من أجل التوصل إلى مرشح توافقي ترضى عنه ساحات التظاهر والكتل السياسية والمرجعية الدينية».
إلى ذلك أعلن رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي أنه «أعلم رئيس الجمهورية برسالة خطية أن المرشح لرئاسة الوزراء يولد بعد استشارة ثلاثة أطراف، هي المتظاهرون السلميون، والاتحادات والنقابات المهنية، وبعض القوى السياسية المعتدلة في مجلس النواب».
بدوره، أكد ائتلاف النصر بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي أن الصراع على تحديد «الكتلة الأكثر عددا» هو «صراع مصالح سياسية وليس صراع حجج دستورية، والذين تناسوه بالأمس وشكّلوا الحكومة يستحضرونه اليوم لتشكيل حكومة». وأضاف الائتلاف في بيان أنّ «الدولة لا يمكن أن تبنى بتوافقات المصالح والاحتيال والاستقواء بل بالقانون والمسؤولية والمصالح الوطنية». وبين أن «الأهم اليوم هو مهام المرحلة المؤقتة التي يجب إلزام الحكومة القادمة بها، ولا مفر من أن تكون الحكومة القادمة مستقلة عن هيمنة الكتل، وقادرة على إجراء انتخابات نزيهة، والقيام بإجراءات تضمن تلبية المطالب المشروعة للشعب».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».