عبد العزيز البابطين: الانقسام السياسي بين المثقفين يؤرقنا.. والفتن الطائفية تحدينا الأكبر

ملك المغرب يرعى دورة «أبي تمام الطائي» في حضور أكثر من 300 مثقف عربي

عبد العزيز البابطين
عبد العزيز البابطين
TT

عبد العزيز البابطين: الانقسام السياسي بين المثقفين يؤرقنا.. والفتن الطائفية تحدينا الأكبر

عبد العزيز البابطين
عبد العزيز البابطين

يرى الشاعر عبد العزيز سعود البابطين، رئيس «مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري»، أن الانقسام السياسي بين المثقفين العرب، يمثل هاجسًا يؤرق الناشطين في الحقل الثقافي ومن ضمنهم مؤسسة البابطين، التي تحتفل غدا بانعقاد دورة «أبي تمام الطائي» في مراكش المغربية، برعاية الملك محمد السادس، في حفل يحضره أكثر من 300 مفكر وأديب ومثقف عربي.
تنعقد الدورة وسط صراعات سياسية وآيديولوجية تجتاح المنطقة، ما ألقى بثقله على علاقات المثقفين. في هذا السياق، دعا البابطين المثقفين العرب إلى لعمل على التأثير في «شعوبهم وفي سياسات بلدانهم لدفعها نحو التقارب». وقال البابطين، إنه «كلما انخرط العالم في صراعات أكثر، ازدادت الحاجة للقريحة الإنسانية المتمثلة بالشعر والأدب الداعيين للسلام، فما حاجتك إلى أدب يدعو إلى السلم في أوقات السلم؟ ففي زمن الحروب تحتاج إلى الشعر الداعي إلى إطفاء لظى الكراهية بين الشعوب حين تتأجج الصراعات الدامية».
وعد البابطين أن أكبر التحديات التي يمر بها الوطن العربي «تتمثل في تأجيج جذوة الطائفية والمذهبية». وأشار إلى دور المثقف الذي يتجسّد في «نشر التوعية المتمثلة في طوق النجاة الذي اسمه الوحدة الوطنية». وقال: «لا أحد يستطيع القيام بهذا الدور تحديدًا، أكثر من المثقف».
في ما يلي نص الحوار الذي أجرته «الشرق الأوسط» مع الشاعر عبد العزيز سعود البابطين..
*تحتفل مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري، بمرور ربع قرن على تأسيسها.. ما الذي تطمح إليه المؤسسة بعد هذا المشوار الطويل؟
- بل قل ماذا بدأ من طموحات؟ كانت انطلاقة المؤسسة عام 1989، البذرة التي انبتت الجذع فالأغصان. كانت البذرة عبارة عن تأسيس لمشروع أدبي شعري تحديدًا. ثم وجدنا أن الأغصان تتفرع في اتجاهات مختلفة يصب جميعها في خانة الأدب والفكر الإنساني وتلاقي الحضارات. وألفينا أنفسنا ننشئ مراكز متعددة، مثل «مركز البابطين لحوار الحضارات» في جامعة قرطبة، و«مركز البابطين للترجمة» في بيروت، و«مركز البابطين لتحقيق المخطوطات الشعرية» في جامعة الإسكندرية، و«مركز الكويت للدراسات العربية والإسلامية» في جامعة الإمام الشافعي بجزر القمر. وأقمنا دورات في اللغة العربية وعلم العروض، في ما يزيد على 40 جامعة في مختلف الدول العربية والإسلامية. ونؤسس اليوم لكراسي للدراسات العربية في الجامعات الأوروبية. وهذا يعني أن الطموح يتجدد كل مرة مع تجدد الحياة، ووجود معطيات جديدة تستوجب منا النهوض بمسؤولياتنا الثقافية تجاهها.
*إلى أي مدى نجحت المؤسسة في ما فشلت فيه وزارات الثقافة في العالم العربي، لجهة جمع شمل الأدباء والشعراء والمثقفين؟
- النجاح كان لافتًا ومتميزًا، بدليل الاستمرارية التصاعدية وليس العكس. ولا أدري ما هو الوضع بالنسبة لوزارات الثقافة، لكي أعتقد أن العمل الثقافي للهواة أنجح من العمل الثقافي للموظفين الرسميين في الوزارات، لأن هاوي الثقافة يعطيها بشغف ومحبة، ويكرس لها وقتًا وجهدًا كبيرين، ليس فقط في أوقات العمل الرسمي الذي يخصصه الموظف عادة، فالهواة يعملون طيلة النهار، وأثناء الليل أحيانا. أما الموظفون في الوزارات، فيلتزمون ساعات العمل المحددة، لذلك تتحول العلاقات الثقافية في حالة الهاوي، إلى ما يمكن اعتباره علاقة عائلية منسجمة، فالضيوف الذين يحضرون أنشطتنا يشعرون معنا بجو أسري، وكأن كل واحد فيهم أسهم في تكبير عمل المؤسسة بجهوده الأدبية والفكرية. الأمر الآخر، هو أن الوزارات مضطرة للعمل الثقافي بحكم وظيفتها، بينما في الثقافة الخاصة التي يؤسسها أفراد، لا أحد يجبرهم على ذلك، بل يقومون به بحب ورغبة حقيقية في العمل الثقافي.
*كيف تطورت المؤسسة من مجرد مانحة لجوائز للشعراء لتصل إلى حوار الحضارات؟ هل يحتمل الشعر هذا العبء الإنساني؟
- في بداية إنشاء المؤسسة، اقتصر الأمر على حفل تكريم للفائزين بجوائزها المتمثلة في أفضل قصيدة، وأفضل ديوان، وأفضل كتاب في نقد الشعر، إلى جانب جائزة تكريمية لشاعر من الرواد. ثم أصبح الأمر مصحوبًا بندوة أدبية عن شاعر له تاريخ عريق. بعد ذلك، في عام 2004، أدخلنا ندوة عن حوار الحضارات بدأناها في الأندلس مهد تعايش الحضارات والديانات السماوية إبان الحكم العربي الإسلامي. ومن ثم بدأت التوسعات الكثيرة التي ذكرتها في إجابة سابقة، وكان آخرها إنشاء المعهد العربي الأوروبي لحوار الحضارات في إيطاليا.
*نظمتم ملتقى «الشعر من أجل التعايش السلمي»، هل يمكن للشعر أن يوفّر للناس وللمبدعين خاصة، سفينة تعبر بهم عواصف الصراعات المحتدمة في العالم العربي اليوم؟
- نعم، وجوابي هنا عمليًا وليس نظريًا، من خلال الملتقى الذي أقمناه في دبي عن الشعر والتعايش السلمي بين الشعوب. فقد قدم الباحثون ندوات تؤكد حقيقة أن الشعر عنصر مهم وحيوي في التعايش بين الأمم، كونه نتاج فكرٍ إنساني متشابه ومتماثل في أذهان كل الشعوب من دون استثناء. والشعر هو المتوغل في وجدان القارئ في أي مكان. وبالتالي يمكن اعتماد الشعر كأداة إنسانية للتواصل الحضاري. كما وقف شعراء عرب وأجانب جنبًا إلى جنب في الأمسيات الشعرية، وتبين عمق الرغبة المشتركة في العيش بسلام على هذه الأرض.
*قلتم إن «الشعر والحوار هما من نبع واحد»، يمكنهما إخراج الناس «من الخنادق التي حفرت لهم، والكهوف التي حشروا فيها إلى الفضاء الإنساني العام». أليست التصورات هذه رومانسية في عصر الانفجار الدموي للكراهيات في الشرق الأوسط؟
- كلما انخرط العالم في صراعات أكثر، كلما ازدادت الحاجة للقريحة الإنسانية المتمثلة بالشعر والأدب الداعي للسلام. أصلًا، ما حاجتك إلى أدب يدعو إلى السلم في أوقات السلم؟ أنت في زمن الحروب تحتاج إلى الشعر الداعي إلى إطفاء لظى الكراهية بين الشعوب، حين تتأجج الصراعات الدامية. والأدب بشكل عام، هو الوحيد الذي لا يتأثر بالخلافات بين الشعوب. فلا أحد يمتنع عن قراءة أشعار شاعر ينتمي إلى بلد يعاديه، لأنه وليد فكر بشري خلاق نحو الإبداع وليس نتاج فكرٍ عسكري أو حربي. وإذا استطعت نشر الأدب الداعي إلى السلم بين الناس، فسوف تتشكل شرائح مناهضة للحروب وداعية للسلام.
*هل يعيق الانقسام السياسي بين المثقفين العرب اليوم عملكم؟ وهل لديكم مشروع يرتفع فوق هذه الانقسامات؟
- الانقسام السياسي بين المثقفين العرب لا يعيقنا، بل يؤرقنا ويشكل بالنسبة إلينا، هاجسًا لتلافيه وردم الفجوات بين هؤلاء المثقفين، لعلهم يؤثرون في شعوبهم وفي سياسات بلدانهم لدفعها نحو التقارب لا التناحر. وكل ما نقوم به، يقع ضمن مشروعنا الداعي إلى هذا التقارب، لذلك تجد في دوراتنا وملتقياتنا وأنشطتنا بشكل عام، ضيوفًا من بلدان هي فعلًا في حالة خلاف ونزاع سياسيين، وقد تكون هذه البلدان ذات تاريخ مشترك وثقافة مشتركة، لكن الخلافات السياسية باعدت بين شعوبها. فهم يلتقون في ندواتنا ويتحاورون ويتصافحون كدلالة على أن الثقافة تسمو على الخلافات التي يتسبب بها السياسيون.
*برأيكم، ما هي التحديات التي يمرّ بها الوطن العربي؟ وهل هناك دور للمثقفين والأدباء في الحدّ منها؟
- أكبر التحديات التي يمر بها الوطن العربي يتمثل في تأجيج جذوة الطائفية والمذهبية، فهي أخطر أنواع التحديات، لأن النار التي تشتعل فيها تكون داخلية، وهي أخطر من النار التي تأتي من الخارج، التي يمكن محاصرتها بعيدًا عند الأطراف. وهنا يتجسد تمامًا، دور المثقف في نشر التوعية المتمثلة في طوق النجاة الذي اسمه «الوحدة الوطنية». لا أحد يستطيع القيام بهذا الدور تحديدًا، أكثر من المثقف، ولا حتى السلطات، لأن التوعية الوطنية هي عملية تثقيف وليست قرارات رسمية.
أصدرتم معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين، خلال أعوام 1995و2002 و2014، وضم في طبعته الثالثة، 2500 شاعر معاصر. كذلك معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين، الذي ضم أكثر من 8 آلاف شاعر. هل ستواصل المؤسسة أعمالها المعجمية؟
- نعم، بين أيدينا اليوم مشروع لعمل معجم أوسع، هو معجم البابطين لعصر الدول والإمارات العربية. ويشتمل تقريبًا، على شعراء يمتدون تاريخيًا، على مدى 5 قرون (1256–1800)، ونحشد لأجله طاقات علمية غير مسبوقة.
*بالإضافة إلى اهتمامكم بخدمة الثقافة، فأنت شاعر، وقد صدرت لك مجموعتان شعريتان: «بوح البوادي»، و«مسافر في القفار». كما صدرت دراسات نقدية متعددة في أعمالك الشعرية. كيف هي علاقتك بالشعر؟
- علاقتي بالشعر هي التي أخذت بيدي إلى كل هذه المشاريع الثقافية. والشعر هو الفطرة التي وجدتها في داخلي من دون تدخل مني. هي حالة تعيشني وتُدخلني في أجوائها، وتمنحني طاقة روحية تجعلني منسجمًا مع القضايا الإنسانية والعاطفية والاجتماعية التي حولي.
*لكم جهود كللت بالنجاح في إقرار حكومة الأندلس اللغة العربية في مناهجها، هل كان ذلك ضمن برامج المؤسسة في دعم اللغة العربية في غير البلدان الناطقة بها؟
- إقرار حكومة الأندلس تدريس اللغة العربية، هو خطوة محل تقدير كبير. وقد جاءت لاحقة لأنشطة عدة أقامتها المؤسسة في إقليم الأندلس في إسبانيا، وتحديدًا بعد دورة «ابن زيدون» في قرطبة عام 2004، وبعد أن بدأنا بعمل دورات للمرشدين السياحيين لتصحيح مفاهيمهم عن الحضارة الإسلامية هناك. وأيضا تزامن ذلك مع إنشاء الكراسي المتخصصة بالدراسات العربية التي أقامتها المؤسسة في الجامعات الإسبانية. وجاء قرار حكومة الأندلس لتتويج هذه الجهود، بإقرارها تدريس اللغة العربية في مدارسها. نثمن هذه الخطوة وهي تحسب أيضا لوعي حكومة الأندلس وانفتاحها على الثقافات.
*ما حكاية إنشاء مركز البابطين للترجمة؟
- كنت أشاهد برنامجًا على قناة تلفزيونية، يتطرق إلى نسب الترجمة المتدنية في الوطن العربي قياسًا إلى دول أجنبية. كانت النسبة حينها مريعة جدًا. فتوارد إلى ذهني فكرة إنشاء مركز خاص للترجمة في عام 2004. واستطاع المركز في غضون سنوات قليلة، أن يساهم في تشجيع حركة الترجمة والتأكيد على أهميتها الحضارية للأمة العربية، سواء من حيث إصداراته أو من حيث الترويج للأهداف والأنشطة التي قام بها. ويحرص المركز حاليًا، على الاهتمام بترجمة الكتب العلمية والتكنولوجية، في ضوء حاجة المكتبة العربية إلى هذا النوع من الكتب، وللمساهمة في تعميم الثقافة العلمية لدى أوسع شرائح القراء العرب من مختلف الأعمار. فالعالم يصدر سنويا أكثر من 100 ألف كتاب مترجم، أي أكثر من 12 في المائة من مجموع الإصدارات السنوية. غير أن حصة الوطن العربي من الكتب المترجمة سنويًا، هي 330 كتابًا فقط، أي بمعدل كتاب واحد مترجم لكل مليون عربي، مقابل 519 كتابا مترجما لكل مليون شخص في دولة أوروبية متوسطة الحال مثل المجر، ومقابل 920 كتابا لكل مليون نسمة في إسبانيا (استنادا إلى تقرير التنمية البشرية العربية للعام 2003 أي السنة التي سبقت إنشاء مركز البابطين للترجمة).
*ماذا أعددتم لدورة «أبي تمام الطائي»؟
- تقام الدورة برعاية الملك محمد السادس. وقد جرى تحضير كل شيء. وستكون هناك ندوة عن الشاعر العباسي، أبي تمام الطائي، وأخرى عن احتفالية المؤسسة بمرور ربع قرن على تأسيسها. وستكون على النحو الآتي: «اللغة في شعر أبي تمام» للدكتور عبد الله التطاوي، و«بنية الصورة الفنية في شعر أبي تمام» للدكتور عبد القادر الرياعي، و«أصول التجديد الفني في شعر أبي تمام» للدكتور فوزي عيسى، و«شعر أبي تمام وأثره الفني» للدكتور إبراهيم نادن.
بالإضافة إلى محاور الندوة التي تتحدث عن دور المؤسسة الثقافي بمناسبة مرور ربع قرن على تأسيسها، بحيث يتحدث فيها كل من الدكتور محمد حسن عبد الله عن «دور المؤسسة في إحياء الحركة الثقافية العربية»، والدكتور عبد الله أحمد المهنا عن «جهود المؤسسة في إغناء حوار الحضارات»، والدكتور عبد الرحمن طنكول عن «تطلعات القادم وآفاق المستقبل».
وسوف تصدر المؤسسة أيضا ديوان أبي تمام وفيه إضافات جديدة، إلى جانب مجموعة كبيرة من الكتب بهذه المناسبة عن الشاعر المحتفى به، وأخرى عن المؤسسة وتاريخ مسيرتها، بما يغني المكتبة العربية بأفكار وطروحات جديدة، . يصاحب هذه الندوة حفل فني غنائي وأمسيتان شعريتان، أعددنا أولها بناءً على طلب عدد من الشعراء الذين نالوا جائزة المؤسسة في السنوات السابقة. وقد كتب هؤلاء قصائد احتفاءً بالتكريم الكبير الذي ناله الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، الذي منحته الأمم المتحدة لقب «قائد العمل الإنساني» تقديرًا لعطائه المتواصل في مجالات العمل الإنساني المختلفة. وهو في الحقيقة تكريم لكل مواطن عربي. وأعتقد أن هذا الإحساس هو ما دفع هؤلاء الشعراء إلى كتابة قصائدهم في تخليد هذه المناسبة.



انطلاق الدورة الـ19 لـ«البابطين الثقافية» بمضاعفة جوائز الفائزين

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
TT

انطلاق الدورة الـ19 لـ«البابطين الثقافية» بمضاعفة جوائز الفائزين

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

كرمّت «مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية»، صباح اليوم (الأحد)، الفائزين بجوائز الدورة الـ19 للجائزة، مع انطلاق هذه الدورة التي حملت اسم مؤسس وراعي الجائزة الراحل عبد العزيز سعود البابطين، تخليداً لإرثه الشعري والثقافي.

وأُقيم الاحتفال الذي رعاه أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الصباح، في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، بحضور (ممثل أمير البلاد) وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب عبد الرحمن المطيري، ومشاركة واسعة من الأدباء والمثقفين والسياسيين والدبلوماسيين وأصحاب الفكر من مختلف أنحاء العالم العربي، كما حضر الحفل أعضاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

جانب من حضور دورة الشاعر عبد العزيز سعود البابطين (الشرق الأوسط)

وقال وزير الثقافة والإعلام الكويتي، عبد الرحمن المطيري، في كلمته، إن هذا الملتقى «الذي يحمل في طياته عبق الشعر وأريج الكلمة، ليس مجرد احتفالية عابرة، بل هو تأكيد على أن الثقافة هي الروح التي تحيي الأمم، والجسر الذي يعبر بنا نحو مستقبل زاخر بالتسامح والتعايش والمحبة».

وأضاف: «إن لقاءنا اليوم ليس فقط تكريماً لمن أبدعوا الكلمة وشيَّدوا صروح الأدب، بل هو أيضاً دعوة لاستلهام الإرث الثقافي الكبير الذي تركه لنا الشاعر الراحل عبد العزيز سعود البابطين (رحمه الله)، والذي كان، وسيبقى، قامة ثقافية جمعت بين جمال الكلمة وسمو الرسالة... رسالة تُعبِّر عن القيم التي تجمع بين الحضارات. ومن هنا جاءت مبادراته الرائدة، التي عرَّف من خلالها الشرقَ بالشعر العربي، وقدَّم للغرب بُعدَه الإنساني، جاعلاً من الشعر جسراً يربط القلوب، ومفتاحاً للحوار بين الثقافات».

رئيس مجلس أمناء «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين يلقي كلمته في افتتاح الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

في حين قال رئيس مجلس أمناء «مؤسسة البابطين الثقافية»، سعود البابطين، إن هذه الدورة تأتي احتفاءً «بالشعر، فن العرب الأول على مر العصور، وتكريماً للمبدعين والفائزين مِنَ الشعراءِ والنقاد، ووفاءً ومحبة لشاعر هذه الدورة (عبد العزيز البابطين) الذي أخلص في رعاية الشعر العربي وخدمة الثقافة العربية بصدق ودأب وتفانٍ طيلة عمره كله، بلا ملل ولا كلل».

وفي خطوة لافتة، قدَّم رئيس مجلس الأمناء، أمين عام المؤسسة السابق، الكاتب عبد العزيز السريع، الذي رافق مؤسس الجائزة منذ نشأتها، ليتحدث عن ذكرياته مع راعي الجائزة الراحل، والخطوات التي قطعها في تذليل العقبات أمام إنشاء المؤسسة التي ترعى التراث الشعري العربي، وتعمل فيما بعد على بناء جسور التواصل بين الثقافات والحضارات.

وأعلن البابطين، في ختام كلمته عن مضاعفة القيمة المالية للجوائز ابتداءً من هذه الدورة، وفي الدورات المقبلة لـ«جائزة عبد العزيز البابطين».

ونيابة عن الفائزين، تحدَّث الأديب والشاعر الكويتي الدكتور خليفة الوقيان، مشيداً بـ«جهود (مؤسسة البابطين الثقافية) في دعمها اللامحدود للفعل والنشاط الثقافي داخل وخارج الكويت».

وأضاف: «في هذا المحفل الثقافي البهيج، يمرُّ في الذاكرة شريط لقاءات تمَّت منذ 3 عقود، كان فيها الفقيد العزيز الصديق عبد العزيز البابطين يحمل دائماً هَمّ تراجع الاهتمام بالشعر، ويضع اللَّبِنات الأولى لإقامة مؤسسة تُعنى بكل ما من شأنه خدمة ذلك الفن العظيم، ثم ينتقل عمل المؤسسة إلى الأفق الدولي، من خلال ما يُعنى بقضية حوار الثقافات والحضارات».

وألقى الشاعر رجا القحطاني قصيدة عنوانها «إشعاع الكويت»، من أشعار الراحل عبد العزيز البابطين.

يُذكر أن فعاليات الدورة الـ19 مستمرة على مدى 3 أيام، بدءاً من مساء الأحد 15 ديسمبر (كانون الأول) إلى مساء الثلاثاء 17 ديسمبر الحالي. وتقدِّم الدورة على مسرح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي 5 جلسات أدبية، تبدأ بجلسة بعنوان «عبد العزيز البابطين... رؤى وشهادات»، تليها 4 جلسات أدبية يعرض المختصون من خلالها 8 أبحاث عن الشاعر عبد العزيز سعود البابطين المحتَفَى به، و3 أمسيات شعرية ينشد فيها 27 شاعراً.

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

الفائزون:

* الفائز بالجائزة التكريمية للإبداع الشعري الشاعر الدكتور خليفة الوقيان، وقيمة الجائزة 100 ألف دولار.

* الفائزان بجائزة الإبداع في مجال نقد الشعر «مناصفة»، وقيمتها 80 ألف دولار: الدكتور أحمد بوبكر الجوة من تونس، والدكتور وهب أحمد رومية من سوريا.

* الفائزة بجائزة أفضل ديوان شعر، وقيمتها 40 ألف دولار: الشاعرة لطيفة حساني من الجزائر.

* الفائز بجائزة أفضل قصيدة، وقيمتها 20 ألف دولار: الشاعر عبد المنعم العقبي من مصر.

* الفائز بجائزة أفضل ديوان شعر للشعراء الشباب، وقيمتها 20 ألف دولار: الشاعر جعفر حجاوي من فلسطين.