تعقيدات المشهد اليمني: الحوثيون.. الواقع الجديد ( 3 - 3)

أصبحوا القوة الأكثر حضورا وتأثيرا في القرار السياسي.. وفرضوا آراءهم حتى على الرئيس

يمني مؤيد لجماعة الحوثيين يرفع صورة زعيمها عبد الملك الحوثي أثناء مظاهرة في صنعاء (أ.ف.ب)
يمني مؤيد لجماعة الحوثيين يرفع صورة زعيمها عبد الملك الحوثي أثناء مظاهرة في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

تعقيدات المشهد اليمني: الحوثيون.. الواقع الجديد ( 3 - 3)

يمني مؤيد لجماعة الحوثيين يرفع صورة زعيمها عبد الملك الحوثي أثناء مظاهرة في صنعاء (أ.ف.ب)
يمني مؤيد لجماعة الحوثيين يرفع صورة زعيمها عبد الملك الحوثي أثناء مظاهرة في صنعاء (أ.ف.ب)

فرض الحوثيون باقتحام صنعاء واقعا جديدا، كان مرا بالنسبة لخصومهم السياسيين، وحتى بالنسبة للرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي آلمه سقوطها في أيدي حركة مسلحة وهو رئيس الدولة، وأشعرته بالانكسار والشلل، فنزح هو الآخر من منزله العامر في شارع الستين الغربي بصنعاء إلى دار الرئاسة بمحيط النهدين، الذي رفض السكن فيه خلال الأعوام الـ3 الماضية من رئاسته للبلاد لمخاوف أمنية.
وبالواقع الجديد الذي فرضه الحوثيون على صنعاء يوم 21 سبتمبر (أيلول) أصبحوا هم القوة الأكثر حضورا وتأثيرا في القرار السياسي، وقد بدأت بممارسة هذا الدور فعلا من خلال رفضها قرار الرئيس هادي تكليف مدير مكتبه (بن مبارك) بتشكيل الحكومة، الذي استجاب له الرئيس فورا، كما سيستجيب أيضا لمطالبهم التالية، وسيستفيد الحوثيون من الرئيس في «حكومة السلم والشراكة» لترتيب أوضاعهم كما فعل «الإخوان» في حكومة الوفاق.
فالحوثيون الذين يسيطرون على الوضع الأمني في صنعاء والحديدة ومناطق أخرى يسعون أيضا إلى السيطرة على الإدارة الأمنية في البلاد، ويرتبون لدمج 20 ألفا من مسلحيهم ضمن المؤسستين العسكرية والأمنية في خطوات يستهدفون من ورائها امتلاك ناصية القرار، فهم يتقمصون دور «حزب الله» في لبنان، ويسعون لأن يكونوا الثلث المعطل ضمن شراكة سياسية واسعة. ولعل بوادر تشكل الخارطة السياسية الجديدة كانت قد بدأت ملامحها بالظهور من خلال التنسيق مع جماعة الحوثي (أنصار الله) لإنجاح إسقاط حكومة باسندوه التي شاركت فيها بصورة أو بأخرى قيادات مؤتمرية، وأحزاب قومية ويسارية، وتيارات دينية موالية لحركة الحوثي، وهذه الخارطة التي بدأت تتشكل ستهدد ببعض قواها بتفكك اللقاء المشترك الذي يتزعمه حزب الإصلاح «الإخواني»، وستكون هذه التحالفات الجديدة هي الكفيلة بتشخيص مستقبل العملية السياسية والمآلات التي ستفضي إليها، لكن الشيء المؤكد أن هذه الخارطة ستخلق تحالفات يدين جزء كبير منها بالولاء لإيران ولأجندتها السياسية، قد تقوض العملية الديمقراطية، وتعيد عقارب الساعة إلى الوراء بمسافات ضوئية.
فالحوثيون لديهم مشروع «مذهبي» يسيرون باتجاهه للوصول إلى الحكم والسيطرة عليه، وهذا المشروع الذي أسقط صنعاء بقوة السلاح، سيتقاطع - بالتأكيد - مع دعوات وتوجهات بناء الدولة المدنية الحديثة التي ينادي بها كل أبناء الوطن اليمني، كما تنادي بها الأحزاب السياسية والتيارات الشبابية التي تعاطت مع دعوات الحوثيين لـ«إسقاط الحكومة، وإلغاء الجرعة». فمعظم القوى اليمنية الراغبة في التغيير تسعى إلى تحقيق العدالة والحرية والمواطنة المتساوية، وهو ما لا يمكن له أن يتحقق إلا بمشروع وطني تحديثي يجد الجميع فيه غايته، ويضع القناعات العقدية والفكرية والمذهبية جانبا، ويرفض العنف والسلاح، ويتجنب أيضا إملاء الممارسات وتعميم الطقوس والشعارات الخاصة بأي جماعة أو حزب أو فئة.
ومن هنا، وفي إطار هذا التوجه للتغيير، فقد جرب اليمنيون حكم اليسار واليمين، والوسط، والاشتراكي والمؤتمر، والإخوان على مدى عقود، فلماذا لا يجرب اليمنيون الواقع الجديد، الذي فرضه ويفرضه الحوثيون؛ فقد أصبحوا القوة الجديدة الموجودة في الساحة، التي لا بد من الاعتراف بها والتعامل معها؟ وبرأيي أن قواعد اللعبة السياسية كانت تقتضي إشراك الحوثيين في الحكومة وفي الهيئات المنبثقة عن مؤتمر الحوار من وقت مبكر وبمجرد انتهاء المؤتمر من أعماله. صحيح أن الحوثيين حركة مسلحة، وتعتمد السلاح في فرض خياراتها، لكنها بالمقابل ليست القوة المسلحة الوحيدة خارج المؤسستين الأمنية والعسكرية في البلاد التي تتعامل بمنطق القوة والسلاح، فهناك الحراك المسلح في الجنوب، وهناك الميليشيات الحزبية المسلحة التابعة لحزب الإصلاح (إخوان اليمن)، وهناك أيضا ميليشيات قبلية مسلحة منتشرة على طول اليمن وعرضه، وبالتالي فحل هذه الميليشيات وسحب أسلحتها الثقيلة لا يمكن أن يجري إلا عبر دمجها في العملية السياسية، وإشراكها في تحمل المسؤولية الأمنية والوطنية في البلاد، طالما أن الدولة عاجزة عن مواجهتها ووقف أنشطتها المسلحة.
لكن بالمقابل يجب أن لا ننسى أنه قد سبق الاعتراف بالحركة الحوثية وجرى إشراكها في مؤتمر الحوار الوطني وهي مسلحة، وجرى القبول بنتائج مواجهاتها مع السلفيين في دماج، حيث جرى تهجير السلفيين من مناطقهم برضاء ورغبة رئاسية وهي مسلحة، وجرى أيضا القبول بالحوثيين والتعامل معهم إيجابيا بعد اقتحامهم المسلح لمدينة عمران والسيطرة على أحد أهم وأقوى ألوية الجيش فيها (اللواء 310) وقتل قائده وأبرز ضباطه، ثم أخيرا جرى القبول باقتحامهم المسلح للعاصمة صنعاء وسيطرتهم على المؤسسات والدوائر الحكومية فيها.
وإذن، فالحوثيون أصبحوا واقعا موجودا على الأرض، وأصبحوا جزءا من العملية السياسية القائمة خاصة بعد التوقيع معهم بمشاركة مختلف القوى والأحزاب السياسية المشاركة في السلطة على وثيقة «السلم والشراكة الوطنية»، التي جرت بإشراف أممي ومباركة إقليمية ودولية.
> المخاوف والتداعيات المحتملة:
القبول بالحركة الحوثية والتعامل معها بوصفها شريكا قويا ومؤثرا في الساحة السياسية اليمنية، أمر يجب أن تستوعبه كل أطياف العمل السياسي، ولكن ليس لكونها حركة مرتبطة بالسلاح ومتمسكة بفرض خياراتها بالقوة، وإنما بافتراض أنها ستتحول إلى حركة سياسية، يكون لها برنامج مدني يرفض ممارسة العنف واستخدام السلاح، ويقبل بالآخر المختلف. أما في حالة استمرار تمسك الحوثيين بمنطق القوة والسلاح فمشروعهم سيظل يحتمل الكثير من المخاوف، فهو سيتقاطع مع أحاديث قادتهم عن الدولة المدنية، والحقوق والحريات، والعدالة والمساواة، ليتحول إلى مشروع يحميه السلاح، وتحكمه وتسيطر عليه أفكار واتجاهات مذهبية متعصبة.
ومشروع الحركة الحوثية الذي يتماهى أصلا في أهدافه ومراميه مع المشروع الإيراني في المنطقة، سيشكل من وجهة نظر سياسية محلية وإقليمية تهديدا لأمن واستقرار اليمن ودول المنطقة في الجزيرة والخليج، ذلك لأن المشروع الإيراني يقوم على توجهات سياسية - مذهبية تنطوي على عدد من المخاطر المحتملة، أهمها:
- إحياء الصراعات المذهبية والطائفية في المنطقة، التي ستقود حتما إلى تفكيك النسيج الاجتماعي، وتخل بقيم ومفاهيم التعايش والسلام بين الأسر والأفراد.
وكما تحاول إيران أن تكون الحركة الحوثية ذراعها القوية في المنطقة، ستسعى من خلالها لاستنهاض وإثارة التجمعات الشيعية في الجزيرة والخليج، فهناك في السعودية تتكاثر هذه التجمعات، ففي المنطقة الجنوبية توجد «الزيدية، والإسماعيلية» في نجران، وعسير، وجيزان، القريبة من مركز الزيدية (الهادوية) في صعدة اليمن، وفي المنطقة الشرقية توجد التجمعات الشيعية في الأحساء، والخبر، والظهران، ومناطق أخرى كالقطيف، والدمام، التي تتبنى المذهب الشيعي الجعفري (الاثني عشري). هذا هو الخطر نفسه الذي ينذر بالتمدد إلى بقية دول الخليج كدولة البحرين، المهيأة أصلا لانفجار الوضع فيها، وكذلك الكويت والإمارات، وكلها ستكون بالتأكيد بؤرا موقوتة قابلة للتفجير في أي لحظة يستعر فيها الصراع الطائفي والمذهبي في اليمن.
- السعي إلى فرض ثقافة التشيع ونشرها، وتعميم ولاية الفقيه، كما هو الحال في جنوب لبنان، وكما حاولت وتحاول إيران أن تجد لها موطئ قدم في مناطق التشيع في السودان وبعض دول أفريقيا ودول شرق آسيا.
- استكمال حلقة وجودها - إن لم نقل سيطرتها - على المضايق البحرية في البحرين العربي والأحمر، والبحث عن موطئ قدم في مضيق باب المندب، الذي يتحكم في الملاحة البحرية الدولية باتجاه دول الشرق الأفريقي وقناة السويس، وهو الذي أثار الكثير من المخاوف وردود الفعل لكثير من دول المنطقة.
فإيران تحاول من خلال التلاعب بالأوراق السياسية والطائفية والمذهبية في المنطقة، ومن نافذة المشكلة اليمنية، تعزيز نفوذها ووجودها في منطقة الجزيرة والخليج، كدولة إقليمية محورية، يهمها كثيرا تقوية مكانتها في المجتمع الدولي ليسهل لها الضغط على دول المنطقة، ولتتحكم في نهاية المطاف بمسار القرار السياسي فيها.
وعليه، فستكون انعكاسات الوضع الجديد في اليمن خطيرة على دول الخليج العربي أيضا، إذا ما استمر تفاقم الحالة الأمنية وغياب الدولة كما هو عليه اليوم.
> على المستوى الداخلي:
أما على المستوى الداخلي، فلا شك أن استمرار سيطرة الحركة الحوثية على صنعاء، والسيطرة على مؤسسات الدولة في بقية المحافظات بقوة السلاح بمقابل استمرار غياب الدولة، فمن غير المستبعد أن تكون له تأثيراته وانعكاساته السلبية على مستوى الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية العامة في البلاد، وسيجرها إلى منزلقات ومخاطر لن تكون أقل سوءا وفداحة مما يجري في سوريا والعراق، خاصة أن جزءا كبيرا من سلاح الجيش اليمني لم يعد في يد الجيش وحمايته، بل أصبح في أيدي الميليشيات المسلحة، حزبية، وحراكية، وقبلية منفلتة.
ومن هنا، يبدو اليمن مهيأ لمواجهة عدد من المخاطر المحتملة لعل من أهمها وأبرزها:
- انفلات الدولة (على انفلاتها)، وتفكك البنية الأساسية لمؤسسات الدولة وهيئاتها، التي تأتي في مقدمتها المؤسستان العسكرية والأمنية، لتحل محلهما العصابات المسلحة والفوضى والدمار.
- خطر نمو التنظيمات الإرهابية المسلحة، الأمر الذي سيستنهض معه الصراع «المذهبي» والعنصري في اليمن ما يهدد بنشوء حرب أهلية بهوى طائفي تكون أطرافها الأساسية جماعات دينية مذهبية «سنية - شيعية» متطرفة، وسيكون - بالتأكيد - تنظيم القاعدة في جزيرة العرب (أنصار الشريعة) جزاء كبيرا منها، ومن اللعبة القذرة التي يخطط لتمريرها في اليمن، الأمر الذي سيدفع بتكتلات إقليمية لأن تمول وتذكي الصراعات والحروب على دماء اليمنيين وأشلائهم، وحينها سيسمح وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2140) لسنة 2014م بالتدخل العسكري الدولي تحت البند السابع ليصبح اليمن بعدها مسرحا للحروب والصراعات الدولية والإقليمية.
- تصاعد نشاط الحراك الجنوبي «الانفصالي» المسلح، الذي فتح الحوثيون شهية قادته لمحاكاة أنشطتهم، والتحرك لتنظيم الاعتصامات السلمية (!!!) في ميادين مدينة عدن وساحاتها، وإقامة المخيمات المسلحة بمحيطها تمهيدا لتكرار ما حدث في صنعاء.
والحوثيون الذين يبدون في حالة تنسيق مع الحراك الجنوبي أوفدوا ليلة 14 أكتوبر (تشرين الأول) ممثليهم للمشاركة في احتفالات الحراك بالذكرى الـ51 للاستقلال، وتدشين المظاهرات والاعتصامات لما يسمونه بـ«فك الارتباط عن الشمال» لفك عرى الوحدة، والعودة باليمن إلى ما قبل مايو (أيار) 1990م، وهو ما يخشى من حدوثه إذا ما ازداد الوضع اليمني تعقيدا، وتواصل انفلات الوضع الأمني، وخروج الدولة عن جاهزيتها. لعلي هنا قد أفرطت في بعض التوقعات والاحتمالات المتشائمة، لكنها في واقع الحال قراءة عجلى لتداعيات خطيرة ومتسارعة شهدها ويشهدها اليمن في المرحلة الراهنة، غير أننا، نحن اليمنيين، تعلمنا من اشتداد الأحداث انفراجها، فالحكمة اليمانية تتدخل عادة في اللحظات الأخيرة، ونحن نراهن عليها، كما يحلو لنا أيضا أن نتوسم ببيتي شعر الإمام الشافعي رحمه الله الذي يقول فيهما:
ولرب نازلة يضيق بها الفتى
ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فرجت وكنت أظنها لا تفرج

* رئيس مركز الوحدة للدراسات الاستراتيجية بصنعاء ووزير الثقافة اليمني السابق

تعقيدات المشهد اليمني: سقوط صنعاء (2 - 3)
تعقيدات المشهد اليمني: الانقلاب على المبادرة الخليجية ( 1 - 3)


3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.