أعلنت رئاسة الجمهورية الجزائرية اليوم (الاثنين) وفاة نائب وزير الدفاع رئيس أركان الجيش الوطني الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، عن عمر ناهز 80 عاما. وذكرت الرئاسة الجزائرية، في بيان أوردته وكالة الأنباء الجزائرية، أن الفريق أحمد قايد صالح توفي إثر سكتة قلبية ألمت به في بيته.
وقالت الرئاسة الجزائرية اليوم إن الرئيس عبد المجيد تبون أعلن الحداد لمدة 3 أيام في مؤسسات الدولة، ولمدة 7 أيام في المؤسسات العسكرية. كما أعلن تعيين اللواء سعيد شنقريحة رئيسا لأركان الجيش بالإنابة بعد وفاة الفريق أحمد قايد صالح.
ويعد صالح من أشهر رجال الدولة الجزائرية وأكثرهم نفوذا، ولمع نجمه في الآونة الأخيرة بعد عزل الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة مطلع أبريل (نيسان) الماضي.
الفريق أحمد قايد صالح... ركيزة نظام بوتفليقة وحامي ظهره
ولدى استقلال الجزائر في 1962، انخرط في صفوف الجيش ودخل أكاديمية عسكرية سوفياتية وتدرج في سلم القيادة.
وقد تولى قيادة مناطق عسكرية عدة قبل تعيينه عام 1994 قائداً لسلاح البرّ خلال الحرب الأهلية (1992 - 2002) بين الجيش الجزائري والجماعات الإسلامية.
في عام 2004، اختار بوتفليقة بعد إعادة انتخابه، هذا الضابط الذي أراد المسؤولون عنه إحالته على التقاعد، ليخلف الفريق محمد العماري الذي دفع ثمن معارضته لولاية ثانية للرئيس الجزائري.
لدى عودته من باريس في يوليو (تموز) 2013، حيث أمضى في المستشفى 80 يوماً بعد إصابته بجلطة في الدماغ، عيّن بوتفليقة الذي كان يشغل أيضاً منصب وزير الدفاع والقائد الأعلى للجيوش بموجب الدستور، رئيس الأركان نائباً لوزير الدفاع.
ويؤكد مراقبون أن بوتفليقة منحه هذا المنصب الوزاري مقابل دعمه في مواجهة قسم من الجهاز الأمني الذي كان يعارض ولاية رابعة ترشح لها بوتفليقة في 2014، أي بعد عام من إصابته بالجلطة.
كما دعم الفريق صالح أيضاً بوتفليقة عندما أضعف دائرة الاستخبارات والأمن، الجهاز الواسع النفوذ للاستخبارات التابع للجيش، ورئيسه الفريق محمد مدين الملقب «توفيق» الذي أحيل على التقاعد عام 2015.
في عام 2019، وبينما خرج الجزائريون إلى الشارع للاعتراض على ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة، أعلن قايد صالح أن الجيش هو «الضامن» للاستقرار والأمن في مواجهة «أولئك الذين يريدون جرّ الجزائر إلى سنوات الحرب الأهلية» (1992 - 2002).
وكان رئيس أركان الجيش دعم ترشح بوتفليقة لولاية خامسة. لكنه بعد تنامي الاحتجاجات، اعتمد خطاباً أكثر ليونة، معلناً أن الجيش يتقاسم «القيم والمبادئ نفسها» مع الشعب.
في 26 مارس (آذار)، قدّم رئيس أركان الجيش اقتراحه الذي شكل مفاجأة وقضى بتطبيق المادة 102 من الدستور التي تؤدي إلى إعلان عجز رئيس الجمهورية عن ممارسة مهامه بسبب المرض.
بعد أقل من أسبوع، أعلنت رئاسة الجمهورية أن بوتفليقة سيستقيل قبل انتهاء الموعد المحدد لولايته الرابعة في 28 أبريل (نيسان).
لكن قايد صالح عاد وأكد قبل ساعات من إبلاغ بوتفليقة المجلس الدستوري باستقالته، وجوب «التطبيق الفوري» للحل الدستوري الذي يؤدي إلى عزل بوتفليقة.
وفي يونيو (حزيران) الماضي نفى صالح ما يشاع عن «طموح لديه في السلطة»، وذلك بالنظر إلى النفوذ الذي بات يتمتع به منذ أن عزل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مطلع أبريل (نيسان) الماضي.
وفي 14 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، قدم الفريق أحمد قايد صالح التهنئة للرئيس المنتخب عبد المجيد تبون، معتبرا أنه «الرجل المناسب والمحنك والقادر على قيادة الجزائر نحو مستقبل أفضل».
وأعرب في برقية تهنئة للرئيس المنتخب - عن تمنياته بكل النجاح والتوفيق في مهامه الوطنية النبيلة، مؤكدا أن الجيش الوطني الشعبي «سيبقى مجندا وداعما للرئيس الذي اختاره الشعب، ولن يتخلى أبدا عن التزاماته الدستورية وسيظل بالمرصاد لأعداء الوطن».
كما أبدى تقديره وعرفانه وامتنانه للمواطنين الجزائريين على مشاركتهم القوية في الانتخابات الرئاسية والاختيار الموفق.
وأكد أن جهود الجيش الجزائري تتم وفق خطة استراتيجية مدروسة وضعت نصب أعينها الحفاظ على مؤسسات الدولة وحماية المرافق العامة وأملاك المواطنين، والدعم لجهاز العدالة وحماية المسيرات السلمية طيلة عشرة أشهر كاملة، والحرص على ألا تراق قطرة دم واحدة.
وقال صالح حينها، إنه سبق أن أكد للشعب الحفاظ على سلامة الوطن وسيادته والتمسك بالحلول الدستورية للوصول بالبلاد إلى بر الأمان، ما ساهم في بلورة وتشكيل رأي عام وطني، مقتنع بجدوى استراتيجية القيادة العليا للجيش، مشيرا إلى أن المواطنين وخاصة الشباب استجابوا وتجاوبوا مع المواقف الثابتة للجيش.