«شاطئ التحرير»... متنفس «الثورة» على ضفة دجلة وسط بغداد

نشاطات فنية ورياضية وترفيهية ينظمها شباب حقبة ما بعد نظام صدام

«شاطئ التحرير»... متنفس «الثورة» على ضفة دجلة وسط بغداد
TT

«شاطئ التحرير»... متنفس «الثورة» على ضفة دجلة وسط بغداد

«شاطئ التحرير»... متنفس «الثورة» على ضفة دجلة وسط بغداد

تشهد ضفة أطلق عليها «شاطئ التحرير»، تمتد لنحو نصف كيلومتر على نهر دجلة على مقربة من ساحة التحرير في قلب بغداد، نشاطات فنية ورياضية وترفيهية ينظمها شباب حقبة ما بعد نظام صدام حسين.
يقول الشاب عمار صلاح (20 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية: «حرمنا قادتنا (السياسيون) من كل شيء: حقوقنا، وأموالنا، وكرامتنا (...) ببساطة، هنا نكتشف طعم الحرية»، على هامش احتجاجات مطلبية انطلقت منذ أكثر من شهرين تدعو إلى «إسقاط النظام».
على الضفة ذاتها، كان علي، متظاهر عاطل عن العمل ومفلس، يواصل المشاركة في الاحتجاجات التي خرجت ببغداد ومدن جنوب العراق منذ بداية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
يقول هذا الشاب وهو يسحب قدمه من الرمل ليواصل لعب الكرة: «ليس لدينا شيء نخسره، لن نتحرك حتى يرحل اللصوص الموجودون في السلطة».
وينتشر هؤلاء المتظاهرون الشباب على هذه الضفة القريبة من ساحة التحرير، التي تعد «المعقل» الرئيسي للاحتجاجات في العراق. ووصف صحافي، اكتفى بذكر اسمه الأول (علي)، المكان بالقول: «هذا هو المكان الذين نجد فيه سحر بداية الاحتجاجات»، وأضاف بحسرة: «التحشيد أقل (اليوم)، الرؤوس تغيرت وتغلغلت عناصر الميليشيات والجواسيس بين المتظاهرين»، مشيراً إلى تزايد تأثير مؤيدي التيار التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر.
وخلف القمع الذي تعرض له المحتجون 460 قتيلاً ونحو 15 ألف جريح، وفقاً لحصيلة أعدتها «الصحافة الفرنسية» استناداً إلى مصادر أمنية وطبية.
ويمتد هذا الشاطئ الذي يقع على الجانب الشرقي من نهر دجلة بين جسري السنك والجمهورية، وتنتشر قوات أمنية قطعت الجسرين المؤديين إلى المنطقة الخضراء الشديدة التحصين. ويمتد على مقربة من المكان شارع الرشيد الذي يتضمن منازل بغدادية قديمة بنيت بطريقة تعرف بـ«الشناشيل»، تخرج منها شرفات خشب مطرزة تذكر بأمجاد بغداد القديمة، لكنها باتت اليوم شبه منهارة. وفي الشارع نفسه مبانٍ حديثة تشوه منظره العريق، كما وضعت حواجز خرسانية هنا وهناك، لكنها غطيت برسوم تروي أحلام ومطالب المحتجين.
وتتحرك من دون انقطاع عربات «التوك توك» الثلاثية العجلات بألوانها الحمراء والصفراء، التي باتت أيقونة المظاهرات لما تقدمه من خدمة للمتظاهرين، بعدما كانت تستخدم للتنقل في الأحياء الفقيرة فقط من بغداد.
وانتشرت على الضفة نفسها مقابر غطيت بأعلام العراق، وضعت حولها زهور صناعية وقميص ملطخ بالدم يذكر بـ«الشهداء» الذين سقطوا خلال الاحتجاجات، ورفعت صور بعضهم على خيام يأوي إليها متظاهرون عند الليل، كما وضع في مكان قريب علم للعراق.
وفي مكان آخر، وضعت لافتة عليها عبارة: «عدم رمي النفايات على الأرض»، دعوة للجميع إلى المحافظة على نظافة الشاطئ، بهدف زرع روح مدنية من أجل «العراق الجديد»، رغم انتشار القمامة في المكان.
لم يكن ممكناً، في عهد نظام صدام حسين، ولا حتى خلال سنوات العنف الطائفي الذي ضرب العراق، الوجود على هذا الشاطئ الذي يقع قبالة المنطقة الخضراء التي كانت تضم القصر الجمهوري، وأصبحت اليوم مقراً للحكومة والبرلمان وبعثات دبلوماسية، بينها السفارة الأميركية. ويستذكر أيمن، أحد سكان بغداد، قائلاً: «كان الوضع خطيراً جداً! لا أحد كان يصل إلى هنا في الماضي».
اليوم، استعاد الجيل الشاب الشاطئ ليعبر عن طموحاته المشروعة عبر لافتات كثيرة وضعت على جدران بعضها مهمل متسخ.
وفي مشهد يعكس طي صفحة العنف الذي شكل معاناة امتدت لسنوات طويلة، تجمع شبان يرتدون قمصاناً وسراويل ضيقة يلعبون الكرة الطائرة، فيما يحاول 3 مراهقين تمرير العجلة الخلفية لدراجة بخارية رمادية غاصت بالرمال للعبور بها إلى مكان آخر. وتجمع شباب يستمعون لأغانٍ عراقية، بينها راب عراقي بعنوان «حبيت»، وأعلن عن مسابقة لرقصة «هيب هوب» على ميدان مفروش بالحجارة، فيما وقف شابان بعضلات مفتولة يتحركان باتجاه من يصفق لهم.
يمثل الشباب، خصوصاً الذكور، غالبية المحتجين، وبينهم فقراء، مثل سفيان (26 عاماً)، المصاب بشلل الأطفال في إحدى ذراعيه، الذي لم يحصل أبداً على أي رعاية. ويؤمن هذا الشاب بأن المظاهرات «ستغير كل شيء» في حياته.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.