الجزائر: تبون يدعو لوقف عمليات «الاستيراد العشوائي»

إطلاق سراح المخرج جريو ورفض الإفراج المؤقت عن الناشط طابو

TT

الجزائر: تبون يدعو لوقف عمليات «الاستيراد العشوائي»

دعا الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في أول خروج له إلى الميدان إلى «وقف عمليات الاستيراد العشوائي»، بينما أفرجت محكمة بغرب البلاد عن المنتج والمخرج التلفزيوني الشهير عبد القادر جريو، على أن يمثل أمام القاضي في وقت لاحق. أما الناشط السياسي البارز كريم طابو، فقد رفضت محكمة بالعاصمة طلب محاميه الإفراج المؤقت عنه.
أبدى تبون، أمس وهو يزور «معرض المنتجات المحلية»، الذي يُنظم كل سنة بالعاصمة انزعاجا من الإفراط في الاستيراد بسبب الاعتماد الكلي على المحروقات، التي تستورد الجزائر بفضل مداخيلها، كامل احتياجاتها من غذاء ومواد مصنعة ونصف مصنعة. أما ما يتم تصنيعه محليا من منتجات، فقال وهو يقف بجناح مؤسسة خاصة: «لا يمكن أن نطلق عليه تسمية صناعة، فهي مجرد استيراد مُقنّع». وأشار إلى أنه «لا يمكننا الدخول في عهد التصنيع من دون مراجعة سياسة الاستيراد، ومعالجة بعض القضايا غير الأخلاقية التي تشوبها»، ويقصد ضمنا، ممارسات فساد وغش كانت ميزة نشاط الاستيراد، في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
يشار إلى أن تبون قاد وزارة التجارة، كوزير بالنيابة، لفترة قصيرة قبل أن يتولى رئاسة الوزراء عام 2017 ولمدة شهرين فقط. وتعد زيارة «معرض المنتجات» أول نشاط يقوم به تبون منذ انتخابه رئيسا للجمهورية يوم 12 من الشهر الجاري، وكان معه رئيس الوزراء بالنيابة صبري بوقادوم، ووزير التجارة سعيد جلاب.
وقد توقف مطوّلا عن جناح «الصناعات العسكرية» التابع لوزارة الدفاع. وقال: «يجب أن يشكل قطاع الصناعات العسكرية في الجزائر قدوة للمتعاملين الصناعيين في مجال الاندماج»، داعيا إلى «الاستلهام بوطنية والتزام وجدية القطاع العسكري في مسار التقويم الصناعي». وأضاف أن «الصناعة العسكرية تمثل قاطرة للصناعة الوطنية إجمالا». يشار إلى أن موازنة الدفاع تصل إلى 10 ملايير دولار، فيما بلغت مداخيل البلاد 30 مليار دولار العام 2018.
وعبّر تبون عن «فخره بالصناعة العسكرية، فالصناعة الميكانيكية الوحيدة الموجودة في هذا الوطن، هي الصناعة العسكرية بالنظر لجديتها»، داعيا المشرفين عليها إلى «توسيع نشاطهم لتشمل الاستخدامات المدنية».
وعبّر الرئيس الجديد عن استيائه من «بعض المتعاملين (من المستثمرين) الذين تسببوا في تبذير موارد مالية كبيرة، بالعملة الوطنية والصعبة لسنوات دون تقديم أي نتيجة». وكان يشير ضمنا إلى رجال أعمال كانوا مقرّبين من الرئيس السابق، حصلوا على قروض كبيرة من المصارف الحكومية لاستيراد منتجات وسلع.
وتم ذلك، حسب مراقبين، على حساب إطلاق صناعة حقيقية تقدم إضافة للاقتصاد، الذي يعاني من تبعية مفرطة للنفط والغاز. ودعا رئيس الجمهورية إلى «الحد من ظاهرة تبذير الخبز التي تتسبب في إهدار العملة الصعبة، فمن غير المعقول أن تستورد الجزائر القمح ليتم بعدها تبذير الخبز»، معلنا بالمناسبة عن استحداث وزارة خاصة بالمؤسسات الناشئة والمصغرة في الحكومة التي يعتزم تشكيلها قريبا، بحسب مقرّبين منه.
في غضون ذلك، أفرجت محكمة بوهران (غرب) أمس عن المنتج والمخرج والممثل التلفزيوني عبد القادر جريو، بعد اعتقال دام 48 ساعة. ويعود سبب اعتقاله إلى تصريحات في فيديو نشره يشجع فيه على التظاهر ضد الرئيس الجديد. واتهمت النيابة جريو بـ«التحريض على التجمهر غير المرخص»، وستتم محاكمته في تاريخ تحدده المحكمة، حسب أحد محاميه.
في المقابل، رفضت «غرفة الاتهام» بمحكمة الاستئناف بالعاصمة أمس طلب محامين الإفراج عن الناشط السياسي البارز، كريم طابو، وذلك للمرة الثالثة منذ إيداعه الحبس الاحتياطي منذ 3 أشهر. واعتقل طابو بسبب تصريحات أدلى بها خلال تجمع بشرق العاصمة، عدت مسيئة للجيش. ويتابع بتهمة «إضعاف معنويات الجيش»، التي يشترك فيها معه، عدة ناشطين منهم الكاتب الصحافي فضيل بومالة، ورجل الثورة الثمانيني، لخضر بورقعة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.