ضربات التحالف تواكب أعنف المعارك في كوباني.. و70 قتيلا من «داعش»

التنظيم يمطر المدينة بعشرات القذائف.. وفصائل من «الحر» تتصدى لهجماته

فاليري أيموس، مفوضة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، تواسي لاجئة سورية فرت من كوباني، في مخيم للاجئين عند الحدود التركية أمس (إ.ب.أ)
فاليري أيموس، مفوضة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، تواسي لاجئة سورية فرت من كوباني، في مخيم للاجئين عند الحدود التركية أمس (إ.ب.أ)
TT

ضربات التحالف تواكب أعنف المعارك في كوباني.. و70 قتيلا من «داعش»

فاليري أيموس، مفوضة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، تواسي لاجئة سورية فرت من كوباني، في مخيم للاجئين عند الحدود التركية أمس (إ.ب.أ)
فاليري أيموس، مفوضة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، تواسي لاجئة سورية فرت من كوباني، في مخيم للاجئين عند الحدود التركية أمس (إ.ب.أ)

شهدت مدينة كوباني (عين العرب)، قرب الحدود السورية - التركية، أعنف قتال منذ أيام بين قوات «وحدات حماية الشعب الكردي» ومتشددي تنظيم داعش، مما رفع عدد قتلى الأخير إلى 70 على الأقل. وتركزت المعارك، أمس، غرب المربع الأمني لمدينة كوباني، بموازاة تنفيذ طائرات التحالف العربي والدولي لمحاربة الإرهاب 3 غارات في المنطقة نفسها، مستهدفة تمركزات التنظيم المتشدد.
وأعلن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (بي واي دي)، أمس، الذي يخوض مقاتلوه معارك ضارية في المدينة، أن مقاتلين من الجيش السوري الحر «يواصلون قتالهم إلى جانب وحدات الحماية للدفاع عن كوباني»، مؤكدا أن «هناك تنسيقا بيننا وبين فصائل مهمة من (الجيش الحر) في ريف حلب الشمالي ومنطقة عفرين ومنطقة كوباني والجزيرة»، مشيرا إلى خوض «فصائل وكتائب عدة من الجيش السوري الحر المعارك إلى جانبنا ضد إرهابيي (داعش) في المدينة». ونفذت طائرات الائتلاف بقيادة الولايات المتحدة ليل السبت/ الأحد 3 غارات في كوباني ومحيطها، مما تسبب في مقتل 15 عنصرا من تنظيم داعش، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. ورغم ذلك، تمكن التنظيم من التقدم قليلا في اتجاه وسط المدينة، بينما كان المقاتلون الأكراد ينجحون في استعادة بعض المواقع جهة الشرق. وأكد مسؤول كردي محلي في كوباني إدريس نعسان، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن التنظيم «استقدم مزيدا من التعزيزات إلى المدينة»، مشيرا إلى «أنهم يهاجمون بضراوة، ولكن بفضل الضربات الجوية ورد المقاتلين الأكراد، لم يتقدموا». وأفاد المرصد السوري بأن 3 غارات جوية على الأقل، استهدفت تمركزات التنظيم ليلا في محيط المدينة، كما استهدفت 3 ضربات أخرى مقاتلي التنظيم غرب المربع الأمني الذي سيطر مقاتلو «داعش» عليه، ويحاول المقاتلون الأكراد استرداده. وانضمت تلك الضربات إلى أكثر من 100 غارة جوية استهدفت التنظيم في كوباني، منذ مطلع الشهر الحالي، منعت مقاتليه من التقدم أكثر، وقوضت حركته إلى حد كبير، مما جعل المقاتلين الأكراد يستعيدون المبادرة. وتعرض التنظيم هذا الأسبوع لأقسى الضربات نتيجة غارات جوية أوقعت عددا كبيرا من الخسائر في صفوفه. ونقل المرصد عن مصادر طبية وأهلية من مدينة تل أبيض بريف الرقة الشمالي، الخاضعة لسيطرة التنظيم، أن جثث ما لا يقل عن 70 مقاتلا من «داعش» وصلت تباعا إلى المشفى الوطني في مدينة تل أبيض، خلال الأيام الأربعة الماضية، كان هؤلاء قتلوا خلال اشتباكات مع وحدات حماية الشعب الكردي في مدينة كوباني وأطرافها.
ومنذ نهاية سبتمبر (أيلول)، نفذ الائتلاف العربي - الدولي أكثر من 100 غارة في عين العرب ومحيطها، بحسب الجيش الأميركي. إلا أن غارات الائتلاف استهدفت أيضا تجمعات ومواقع لتنظيم داعش في مناطق أخرى من محافظة حلب، والرقة (شمال)، والحسكة (شمال شرق)، كما استهدفت ليل السبت/ الأحد، مواقع في دير الزور. وفي كوباني، ارتفع إلى 16 على الأقل، عدد القذائف التي أطلقها «داعش» على مناطق في المدينة وأطرافها وبالقرب من منطقة المعبر الحدودي الواصل بين المدينة والأراضي التركية، وسط تحليق لطائرات التحالف العربي - الدولي في سماء المدينة وأطرافها على علو منخفض.
وأطلق التنظيم 4 قذائف مورتر على المنطقة الحدودية مع تركيا، على الأقل، غداة إطلاق 44 قذيفة استهدفت المنطقة الحدودية.
وجاءت تلك القذائف بموازاة تأكيد مصادر داخل كوباني أن المدينة شهدت أعنف قتال منذ أيام. وقال عبد الرحمن جوك، وهو صحافي في كوباني لوكالة «رويترز»: «شهدنا أعنف اشتباكات منذ أيام وربما منذ أسبوع الليلة الماضية. هاجمنا (داعش) من 3 نواح مختلفة؛ من بينها ناحية مبنى البلدية والسوق»، مشيرا إلى أن «الاشتباكات استمرت حتى الصباح، حيث رأينا الكثير من السيارات المحطمة في الشوارع وقذائف المورتر التي لم تنفجر».
وقال ناشطون أكراد إن الاشتباكات احتدمت منذ عصر السبت، بعد تفجير «داعش» سيارتين مفخختين في مناطق محاذية لنقاط الاشتباك، واستمرت حتى ساعات الصباح الأولى من صباح أمس. وتواصلت حرب الشوارع في كوباني، أسفرت عن مقتل 16 عنصرا من «داعش» و7 مقاتلين أكراد على الأقل. وأفاد المرصد بتبادل لإطلاق النار في غرب المربع الحكومي الأمني وحي كاني عَرَبَان في المدينة، مشيرا إلى أن الاشتباكات اندلعت في محيط سوق الهال وغرب المربع الحكومي الأمني ومنطقة كاني عَرَبَان، حيث تمكنت وحدات حماية الشعب الكردي من التقدم في منطقة كاني عَرَبَان، والسيطرة على نقطتين لتنظيم داعش، فيما تمكن الأخير من التقدم في منطقة غرب المربع الحكومي الأمني بالمدينة. كما شهدت منطقة ساحة آزادي، بالقرب من المركز الثقافي، هجوما للتنظيم في محاولة منه للتقدم، حيث دارت اشتباكات عنيفة، بينما شهدت الجبهة الجنوبية معارك بالقرب من المشفى الوطني.
وفي سياق متصل، رمت فصائل في «الجيش الحر» بثقلها في المعركة، لا سيما في الأحياء الشرقية بالمدينة. وأعلن حزب «بي واي دي» الكردي أن مقاتلين من الجيش السوري الحر يشاركون إلى جانبها في المعارك ضد «داعش». وقال إن «هذه المقاومة التي تبديها وحداتنا الـ(YPG )وفصائل الجيش السوري الحر كفيلة بدحر إرهاب (داعش) وشروره في المنطقة»، مشددا على أن «مقاومة الإرهاب وبناء سوريا ديمقراطية حرة كان أساسا للاتفاقيات المبرمة مع فصائل (الجيش الحر). كما نرى أن نجاح الثورة مرهون بتطوير هذه العلاقة بين كل الفصائل والقوى الخيرة في هذا الوطن». وأكد البيان الصادر عن الحزب، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «إننا في وحدات حماية الشعب إذ نؤكد من جديد أننا سنقوم بكل ما يترتب علينا من مسؤوليات تجاه غربي كردستان وسوريا بشكل عام، وسنعمل على ترسيخ مفهوم الشراكة الحقيقية لإدارة هذا البلد بما يتناسب مع تطلعات شعبنا السوري بكل مكوناته وأطيافه وشرائحه الاجتماعية».
ونقلت مصادر إعلامية أن «تجمع ألوية فجر الحرية - كتائب شمس الشمال» التابعة لـ«الجيش الحر»، سيطرت على مناطق بحي الصناعة الواقع في شرق كوباني.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».