ضغوط على صالح من جهات «تملك السلاح» لتكليف مرشحها برئاسة الحكومة

المهلة تنتهي اليوم والرئيس ينتظر رأي المحكمة الاتحادية بشأن «الكتلة الأكبر»

TT

ضغوط على صالح من جهات «تملك السلاح» لتكليف مرشحها برئاسة الحكومة

كشف مصدر مقرب من الرئيس العراقي برهم صالح إنه «يتعرض لهجمة وضغوط من جهات سياسية على صعيد تمرير مرشح معين من قبلها». وقال المصدر المقرب لـ«الشرق الأوسط» إن «الرئيس يعرف ماذا يريد الشارع، وكذلك المرجعية الدينية في النجف التي أكدت انسجامها مع الحراك الجماهيري الذي لا يمكن تجاهله حيال ترشيح شخصية تقترب من المواصفات التي طرحها الحراك بشأن من يتصدى لمنصب رئيس الوزراء في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد».
وكانت المهلة الدستورية الخاصة بتكليف مرشح لمنصب رئيس الوزراء انتهت، الخميس الماضي، غير أنه بسبب كون يومي الجمعة والسبت عطلة رسمية في العراق، فإن هذه العطلة، طبقاً لتفسير سابق للمحكمة الاتحادية، تُحتسب ضمن المهلة، وهو ما يعني أن رئيس الجمهورية سيصدر اليوم مرسوم تكليف مرشح لرئاسة الوزراء.
وكانت كتلة البناء التي تتكون من «ائتلاف دولة القانون»، بزعامة نوري المالكي، و«الفتح» بزعامة هادي العامري، و«عصائب أهل الحق»، بزعامة قيس الخزعلي، و«المحور الوطني»، بزعامة خميس الخنجر، رشحت وزير التعليم العالي والبحث العلمي قصي السهيل للمنصب بعد استبعاد المرشح السابق محمد شياع السوداني.
ومع أن السهيل تنافس مع عدد من المرشحين، فإن خيار طرحه لرئاسة الوزراء جاء نتيجة خلافات شيعية – شيعية، حيث وقف ضد ترشيحه «ائتلاف النصر»، بزعامة حيدر العبادي، و«الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، و«سائرون» المدعوم من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر.
ونتيجة لعمق هذه الخلافات، أرسل رئيس الجمهورية برهم صالح كتاباً إلى المحكمة الاتحادية يستفسر فيه عن مفهوم الكتلة الأكبر، بعد أن تم تخطيها العام الماضي عند ترشيح عادل عبد المهدي من الكتل ذاتها التي تقدمت بترشيح السهيل مؤخراً. وفي انتظار رأي المحكمة الاتحادية فقد سدت المرجعية الشيعية العليا في النجف الباب أمام إمكانية تمرير ما سمته «شخصية جدلية» للمنصب. ويتزامن حديث المرجعية مع ما تم تسريبه من أنباء عن ضغوط مارستها إيران عن طريق قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني، لتمرير السهيل.
في سياق ذلك، أكد شروان الوائلي المستشار في رئاسة الجمهورية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الضغوط التي واجهها رئيس الجمهورية خلال الأيام الأخيرة كبيرة جدا من جهات حزبية وسياسية وبعضها يملك السلاح من أجل فرض ما يريدون فرضه من مرشح»، مبيناً أن «المهلة الدستورية انتهت وبالتالي بات يتعين على الرئيس إصدار مرسوم التكليف علماً بأن موضوع الكتلة الأكبر هو الآن بيد المحكمة الاتحادية التي ننتظر ماذا يمكن أن يصدر عنها من توضيح». وبين الوائلي أن «رئيس الجمهورية لن يشارك في انتخابات حزب الاتحاد الوطني الكردستاني التي تبدأ اليوم في السليمانية بسبب قضية تكليف مرشح لمنصب رئيس الوزراء».
بدورها، تبرأت كتلة «صادقون» التي تنتمي إلى «عصائب أهل الحق» من تصريحات أحد نوابها الذي أعلن عن بدء جمع تواقيع لعزل رئيس الجمهورية بتهمة الخيانة والحنث باليمين. وقال مصدر الكتلة إن «تصريح النائب عن الكتلة، عدي عواد، حول عزل رئيس الجمهورية برهم صالح لا يمثل رأي الكتلة». وأضاف المصدر أنه «تمت مطالبة النائب بتصحيح موقفه الشخصي».
إلى ذلك، انتقد الباحث السياسي فرهاد علا الدين في حديث لـ«الشرق الأوسط» الجهات السياسية التي تضغط على رئيس الجمهورية وقال: «في الحقيقة أغفلت هذه الجهات السياسية الكثير من المسائل المهمة التي لا بد أن ينتبهوا إليها بدل الهجمة على رئاسة الجمهورية، منها أن الكتل السياسية لم تحسم موضوع الكتلة الأكبر منذ اليوم الأول، وتم تكليف السيد عادل عبد المهدي من خلال التوافق»، مؤكداً أنهم «تناسوا أنهم قد يواجهون هذه المعضلة مرة أخرى في المستقبل، في حين أنهم الآن عندما حان الوقت وأصبحوا بحاجة للكتلة الأكبر، يطلبون من رئيس الجمهورية أن يسميهم الكتلة الأكبر بدل مجلس النواب أو المحكمة الاتحادية، وهذا خطأ كبير». وأوضح علاء الدين أن «هناك خلافات وانقسامات كبيرة داخل الكتل، وإحدى نتائج هذه الانقسامات عدم نجاحها في اختيار مرشح مقبول من كل الأطراف». وتابع أن «الكتل السياسية الضاغطة تريد تكليف مرشحها بغض النظر عما يريده الشارع والمرجعية والكتل البرلمانية الرافضة، وهذه المعادلة لا يمكن تجاهلها من قبل رئيس الجمهورية عند التكليف، لهذا السبب، فإنه من الأفضل الاتفاق على شخصية مقبولة من قبل الأكثرية (وليس الكل) لكي يتم تمريره في البرلمان، ومن دون حرق الشارع».
من جهته، أعلن تحالف القوى العراقية، استعداده التنازل عن استحقاقه في الكابينة الوزارية الجديدة شريطة تحقيق التوازن الوطني. وقال النائب عن التحالف فلاح الزيدان في تصريح أمس إن «تحالف القوى عقد اجتماعاً قرر فيه استعداده للتنازل عن الكابينة الوزارية في الحكومة الجديدة في حال وجود رغبة من رئيس الوزراء الجديد بتشكيل الكابينة الوزارية بعيداً عن الكتل السياسية، بشرط تحقيق حفظ التوازن الوطني».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».