البرلمان التركي يصادق على اتفاق التعاون العسكري مع حكومة السراج

أنقرة تجدد استعدادها للاستجابة لطلب إرسال قوات «على الفور»

TT

البرلمان التركي يصادق على اتفاق التعاون العسكري مع حكومة السراج

أقر البرلمان التركي أمس مذكرة التعاون العسكري والأمني، الموقعة بين تركيا وحكومة الوفاق الليبي، برئاسة فائز السراج في 27 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
واعتمد حزب العدالة والتنمية الحاكم، برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان، على أغلبيته في البرلمان لتمرير المذكرة، التي وافقت عليها لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان في 16 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، بموجب مقترح قانون قدم من طرف الحكومة للمصادقة على المذكرة، التي وصفها إردوغان بأنها «قلبت وضعاً» فرضته معاهدة سيفر (فرنسا) عام 1920.
وتسمح المذكرة بإرسال تركيا قوات ومعدات عسكرية وخبراء لدعم حكومة السراج، إلى جانب التعاون في مجالات التدريب ومكافحة الإرهاب. كما أعلنت مصادر تركية الأسبوع الماضي بأن تركيا تخطط لإقامة قاعدة عسكرية في طرابلس، بموجب هذه المذكرة.
في السياق ذاته، أكد فؤاد أوكطاي، نائب الرئيس التركي، أن أنقرة مستعدة لتقييم ما يلزم اتخاذه من إجراءات، «في حال ورود طلب رسمي من الأشقاء الليبيين»، في إشارة إلى إمكانية إرسال جنود إلى ليبيا لدعم ميليشيات السراج. فيما قال الرئيس إردوغان قبل أيام إن تركيا «ستتخذ الخطوات اللازمة إذا تلقت دعوة لإرسال جنود إلى ليبيا».
وكانت تركيا قد وقعت في 27 من نوفمبر الماضي، مذكرتي تفاهم مع حكومة السراج «تتعلقان بالتعاون الأمني والعسكري، وتحديد مناطق السيادة في البحر المتوسط، بهدف حماية حقوق البلدين المنبثقة عن القانون الدولي. وقد صدق البرلمان التركي على مذكرة التفاهم، المتعلقة بتحديد مناطق السيادة البحرية في 5 من ديسمبر الجاري، قبل أن يصادق عليها الرئيس التركي في اليوم التالي مباشرة، وسط اعتراضات من دول المنطقة والاتحاد الأوروبي.
وفي هذا الشأن، عد أوكطاي مشروع العقوبات، الذي صادق عليه الاتحاد الأوروبي بشأن أنشطة تركيا للتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط «بلا قيمة». وقد زادت حدة التوتر مع توقيع تركيا مذكرة التفاهم لتحديد مناطق السيادة البحرية مع حكومة السراج، حيث أكد قادة الاتحاد رفضهم لها، ودعمهم لقبرص واليونان، وأقروا خلال قمتهم الأخيرة في بروكسل آلية لفرض عقوبات على تركيا. كما قالت وزيرة الدفاع الألمانية انجريد كرامب كارنباور، أمس، إن بلادها تعمل مع الاتحاد الأوروبي على هذه الآلية، مجددة دعوة بلادها لأنقرة باحترام القانون الدولي وسيادة دول جوارها.
في المقابل، هاجمت الرئاسة التركية دولا وصفتها بالداعمة لقائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، وقالت إن ردود فعل هذه الدول على مذكرة التفاهم في البحرية مع حكومة السراج «لن تمنع تركيا من تنفيذ سياستها في شرق البحر المتوسط».
في سياق ذلك، قال فخر الدين ألطون، رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، أمس، إن بلاده أظهرت من خلال توقيعها مذكرة التفاهم مع حكومة الوفاق الليبي (المعترف بها دوليا)، أنها «لن تسمح بفرض الأمر الواقع في شرق المتوسط... والتصريحات الوقحة لقبرص (الرومية) بعد الاتفاق، وردود الفعل من جانب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا، لن تمنع تركيا من تنفيذ سياستها في شرق البحر المتوسط». مشددا على أن بلاده لن تسمح بانتهاك ما سماه «الحقوق السيادية لها في شرق المتوسط».
إلى ذلك، انتقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تصريحات رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، كمال كليتشدار أوغلو، بشأن مذكرتي التفاهم المبرمتين مع السراج.
وتساءل إردوغان في منتدى اقتصادي في إسطنبول أمس، عن الطرف الذي يقف إلى جانبه حزب الشعب الجمهوري «المنزعج من إبرام المذكرتين».
وكان كليتشدار أوغلو قد طالب حكومة بلاده بعدم إرسال جنود إلى ليبيا، وحثها على أخذ العبرة مما حدث في الأزمة السورية. كما أكد قياديون في الحزب، الذي يقود المعارضة في البرلمان التركي، أن حكومة السراج لا يمكنها توقيع اتفاقيات بهذا الشكل، وأن هذا الأمر «قد يدخل تركيا في مشاكل هي في غنى عنها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».