حكومة السراج تستنفر بعثاتها الخارجية لمواجهة حملات «العزل الدبلوماسي»

TT

حكومة السراج تستنفر بعثاتها الخارجية لمواجهة حملات «العزل الدبلوماسي»

يخوض المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» الليبي في طرابلس، ما وُصف بـ«جولته الأخيرة» لـ«جمع شتات» جبهته الخارجية، قصد صد الضغوط التي تمارس عليه من قبل مجلس النواب الليبي، الذي يطالب دولا عربية وغربية بسحب الاعتراف من حكومة السراج، في وقت صعّد فيه «الرئاسي» ضد مصر، واتهمها في رسالة وجهها إلى مجلس الأمن الدولي بـ«التدخل في الشأن الليبي».
وبينما طالب اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم «الجيش الوطني»، جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي، نهاية الأسبوع الماضي، بسحب الاعتراف من المجلس الرئاسي، اعتبر متابعون أن «عقد البعثات الخارجية الموالية لحكومة (الوفاق) قد انفرط»، عقب إقدام السراج على توقيع اتفاقية الحدود البحرية الاقتصادية مع أنقرة، وأن كثيرا من البعثات الخارجية راجعت موقفها، وأصبحت تؤيد الحكومة المؤقتة، و«الجيش الوطني» في حربه ضد الميليشيات المسلحة، والجماعات الإرهابية في طرابلس.
وقال سياسي ليبي لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن المجلس الرئاسي، الذي استقال غالبية نوابه، «يخوض معركته الأخيرة بعد إحكام (الجيش الوطني) الطوق الأمني حول العاصمة»، مشيراً إلى أن السراج «يسعى لحشد ما تبقى من بعثاته الدبلوماسية لخوض معركته الأخيرة مع الدول، التي تؤيد طرد الإرهاب من ليبيا».
وانضمت سفارة ليبيا لدى القاهرة إلى صفوف المقاطعين لـ«الوفاق»، لكنها فضّلت القول «إنها علقت أعمالها لأجل غير مسمى»، لأسباب وصفتها «بالظروف الأمنية».
وكانت القاهرة قد أكدت «رفضها لأي جهود تسمح بمنح الصلاحية القانونية للاتفاقيتين الموقعتين من جانب رئيس حكومة الوفاق الليبي فائز السراج، والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وأرسلت خطابا لمجلس الأمن الدولي».
وجاء في الخطاب، الذي نقله السفير محمد إدريس، مندوب مصر الدائم بالأمم المتحدة، أن السراج «انتهك اتفاق (الصخيرات) عندما وقع الاتفاق الشهر الماضي مع إردوغان». موضحا أن «الاتفاقية تتطلب التوقيع من جانب المجلس الرئاسي كله، وليس فقط رئيس المجلس بمفرده، وهو ما يتطلبه إبرام أي اتفاقيات دولية، كما يجب أن يوافق عليها مجلس النواب»، كما أوضح أن البرلمان الليبي «لم يقر الاتفاقيتين الموقعتين مع تركيا».
ورداً على اتهامات «الوفاق» للقاهرة، قال عضو مجلس النواب الليبي الدكتور أبو بكر بعيرة في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «مصر يهمها الشأن الليبي بالمقام الأول لأنه يمس أمنها القومي بشكل مباشر».
وفي دفاعها عن اتفاق (السراج - إردوغان)، نقلت وزارة الخارجية، التابعة لحكومة «الوفاق»، عن بعثتها في نيويورك أمس، أن الاتفاق «لا يناقض الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات، ولا يحتاج لتصديق من الجهات التشريعية». وقالت إن «الدول الداعمة لحفتر بالسلاح، أو بالتعامل معه ومع الأجسام الموازية لحكومة الوفاق، خرقت قرارات مجلس الأمن»، مشيرة إلى أن «ليبيا لها الحق في إبرام الاتفاقيات والتفاهمات مع من تشاء من دول العالم، وهو حق كفله القانون الدولي».
وحمّل بعيرة، النائب عن مدينة بنغازي، الأطراف السياسية الليبية مسؤولية ما يجري، وقال إن «جميعها ارتكب أخطاء في حق الوطن... ومن أتى بالسراج هم أطراف من برقة (بنغازي)، كما أن البرلمان فشل في أداء دوره مما أدى إلى تشظيه». وانتهى أبو بكر بعيرة، قائلا: «لعل الجيش يستطيع حسم هذه المعركة لتتوحد البلاد تحت قيادة واحدة».
وكان رئيس مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة، عارف النايض، قد دعا المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة بالنظر بجدية، وبشكل عاجل، في عدم منح تجديد تلقائي للمجلس الرئاسي وحكومته، بدعوى أنه أمضى 4 سنوات كاملة «من استبداده بالحكم»، رغم أنه مجلس غير منتخب من الشعب الليبي، ولم يحصل على ثقة البرلمان المنتخب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.