ديك العيد «شابون» طبق فاخر يشهد له التاريخ

يعد من الأكلات الفرنسية الشهيرة في مناسبات الأعياد

ديك «شابون» شاهد على تاريخ المائدة الفرنسية العريقة
ديك «شابون» شاهد على تاريخ المائدة الفرنسية العريقة
TT

ديك العيد «شابون» طبق فاخر يشهد له التاريخ

ديك «شابون» شاهد على تاريخ المائدة الفرنسية العريقة
ديك «شابون» شاهد على تاريخ المائدة الفرنسية العريقة

كما ديك الحبش في أميركا يقابله في فرنسا ديك «شابون». وهو من الأكلات الفرنسية المشهورة التي يتم إعدادها فقط في مناسبات أعياد الميلاد ورأس السنة.
وهذا النوع من الطيور يتم تربيته في موسم متأخر من الربيع كي يكون جاهزاً ذبحه وتناوله في شهر ديسمبر (كانون الأول). ويعرف هذا الطير الشبيه إلى حد كبير بديك الحبش المعروف في أميركا بلحمه الطري ومذاقه اللذيذ بحيث لا يتطلب نقعه قبل الوقت في خلطات الزيوت ومع الخل الأبيض أو الأحمر. فعمره لا يتجاوز الأشهر القليلة وغذاؤه لا يتضمن إلا الحبوب الطازجة كالذرة. ويرتبط اسمه ارتباطاً مباشراً بموائد الأثرياء والأرستقراطيين منذ أيام الإمبراطورية الرومانية. كما كان الطبق المفضل لدى المثقفين والأدباء الفرنسيين الذين ذكروه في مؤلفاتهم أمثال ألكسندر دوماس وجان دي لا فونتين وجان راسين وكذلك محامي نابليون غريمود دي لا رينيير الذي كان يحب طعمه.
هناك عدد لا يحصى من وصفات «شابون» القديمة والمفضلة منها في العصور الوسطى هي وجبة الشابون الأبيض، حيث يتم خلط لحمه مع مرقها واللوز المسحوق. واشتهر تقديمه خلال الثورة الفرنسية مع صلصة أورورا (البشاميل باللون الوردي من الطماطم)، ثم قدمها صاحب المطعم ليساج مع الهندباء. ألكساندر دوماس في كتابه «Grand Dictionnaire de Cuisine»، يصف العديد من الوصفات: Chapon مع الملح الخشن أو مع الأرز، و«شابون آلا كفاليير» وحتى مع الكاري الهندي.
ويتحدث دوماس في كتابه عن الشابون مع الكمأ بحيث يتم حشوه بها كما تغمره صلصتها والتي توقع لها الانتشار والشهرة منذ تلك الحقبة (في القرن الثامن عشر).
ويشتق اسم هذا الطير (شابون) من كلمة «كابو» اللاتينية والتي تعني مقطوعاً بأداة حادة. فهو يتم إخصاؤه بعد ولادته بثلاثة أشهر كي يركز في حياته القصيرة على تناول الطعام فقط. وكان يطهى على نار هادئة مغطساً في طنجرة مليئة بقطع الملح الخشن. يتم إعداد طبق «الشابون» عادة مع الأرز الأبيض أو الأسود أو مع البطاطا الصغيرة المقلية وباقة من الخضراوات الطازجة كالفطر والجزر والبروكولي.
وإليك كيفية تحضير هذا الطبق على طريقة الشيف اللبناني يوسف عقيقي الشهير بأطباقه الفرنسية في مطعم «برغندي» في وسط بيروت.
تتطلب طريقة تحضير هذا الطبق، طير شابون بوزن 3 أو 4 كيلوغرامات وتنظيفه بالخل الأبيض ومن ثم حشوه بقطعة بصل وبعض فصوص الثوم وقطعتين من الجزر وباقة صغيرة من الكرفس وحبوب البهار الحلو ورشة من إكليل الجبل المعروف بالفرنسية بـ«Romarin». ومن ثم يتم ربط جناحيه وفخذيه كي يبقى متماسكاً عند الطهي. يوضع في الفرن على حرارة 160 درجة بعد دهنه بزيت الزيتون والزبدة المعطرة ببرش البرتقال، مع إضافة رشة ملح وبهار وأيضاً إكليل الجبل. وخلال عملية الطهي التي تستغرق نحو ساعتين، يجري بين وقت وآخر سقايته بالسائل الذي يفرزه.
وعند نضجه يوضع السائل المتبقي منه في وعاء مع ملعقتين كبيرتين من الطحين ومكعب مرق الدجاج وقطعة 50 غراماً من كبد البط وملعقة كبيرة من الزبدة و50 غراماً من الكريما الطازجة ورشة من إكليل الجبل. وبذلك يكون تم تحضير صلصة هذا الطبق اللذيذ. وبعيد تحضير كمية من الخضراوات الطازجة وقطع البطاطا الصغيرة الحجم من خلال شيّها أو قليها يجري رميها على الطبق ككل (الديك مع الخضراوات والبطاطا) بعد أن يتم تفريغ الطير من حشوته وفك قيوده. ويمكن تزيين هذا الطبق بشرائط حمراء صغيرة فتبدو متناسقة مع الطائر المحمر وألوان الخضراوات المحيطة به من فطر وبروكلي وجزر.


مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.