«ممالك النار» يفتح شهية المصريين لزيارة «باب زويلة»

إقبال لافت على زيارة موقع شنق «طومان باي» بعد عرض المسلسل

باب زويلة من زاوية سفلية - باب زويلة التاريخي بالقاهرة
باب زويلة من زاوية سفلية - باب زويلة التاريخي بالقاهرة
TT

«ممالك النار» يفتح شهية المصريين لزيارة «باب زويلة»

باب زويلة من زاوية سفلية - باب زويلة التاريخي بالقاهرة
باب زويلة من زاوية سفلية - باب زويلة التاريخي بالقاهرة

اعتاد الشاب المصري محمد الحويطي أن يمر من «باب زويلة» مروراً روتينياً إلى منطقة عمله في «درب سعادة» بالقاهرة طوال 4 سنوات ماضية؛ إلا أنه قبل أيام قليلة أصبح مروره بالمكان مصدر فخر له، بعد متابعته لمسلسل «ممالك النار»، حيث دفعه الفضول لأن يقف لتصوير وتوثيق زيارته للمكان الأثري الذي أعدم عليه آخر سلاطين المماليك «طومان باي» شنقاً، حيث مشهد النهاية بالمسلسل.
ما فعله المصري الثلاثيني بجوار «باب زويلة» لم يكن فعلاً فردياً، بل أضحى بمثابة اتجاه بين عدد كبير من المصريين من أعمار مختلفة، بعد أن فتح المسلسل شهيتهم لزيارة هذا الأثر منذ انتهاء عرض المسلسل الأسبوع الماضي، وكذلك مكان دفن طومان باي، وعدد من المعالم الأثرية التي ارتبطت بأحداث وشخصيات المسلسل، مثل قبة الغوري، ووكالة الغوري، وضريح خاير بك.
ويعد باب زويلة أحد البوابات الحجرية الجنوبية للسور الثاني لمدينة القاهرة الفاطمية، وقد أنشأه الوزير بدر الجمالي في عهد الخليفة المستنصر بالله الفاطمي عام 485 هجري – 1092 ميلادي، وترجع تسميته بهذا الاسم نسبة إلى قبيلة زويلة البربرية التي جاءت مع قائد الجيوش الفاطمية «جوهر الصقلي» من شمال أفريقيا وسكنت بالقرب من البوابة، وذلك بحسب «وزارة الآثار المصرية».
«لم أتحفز للتوقف لتأمل تاريخ الباب وعمارته إلا بعد أن شاهدت (ممالك النار)، رغم أني مهتم بالتراث»، يقول محمد الحويطي، لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «أحببت أن أوثق زيارتي لباب زويلة وأن أحكي للناس ما شاهدت من عظمة في هذا المتحف المفتوح بالقاهرة، فقمت بوضع عدة صور فوتوغرافية على صفحتي على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» لتجد تفاعلاً إيجابياً، وتحفيزاً للأصدقاء لزيارة المكان بدورهم».
ويلفت الحويطي، الذي يحمل عضوية الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، إلى أن الحالة التي خلقتها حلقات «ممالك النار» دفعته لتقديم نبذة تاريخية للمهتمين على صفحته على «فيسبوك».
يجتذب باب زويلة في الوقت الحالي، حسبما رصدت «الشرق الأوسط»، الكثير من الزيارات، لمشاهدة البوابة ومئذنتي مسجد «المؤيد شيخ» من فوقها، ومكان شنق طومان باي، وقراءة الفاتحة على روحه، مع توثيق ذلك بالصور الفوتوغرافية ولقطات الفيديو، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، مُذيلة بعبارات على غرار «هنا تم إعدام طومان باي شنقاً... هنا باب زويلة»، و«نرجو بمن يمر من أسفل باب زويلة أن يتذكر البطل طومان باي ويقرأ له الفاتحة»، «في هذا المكان علقت جثة طومان باي لمدة ثلاثة أيام بعد هزيمته في موقعة الريدانية بسبب خيانة بعض مماليكه».
من بين الزوار، يقول الصديقان عمرو التوني، ووليد محمد، اللذان حضرا لزيارة المنطقة، إنهما حريصان دائماً على زيارة القاهرة المملوكية والقاهرة الفاطمية، وهذه المرة جاءا مدفوعين بالحماس بعد أن تابعا حلقات «ممالك النار»، ليجدا أن المكان أصبح جاذباً للزيارة، سواء من المصريين أو السائحين، لافتين إلى أنهما كانا يتمنيان أن يتم تصوير أحداث المسلسل في المكان الحقيقي، لا سيما مشهد الشنق.
أما محمود نعيم، الذي حرص على اصطحاب خطيبته لباب زويلة، فيوضح أنهما جاءا إلى باب زويلة بناء على رغبة خطيبته، التي تابعت مسلسل «ممالك النار» وتعاطفت مع شخصية طومان باي، وبكت مع مشهد شنقه، لذا قررت الحضور إلى المكان الذي شهد الأحداث الحقيقية، وكذلك زيارة قبة الغوري لزيارة قبره غير المعلوم للترحم عليه.
رغم أنه لم يتابع المسلسل؛ فإن شريف النمر، الشاب الإسكندراني، كتب دعوة على صفحته الشخصية بموقع «فيسبوك» لزيارة جماعية لمنطقة باب زويلة، وهي الدعوة التي وجدت صدى كبيراً بين أصدقائه رغم المسافة بين الإسكندرية والقاهرة التي تتجاوز 200 كيلومتر. ويقول: «وجهت دعوة لأصدقائي لزيارة الآثار المجهولة، في محاولة لاسترجاع الماضي، وإحياء الهوية بالوجود في هذه الأماكن، التي يشهد كل حجر فيها على التاريخ، والغريب أنني كنت فيما مضى أوجه مثل هذه الدعوات لاهتمامي بالتاريخ والتراث، إلا أنها لم يكن لها مردود، أما هذه الأيام ومع تجديد الدعوة عقب عرض مسلسل (ممالك النار) وجدت كثيرين يتفاعلون معي، ولم أكن أتوقع ذلك، ولكن هذا يعود لتأثير الدراما التي رفعت المستوى الفكري والثقافي وشجعت للعودة للتاريخ لقراءته من جديد».
اجتذاب المكان للزيارات، يؤكده مفتش الآثار محمد فتحي لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «زيارة أثر باب زويلة يجد إقبالاً كبيراً منذ انتهاء عرض مسلسل (ممالك النار)، كما كثفت الرحلات المدرسية من وجودها بالمنطقة حيث زيارة مجموعة الغوري الأثرية التي دفن فيها طومان باي، ومنها إلى باب زويلة، وهي رحلات يفوق معدلها الزيارات الطبيعية المعتادة».
وزاد: «ما نلمسه عن قرب هو أن الزوار باتوا يتساءلون عن حقيقة المعلومات التاريخية الموجودة في المسلسل، كما بدأ كثيرون في القراءة عن هذه الفترة من التاريخ، ويناقشوننا فيما وصلهم من معلومات خلال هذه الزيارات، خصوصاً فيما يتعلق بفترة الحكم العثماني وهل إذا ما كان غزواً أم فتحاً، وما حدث للعالم الإسلامي في هذه الفترة التي امتدت لعدة قرون، وفي رأيي أن هذه التساؤلات هي أفضل شيء قدمه المسلسل».
ويوضح فتحي أن «بوابة زويلة تتكون من برجين مستديرين بالثلث العلوي لكل منهما حجرة دفاعية للجنود، ويغلق عليها بوابة خشبية تزن 4 أطنان مكسية بالبرونز، ويتفرد برجا باب زويلة بالمنارتين الشامختين؛ فعند بناء جامع المؤيد شيخ، أحد سلاطين دولة المماليك الجراكسة في القرن التاسع الهجري - الخامس عشر الميلادي قام مهندس البناء باستغلال برجي البوابة كقاعدة للمنارتين، كما زينت البوابة ذاتها بفنون النحت البارز والغائر.
ويلفت إلى أن باب زويلة عُرف باسم آخر وهو «بوابة المتولي»، وتتعدد الآراء التي تحاول تفسير سبب تلك التسمية، ومنها ما يرجعها إلى اعتقاد سكان المنطقة بأن روح المتولي أحد أولياء الله الصالحين كانت تسكن موضع البوابة، غير أن الرأي الأقرب إلى الصواب أن متولي الحسبة في العصر الفاطمي كان يجلس عندها.


مقالات ذات صلة

احتفاء واسع في مصر بكسر عبلة كامل عزلتها الطويلة

يوميات الشرق الفنانة المصرية عبلة كامل (قناة النهار)

احتفاء واسع في مصر بكسر عبلة كامل عزلتها الطويلة

احتفى مصريون برسالة الفنانة عبلة كامل التي كسرت من خلاها عزلتها الطويلة التي أثارت الكثير من التكهنات والتساؤلات حول حياتها الخاصة واعتزالها الفن.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق هنيدي خلال رقصه مع ابنته (الشرق الأوسط)

حفل زفاف ابنة محمد هنيدي يخطف الأنظار في مصر

تحول حفل زفاف فريدة، ابنة النجم محمد هنيدي، إلى حديث الجمهور في مصر، بعدما امتلأت ليلته بلحظات إنسانية صادقة جمعت بين الفرح والتأثر.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تحتفي جوائز «جوي أواردز» بنجوم السينما والدراما والموسيقى والإخراج والرياضة والمؤثرين العرب (هيئة الترفيه)

انطلاق التصويت لجوائز «جوي أواردز 2026»

انطلق التصويت لجوائز صُنَّاع الترفيه «جوي أواردز 2026»، التي تُعدّ الأرقى والأضخم في المنطقة، بعد اكتمال مرحلة التسمية التي شهدت تفاعلاً واسعاً من الجمهور.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أحمد العوضي ودرة من كواليس مسلسله الرمضاني القادم «علي كلاي» (حسابه على موقع فيسبوك)

أحمد العوضي يُروج لمسلسله الرمضاني الجديد «علي كلاي»

بدأ الفنان المصري أحمد العوضي الترويج لمسلسله الرمضاني الجديد «علي كلاي»، الذي انطلق تصويره قبل عدة أسابيع، وذلك عبر مسابقة على حساباته بمواقع التواصل.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق ندوة سامح حسين في إحدى الجامعات الحكومية المصرية (حساب الجامعة على فيسبوك)

جدل حول «تعيين» ممثل مصري في هيئة تدريس جامعة حكومية

أثار خبر تعيين الممثل المصري سامح حسين بهيئة تدريس جامعة حكومية، جدلاً واسعاً في مصر، وتصدر اسمه «الترند»، على موقعي «إكس» و«غوغل»، الثلاثاء.

داليا ماهر (القاهرة )

آثاريون مصريون يطالبون بإعادة النظر في ترميم تماثيل بالأقصر

ترميم تمثال أمنحتب الثالث بـ«معبد ملايين السنين» (وزارة السياحة والآثار)
ترميم تمثال أمنحتب الثالث بـ«معبد ملايين السنين» (وزارة السياحة والآثار)
TT

آثاريون مصريون يطالبون بإعادة النظر في ترميم تماثيل بالأقصر

ترميم تمثال أمنحتب الثالث بـ«معبد ملايين السنين» (وزارة السياحة والآثار)
ترميم تمثال أمنحتب الثالث بـ«معبد ملايين السنين» (وزارة السياحة والآثار)

جددت أعمال الترميم الأحدث في معبد «ملايين السنين» بالأقصر، وما حظيت به من إشادات من الأوساط الآثارية، الحديث عن أعمال ترميم قديمة لتمثال رمسيس الثاني وتماثيل أخرى أثرية بالأقصر تعرضت للتشويه بسبب الترميم، مع مطالبات بإعادة النظر في هذا الملف، سواء بترميمها بطريقة احترافية.

كان وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، شهد إزاحة الستار عن تمثالين ضخمين من الألبستر للملك أمنحتب الثالث بعد ترميمهما وإعادة تركيبهما ورفعهما بموقعهما الأصلي بالصرح الثالث بالمعبد الجنائزي للملك بالبر الغربي بالأقصر.

ووصف الوزير في بيان، الأحد، هذا العمل، بالإنجاز الكبير الذي يستهدف الحفاظ على وإحياء أحد أهم معالم الحضارة المصرية العريقة، بما يليق بقيمته التاريخية، وبما يسهم في تعزيز مكانة الأقصر أحد أهم المقاصد السياحية والثقافية على مستوى العالم.

وأشار إلى التعاون المصري الألماني الممتد لسنوات طويلة، مؤكداً أنه يمثل نموذجاً ناجحاً للتعاون الدولي المثمر، ومعرباً عن تطلعه إلى استمرار هذا التعاون لسنوات عديدة قادمة بما يخدم أهداف الحفاظ على التراث الإنساني، وكرّم الدكتورة هوريج سوروزيان مديرة المشروع، والدكتورة نايري هابيكيان مهندسة الموقع.

ولم تتوقف الإشادة بمستوى الترميم والتعاون الدولي عند المستويات الرسمية، بل أشاد آثاريون ومهتمون بشؤون الآثار بالترميم الذي حدث بمعبد ملايين السنين، وقال الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، إن «البعثة الأوروبية التي تعمل بالموقع، والتابعة للمعهد الألماني، نجحت في جمع الأجزاء المتفرقة لتمثال أمنحتب الثالث بطريقة علمية سليمة، بل قاموا بإعجاز بكل المقاييس»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «قبل عشر سنوات اكتشفوا هذا التمثال وبدأوا في تجميع قطعه ليقدموا نموذجاً مهماً في الترميم، فهو ليس استكمالاً للتماثيل بما يؤدي لتحولها إلى تماثيل مسخ كما حدث في أماكن أخرى»، وطالب عبد المقصود بإعطاء مديرة المشروع وساماً على الجهود التي قامت بها، في الوقت نفسه أشار إلى نماذج أخرى لتماثيل تم تشويهها قائلاً: «هناك من يأتي بأسياخ حديد وخرسانة ليستكلموا التمثال وقواعد الترميم الصحيحة لم تقل هذا الأمر»، مضيفاً: «وجود بعض التماثيل المرممة بشكل خاطئ أمام معبد الأقصر وأمام معبد الكرنك فيه إساءة»، وأشار إلى أنه تم تشكيل لجنة لبحث هذا الأمر من قبل ثم توقف عملها.

وكان مشروع الحفاظ على تمثالي ميمنون ومعبد الملك أمنحتب الثالث شمل العديد من الأعمال، من أبرزها ترميم وإعادة تركيب ورفع زوج من التماثيل الجالسة المصنوعة من الكوارتزيت عند مدخل الصرح الثاني، كما تم رفع تمثالين ملكيين واقفين من الكوارتزيت عند البوابة الشمالية لحرم المعبد. وقد أُتيحت عملية إنقاذ هذه الآثار المفككة وإخراجها من الطمي والمياه المالحة وإعادتها إلى مواقعها الأصلية.

وقال الخبير الآثاري والمتخصص في علم المصريات، الدكتور أحمد عامر، إن ترميم تمثالي الملك أمنحتب الثالث كان بمثابة مرحلة مهمة في عمليات الترميم، حيث تم ترميمهما بأعلى دقة وكفاءة.

وأضاف عامر لـ«الشرق الأوسط» أنها «ليست المرة الأولى في إظهار المهارة والدقة في أعمال الترميم، فقد تم ترميم طريق الكباش بشكل عالمي، وأيضاً صالة الأعمدة بمعبد الكرنك، لذلك لا بد من تشكيل لجنة مختصة لمراجعة التماثيل التي أثارت جدلاً في الفترات الماضية بمدينة الأقصر، منها على سبيل المثال تمثال الملك رمسيس الثاني والموجود أمام واجهة معبد الأقصر حتى الآن».

وسبق أن أعلن المجلس الأعلى للآثار قبل سنتين عن تشكيل لجنة لبحث ما أثير حول ترميم تمثال رمسيس الثاني بطريقة وصفها البعض بأنها لا تتوافق مع المبادئ والقواعد التقاليد المرعية في ترميم القطع الأثرية.

وأشاد الكاتب والباحث المهتم بالآثار المصرية، محمود مرزوق، بأعمال الترميم التي تمت بـ«معبد ملايين السنين»، وكتب عبر صفحته على «فيسبوك» إن فريق العمل استمر لسبع سنوات حتى خرج بنتيجة رائعة في ترميم تمثال أمنحتب الثالث، لافتاً إلى أن الخطأ في عمليات الترميم خصوصاً في الآثار المصرية القديمة يصعب تصحيحه، مؤكداً أن سر النجاح في ترميم التمثال الخاص بأمنحتب الثالث هو عدم التدخل في عمل المتخصصين.


«بهجة»... معرض فني مصري يستعيد شغف الطفولة

اللوحات رصدت بيئات ومشاهد متنوعة (الشرق الأوسط)
اللوحات رصدت بيئات ومشاهد متنوعة (الشرق الأوسط)
TT

«بهجة»... معرض فني مصري يستعيد شغف الطفولة

اللوحات رصدت بيئات ومشاهد متنوعة (الشرق الأوسط)
اللوحات رصدت بيئات ومشاهد متنوعة (الشرق الأوسط)

«بداخلي طفل صغير... كثيراً ما يبكي، قليلاً ما يفرح، فقد كثر بكاؤه بفعل ما يحدث بعالمنا المعاصر من تمزق وحروب وضحايا من الأطفال والكبار، وأحاول استعادة هذا الطفل مع طاقة من التفاؤل والفرح».

بهذه الكلمات وصف الفنان التشكيلي المصري، صلاح بيصار، معرضه «بهجة» المقام حالياً في غاليري «أوبتنو» بالزمالك (وسط القاهرة)، معتبراً أنه بهذه الأعمال التي يتداخل فيها الحس الشعبي مع الروح السريالية مع الألوان الساخنة المبهجة يستطيع أن يستعيد تلك الروح الطفولية المليئة بالبراءة والفرح والبهجة.

وفي هذا المعرض الذي يضم أكثر من 50 لوحة بأحجام مختلفة، يعود بيصار للرسم بعد فترة انقطاع، ويؤكد أن سبب انقطاعه عن الرسم كان الالتزام بالكتابة، فهو أيضاً واحد من أبرز النقاد التشكيليين في مصر.

الألوان المبهجة وألعاب السيرك في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

ويضم المعرض لوحات تبث البهجة في نفس المتلقي بألوانها المبهجة الساخنة في معظمها، ويصور الفنان من خلال أعماله السيرك وما به من مفارقات مضحكة أو عجيبة وغريبة، والقرية بمفرداتها وتفاصيلها المتنوعة، وكذلك البيوت والقصص الشعبية تجد مكاناً داخل لوحاته.

ويقول بيصار إنه يقدم «عالماً ينتمي للفانتازيا الشعبية بروح الخيال وحس سيريالي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن هذا العالم «تتصالح فيه كل الكائنات فى البر والبحر الطبيعة المفتوحة وتحت الماء»، فهو عالم يتسع للبشر والحيوانات والطيور والأسماك وحتى الفراش والنمل.

كل هذه العناصر تتحاور في لوحات بيصار محفوفة بالزينات والبيارق والأعلام، كأنه يقدم من خلالها دعوة للسلام، «لتعود الحياة بعالمنا إلى مرافئ المحبة والحلم والصفاء»، على حد تعبيره.

ومن تفاصيل البيئة الشعبية بكل مفرداتها يعيد بيصار تشكيل العالم بعيون طفل لم تفارقه الدهشة، وربما لهذا السبب بدت الألوان الزاهية هي المسيطرة في كل اللوحات، حتى تلك التي ترصد الطبيعة والبيوت الريفية البسيطة.

الفنان يرى في العالم مساحة رحبة للبشر والحيوانات وكل الكائنات (الشرق الأوسط)

صلاح بيصار المولود في المنوفية (دلتا مصر) عام 1952، تخرج في كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، وتخصص في الديكور، إلا أنه اتجه أكثر للعمل الصحافي وحاز جائزة نقابة الصحافيين في الإخراج الصحافي في ثمانينات القرن الماضي، كما اهتم بالكتابة والنقد، وربما لهذا توقف عن تنظيم معارض فردية لأعماله منذ عام 1994، وإن كان شارك من بعده في العديد من المعارض الجماعية والفعاليات التشكيلية.

ويعتمد الفنان على الحس التعبيري في تقديم نماذج من القرية والشارع المصري، ولكن يبدو الاهتمام الكبر منصباً على لاعبي السيرك، لما يتضمنه عالمهم من تنوع في ألوان البهجة وتفاصيلها بالألعاب المختلفة، بينما تبدو المدرسة السريالية بتقنياتها الغرائبية الأقرب للحلم واضحة في اللوحات، ولكنها سريالية شعبية بالطريقة والأسلوب الخاص بالفنان.

وتبرز اللوحات الكبيرة مشاهد بانورامية للقرية أو للسيرك أو الشارع أو يمكن أن يخصصها للبورتريه، بينما تركز اللوحات الصغيرة الحجم على التفاصيل البسيطة التي تقترب من رموز وتيمات الحكايات الشعبية، في قالب فني يمنحها بعداً جديداً مشحوناً بطاقة من الفرح.


ساعة ذكية لتقليل نوبات غضب الأطفال

الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)
الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)
TT

ساعة ذكية لتقليل نوبات غضب الأطفال

الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)
الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)

طوّر باحثون في مجموعة «مايو كلينك» الطبية الأميركية نظاماً مبتكراً يعتمد على الساعة الذكية لتنبيه الآباء عند أولى مؤشرات نوبات الغضب الشديدة لدى الأطفال المصابين باضطرابات عاطفية وسلوكية، ما يتيح التدخل السريع قبل تفاقم النوبة.

وأوضح الباحثون أن هذا النظام يُقلّص مدة وحدّة نوبات الغضب، ما يخفف الضغط النفسي على الطفل ووالديه، ويُحسّن الأجواء الأسرية، ويُقلّل من الصراعات اليومية. ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية «JAMA Network Open».

ونوبات غضب الأطفال هي انفعالات مفاجئة وشديدة، تظهر في صورة بكاء حاد أو صراخ أو رفض للأوامر أو سلوك عدواني أحياناً. وغالباً ما تنتج هذه النوبات عن عجز الطفل عن التعبير عن مشاعره أو السيطرة عليها، وقد تكون أكثر حدّة وتكراراً لدى الأطفال المصابين باضطرابات عاطفية وسلوكية.

ورغم أن نوبات الغضب تُعد جزءاً طبيعياً من نمو بعض الأطفال، فإن استمرارها لفترات طويلة أو شدتها الزائدة قد يؤثر سلباً في الصحة النفسية للطفل والعلاقات الأسرية، ما يستدعي تدخلاً تربوياً أو علاجياً مبكراً للحد من آثارها.

ويعتمد النظام على ساعة ذكية يرتديها الطفل، ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية، مثل ارتفاع معدل ضربات القلب أو التغيرات في الحركة أو النوم. وتُنقل هذه البيانات إلى تطبيق على هاتف الوالدين مزوّد بتقنيات الذكاء الاصطناعي، يُحلِّلها لحظياً ويُرسل تنبيهاً فورياً يحثّ الوالدين على التواصل مع الطفل وتهدئته في الوقت المناسب.

وأُجريت التجربة السريرية على 50 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 3 و7 سنوات، كانوا يعانون اضطرابات عاطفية وسلوكية. واستُخدم نظام الساعة الذكية لدى نصف المشاركين على مدى 16 أسبوعاً، في حين واصل النصف الآخر العلاج القياسي. وقيَّمت الدراسة مدى التزام العائلات باستخدام التقنية، وقدرة التنبيهات الفورية على تغيير سرعة استجابة الوالدين وسلوك الأطفال.

وأظهرت النتائج أن التنبيهات الفورية ساعدت الآباء على التدخل خلال 4 ثوانٍ فقط، وأسهمت في تقليص مدة نوبات الغضب الشديدة بمعدل 11 دقيقة، أي نحو نصف المدة المسجّلة لدى الأطفال الذين تلقوا العلاج التقليدي فقط.

كما بيّنت النتائج أن الأطفال ارتدوا الساعة الذكية لنحو 75 في المائة من فترة الدراسة، ما يعكس قابلية التطبيق وارتفاع مستوى تفاعل العائلات مع هذه التقنية.

وقال الباحثون إن «هذه الدراسة تُظهر أن تدخلات صغيرة، إذا جاءت في التوقيت المناسب، يمكن أن تغيّر مسار نوبة الاضطراب العاطفي لدى الطفل؛ إذ تمنح الوالدين فرصة للتدخل الداعم، مثل الاقتراب من الطفل، وتقديم الطمأنة، وتعزيز المشاعر الإيجابية، وإعادة توجيه الانتباه، قبل أن تتصاعد النوبة».

وأضافوا أن هذا النظام يُثبت أن بيانات الأجهزة الذكية اليومية يمكن أن تساعد الأسر في الوقت الحقيقي؛ فقد تبدو الساعة الذكية جهازاً بسيطاً، لكنها عندما تُدعَم بعلاجات قائمة على الدليل وتحليلات متقدمة، تتحول إلى بارقة أمل للأسر التي تواجه أعراضاً سلوكية شديدة في المنزل.