دياب يؤكد توجهه لتشكيل حكومة من «الاختصاصيين المستقلين»

«حزب الله» يرفض اعتبارها حكومته

رئيس الحكومة المكلف حسان دياب خلال زيارته أمس الرئيس سعد الحريري (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة المكلف حسان دياب خلال زيارته أمس الرئيس سعد الحريري (دالاتي ونهرا)
TT

دياب يؤكد توجهه لتشكيل حكومة من «الاختصاصيين المستقلين»

رئيس الحكومة المكلف حسان دياب خلال زيارته أمس الرئيس سعد الحريري (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة المكلف حسان دياب خلال زيارته أمس الرئيس سعد الحريري (دالاتي ونهرا)

أكد الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة حسان دياب عزمه على تشكيل حكومة من الاختصاصيين المستقلين لخدمة البلاد وحل المشكلات، متعهداً بتخطي الألغام التي ستحول دون التأليف، وذلك عشية إجراء استشاراته اليوم مع الكتل النيابية في مجلس النواب.
وأجرى دياب جولاته البروتوكولية على رؤساء الحكومات السابقين، حيث التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، وقال بعد الاجتماع إن اللقاء مع الحريري «له نكهة مميزة»، مشيراً إلى أن الحريري «أكد حرصه على البلد والاستقرار، وهذه المواقف تعبر عن موقف رجل دولة، وإن شاء الله سيكون هناك تواصل وتعاون مستمر لما فيه خير للبلد».
وقال دياب إن الأمور المتعلقة بمشاركة الحريري في الحكومة من عدمها أو منحها الثقة في حال عدم مشاركته «لا تزال قيد البحث»، لافتاً إلى أن «هناك أجواء إيجابية مع الجميع». وقال إن «الحريري يبدي كل تعاون لتأليف الوزارة». وعن اعتباره مرشح «حزب الله»، أكد: «أنا صاحب اختصاص ومستقل، وتوجهي أن تكون الحكومة بالفعل حكومة اختصاصيين مستقلين، وبالتالي لنخدم هذا البلد ونحل المشكلات المعروفة من فترة». وقال: «أنا أؤمن بفريق العمل ولا أعرف كل شيء، وسيضم فريق العمل كل الاختصاصات بالاقتصاد والمال والاجتماع، وفي كل المجالات وجميعنا سنعمل فريق عمل واحداً لمعالجة هذه الأمور وليس حسان دياب سيعالج وحده كل الأمور».
وتوجه الرئيس المكلّف للقاء الرئيس سليم الحص، وقال بعد اللقاء: «إن الرئيس الحص رجل دولة استثنائي تميز بنظافة الكف والعمل الاستثنائي، وهو المثال الأعلى لكل من يطمح للعمل السياسي». وعن محاربة الفساد، قال: «وصلنا إلى هذه المرحلة من بعد 30 سنة من بعض السياسات الخاطئة، وعليهم إعطاؤنا فرصة لتأليف حكومة استثنائية لتعالج المشاكل، وأنا أؤمن بفريق عمل واحد بغض النظر عن التوجهات».
بعدها، التقى الرئيس فؤاد السنيورة، وقال بعد اللقاء: «تأتي الزيارة في سياق زياراتي لرؤساء الحكومات السابقين وسنكون على تواصل دائم في المستقبل، ونحن بصدد تحضير لقاءات كثيرة مع من يمثل القيادات في الحراك الشعبي، وهكذا يكون التنسيق ليس فقط مع الكتل النيابية بل مع الحراك أيضاً». وأضاف: «وجودي في سدة رئاسة الحكومة دستوري، وما عدا ذلك فإنّ الألغام سنتعداها إن شاء الله».
كما زار الرئيس تمام سلام، وقال بعد اللقاء: «زيارتي للرئيس سلام مميزة وسنستمع بشكل دائم لنصائح دولته وسنأخذ بنصائحه. يجب البدء بالتأسيس لفريق عمل جديد، ويجب الإسراع في التكليف لحل الأزمة الراهنة. أنا أؤمن بالعمل الجماعي وكلّ الأمور التي تتعلق بالبرنامج الحكومي أريد وضعها باسم فريق العمل كاملاً».
ولم يلتقِ دياب الرئيس نجيب ميقاتي بسبب وجوده خارج البلاد.
وفيما عدّت وسائل إعلام عالمية أن هذه الحكومة هي حكومة «حزب الله»، رفض وزير الحزب في الحكومة المستقيلة محمد فنيش هذا الوصف، قائلاً إنه «ليس بجديد، ولطالما لازم الحكومات السابقة التي كانت تضمّ مختلف القوى السياسية، حتى إن حكومة الرئيس سعد الحريري الأخيرة كانت توصف بأنها حكومة حزب الله». وقال فنيش في تصريح لوكالة الأنباء «المركزية»: «هذا تشويه للحقائق وجزء من حملة تحريض وتهويل مُسبقة على الرئيس المكلّف، لأن حضور حزب الله في معظم الحكومات لم يكن وازناً ويتناسب مع حجمه، ولو كانت الحكومات المتعاقبة فعلاً حكومات حزب الله لكان البلد بألف خير». ورفض ما يروّج عن أن هذه الحكومة هي حكومة مواجهة للمجتمع الدولي والعربي وحكومة اللون الواحد.
بدوره، سأل عضو كتلة الحزب في البرلمان النائب حسن فضل الله: «لماذا اعتبار الحكومة المقبلة حكومة حزب الله؟»، موضحاً أن الحزب «لم يلتقِ الرئيس المكلف حسان دياب قبل تسميته، ولم يناقش معه بعد أي أمر له علاقة بتشكيل الحكومة»، مؤكداً أن المفاوضات استمرت مع رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري إلى ما قبل إصدار بيانه بالاعتذار عشية الاستشارات.
وقال رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان في حديث تلفزيوني: «إننا نتجه إلى حكومة أخصائيين بالكامل، وما ينطبق على سائر الكتل ينطبق علينا، ولا يجب أن يأخذ التأليف أكثر من 10 أيام، فالمواقف واضحة وكثير من العقد قد ذُلّل»، مضيفاً: «حريصون على حكومة أولى أولوياتها إنقاذ لبنان وما تسرب عن لقاءات هيل مع المسؤولين إيجابي».
من جهته، علق رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل على تكليف حسان دياب تشكيل الحكومة، فكتب عبر حسابه على «تويتر»: «استشارات الأمس أكدت أن ما يمنعنا من التغيير وبناء مستقبل أفضل هو إصرار البعض على وضع اليد على البلد وتوريطه مع محور إقليمي، والطلاق بين شعب لبنان المنتفض ونوابه». ورأى أن «الحل يكمن في إجراء انتخابات مبكرة عبر إقرار اقتراح قانون تقصير ولاية البرلمان الذي تقدمنا به ليعود القرار إلى الشعب».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.