إلغاء قداديس ليلة الميلاد بسبب الأوضاع الأمنية في بغداد

TT

إلغاء قداديس ليلة الميلاد بسبب الأوضاع الأمنية في بغداد

أعلنت البطريركية الكلدانية الكاثوليكية في العراق إلغاء قداديس ليلة عيد الميلاد في عموم كنائس بغداد، نظراً للأوضاع الأمنية، في إطار الاحتجاجات المناهضة للحكومة المستمرة منذ شهرين ونصف الشهر في البلاد.
وقال بطريرك طائفة الكلدان في العراق والعالم الكاردينال لويس رافائيل ساكو، في بيان، ليل الخميس الجمعة، أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، إنه «نظراً للأوضاع الحالية والأمنية الحساسة في بغداد، قررت البطريركية إلغاء مراسيم الاحتفال بقداديس ليلة عيد الميلاد في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2019 في كافة الكنائس التابعة لها في العاصمة بغداد». وأشار إلى أنه سيتم الاحتفال بالقداس نهار العيد يوم 25 من الشهر، «حيث ترفع الصلوات من أجل إيجاد حلّ مُشَرِّف للأزمة القائمة (...) وفيه نتشفع بالدعاء ترحماً على أرواح الضحايا من المتظاهرين وقوات الأمن».
كان ساكو أعلن بداية الشهر الحالي أن الطائفة لن تقيم احتفالات عامة بعيد الميلاد، احتراماً للقتلى والجرحى الذين سقطوا في الاحتجاجات. وقُوبلت المظاهرات الحاشدة التي هزت العاصمة العراقية والجنوب بالعنف من قبل قوات الأمن، ما أسفر عن مقتل نحو 460 شخصاً وإصابة أكثر من 25 ألفاً آخرين بجروح. وقال ساكو حينها إنه «لن تكون هناك أشجار ميلاد مزينة في الكنائس والساحات، ولا حفلات وسهرات بهذه المناسبة، ولا استقبال رسمي للتهاني في مقر البطريركية».
وعانت الأقلية المسيحية في العراق منذ الاجتياح الأميركي عام 2003. وكانت أعدادها نحو مليون ونصف المليون قبل ذلك العام، لكن لم يبق سوى ثلثهم. وتسكن غالبيتهم حالياً في بغداد ومحافظة نينوى الشمالية. إلى ذلك، أعلن مسؤول في المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان في العراق، أمس، أن إجمالي ضحايا المظاهرات الاحتجاجية في العراق منذ انطلاقها في الأول من أكتوبر وحتى الآن، بلغ 485 قتيلاً. وقال علي البياتي عضو مجلس المفوضية لوكالة الأنباء الألمانية، إن إجمالي ضحايا المظاهرات الاحتجاجية منذ انطلاقها، أكتوبر، إلى الآن، بلغ 485 قتيلاً وأكثر من 27 ألف مصاب، و2807 معتقلين تم إطلاق سراح غالبيتهم باستثناء 107 معتقلين ما زالوا رهن التحقيق. وأضاف أن «عدد المختطفين من المتظاهرين والناشطين بلغ 48 شخصاً، حسب الشكاوى المستلمة من قبل مفوضية حقوق الإنسان». وذكر أن سكوت الحكومة العراقية عن ظاهرة اغتيال وخطف الناشطين من قبل عصابات الجريمة لا يمكن أن يفهم إلا أنه معاقبة للمتظاهرين لأنهم تسببوا في إسقاطها.
وأفاد شهود عيان بأن آلافاً من المتظاهرين توافدوا منذ صباح أمس إلى ساحات التظاهر في بغداد و9 محافظات أخرى للانضمام إلى المتظاهرين للتعبير عن رفضهم للمشاورات التي تجريها الكتل والأحزاب لتسمية مرشح لتشكيل الحكومة الجديدة. ووصل المتظاهرون إلى ساحة التحرير والخلاني والسنك والوثبة ببغداد وساحات التظاهر في محافظات البصرة والناصرية والمثنى والديوانية وواسط وكربلاء والنجف والحلة والديوانية، وهم يحملون أعلام العراق، ويهتفون بشعارات تدين المشاورات التي تجريها الكتل السياسية ورئاسة الجمهورية، لتسمية مرشح لتشكيل الحكومة الجديدة، فضلاً عن إخفاق البرلمان العراقي في حسم إقرار قانون الانتخابات الجديد.
وذكر شهود عيان أن المتظاهرين وصلوا أفراداً ومجاميع إلى ساحات التظاهر في ظل إجراءات أمنية وانتشار واسع وقطع عدد من الطريق والجسور لمختلف شرائح المجتمع من طلبة المدارس والجامعات ومنظمات المجتمع المدني وشخصيات أكاديمية وفنانين وشعراء.
وأوضحوا أن «المتظاهرين يخضعون للتفتيش قبيل دخولهم من قبل فرق من المتظاهرين لضمان أمن ساحات التظاهر، فيما تحيط القوات العراقية ساحات التظاهر من مسافات بعيدة». وذكر الشهود أن «المتظاهرين قاموا خلال الأيام الماضية بنشر أسماء جميع الأشخاص الذين أعلنت الكتل السياسية ترشيحهم لمنصب رئيس الحكومة، وكتبت عليها عبارة (لا)، وتم عرضها بمساحات واسعة من ساحات التظاهر، وتأكيد مطالبهم بأن يكون المرشح مستقلاً وغير منتمٍ إلى الأحزاب، أو مقرب منها، وألا يكون قد تسلم منصباً سابقاً أو مزدوج الجنسية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».