حسّان دياب... أكاديمي يصل إلى رئاسة الحكومة بدعم «الممانعة»

صورة من الأرشيف للدكتور حسان دياب عندما كان وزيراً للتربية عام 2012 (أ.ف.ب)
صورة من الأرشيف للدكتور حسان دياب عندما كان وزيراً للتربية عام 2012 (أ.ف.ب)
TT

حسّان دياب... أكاديمي يصل إلى رئاسة الحكومة بدعم «الممانعة»

صورة من الأرشيف للدكتور حسان دياب عندما كان وزيراً للتربية عام 2012 (أ.ف.ب)
صورة من الأرشيف للدكتور حسان دياب عندما كان وزيراً للتربية عام 2012 (أ.ف.ب)

لا يختلف اثنان على أن الدكتور حسّان دياب، الحائز على ثقة أكثرية النواب لتشكيل الحكومة الجديدة، يمتلك صفة رجل التكنوقراط، فهو أكاديمي عريق في الجامعة الأميركية في بيروت، أهّلته مسيرته ليكون نائباً لرئيس الجامعة المذكورة. لكنّه ليس بعيداً عن الطبقة السياسية، إذ كان جزءاً منها، عندما عُيّن وزيراً للتربية الوطنية والتعليم العالي، في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، التي اتخذت صفة «حكومة اللون الواحد»، و«حكومة 8 آذار»، التي تم تشكيلها وفق خيارات «حزب الله»، وهو يقترب من دخول السراي الحكومي تحت عباءة محور «الممانعة» ومباركته.
يمتلك الدكتور حسّان دياب ما يكفي من الصفات التي تؤهله للموقع السنّي الأول في لبنان (رئاسة الحكومة)، كونه ابن عائلة بيروتية عريقة، من مواليد 6 يناير (كانون الثاني) 1959، وهو متزوّج وله ثلاثة أولاد (بنت وولدان)، ومن العاملين في الجامعة الأميركية في بيروت منذ عام 1985، حيث كان يغادرها لفترات محدودة، لا يفتأ أن يعود إليها، منها مرحلة تعيينه وزيراً للتربية ما بين عامي 2011 و2014.
يحمل رئيس الحكومة المكلّف شهادة البكالوريوس في هندسة الاتصالات، والماجستير بامتياز في هندسة نظم الكومبيوتر، والدكتوراه في هندسة الكومبيوتر، وهو أستاذ مادة الهندسة الكهربائية وهندسة الكومبيوتر في كلية الهندسة والعمارة، ولديه مساهمات بحثية علمية في مجلات علمية دولية ومشاركات في عدد من المؤتمرات في لبنان والخارج، وتبوّأ مناصب أكاديمية، أبرزها العميد المؤسس لكلية الهندسة والرئيس المؤسس في جامعة ظفار بسلطنة عمان عام 2004، ونائب الرئيس للبرامج الخارجية الإقليمية في الجامعة الأميركية في بيروت منذ عام 2006.
بعيداً عن المسيرة الأكاديمية الحافلة، تباين تقييم الشارع اللبناني لحسان دياب، فالسياسيون الموالون للثنائي الشيعي (أمل، وحزب الله) وفريق رئيس الجمهورية ميشال عون، يجدون فيه الرجل المثالي بما يمتلك من تاريخ وسيرة ذاتية، خصوصاً أنه «يأتي من خارج المنظومة الغارقة بالفساد»، وسارع هذا الفريق إلى نشر مزاياه الحسنة ومناقبه، وكان أبرز المغردين النائب نعمة أفرام الخارج حديثاً من تكتل «لبنان القوي» الذي يقوده الوزير جبران باسيل، إذ نوّه بأداء دياب في المراحل السابقة، وقال: «كلمة حقّ تقال في من رافقني من على مقاعد الجامعة كبروفسور محاضر، لتربطني به لاحقاً علاقة المودّة والاحترام». ورغم أنه لم يسمّه لرئاسة الحكومة، تابع أفرام: «حسان دياب رجل ثقة، مستقل، مختص، كفء ونزيه، وهي صفات جامعة ومطلوبة في اللحظة المصيريّة الحاسمة، والعبرة في التأليف وشكل الحكومة وبرنامجها».
أما الوزير الأسبق وئام وهّاب، فقال في تغريدة له: «لمن يخترع ملفات عن حسان دياب، أقول له فقط للأمانة، إن دياب عندما انتهت حكومة الرئيس ميقاتي أرسل ميقاتي هديّة له من جيبه قيمتها 500 ألف دولار أميركي فأعاد دياب الهديّة وشكر ميقاتي». لكن ميقاتي نفى هذه الرواية جملة وتفصيلاً.
في المقلب الآخر، لم يسلم دياب من الانتقادات التي وجهها إليه معارضو تكليفه، إذ تردد أن اختياره كان بقرار مسبق من الثنائي الشيعي وخصوصاً بتزكية رئيس مجلس النواب نبيه برّي، الذي تربطه علاقة قديمة به، وسبق أن زار دياب الرئيس عون أكثر من مرّة في القصر الجمهوري، وتحدثت معلومات عن ترتيبات لشكل الحكومة، قبل اعتذار سعد الحريري بأيام.
وغصّت منصات وسائل التواصل الاجتماعي بمئات التغريدات الرافضة لهذا التكليف، أهمها جاءت من الأستاذ في الجامعة الأميركية الدكتور همام كدارة، الذي روى كيف أن حسان دياب حضر إلى مكتبه وحاول أن يفرض عليه توظيف نجله، وقال له «وظّفه وأنا أدفع راتبه»، وخلص كدارة إلى مخاطبة نجل دياب وقال ساخراً: «موفّق البابا بترؤس حكومة مكافحة الفساد». ولم ينفك ناشطون عن إعادة نبش ملف دياب يوم كان وزيراً للتربية، واتهامهم له بأنه «وثّق إنجازاته في الوزارة بكتاب كلّف الخزينة 70 مليون ليرة» أي نحو 50 ألف دولار، وكيف أنه استبدل باسم مدرسة رسمية كبرى في بيروت، اسم والدته غير آبهٍ بكل الانتقادات التي وُجهت إليه، وأنه وزير التربية الوحيد الذي رفع رسوم التسجيل في الجامعة اللبنانية من 200 ألف ليرة إلى 400 ألف ليرة (280 دولاراً تقريباً) من دون إجراء أي تحسينات في وضع الجامعة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».