محادثات أميركية ـ إسرائيلية لـ«مواجهة تهديد إيران» في سوريا

TT

محادثات أميركية ـ إسرائيلية لـ«مواجهة تهديد إيران» في سوريا

كشفت مصادر عسكرية في تل أبيب عن سحب بقايا القوات الإيرانية من الجنوب السوري، في وقت أعلن مسؤول عسكري إسرائيلي، أمس الخميس، أن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، مئير بن شبات، ونظيره الأميركي، روبرت أوبراين، اتفقا بعد لقائهما المطول في البيت الأبيض، أول من أمس على «تعميق التنسيق بين البلدين حول مواجهة التهديد الإيراني وغيره من القضايا الإقليمية».
وحسب مصادر مطلعة، فإن بن شبات أطلع أوبراين على تقرير داخلي في المخابرات الإسرائيلية يبين أن «إيران بدأت تدرك أن وجودها في سوريا سيكلفها ثمنا باهظا، وأن إسرائيل جادة للغاية في رفض التموضع الإيراني على الأراضي السورية، لذلك بدأت تخلي مواقعها العسكرية من بقايا جنود وعناصر الحرس الثوري». وذكرت أن الإيرانيين أخلوا في الأسبوع الماضي معسكرهم في الكسوة، الواقع على بعد 15 كيلومترا جنوبي دمشق، وهو أقرب موقع للحرس الإيراني لخطوط فصل القوات مع إسرائيل في هضبة الجولان المحتلة. وقد احتوى هذا الموقع على 500 جندي وضابط إيراني، إضافة إلى قوات من الميليشيات التابعة للنظام الإيراني. ومع أن طهران نقلتهم إلى موقع آخر في منطقة البوكمال قرب الحدود السورية - العراقية، إلا أن المصادر الإسرائيلية تؤكد أن هذا الإخلاء يأتي في إطار قرار إيراني لتقليص قواتها في سوريا إلى النصف، أي لما هو أقل من 3 آلاف.
لكن المصادر الإسرائيلية أشارت إلى أنه «لا يزال هناك خطر أمني على إسرائيل من الميليشيات الإيرانية في سوريا، لذلك فإن الخطة العسكرية التي وضعها الجيش الإسرائيلي قبل عشرة شهور ستبقى فاعلة، وفي مركزها محاربة كل تنظيم عسكري على الأرض السورية يوجه سهامه لإسرائيل وتدمير قوافل نقل السلاح إلى حزب الله في لبنان وتدمير مصانع تحديث وتدقيق الأسلحة الصاروخية وإجهاض المشروع الإيراني لإقامة ممر عسكري من طهران، عبر العراق وسوريا، إلى البحر الأبيض المتوسط».
وقال مسؤول إسرائيلي مطلع، إن تزامن اللقاء في البيت الأبيض بين رئيسي مجلس الأمن القومي في البلدين، مع اللقاء الذي جمع قائدي الجيشين الأميركي والروسي، في سويسرا، للتباحث حول سوريا، يؤكد أن واشنطن تولي أهمية كبيرة لمكانة إسرائيل وضرورة إشراكها في الأبحاث المتعلقة بسوريا. وأن القلق الذي ساد في إسرائيل بسبب قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الانسحاب من سوريا، بدأ يتبدد. وأضاف: «الولايات المتحدة تدرك خطورة تمدد القوات العسكرية الإيرانية في سوريا. وهي تطور آلية تنسيق مع روسيا موازية للتنسيق العسكري الإسرائيلي الروسي حول النشاط في سوريا. وهناك إصرار من الجميع على أن لا يسمح لإيران للتموضع العسكري».
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي قد صرح، أمس، بأن إيران ستتحول إلى «فيتنام بالنسبة إليها». وقال إنه يرى أن «هناك فرصة استراتيجية، لضرب القوات الإيرانية في سوريا، بسبب انشغال طهران بالمظاهرات والاضطراب الداخلي، إضافة لاشتعال الاحتجاجات في العراق ضد النفوذ الإيرانيّ». وقال إنه يعتزم عرض «خطة لإنهاء التموضع الإيراني ونشاطها الحربي في دول المنطقة»، أمام الكابينت (المجلس الوزاري المصغّر للشؤون السياسية والأمنية في الحكومة الإسرائيليّة)، علما بأنه كان قد تحدث عن هذه الخطة في نهاية الشهر الماضي. وقال منذ ذلك الوقت إنه «إذا لم تتحرك إسرائيل إلى نشاط مكثف لمنع توحيد إيران والميليشيات الشيعية التي تعمل باسمها في سوريا، فستواجه قريباً جبهة صواريخ من سوريا أيضاً، لذلك يجب على إسرائيل أن تنتقل من سياسات الاحتواء إلى إحباط جهود الاندماج الإيراني في سوريا عبر جهود عسكرية لإخراج القوات الإيرانية من المناطق التي تهدد أمن إسرائيل».
وقد استخفت مصادر عسكرية في تل أبيب من هذه الخطة مؤكدة أن الجيش الإسرائيلي وضع خطة استراتيجية بهذا الشأن وتمت المصادقة عليها في الكابينت من مطلع السنة، والجيش ينفذها رويدا رويدا. وقالت إن الحكومة تقوم بالدور السياسي على المستويين الإقليمي والدولي، والجيش يقوم بالدور العملي على الأرض.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».