وضع رئيس الوزراء بوريس جونسون، أمس، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على رأس جدول أعماله الجديد، فيما تلت الملكة إليزابيث الثانية برنامج حكومته في حفل برلماني بعد فوز حزبه الكاسح في الانتخابات. وافتتحت الملكة رسمياً البرلمان، وسط مراسم رسمية تقليدية أمام مجلس اللوردات ومجلس العموم.
إلا أن دعوة رئيسة وزراء اسكوتلندا نيكولا ستورجن، لإجراء استفتاء جديد على الاستقلال، عكّرت إعلان حكومة جونسون أولوياتها التشريعية، مؤذنةً بمعركة دستورية بين لندن وإدنبرة. وأكدت نيكولا ستورجن أن «بريكست» ونتائج الانتخابات في شمال البلاد تعد «سبباً دستورياً وديموقراطياً» لإنهاء اتحاد اسكوتلندا مع إنجلترا وويلز منذ أكثر من 300 عام.
وعلى رأس أولويات جونسون، مشروع قانون للمصادقة على اتفاق «بريكست» مع الاتحاد الأوروبي والذي تفاوض عليه في أكتوبر (تشرين الأول)، ولم يتمكن من تمريره في البرلمان.
والآن وبعد حصوله على أغلبية مريحة في مجلس العموم المؤلف من 650 مقعداً، يأمل جونسون في مصادقة البرلمان على الاتفاق للوفاء بوعده الانتخابي بتنفيذ «بريكست» في الموعد المحدد آخر يناير (كانون الثاني). وأكّدت الملكة التي كانت تجلس على عرشها الذهبي «أولوية حكومتي هي تنفيذ خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في 31 يناير 2019». وأضافت: «بعد ذلك سيسعى وزرائي إلى إقامة علاقة مستقبلية مع الاتحاد الأوروبي تقوم على اتّفاق تجارة حرة يفيد المملكة المتحدة بأكملها».
وفي مؤشر على وعد الحكومة بالخروج من الاتحاد الأوروبي في الموعد المحدد، قال متحدث إن وزارة «بريكست»، «سيتم حلها فور مغادرة الاتحاد الأوروبي في 31 يناير».
في العادة تلقي الملكة كلمتها مرة في العام، ولكنها ألقت خطاباً في أكتوبر بعد أن أصبح جونسون زعيماً لحزب المحافظين في يوليو (تموز)، عقب تصويت داخل حزبه. وتسبّب تمرد عدد من أعضاء الحزب بسبب «بريكست» في خسارته التأييد الذي يحتاج إليه في مجلس العموم للحكم، ولذلك دعا إلى انتخابات مبكرة وحقق فيها فوزاً ساحقاً.
ونتيجة لذلك، تم تخفيف كلمة الملكة البالغة 93 عاماً، أمس، وبدلاً من أن تأتي في عربة تجرّها الخيول، جاءت في سيارة. وكان أهم ما جاء في الأجندة هو طرح مشروع قانون للمصادقة على «مشروع قرار الانسحاب» للمصادقة على شروط «بريكست» الذي سيُطرح لتصويت مجلس العموم، اليوم (الجمعة). كما يغطي مشروع القانون الالتزامات تجاه الاتحاد الأوروبي وحقوق الأوروبيين المقيمين في بريطانيا، والترتيبات الجديدة لآيرلندا الشمالية.
وسيشتمل مشروع القانون على تواريخ الفترة الانتقالية التي ستُبقي على العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي دون تغيير حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2020 للسماح للجانبين بالتوقيع على اتفاق تجاري جديد.
ويمكن تمديد هذه الفترة لمدة عامين، إلا أن لندن تصر على أن ذلك لن يكون ضرورياً.
إلا أن الاتحاد الأوروبي حذّر من أن هذه الفترة الزمنية قد تكون ضيقة للاتفاق على علاقة جديدة بعد مغادرة بريطانيا من السوق المشتركة والاتحاد الجمركي. ويشمل مشروع القانون كذلك خططاً تتيح للمحاكم الأخرى، إضافةً إلى المحكمة العليا، إلغاء أحكام محاكم العدل الأوروبية بشكل يضمن لبريطانيا إخراج نفسها بشكل أسرع من قانون القضايا الأوروبية. ورغم أن حزب المحافظين بزعامة بوريس جونسون فاز بأغلبية ساحقة في الانتخابات الأخيرة، فإنه خسر أكثر من نصف مقاعده في اسكوتلندا بعد حملته ضد إجراء استفتاء جديد على الاستقلال.
وصرحت ستورجن في مؤتمر صحافي، أمس، بأن تلك النتيجة وحصول الحزب على نتائج مماثلة في الانتخابات السابقة في 2015 و2017، يجعل من إجراء استفتاء جديد «أمراً مفروغاً منه». وأضافت: «هذا هو المستقبل الذي نواجهه إذا لم تتح لنا الفرصة النظر إلى البديل وهو الاستقلال». وصوت الاسكوتلنديون ضد الاستقلال بنسبة 55% في 2014.
وقال نشطاء مؤيدون للاستقلال إنهم لن يسعوا لإجراء تصويت آخر ما لم يكن هناك «تغيير مادي في الظروف» في علاقات اسكوتلندا مع بقية المملكة المتحدة. لكن مع استعداد جونسون لإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بنهاية الشهر المقبل.
يقول القوميون إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو ذلك التغيير نظراً إلى أن غالبية الاسكوتلنديين صوتت للبقاء في الاتحاد الأوروبي في استفتاء 2016.
وقالت ستورجن إن المستقبل الذي اختاره الاسكوتلنديون قبل ثلاث سنوات «لم يعد متاحاً لهم بعد الآن»، مضيفةً: «هذا ليس اتحاداً جديراً باسمه ولا يتساوى المشاركون فيه». ودعت لندن إلى نقل السلطات للسماح للإدارة في إدنبرة بإجراء الاستفتاء.