الذهب يفقد بريقه في الربع الثالث رغم بعض التعافي الأخير

بفعل انخفاض الطلب عليه وارتفاع شهية المستثمرين نحو المخاطرة

الذهب يفقد بريقه في الربع الثالث رغم بعض التعافي الأخير
TT

الذهب يفقد بريقه في الربع الثالث رغم بعض التعافي الأخير

الذهب يفقد بريقه في الربع الثالث رغم بعض التعافي الأخير

في ظل مكاسب قوية للأسهم وارتفاع الدولار لأعلى مستوياته في عدة سنوات، شهدت أسعار الذهب الفورية تراجعا بالربع الثالث من العام الحالي، بنسبة بلغت 7.4 في المائة مقارنة بالربع الثاني من نفس العام. وفقا لبيانات مستقاة من موقع بورصة لندن للمعادن. وقال محللون اقتصاديون لـ«لشرق الأوسط»، إن التراجع يعود لانخفاض حاد في الطلب عليه، مع ارتفاع شهية المستثمرين على المخاطرة، وأداء جيد لمؤشرات الاقتصاد الكلي للدول الكبرى.
وعلى أساس سنوي، فقد انخفضت أسعار المعدن النفيس 8.29 في المائة في الربع الثالث من 2014، مقارنة مع الربع المقابل في 2013.
وأغلق الذهب عند مستوى 1216.15 دولار للأوقية بنهاية الربع الثالث من العام الحالي، مقابل إغلاقه عند مستوى 1315 دولارا بنهاية الربع الثاني من العام، ومستوى 1326 دولارا للأوقية بنهاية الربع الثالث من العام الماضي.
وشهريا، سجل الذهب أسوأ تراجع خلال تعاملات سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث هبط بنسبة بلغت 5.38 في المائة، وهو أسوأ تراجع له خلال 3 أشهر بالربع الثالث من العام الحالي، مع إغلاقه عند مستوى 1215.16 دولار مقارنة مع 1285.8 دولار بنهاية أغسطس (أب).
وبلغت نسبة تراجع المعدن النفيس بشهر يوليو (تموز) 2.25 في المائة، في حين أغلق مستقرا خلال تعاملات أغسطس مقارنة مع الشهر السابق له.
وقال أباه أوفن، خبير أسواق السلع لدى «ستاندرد تشارترد» لـ«الشرق الأوسط»: «الأداء المتذبذب لأسعار الذهب في الربع الثالث من العام الحالي يرجع بصورة رئيسة إلى إقبال المستثمرين على المخاطرة مع ارتفاع مؤشرات الأسهم العالمية والنتائج القوية للشركات».
وأظهر تحليل «الشرق الأوسط» ارتفاع مؤشر داوجونز الصناعي بالولايات المتحدة بنسبة بلغت نحو 3 في المائة في 9 أشهر حتى سبتمبر الماضي، ونحو 1.2 في المائة في الربع الثالث من العام الحالي.
وفي منتصف الشهر الماضي وصل المؤشر إلى مستوى 17500 نقطة وهو أعلى مستوى له على الإطلاق منذ تدشينه. كما ارتفع مؤشر نيكي الياباني نحو 6.6 في المائة خلال تعاملات الربع الثالث من العام الحالي.
ويضيف أوفن: «إضافة إلى الأداء القوي للأسهم فإن ارتفاع العملة الأميركية أثر سلبا هو الآخر على أداء الذهب خلال تلك الفترة، فهي علاقة عكسية بينهما يرتفع الدولار ينخفض الذهب والعكس صحيح».
وعادة ما يؤثر الدولار الأميركي على الذهب، لأنه يخفف من حدة جاذبية المعدن كأصل بديل ويجعل السلع المسعرة بالدولار أكثر تكلفة لحائزي العملات الأخرى.
وأكد تحليل لـ«الشرق الأوسط» ارتفاع مؤشر الدولار نحو 7 في المائة بالربع الثالث من العام الحالي ليصل إلى مستوى له منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.
ويقيس مؤشر الدولار الأميركي أداء العملة الأميركية مقابل سلة من العملات الأجنبية ويقارن المؤشر العملة الخضراء باليورو، والين الياباني، والجنيه الإسترليني، والدولار الكندي، والكورونا السويدية، والفرنك السويسري.
وبدأ العمل بمؤشر الدولار الأميركي عند 100 نقطة في عام 1973، ووصل إلى أعلى رقم له في عام 1985 وهو 148.12 نقطة، وانخفض في 2008 حتى وصل إلى أدنى مستوى له هو 70.698 نقطة. ويمثل اليورو نحو 58 في المائة من مكونات المؤشر.
ويرى أرون ليسيل، خبير السلع لدى سينشيري فايننشيال، أن الذهب تأثر أيضا بمعدلات التضخم الأخذة في التراجع وهو ما أفقده بريه كأداة للتحوط من التضخم. وقال ليسيل لـ«الشرق الأوسط» «معدلات التضخم المنخفضة تعني تراجع الإقبال على الذهب المعروف عنه أنه الأداة الأولى للوقاية من أضرار الضغوط التضخمية».
وتظهر أرقام موقع البنك المركزي الأوروبي، انخفاض معدلات التضخم في سبتمبر الماضي بمنطقة اليورو إلى 0.3 في المائة، مقارنة مع 0.4 في المائة في أغسطس، ونفس النسبة في يوليو، فيما بلغت تلك النسبة 0.5 في المائة بنهاية يونيو الماضي.
وفي الولايات المتحدة، تظهر الأرقام تراجع معدلات التضخم من مستوى 2.1 في المائة بنهاية الربع الثاني من العام إلى 1.7 في المائة بنهاية سبتمبر الماضي.
يتابع ليسيل: «سياسات البنوك المركزية الكبرى أثرت سلبا هي الأخرى على أسعار الذهب، فرغم البيئة الصفرية لأسعار الفائدة التي كان من المفترض أن يستفيد منها الذهب لكن المكاسب القوية لأسواق الأسهم حالت دون ذلك».
ويثبت الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة عند مستوى ربع نقطة مئوية منذ أعوام فيما يحدد المركزي الأوروبي أسعار الفائدة عند مستوى 0.05 في المائة وفق البيانات الرسمية المتاحة على المواقع الإلكترونية لتلك البنوك.
يضيف ليسيل أن «صناديق التحوط هي الأخرى أذكت من تراجعات أسعار الذهب بالربع الثالث من العام الحالي إضافة إلى توقعات سلبية للمؤسسات الاستثمارية الكبرى لأسعار الذهب في السنة الحالية والمقبلة».
وتظهر أرقام موقع هيئة تداول السلع الآجلة الأميركية تراجع مراكز الشراء في عقود الذهب الآجلة بنحو 14 في المائة لتصل إلى 77 ألف عقد من العقود المستقبلية وعقود الخيار بنهاية سبتمبر الماضي.
وتوقعت مؤسسة «جي بي مورجان» أن يبلغ سعر أوقية الذهب خلال العام الحالي نحو 1.200 دولار، فيما تنبأت مؤسسة «جولدمان ساكس» أن تتعرض أسعار الذهب لخسارة حادة وأن تتراجع بنحو 15 في المائة بنهاية العام الحالي.
ويشير تحليل «الشرق الأوسط» إلى مكاسب طفيفة للمعدن النفيس منذ مطلع العام الحالي وحتى نهاية الربع الثالث بلغت نحو 12 دولارا للأوقية فقط، حيث أغلق الذهب الفوري عند مستوى 1204.5 دولار وفق البيانات المستقاة من الموقع الرسمي لبورصة لندن للمعادن.
وفي إغلاقات الذهب الشهرية لهذا العام ارتفعت أسعار المعدن الأصفر في 3 أشهر من أصل 9 أشهر حتى نهاية الربع الثالث من العام.
وكان شهر فبراير أكثر الأشهر ربحية للذهب، حيث ارتفع سعر الأوقية بواقع 75 دولارا، يليه يونيو حينما ارتفعت الأسعار بواقع 65 دولارا للأوقية، وأخيرا شهر يناير الذي ارتفع فيه سعر الأوقية 46 دولارا.
ويرى جوان أرتيجاس، مدير بحوث الاستثمار لدى مجلس الذهب العالمي، أن انخفاض الطلب على المعدن النفيس عزز من انخفاض الأسعار منذ مطلع العام، متوقعا أن تشهد أسعار الذهب اتجاها صاعدا في الفترة المقبلة بدعم من صناعة الحلي ومشتريات البنوك المركزية.
وقال أرتيجاس لـ«الشرق الأوسط»: «تأثر الذهب بانخفاض الطلب عليه خلال الفترة الماضية، وخصوصا في الأسواق المستهلكة الكبرى على غرار الصين والهند. لكن من الممكن أن نجد الأسعار تتلقى دعما خلال الفترة المقبلة بدعم رئيس من صناعة المجوهرات ومشتريات البنوك المركزية».
ويشير آخر تقرير لمجلس الذهب العالمي تراجع الطلب على المعدن النفيس عالميا بنسبة بلغت 16 في المائة بقيادة الهند والصين، حيث يمثل استهلاك الدولتين معا قرابة 60 في المائة من الاستهلاك العالمي.
وقال التقرير، إن الطلب العالمي على المعدن الثمين تراجع إلى 963.8 طن متري في الربع الثاني من 1148.3 طن في الفترة نفسها من العام السابق، كما انخفضت مشتريات المجوهرات لأدنى مستوى لها منذ الربع الرابع في عام 2012.
وانخفض الطلب على المجوهرات حول العالم إلى 509.6 طن في الربع الثاني، وهو أدنى تراجع فصلي منذ عام 2012، تأثرا بتراجع مشتريات الصين بنسبة 45 في المائة والهند بنسبة 18 في المائة.
وسجل الذهب أفضل إغلاق فصلي خلال تعاملات الربع الثاني من العام الحالي، حينما أغلق عند مستوى 1315 دولارا للأوقية، في حين كان شهر فبراير هو أعلى إغلاق للمعدن الأصفر خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، حينما أنهى تعاملاته عند مستوى 1326.5 دولار للأوقية.
وتظهر الحسابات ارتفاع أسعار الذهب بالربع الأول من العام الحالي بنسبة بلغت 7.2 في المائة مقارنة مع الربع الرابع من 2013 ليسجل أفضل أداء فصلي هذا العام في حين ارتفع بنسبة بلغت 1.8 في المائة في الربع الثاني من العام الحالي مقارنة مع إغلاق الربع الأول من العام.
* الوحدة الاقتصادية
لـ«الشرق الأوسط»



الدولار الأميركي يرتفع مدعوماً بعائدات السندات

أوراق الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق الدولار الأميركي (رويترز)
TT

الدولار الأميركي يرتفع مدعوماً بعائدات السندات

أوراق الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق الدولار الأميركي (رويترز)

ارتفع الدولار الأميركي، يوم الخميس، مدعوماً بزيادة عائدات سندات الخزانة، مما أدى إلى ضغط كبير على الين الياباني والجنيه الإسترليني واليورو، الذي بلغ أدنى مستوياته في أشهر عدة، وسط التهديد المتزايد للرسوم الجمركية.

وكان تركيز الأسواق في عام 2025 منصباً على سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مع عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني)؛ حيث يتوقع المحللون أن تسهم سياساته في تعزيز النمو الاقتصادي مع زيادة ضغوط الأسعار، وفق «رويترز».

وأفادت شبكة «سي إن إن»، يوم الأربعاء، بأن ترمب يفكر في إعلان حالة طوارئ اقتصادية وطنية لتوفير مبرر قانوني لفرض مجموعة من الرسوم الجمركية الشاملة على الحلفاء والخصوم على حد سواء. ويوم الاثنين، أشارت صحيفة «واشنطن بوست» إلى أن ترمب كان يدرس فرض تعريفات دقيقة على بعض المنتجات، لكنه نفى ذلك في وقت لاحق.

وقد أسهم التهديد المتزايد للرسوم الجمركية في ارتفاع عائدات السندات الأميركية؛ حيث بلغ العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات 4.73 في المائة يوم الأربعاء، وهو أعلى مستوى له منذ 25 أبريل (نيسان)، قبل أن ينخفض إلى 4.6628 في المائة يوم الخميس.

وفي هذا السياق، صرح كيران ويليامز، رئيس قسم آسيا في «إن تاتش كابيتال ماركتس»، قائلاً: «لا شك أن التغيير المتسارع في مواقف ترمب بشأن التعريفات الجمركية قد ترك أثراً واضحاً على الدولار الأميركي. يبدو أن هذه التقلبات ستظل سمة يجب أن تتكيّف معها الأسواق على مدار السنوات الأربع المقبلة».

وأضاف: «على الرغم من أن المناقشات المتعلقة بالرسوم الجمركية قد تدعم الدولار الأميركي على المدى القصير، فإنها تحمل أيضاً تعقيدات وآثاراً غير واضحة».

وقد أدت عمليات بيع سوق السندات إلى تعزيز قيمة الدولار الأميركي، مما ترك تأثيرات سلبية على سوق العملات.

وتراجعت قيمة اليورو إلى 1.030475 دولار، ليقترب من أدنى مستوى له في عامين، الذي سجله الأسبوع الماضي، مع استمرار قلق المستثمرين بشأن احتمالية تراجع العملة الموحدة إلى مستويات قريبة من الدولار الرئيسي هذا العام، وسط التوترات المتعلقة بالرسوم الجمركية.

كما انخفض الجنيه الإسترليني بنسبة 0.5 في المائة ليصل إلى 1.2303 دولار يوم الخميس، وهو أدنى مستوى له منذ أبريل، رغم ارتفاع عائدات السندات الحكومية البريطانية إلى أعلى مستوياتها في سنوات عدة.

ورغم أن انخفاض أسعار الجنيه الإسترليني والسندات كانت أكثر حدة في سبتمبر (أيلول) 2022 خلال الاضطرابات التي أعقبت «الموازنة المصغرة» لرئيسة الوزراء السابقة ليز تروس، فإن المشاعر العامة لا تزال متوترة.

وقال كايل تشابمان، محلل أسواق النقد الأجنبي في مجموعة «بالينغر»: «ترتبط التحركات الحالية بالقلق المستمر بشأن مستويات الاقتراض في المملكة المتحدة، لكنني لا أرى سبباً كافياً لهذه التحركات السريعة في السوق».

وتابع: «أعتقد أننا سنشهد بعض التعافي قريباً بمجرد أن تهدأ الأسواق».

واستقر مؤشر الدولار، الذي يقيس العملة الأميركية مقابل 6 عملات أخرى، عند 109.11، وهو أقل قليلاً من أعلى مستوى في عامين الذي سجله الأسبوع الماضي. وارتفع المؤشر بنسبة 5 في المائة منذ الانتخابات الأميركية في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، مع استعداد المتداولين لسياسات ترمب، فضلاً عن التوقعات المعدلة لخفض أسعار الفائدة الأميركية بشكل مدروس.

في الشهر الماضي، هز بنك الاحتياطي الفيدرالي الأسواق بتوقعاته بخفض أسعار الفائدة مرتين في عام 2025، انخفاضاً من 4 تخفيضات، وسط مخاوف بشأن التضخم والسياسات الاقتصادية لترمب.

وأظهرت محاضر اجتماع ديسمبر (كانون الأول)، التي صدرت يوم الأربعاء، أن البنك المركزي أثار مخاوف جديدة بشأن التضخم، وأن المسؤولين لاحظوا خطراً متزايداً من أن السياسات المخطط لها قد تؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي وزيادة البطالة.

ومع إغلاق الأسواق الأميركية، يوم الخميس، يترقّب المستثمرون تقرير الرواتب يوم الجمعة؛ حيث سيُحلل هذا التقرير لمعرفة الموعد المحتمل لتخفيض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي. وأظهر مسح أجرته «رويترز» أن الوظائف غير الزراعية زادت على الأرجح بمقدار 160 ألف وظيفة في ديسمبر، بعد زيادة قدرها 227 ألف وظيفة في نوفمبر.

من جهة أخرى، ارتفع الين الياباني قليلاً إلى 158.10 مقابل الدولار في اليوم نفسه، بعد أن لامس أدنى مستوى له في 6 أشهر عند 158.55 يوم الأربعاء، ليبقى قريباً من علامة 160 الرئيسية، التي دفعت طوكيو للتدخل في السوق في يوليو (تموز) الماضي.

وانخفض الين الياباني أكثر من 10 في المائة مقابل الدولار خلال العام الماضي، وبدأ عام 2025 بشكل متعثر؛ حيث تظل الأسواق حذرة من احتمال حدوث جولة جديدة من التدخل قبل اجتماع بنك اليابان في وقت لاحق من الشهر.