روسيا تبحث إعفاء فقرائها من ضريبة الدخل

في انتظار حسم بوتين الفكرة بعد خلاف حكومي

يدرس الرئيس بوتين إعفاء ذوي الدخل المحدود من ضريبة الدخل وسط خلاف بين رجال حكومته (رويترز)
يدرس الرئيس بوتين إعفاء ذوي الدخل المحدود من ضريبة الدخل وسط خلاف بين رجال حكومته (رويترز)
TT

روسيا تبحث إعفاء فقرائها من ضريبة الدخل

يدرس الرئيس بوتين إعفاء ذوي الدخل المحدود من ضريبة الدخل وسط خلاف بين رجال حكومته (رويترز)
يدرس الرئيس بوتين إعفاء ذوي الدخل المحدود من ضريبة الدخل وسط خلاف بين رجال حكومته (رويترز)

تدرس روسيا إمكانية إعفاء المواطنين ذوي الدخل المحدود من ضريبة الدخل، وذلك في إطار الجهود الرامية إلى الحد من معدل الفقر الذي سجل ارتفاعاً طفيفاً هذا العام، رغم مساعٍ اتخذتها السلطات في السنوات السابقة لكبح نموه. وعبر كل من وزير الاقتصاد ورئيسة المجلس الفيدرالي، فضلاً عن مدير مصرف «في تي بي بنك»، ومؤسسات وشخصيات أخرى، عن دعمهم لهذا الاقتراح، وينطلقون في موقفهم من «عوامل إيجابية في الميزانية» تسمح بتخفيف العبء الضريبي. وعلى الجانب الآخر؛ يدعو رئيس الحكومة ومعه وزير المالية إلى التريث ودراسة الأمر جيداً قبل اتخاذ القرار، انطلاقاً من أن «الظروف الإيجابية في الميزانية» قد تنتهي بسرعة وأنه لا بد من الحفاظ على المدخرات، ومصادر دخل الميزانية. وفي الكرملين وعد الرئيس الروسي بدراسة الفكرة.
وكان وزير التنمية الاقتصادية الروسي مكسيم أوريشكين عبّر عن تأييده فكرة إعفاء المواطنين ذوي الدخل الأدنى من المستوى المعيشي من ضريبة الدخل للشخصيات الطبيعية. وخلال نقاش مطلع الأسبوع الحالي مع فالنتينا ماتفيينكو، رئيسة المجلس الفيدرالي، أكد أوريشكين دعمه هذا الاقتراح، وعبّر عن قناعته بأنه «خطوة إيجابية جداً للاقتصاد الوطني». وفي وقت سابق؛ أكدت ماتفيينكو أيضاً دعمها هذا الاقتراح.
وبدأ النقاش حول هذا الموضوع على المستويين الرسمي والعام، في أبريل (نيسان) الماضي، حين ذكرت وسائل إعلام روسية أن الحكومة تبحث إمكانية إعفاء المواطنين ذوي الدخل المحدود من ضريبة الدخل، في إشارة إلى المواطنين الذين يصبح دخلهم أقل من الحد المعيشي الأدنى، بعد احتساب ضريبة الدخل منه. وأُشير حينها إلى نقاشات بهذا الصدد خلال اجتماعات «اللجنة الثلاثية»، وهي إطار تنسيقي يضم ممثلين عن الاتحادات الروسية لنقابات العمال، وممثلين عن نقابات أرباب العمل، فضلاً عن الحكومة الروسية.
وكان أندريه كوستين، رئيس مصرف «في تي بي بنك»، أول من عرض بوضوح هذا الاقتراح، وذلك خلال مداخلته بجلسة في «منتدى موسكو المالي» في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأشار حينها إلى فائض الميزانية، فضلاً عن نمو تحصيل الضرائب، ورأى أن هذا يعني توفر إمكانية للانتقال إلى «تخفيف حذر في السياسة (الضريبية)»، وأضاف: «ربما يمكننا تحديد مستوى دخل معفى من الضرائب؛ أي حل مشكلة الفئات غير المحمية من المواطنين من ذوي الدخل المحدود بإعفائهم من ضريبة الدخل». ومع تلك التصريحات انطلق الجدل حول هذه القضية.
وخلال الجلسة ذاتها سارع وزير المالية أنطون سيلوانوف إلى الرد على ذلك الاقتراح، ودعا إلى التريث «لنعيش فترة معينة ضمن ظروف مستقرة». وقال إن فائض الميزانية، وجباية الضرائب، ونمو مدخرات «صندوق الرفاه»، لا تعني أن الحكومة لديها سيولة ولا تريد الإنفاق، ووصف هذا الوضع بأنه ظرف مؤقت، وحذّر من أن كل شيء قد يتغير، وتساءل: «ماذا حينها؛ هل نقرر تخفيف العبء الضريبي، ومن ثم نتراجع ونعود لفرض الضرائب مجدداً؟». ودعا سيلوانوف في وقت لاحق إلى دراسة الاقتراح وتقييم إيجابياته وسلبياته، وتأثيره على ميزانيات الأقاليم الروسية.
ويبدو أن الحكومة الروسية ليست متحمسة لهذه الفكرة. وقال رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف إن الحكومة تدرس إعفاء المواطنين ذوي الدخل المحدود من ضريبة الدخل، ووصف هذه الخطوة بأنها «حساسة ومعقدة»، وعبر عن مخاوفه من رد فعل فئات أخرى من المواطنين عليها، وقال إن «آخرين قد يأتون ويقولون لنا: نحن أيضاً لسنا أغنياء، لكنكم لم تقرروا أن يشملنا الإعفاء من ضريبة الدخل». من جانبه، وعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال اجتماع مطلع الشهر الحالي، بدراسة هذه الفكرة.
وتشير بيانات إلى أن المتوسط الأدنى للأجور الشهرية، والذي يعادل الحد المعيشي الأدنى في روسيا، لا يتجاوز 13 ألف روبل (نحو 200 دولار). وقالت دائرة الإحصاء الفيدرالية الروسية في تقرير عن النصف الأول من العام الحالي إن عدد المواطنين بدخل دون الحد الأدنى للمعيشة ارتفع في الفصل الأول من العام الحالي حتى 20.9 مليون مواطن، أو ما يعادل 14.3 في المائة من السكان، وتراجع خلال الفصل الثاني حتى 18.6 مليون مواطن، أو 12.7 في المائة من السكان، مقابل 12.5 في المائة خلال الفصل الثاني من العام الماضي. ورفعت وزارة الاقتصاد الروسية توقعاتها لمعدل الفقر من 12 إلى 12.5 في المائة خلال عام 2019. ويسدد هؤلاء ضريبة الدخل بنسبة 13 في المائة من أجورهم الشهرية. وتم إقرار هذه الضريبة في روسيا عام 2001.
ووفقاً لبيانات دائرة الضرائب الفيدرالية، حتى تاريخ 1 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، فقد بلغت قيمة «ضريبة الدخل» التي دفعها المواطنون الروس للخزينة 3.7 تريليون روبل.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.